ماذا تعني توصية جيش الاحتلال وأوامر الإخلاء؟ خبير عسكري يجيب
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي أن توصية جيش الاحتلال الإسرائيلي حول انتهاء عملياته العسكرية في قطاع غزة، تؤكد أنه لا توجد أهداف عسكرية يمكن مهاجمتها داخل القطاع الفلسطيني، وقال إن أوامر الإخلاء تهيئ لعملية عسكرية مقبلة.
وأضاف -في تحليل للمشهد العسكري بغزة- أن الجيش الإسرائيلي أنهى العمليات العسكرية الكبرى في غزة، وقال إنه سينتقل للمرحلة الثالثة التي تكون أقل زخما وأكثر تركيزا، لكنه لم يعلن رسميا انتهاء معركة رفح جنوبي قطاع غزة.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم "إن عمليات الجيش الإسرائيلي انتهت في قطاع غزة بشكل عام". وأضاف المسؤولون أن المؤسسة الأمنية أبلغت القيادة السياسية أن الوقت حان لإبرام صفقة لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين.
ولفت العقيد الفلاحي إلى أن الترويج لانتهاء العمليات العسكرية في قطاع غزة يأتي في ظل ما وصفه بالخلاف الكبير بين القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، حيث يقول العسكريون إن العمليات العسكرية استنفدت أغراضها ويجب إيقاف الحرب والذهاب إلى صفقة من أجل إعادة الأسرى.
وتطرق العقيد الفلاحي مرة أخرى للتطورات الميدانية وخاصة توغل قوات الاحتلال في منطقة تل الهوى جنوب مدينة غزة، حيث أجبرت توغلات سابقة على الانسحاب بفعل عمليات نوعية لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي السياق نفسه، أشار إلى العملية التي نفذتها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في تل الهوى، حيث أعلنت عن تفجير عبوتين مضادتين للأفراد بجيبين لقوات الاحتلال والاشتباك مع من تبقى من الجنود الإسرائيليين، وإيقاعهم بين قتيل وجريح وذلك في محيط الكلية الجامعية بحي تل الهوى.
فقد نجح مقاتلو المقاومة -وفق العقيد الفلاحي- في التسلل وزرع عبوات على طرق تقدم الآليات الإسرائيلية في منطقة تل الهوى، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال، وبعد الخسائر التي مني بها على مستوى المدرعات، بات يعتمد في عمليات التوغل على الجيبات.
وأشار إلى أن الخسائر في صفوف قوات الاحتلال بفعل عملية كتائب القسام وصلت إلى 11 ما بين قتيل وجريح.
وعن أوامر الإخلاء التي يصدرها جيش الاحتلال، قال العقيد الفلاحي إنها تدخل ضمن المرحلة الثالثة التي تعتمد على القوة الجوية في عملية القصف، والقيام بعمليات توغل بقوات محدودة إلى مناطق جغرافية محددة ثم الانسحاب بعد ذلك.
وقال إن هناك قوات متوغلة في منطقة شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة، وتشتبك حاليا مع مقاتلي فصائل المقاومة.
ورجح أن تكون أوامر الإخلاء في دير البلح وسط قطاع غزة هدفها التهيئة لعملية عسكرية في المنطقة خلال الفترة المقبلة.
وطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان مخيم المغازي للاجئين ومناطق أخرى وسط قطاع غزة بإخلاء منازلهم استعدادا لشن عملية عسكرية "بشكل فوري".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العقید الفلاحی جیش الاحتلال عسکریة فی قطاع غزة تل الهوى
إقرأ أيضاً:
رمضان في غزة.. جوع وصمود رغم الألم في معركة الاتّفاق
عبدالحكيم عامر
تعيشُ غزة والضفة الغربية شهر رمضان المبارك مجدّدًا، وسط مشهد قاتم من الجوع والخوف وانعدام الأمن، بينما يراقب العالم بصمتٍ مريب، وعلى الرغم من العدوان الصهيوني المُستمرّ منذ أكثر من 512 يومًا، تواصل المقاومة الفلسطينية التمسك بالكرامة والإرادَة، مؤكّـدة للعدو أن “الوقت ينفد” وأن الأسرى لن يعودوا إلا في إطار صفقة شاملة.
بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تدمير غزة والضفة، مستبدلاً التصعيد العسكري في القطاع بحصار نكث للاتّفاق، وبعمليات إجرامية موسَّعة في الضفة الغربية، في انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار، وكل الاتّفاقات الموقّعة يطالب الكيان حماس بتنازلات إضافية، متجاهلًا كُـلّ خروقاته، وفي الوقت ذاته، يسعى الاحتلال إلى إخلاء ثلاث مخيمات شمالي الضفة ووقف أنشطة “الأونروا”، ضمن مخطّط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج، عبر توسيع الاستيطان وفرض واقع جديد يهدّد بضم الضفة وتهجير سكان غزة.
