تعود ورقة تنظيم القاعدة من جديد في محافظة أبين، مع الإعلان عن مقتل أكثر من 20 فردا في أحد التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي.

 

وأعلنت وسائل الإعلام التابعة للمجلس عن تعرض الجنود لتفجير انتحاري، وتوعد ناطق القوات الموالية للمجلس بالثأر، مرجعا ما وصفه بالإعلام المعادي بالتحريض على الجريمة.

 

واعتبر المجلس ما جرى استهدافا لما اعتبره القوات المسلحة الجنوبية، وهي قوات يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، باعتبارها نواة للدولة الانفصالية التي ينشدها الانتقالي.

 

كان واضحا توصيف المجلس لتلك القوات المستهدفة باعتبارها جنوبية، بينما ابتعدت تصريحات الجانب الحكومي، عن هذا التوصيف، وتعاملت معها باعتبارها جزء من القوات المسلحة اليمنية، التابعة للحكومة في عدن.

 

وهنا يظهر البون الشاسع في التعامل مع الملفات الأمنية من قبل المجلس الانتقالي، ومجلس القيادة الرئاسي، ونظرة كل طرف للوضع في عدن، خاصة أن هذا الحدث جاء بعد حالة من الخلاف، الناجمة عن منع الانتقالي لفعاليات تنظمها وزارة الشباب في عدن، وتوعده بمنع أي فعاليات لمن وصفها بالقوى التي اجتاحت الجنوب، وهي إشارة لحزبي المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح.

 

ولعل ما بدا لافتا في هذا التطور هو اتجاه الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي إلى اتهام جماعة الحوثي بالوقوف وراء الحادثة، وأجمعت المواقف الحكومية في عدن، بما في ذلك تصريحات وزير الداخلية بأن عملية الاستهداف للجنود تحمل بصمات جماعة الحوثي، وجرى الربط بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، واعتبار تبني الأخير للجريمة يشير لتورط الحوثيين.

 

ورغم أن جماعة الحوثي لم تعلق على الاتهام، إلا أن هذا التطور اللافت يعكس مؤشرات عديدة، أبرزها عملية التخلص الحكومي من عبء التحقيق في الجريمة باتهام الحوثيين، وكذلك إزالة أي ارتباط خارجي لتحريك ملف القاعدة في اليمن، من أطراف دولية.

 

عودة ورقة القاعدة بحد ذاتها تعكس عدة دلالات، منها أن هذه العودة جاءت بعد سلسلة إعلانات لدولة الإمارات والمجلس الانتقالي عن معارك مع تنظيم القاعدة، والإجهاز عليه، وإضعافه، وهذه العودة تجعل تلك المعارك السابقة في مهب الريح، ثم أن مكان الجريمة نفسها يقع تحت سيطرة المجلس الانتقالي، وتشكيلاته الأمنية والعسكرية، والتفجير الأخير، يشير لفشل استخباراتي كبير، في معرفة تحركات القاعدة، وإحباط عملياتها، قبل وقوعها.

 

لكن الدلالة الأبرز في هذه العودة تتمثل بأنها جاءت بعد سلسلة احتجاجات للمواطنين في محافظة أبين، للمطالبة بمعرفة مصير الضابط علي عشال الجعدني الذي تورطت قيادات في المجلس الانتقالي باختطافه، وهي القضية التي لاقت دعما شعبيا واسعا، وتآزرت فيها قبائل أبين، وحشدت لها كل الإمكانيات للتظاهر من أجلها، ولاتزال تحظى بالحيوية والاستمرار.

 

إن عودة تنظيم القاعدة اليوم في أبين يعد مؤشرا خطيرا، وتحديا بارزا، يؤكد أهمية الورقة الأمنية، ومدى تقاطع وتلاقي الأجندة المحلية والخارجية في هذا الملف، وهي أجندة تنشط كلما تعرض القائمون عليها لانتكاسة، أو كلما أرادوا تهيئة المشهد لحدث جديد.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أبين تنظيم القاعدة الحكومة اليمنية دولة الإمارات المجلس الانتقالی فی عدن

إقرأ أيضاً:

«علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل

محمد عبدالسميع (الشارقة)
الإنسان بطبيعته مغرمٌ بتفسير الظواهر والأشياء، ويسعى دائماً وراء ما يسعفه إليه تفكيره بين البساطة والعمق في النظر والطرح، وهو موضوع قائم على تعدد الرؤى، وربما أنانيّة البشر في الاعتقاد الذي يرونه الأجدى والأصوب، وقد برزت هذه السيمة في مسرحيّة «علكة صالح»، التي عُرضت ضمن الدورة الرابعة والثلاثين لأيام الشارقة المسرحيّة، وأخرجها حسن رجب، عن نصّ علي جمال، لصالح فرقة المسرح الحديث بالشارقة.
حكاية العمل جاءت بشكل تلقائي وطبيعي، من خلال لفت أنظار الجمهور في مسرح بيت الشعر، إلى ورقة معلّقة على الجدار، كانت مصدراً لتعدد الرؤى والأفكار في تفسير ما إذا كانت رسالة بشرى أم رسالة إنذار، وبين هذا وذاك كانت شخصيات العمل تتباين في الطرح والنظر والتفسير وبيان مسوّغ أو حجّة التفسير، ليكون المشاهد مأخوذاً أيضاً بهذه الرسالة وتفسيرها أو انتظار ما تسفر عنه مجموعة التأويلات في هذه الآراء.
تطوّر الأحداث وتصاعد حبكة المسرحيّة كان مدروساً، بالاستناد إلى عناصر المسرح المعتادة التي توفّرت في المعالجة المسرحيّة لمجموعة الأفكار، التي تمخّضت في نهاية المطاف عن بساطة الورقة، التي علّقها عامل النظافة على الجدار.
جسّدت المسرحيّة معنى صراع الأفكار وتعدد الآراء وتمسّك كلّ فريق برأيه، على الرغم من بساطة الموضوع وسهولة الحلّ، كما اشتملت على معنى المخاوف وكذلك إسقاط شيء من الأحلام على ورقة الجدار، التي حملت غموضاً شدّ الجمهور نحو معرفة الحقيقة أو المضمون.
وفي العمل، استطاع المخرج حسن رجب أن يجعل من الأزياء مرآة لفكر أصحابها، في قوّة ونرجسيّة الرأي أو بساطته وسذاجته، كما كان القبض على عامل النظافة كحلّ للمسرحيّة مفاجأة، من خلال إنسان عادي وجد ورقة وألصقها على الجدار.
وإذا كان النصّ هو أساس أيّ عمل مسرحي، والمعالجة المسرحيّة والفنيّة هي تأكيد جمالي للأفكار وفلسفة الكاتب، فإنّ مفهوم الضديّة في تفسير البشر كان موفّقاً، بالإضافةً إلى دور السينوغرافيا والإضاءة في حمل ما تعجّ به النفوس من توتر وقلق ومشاعر على طريق الظفر بالتأويل، كما أنّ قضيّة الانحياز للرأي والتوقف عنده كانت من أهمّ أفكار العمل الذي يمكن أن نسقطه على حالات متعددة وأكثر من مجال في هذه الحياة.
وما بين انتظار الخلاص والخوف من العاقبة، كانت ورقة الجدار فكرة لافتة، لمسرحيّة «علكة صالح»، بما يحمله العنوان من اجترار للعلكة التي تدخل دائماً في أمثالنا الشعبيّة، حين يصبح الموضوع كالعلكة في أفواه الناس.

أخبار ذات صلة سلطان القاسمي يشهد افتتاح الدورة الـ 34 من «أيام الشارقة المسرحية» انطلاق «أيام الشارقة المسرحية 19».. الأربعاء المقبل

مقالات مشابهة

  • في أول إجتماع بعد عودته من أبوظبي.. عيدروس الزبيدي : المجلس الانتقالي بات رقمًا صعبًا على الساحة وعليكم التمسك بقضية الجنوب ولا تتراجعوا ولا تتطرفوا
  • الزبيدي يطالب قيادات وأعضاء الانتقالي بالصبر والتمسك بما سماها "قضية الجنوب"
  • المجلس الرئاسي: اللافي ناقش مع سفير كوريا الجنوبية تطورات العملية السياسية
  • المجلس الأطلسي: واشنطن واليمن.. تحالف بحري لاستعادة السيادة وتقليص تحالفات الحوثي مع التنظيمات المتطرفة ووقف تهريب الأسلحة
  • رئيس المجلس الرئاسي بليبيا يدعو إلى ميزانية موحدة
  • الرئاسي: المنفي رحب باستمرار التعاون مع تيتيه
  • وكالة: تنظيم القاعدة يشن أول هجوم على قوات “درع الوطن” جنوبي اليمن
  • رئيس المجلس الرئاسي اليمني يوجه الجيش إلى التعامل الصارم مع الحوثيين
  • رئيس المجلس الرئاسي اليمني يوجه الجيش بـ التعامل الصارم مع الحوثيين
  • «علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل