بوابة الوفد:
2025-01-30@23:25:33 GMT

20 شيخًا حملوا مسئولية الفتوى الرشيدة

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

على مدار أعوام عديدة قامت دار الإفتاء المصرية بجهود عظيمة من أجل دعم البحث الفقهى بين المشتغلين به فى كل بلدان العالم الإسلامى، فقد قامت بدور تاريخى وحضارى من خلال وصل المسلمين بأصول دينهم وتوضيح معالم الإسلام وإزالة كل ما التبس من أحوال دينهم ودنياهم، لتكشف عن أحكام الإسلام فى كل ما يستجد على الحياة المعاصرة، ومن هنا كانت نشأة دار الافتاء المصرية وهى هيئة حكومية مصرية تتبع مجلس الوزراء، أنشئت عام 1895م/1313م، وقد استقلت ماليًا وإداريًا عام 2007، حتى صدر قرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 10 أغسطس 2021م باعتبارها من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، وهذا كله لا ينفى تبعيتها السياسية إلى وزارة العدل وهى تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون لوزارة العدل أى سلطة عليها، وسبب تبعيتها هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يظهر فيما تقوم به دار الإفتاء من نظر فى قضايا الإعدام، وشأن دار الإفتاء فى هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخرى التى استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل.

ومن أهم المهام التى تقوم بها دار الإفتاء هى إجابة الأسئلة والفتاوى باللغات المختلفة، وإصدار البيانات الدينية والرد على الشبهات الواردة على الإسلام واستطلاع أوائل الشهور العربية وتدريب الطلبة المبعوثين على الإفتاء وإعداد الأبحاث العلمية المتخصصة، وهناك مهام قانونية أهمها تقديم المشورة الشرعية للمحاكم المختصة فى قضايا الإعدام.

ويتبع الدار التواصل الاجتماعى، حيثت لها تجربة رائدة فى مجال السوشيال ميديا كونها أولى المؤسسات الدينية فى مصر والعالم العربى والإسلامى التى استفادت من هذه الوسائل فى نشر رسالتها، وتتمثل استراتيجيات فى مواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية، إلى جانب نشر الفكر الإسلامى المستنير، كما تضم إدارة «نبض الشارع» وهدفها المتابعة والرصد لما يستجد من قضايا شرعية أو مجتمعية تتطلب بيان الحكم الشرعى فيها، وهناك أمانة الفتوى وإدارة الفتوى الشفوية وإدارة فتوى المواريث وإدارة الفتوى المكتوبة، وإدارة الفتوى الالكترونية وإدارة الفتوى الهاتفية وإدارة الحساب الشرعى وإدارة الأبحاث الشرعية وإدارة التدريب وتدريب المفتين عن بعد، كما تضم الدار أرشيفًا ومكتبة، بالإضافة إلى إدارة المركز الإعلامى وإدارة الموقع الإلكترونى وتكنولوجيا المعلومات.

وقد حددت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يوم 15 ديسمبر اليوم العالمى للإفتاء من كل عام وهو ذكر إنشاء هذه الأمانة تعاقب على تولى منصب دار الإفتاء العديد من المفتين المصريين، وقد ظهرت قبل ظهور مصطلح «مفتى الديار المصرية» وظائف عدة للإفتاء، فهناك «مفتى أفندى مصر» فى القرن التاسع عشر وهناك «مفتى السلطنة الشريفة» بمصر فى العصر العثمانى، وهناك أيضًا مفتى دار العدل فى العصر المملوكى كما مارس كثير من الفقهاء الفتوى وحصلوا على لقب «مفتى مصرى منهم من مارس الفتوى تطوعًا ومنهم من مارسها بتفويض رسمى من حاكم مصر، وهى سلسلة متصلة الحلقات تبدأ مع الفتح الإسلامى لمصر وتستمر حتى الوقت الحالى بدون انقطاع. وهناك عدد (20) شيخًا أخذوا لقب مفتى الديار المصرية إلى الآن.

أبرز من تولوا منصب مفتى الديار المصرية:

 

كام من نوابع رجال الأزهر وعمل بتدريس الفقه فى كليتى الحقوق ودار العلوم، ولد فى قرية نواى بمركز ملوى فى محافظة المنيا بصعيد مصر تولى منصب الإفتاء جنبًا إلى جنب مع مشيخة الأهر (1895 - 1899) ثم عاد إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية عام 1907، حتى توفى عام 1924.

واحد من كبار علماء الأزهر الشريف نزح إلى القاهرة من بلدته بنى عدى بصعيد مصر فى محافظة أسيوط عمل مفتيًا للديار المصرية فى 1945 حتى 1950، ومنذ أن انتهت خدمته القانونية لم يركن إلى الراحة وأخذ يلقى دروسه بالمشهد الحسينى يوميًا إلى أن أعيد مفتيًا للديار مرة أخرى فى إلى أن أعيد مفتيًا للديار المصرية مرة ثانية من (1952 - 1954) وقد طالت به الحياة حتى تجاوز المائة عام قضاها فى خدمة دينه داخل مصر وخارجها.

 

هو شيخ الأزهر الشريف الأسبق ومفتى الديار المصرية تقلد العديد من المناصب الرفيعة وخدم الدين والعلم فى كل مناصبه قاضيًا ومفتيًا ووزيًرا وشيخًا للأزهر، تولى الإفتاء فى عام (1978 - 1982) وشيخ الأزهر (1982 - 1996) ووزيرًا للأوقاف (1982 - 1982)، - حصل على العديد من الجوائز أبرزها وشاح النيل من مصر 1983 ووسام الكفاءة الفكرية والعلوم من الدرجة الممتازة من المغرب، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 1995، توفى فى القاهرة فجر الجمعة 15 مارس 1996م ودفن بمسقط رأسه بقرية بطرة بالدقهلية.

ولد بقرية سليم الشرقية بسوهاج فى 1982 والتحق بكلية أصول الدين بالأزهر وحصل على الدكتوراه فى التفسير والحديث، تولى فضيلته العديد من المناصب القيادية فى المؤسسة السنية الأولى فى العالم وكان مفتيًا للديار المصرية من عام 1986 - 1996) حتى اختير شيخًا للأزهر من (1996 - 2010)، ويعد «طنطاوى» من العلماء البارزين فى العصر الحديث وله مواقفه المشهودة ففى (20) فبراير 1989 أصدر فتوى يحرم فيها فوائد البنوك والقروض باعتبارها ربا يحرمه الإسلام، تعرض للنقد بعد مصافحته الرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز فى مؤتمر حوار الأديان الذى نظمته الأمم المتحدة بنيويورك.

توفى رحمه الله صباح الأربعاء 10 مارس 2010 فى الرياض عن عمر يناهز 81 عامًا إثر نوبة قلبية تعرض لها فى مطار الملك خالد الدولى عند عودته من مؤتمر دولى لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2010 ودفن بالبقيع.

وهو فقيه إسلامى مصرى ورئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ومفتى الديار المصرية السابق من (1996 - 2002)م، ولد بقرية ميت بدر حلاوة التابعة لمركز سمنود بالغربية ويعمل أستاذًا ورئيسًا لقسم الفقه المقارن فى كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، تعرض الشيخ نصر فريد واصل لضغوط من نظام الرئيس المخلوع «مبارك» لإصدار فتوى بشأن إجازة تصدير الغاز للاحتلال، إلا أنه رفض ذلك ومن أسباب إقالته أيضًا أنه كان ضد توريث الحكم، وكانت إجابته عن التوريث قائلاً: «التوريث لا يجوز شرعًا، لأن الشعوب لا تورث، إحنا مش تكية تباع أو تشترى، وإنما الشعوب لها إرادة وحرية فى اختيار من يرأسها».

شيخ الأزهر الحالى ولد فى يناير 1946 بمدينة الأقصر بصعيد مصر وهو أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر، كما تولى عمادة كلية أصول الدين بباكستان وهو رئيس جامعة الأزهر سابقًا، تولى دار الإفتاء من (2002 - 2003) ثم رئيس جامعة الأزهر (2003 - 2010)، ثم شيخًا للأزهر منذ عام (2010) وهو شيخ الأزهر رقم (50) فى المشيخة خلفًا للدكتور محمد سيد طنطاوى، شدد إبان ثورة (25) يناير على الحقوق المشروعة للشعب فى العدل والحرية والعيش الكريم ووصف مطالب المتظاهرين وقتها بالعادلة ولكنه حذر من الفوضى وناشد الجماهير الهدوء. «الطيب» تمتع بحب وشعبية جارفة بسبب مواقفه ودعوته إلى السلام والتعايش المشترك بين الشعوب.

 ولد الدكتور على جمعة فى بنى سويف بصعيد مصر عام (1952) وهو عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ويشغل منصب شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، وقد شغل منصب مفتى الديار المصرية خلال الفترة من (2003 - 2013) واشتهر بالعديد من الفتاوى الدينية والآراء المجددة والحداثية، اختير ضمن أكثر خمسين شخصية مسلمة تأثيرًا فى العالم لاثنى عشر عامًا على التوالى من (2009 - 2020) له العديد من الأنشطة الاجتماعية التى ساعد بها الفقراء وزار الكثير من البلدان ضمن حملة لما أسماه تصحيح صورة الإسلام المشوهة لدى الغرب وله العديد من المقالات المنشورة بلغات عدة والعديد من الأعمال داخل دار الإفتاء المصرية خلال مدة تولى منصب الافتاء.

ولد فضيلة الدكتور شوقى إبراهيم علام فى أغسطس 1961 بمحافظة البحيرة، وهو أستاذ الفقه الإسلامى والشريعة بجامعة الأزهر (فرع طنطا)، تولى منصب مفتى الديار المصرية من مارس (2013 - 11 أغسطس 2024)، حيث انتخب فى اقتراع سرى خلال اجتماع هيئة كبار علماء الأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ويعد أول مفتى منتخب والوحيد بعد تعديلات قانون الأزهر، وتولى رئاسة المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العام (2015) وهو عضو بمجلس أمناء «منتدى تعزيز السلم» حصل «علام» على جائزة أبرز راع للسلام من منظمة «التحالف العالمى للأديان» بسيول فى كوريا الجنوبية 2014، وتسلم درع القدس من المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين تقديرًا لتعاونه وعطائه وجهوده الدائمة لدعم القضية الفلسطينية والقدس الشريف 2015، قدم «علام» جهدوًا مضنية فى دار الافتاء لتصحيح المفاهيم وبيبان صورة الإسلام السمحة حول العالم، وشهد الجميع له بالنزاهة والتواضع والخلق الكريم وموسوعية العلم حتى آخر يوم فى عمله بدار الافتاء.

فى مشهد حضارى عكس التعاون والترابط بين علماء الأزهر الشريف شهدت دار الافتاء تسليم وتسلم بين المفتى السابق د. شوقى علام والمفتى الجديد الدكتور نظير محمد عياد عقب صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيينه مفتيًا للديار المصرية لمدة أربعة أعوام اعتبارًا من 12 أغسطس وبناء على ترشيح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.

حصل الدكتور نظير عياد على ليسانس أصول الدين فى العقيدة والفلسفة (1995)، ثم الماجيستير (2000) ثم الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى (2003)، عمل معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا فى كلى أصول الدين جامعة المنصورة، ثم استاذًا مساعدًا بقسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ، ثم أستاذًا ثم وكيلا للكلية، درس فى بعض الجامعة العربية فى ليبيا والسعودية ثم تولى منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وهو عضو المنظمة العالمية لخريجى الأزهر وعضو بيت العائلة المصرية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية حكومية مصرية دار الإفتاء مفتى الدیار المصریة الأزهر الشریف دار الإفتاء دار الافتاء أصول الدین شیخ الأزهر بصعید مصر تولى منصب العدید من أستاذ ا

إقرأ أيضاً:

جناح دار الإفتاء بمعرض الكتاب يشهد ندوة "الفتوى والصحة النفسية"

شهد جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأربعاء، ندوة علمية مهمة بعنوان "الفتوى والصحة النفسية".

طلاب جامعة قناة السويس يزورون جناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمعرض الكتاب طلاب جامعة جنوب الوادي يزورون جناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمعرض الكتاب

وذلك بمشاركة كلٍّ من الأستاذ الدكتور محمود صديق -نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث-، والأستاذ الدكتور أنس أبو شادي -أستاذ الفقه المقارن رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الطب جامعة الأزهر-، والأستاذ الدكتور محمد المهدي -أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر-، كما أدار الندوة الإعلامي حسن الشاذلي، حيث شهدت الندوة حضورًا كبيرًا من قِبَل جمهور المعرض والإعلاميين والباحثين وتفاعلًا من الحضور.

وفي مستهلِّ الندوة قال الأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث: إن الاهتمام بالنفس والجسد والصحة النفسية هو اهتمام ورد في الشرع الشريف، كما أنَّ حفظ النفس جاء ضمن الكليات الخمس. كما أوضح أنَّ دَلالات حفظ النفس في القرآن الكريم كثيرة، وقد أقسم المولى عز وجل بها في القرآن في مواضع كثيرة.

كذلك أشار إلى أنَّ مناط الشريعة الإسلامية هي حفظ هذه النفس التي تسمو بالإنسان إلى مرتبة أعلى من مرتبة الملائكة، قائلًا: لو أنَّ النفس سَمَتْ وزَكَتْ وكانت في درجة مطمئنة كانت أحقَّ أن تكون في رعاية الله عز وجل، لذا فالاهتمام بالصحة النفسية وردت الإشارة إليه في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تناوله الفقه المالكي في بعض المسائل، مثل حالة الطلاق أحيانًا ونظرته إلى النفس البشرية والْتماسه الحالة النفسية التي تنتاب الإنسان وقت الطلاق، وأن هناك حالات لا يقع فيها الطلاق، مثل الطلاق وقت الغضب، فقال المالكية: "لا طلاق في إغلاق"، وكل هذا يدل على مكانة النفس البشرية في الشرع والإسلام والحفاظ عليها.

وأضاف أن النفس عُرفت بأشياء كثيرة، ومن ثم لا بدَّ أن تكون النفس معتبره ولها المكانة التي وُضعت من شأنها، فإن كان الإنسان في حالة رضًا تام فأسمى درجات ما يعبد به الله هي النفس المطمئنة الراضية بكل شيء، فالله خلق الإنسان ينفعل ويدور بداخله حوار كبير، ولا بدَّ أن تَعِيَ الأسرة حقيقةَ النفس وقيمتها، وأنها عُرضة للأمراض كما تمرض الأبدان، مشيرًا على أن أحد عيوب البعض أنه يتعامل مع من يصاب ببعض الأمراض النفسية بشيء من العار والخفاء، بينما علينا أن نتعامل مع الأمر بصدر رحب لا بوصم ولا سرية، فالإسلام لم يترك شاردة أو واردة إلا وتناولها، كحُكمه على "المصاب بالجنون" و"غائب الذهن"، ومن ثم لا بد من تغيير نظرة المجتمع تجاه المريض النفسي.

في السياق ذاته أوضح الدكتور محمود صديق طريقة تعامل الإسلام مع المرض النفسي ومع الصرَع، مؤكدًا أن الله خلق البشر منهم الرزين ومنهم المنضبط، وهناك درجات من الكمال والخفة والنقصان للعقل، وحالة الخوف والهلع التي تنتاب الإنسان موجودة وممثلة في النطاق البشري، وفي نطاق خلق الله للأنفس المتعددة الصفات، ومن ثم يجب أن نغذِّي لدى العامة ثقافة أن الحياة تعب وكد ومشقة ولا راحة فيها إلى نهايتها.
من جانبه تحدث الدكتور محمد المهدي عن الفرق بين المريض النفسي والمريض العقلي موضحًا أنه في الطب النفسي لا يُوجد ما يُسمى مريض نفسي وعقلي، بل هناك العُصاب والذُّهان. فالعصاب يشمل حالات التوتر والقلق والخوف، حيث يكون المريض واعيًا ومدركًا لما يحدث حوله وقادرًا على التمييز. أما الذهان فهو ما يُصطلح عليه بالجنون، ويشمل أمراضًا مثل الفصام والهوس، حيث يفقد المريض إدراكه ولا يستطيع التمييز، والصحة النفسية تعني أن يكون الإنسان صحيحًا بدنيًّا ونفسيًّا وروحيًّا. وأشار الدكتور إلى مشاركاته في ندوات متعددة نظَّمتها دار الإفتاء حول اضطرابات مثل: الإدمان والوسواس القهري، وأشاد بجهود دار الإفتاء وسَبْقِها في تناول هذه القضايا المهمة.

وفي حديثه عن عملية الإفتاء، تناول ثلاثة عناصر: المستفتي، والمفتي، وعناصر الإفتاء. فأوضح أنَّ هناك أنواعًا مختلفة من المستفتين، مثل المستفتي المتشكك، والتعجيزي، والاستعراضي، والانتقائي الذي يبحث عن فتوى توافق هواه، والمستفتي التعددي. هذه الأنماط تحتاج إلى فهم عميق من قِبل المفتي.

أما بالنسبة للمفتين، فهناك المفتي المتوازن، والميسِّر، والمتساهل، والمغرض، والعدواني، والمتشدد. ويجب على المفتي أن يتمتع بالصحة النفسية والتوازن والحيادية والقدرة على البحث والتقصي.

كما تحدَّث الدكتور المهدي عن أهمية الصحة النفسية في معالجة مواضيع مثل التدخين، والمخدرات، والانتحار، حيث أكَّد أن الانتحار ليس دائمًا ناتجًا عن الكفر كما يظن البعض، بل قد يكون بتأثير مرض نفسي. وأوضح الخلط بين الوسواس النفسي والوسواس الشيطاني، مشيرًا إلى أهمية فَهْم الفرق بينهما.
وتناول الدكتور المهدي أيضًا الفتاوى المتعلقة بالأمور الجنسية، مثل إدمان العادة السرية، والتحول الجنسي، والشذوذ، والشره الجنسي. وأشاد بدَور دار الإفتاء كمرجعية دينية عالمية تتعامل مع هذه القضايا بحكمة. وأشار إلى أن بعض حالات الطلاق تحتاج إلى تدخل نفسي.

وفيما يتعلَّق بالمدارس النفسية، تحدَّث د. المهدي عن المدارس الوضعية التي تدرس سلوك الإنسان من خلال الغرائز، مثل: المدرسة التحليلية والسلوكية والإنسانية، بينما تتوقَّف عند الاحتياجات المادية فقط. أما المدرسة الوجودية فتتناول رؤية الإنسان لنفسه والطبيعة من حوله. والتصور الإسلامي وضع تصورًا شاملًا لعَلاقة الإنسان مع الكون، مع غيره، ومع الله.

وأشار الدكتور محمد المهدي إلى أنَّ الإسلام عندما تحدث عن دوافع الإنسان وحاجاته أشار إلى الشهوات المادية لكنه لم يُغفل الجانب الروحيَّ، مستشهدًا بقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ} [آل عمران: 15]. كما تحدث عن معالجة الإسلام لجوانب مواجهة الضغوط في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} [البقرة: 155]، موضحًا أنَّ الأصل في الحياة هو السلامة وليس الأزمات، وأن الله يمنح الإنسان سندًا إلهيًّا يعينه على الصبر.