وشهدت الأيّام الماضية تطورًا بارزًا في ملف تبادل الأسرى، حَيثُ أُجبر الاحتلال على الإفراج عن عدد من المعتقلين المحكومين بالمؤبد؛ ما جعل المرحلة الثانية من الصفقة أكثر حساسية وتعقيدًا، وبينما يحاول الاحتلال، بدعم أمريكي، المناورة والالتفاف على الاتّفاق، يبقى التحدي الأكبر متمثلًا في إدارة المراحل القادمة بما يحقّق أقصى المكاسب للمقاومة.
وفي ظل حالة التوتر المتصاعدة بين المقاومة والاحتلال، يرى المراقبون أن الوضع قد ينزلق إلى تصعيد ميداني خطير، خَاصَّة مع استمرار المقاومة في استغلال ورقة الأسرى الصهاينة للضغط على حكومة نتنياهو، ودفعها نحو تقديم تنازلات على طاولة التفاوض.
وفي هذا الإطار؛ نشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء السبت، فيديو جديدًا لأسرى صهاينة، بعنوان: “أخرجوا الجميع ولا تفرّقوا بين العائلات.. لا تدمّـروا حياتنا جميعًا”.
وظهر في الفيديو الأسير “إيتان هورن” وهو يودّع شقيقه “يائير” الذي أفرجت الكتائب عنه من الأسر سابقًا، فيما بقي هو في أسر المقاومة بانتظار إنجاز مراحل اتّفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية.
ولم يتأخر تأثيرُ هذا الفيديو في الشارع الإسرائيلي، حَيثُ خرج المستوطنون في غضون ساعة إلى شوارع “تل أبيب” والداخل المحتلّ، في مظاهراتٍ واسعة تطالب حكومة نتنياهو بإتمام الصفقة بشكل كامل، في إشارة واضحة إلى تصاعد الضغوط الداخلية على الاحتلال.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من الاتّفاق، يحاول الاحتلال التلاعب بالمفاوضات من خلال طرح شروط جديدة، أبرزها تسليم مزيد من الأسرى الأحياء والجثامين مقابل تمديد التهدئة، وهو ما رفضته المقاومة، مؤكّـدة ضرورة التزام الاحتلال بالاتّفاق والانتقال للمرحلة الثانية دون مماطلة.
ويرى مراقبون أن حكومة الاحتلال تتبع تكتيكاً معروفاً، يتمثل في الإيحاء بتحقيق تقدم في المفاوضات بينما تعمل في الخفاء على عرقلة التنفيذ، وهو ما يظهر في تراجعها عن الانسحاب من “محور صلاح الدين”، رغم كونه بنداً أَسَاسيًّا في الاتّفاق، والمقاومة، بدورها، تدرك هذه المناورات وتؤكّـد استعدادَها لأي سيناريو، بما في ذلك استئناف العمليات العسكرية إذَا استمر الاحتلال في التلاعب بشروط الصفقة.
المقاومة تفرض قواعدها والاحتلال أمام مأزق استراتيجي، ومع تزايد الضغوط على حكومة الاحتلال من عائلات الأسرى والمجتمع الصهيوني، تزداد فرصُ تحقيق المقاومة مكاسب إضافية. فالاحتلال جرّب استراتيجية الحرب الشاملة لمدة 15 شهراً، ولم يجنِ سوى الفشل والخسائر الأكبر في تاريخه، في ظل مقاومة مُستمرّة استطاعت أن تُنهك الجيش الصهيوني وتفرض معادلات جديدة.
وفي الأخير، تطرح المرحلة الثانية من الاتّفاق في غزة تحديات كبيرة على جميع الأطراف، فبينما تمكّنت المقاومة الفلسطينية من تعزيز موقعها، يواجه نتنياهو تحديات عسكرية وسياسية ودولية قد تعيد تشكيل المشهد الإسرائيلي، وفي هذا السياق، تبقى الأوراق المؤجلة من الزيارة الأمريكية عاملاً مهمًّا، لكنها قد لا تكون كافية لتحقيق الاستقرار.
وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب والتهرب من الالتزامات، فإن المقاومة تظل متأهبة، مدركة أن معركة الإرادَة مُستمرّة، وأن الوقت ليس في صالح الاحتلال؛ فمع تصاعد التظاهرات داخل الكيان، واستمرار العمليات البطولية في الضفة، تبدو المعادلةُ واضحة “غزة لن تستسلم، والمقاومة لن تتراجع، والمواجهة لم تنتهِ بعد”.