وفيما يتعلَّق بالمرضى الذين يرفضون العلاج النفسي، قسم الدكتور المهدي هؤلاء إلى أربع حالات: من يخشى الوصمة الاجتماعية، ومن يعتقد أنه مصاب بمسٍّ أو سحر، والمريض الذهاني، والمدمن، مشيرًا إلى أن الحالتين الأوليين يمكن إقناعهما بضرورة العلاج، بينما يتطلب الأمر إدخالًا إلزاميًّا للحالتين الأخريين وَفْقًا للقانون.

كذلك تحدث الدكتور المهدي عن أهمية دَور المفتي في التعامل مع المرضى النفسيين بحكمة، مستشهدًا بقصة الرجل الذي قتل 99 نفسًا وذهب إلى عابد فأخطأ في الفتوى فقتله، بينما العالم أرشده إرشادًا نفسيًّا أدى إلى نجاته. كما ذَكر تعامل النبي محمد ﷺ مع الشاب الذي طلب منه إباحة الزنا؛ حيث جلس معه جلسة نفسية قصيرة واستغل مشاعر الحَميَّة لديه ثم دعا له بأن يطهِّر الله قلبه.

كما أشار أيضًا إلى قصة الرجل الذي بال في المسجد وكيف تعامل النبي معه بحكمة ورفق، حيث تركه يكمل بولته ثم أمر بتطهير المكان بالماء بدلًا من الانفعال والغضب.

وأكَّد الدكتور المهدي أن الأمراض النفسية إذا عطلت الإنسان عن وظيفته الحياتية فإنها تحتاج إلى تدخل طبي وعقاقير، أما الحالات النفسية البسيطة فيمكن أن تعالج بواسطة الأخصائي النفسي دون الحاجة إلى الأدوية.

وتناول أيضًا الوسواس القهري الذي قد يدفع بعض الأشخاص إلى سبِّ الذات الإلهية، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما يصيب الأشخاص المتدينين. كما تحدث عن الهلاوس الحسية التي يشعر معها الشخص بنزول شيء منه يبطل وضوءه رغم عدم حدوث ذلك.

واختتم الدكتور المهدي حديثه بأهمية التكامل بين الفتوى والصحة النفسية لمساعدة الناس في مواجهة مشاكلهم النفسية والروحية بأسلوب حكيم ومتوازن.

من جهته قال الأستاذ الدكتور أنس أبو شادي، أستاذ الفقه المقارن، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الطب جامعة الأزهر: إن الفتوى هي الإخبار بحُكم شرعي، وتختلف عن الحكم الذى يصدره القاضي؛ لأنَّ حكم القاضي ملزم والفتوى غير ملزمة، وقد تكون الفتوى في الأحكام القطعية والأحكام الظنية، وهذه القطعيات كلها تزيد الإيمان وتحقق المصالح المختلفة التي تعتبرها الشريعة من الحاجيات والضروريات، وكلها لها علاقة مباشرة بالإيمان.

وأضاف أنَّ الدين أتى لحفظ حياة الناس وتنظيمها فمَن عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها، موضحًا أن الإيمان وفعل الواجبات وترك المحرمات يصبُّ في خانة تحسين الصحة النفسية للإنسان، وذلك ضمن المصالح المتنوعة التي يحققها الدين الإسلامي؛ فزيادة الإيمان تعني الاطمئنان وزيادة اليقين والبُعد عن الخوف والقلق، مؤكدًا أن الإنسان إن كان مؤمنًا كان مستقيمًا في حياته ويبعد عن الفواحش وتتحقق مصالحه في الدنيا وأمنه النفسي، وقد قال الرسول r: «إن لبدنك عليك حقًّا» وهذا يشمل المحافظة على الصحة النفسية.

وذهب الدكتور أنس أبو شادي إلى أن المرض النفسي هو ابتلاء من الله -عز وجل- وليس عيبًا ولا وصمة عار لأصحابه، فالمريض النفسي يستحقُّ الرحمةَ والعطف والمعاونة، واتِّباع الطريق الصحيح للشفاء والعلاج لا الذهاب إلى الدجالين أو المشعوذين.

وأشار الدكتور أنس إلى أن أهم مرض نفسي هو "الوساس القهري"، وهو مرض مؤلم ومعاناة لمن يُصاب به، وابتلاء شديد، موضحًا أن العلماء قد أَفْتَوْا بأن المصاب بهذا المرض ليس عليه كفارة يمين. كذلك أفتى العلماء من ضمن الفتاوى التي تساعد في العلاج بأن هذا الإنسان لا يقع طلاقه إلا إذا وثِّق أمام مختصٍّ، كما أنَّ الصلاة لا تسقط إلا عن المريض بمرض عقلي، قائلًا: إن هذا الابتلاء لا يدلُّ على أن الله غاضب عليه، بل ربما أرد الله به خيرًا، وأن يرفعه درجات بهذا الابتلاء، وأن الابتلاء لو كان شرًّا ما ابْتُلِيَ الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أن الأنبياء كانوا أشد الناس بلاءً، ومن ثَم فالابتلاء ليس دليلًا على المهانة ولا الخذلان.

وحول مدى احتياج المستفتي إلى علاج نفسي خلال تلقِّيه الفتوى، قال: إن العلاقة بين الدين والصحة النفسية هي علاقة تكاملية، فالفتاوى لها أثر إيجابي في الصحة النفسية وتساعد الطب، والله ذَكر أن الإنسان الذي يتحلَّى بالإيمان والعمل الصالح تكون له حياة طيبة في الدنيا، فكل شرائع الإيمان والعمل الصالح وترك المحرمات والبعد عن الكبائر تؤدي إلى حياة مطمئنة، وهذا كله يساعد ويغذي الجانب النفسي لدى الإنسان، فالعلاج النفسي مع الديني يتكاملان ويتعاونان، لافتًا النظر إلى أن النواحي الدينية عنصر مساعد للمريض النفسي، ولكنه في بعض الأوقات يحتاج المريض إلى الطب قبل الفتوى في المقام الأول، مشيرًا إلى أن الجانب الروحي ثابت في دراسات موثقة، وهناك بلاد ثبت فيها انخفاض نسبة الانتحار نتيجة ارتفاع الجانب الروحي، لذا فعَلى مَن يشتغل بالناحية الشرعية أن يدلَّ الناسَ على العلاج الطبي إذا كان بحاجة إلى ذلك؛ لأن هناك جوانب طبية لا بدَّ أن تستوفى.

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان .. تعرف على أقوال العلماء
  • عباس شومان: الفتوى صناعة صعبة وخطرة.. وليس كل من تخرج في الأزهر قادر على الإفتاء
  • ندوة دار الإفتاء بمعرض الكتاب: الفتوى مسؤولية كبيرة تتطلب تأهيلا علميا دقيقا
  • جناح دار الإفتاء بمعرض الكتاب يشهد ندوة "الفتوى والصحة النفسية"
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء» يكشف حكم الذهاب للحج بتأشيرة عمل
  • مفتي الجمهورية: مصر تتميز بمؤسسات دينية راسخة تعمل على نشر الفتوى الوسطية
  • مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تقدِّم في معرض الكتاب هذا العام منصَّة تفاعلية
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء»: كل الشواهد تؤكد دفن السيدة زينب في مصر
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء» يكشف عن حكم بقاء الزوجة معلقة دون طلاق
  • هل يحق للأب توزيع تركته في حياته دون مساواة بين أولاده؟