20 شيخًا حملوا مسئولية الفتوى الرشيدة
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
على مدار أعوام عديدة قامت دار الإفتاء المصرية بجهود عظيمة من أجل دعم البحث الفقهى بين المشتغلين به فى كل بلدان العالم الإسلامى، فقد قامت بدور تاريخى وحضارى من خلال وصل المسلمين بأصول دينهم وتوضيح معالم الإسلام وإزالة كل ما التبس من أحوال دينهم ودنياهم، لتكشف عن أحكام الإسلام فى كل ما يستجد على الحياة المعاصرة، ومن هنا كانت نشأة دار الافتاء المصرية وهى هيئة حكومية مصرية تتبع مجلس الوزراء، أنشئت عام 1895م/1313م، وقد استقلت ماليًا وإداريًا عام 2007، حتى صدر قرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 10 أغسطس 2021م باعتبارها من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، وهذا كله لا ينفى تبعيتها السياسية إلى وزارة العدل وهى تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون لوزارة العدل أى سلطة عليها، وسبب تبعيتها هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يظهر فيما تقوم به دار الإفتاء من نظر فى قضايا الإعدام، وشأن دار الإفتاء فى هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخرى التى استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل.
ومن أهم المهام التى تقوم بها دار الإفتاء هى إجابة الأسئلة والفتاوى باللغات المختلفة، وإصدار البيانات الدينية والرد على الشبهات الواردة على الإسلام واستطلاع أوائل الشهور العربية وتدريب الطلبة المبعوثين على الإفتاء وإعداد الأبحاث العلمية المتخصصة، وهناك مهام قانونية أهمها تقديم المشورة الشرعية للمحاكم المختصة فى قضايا الإعدام.
ويتبع الدار التواصل الاجتماعى، حيثت لها تجربة رائدة فى مجال السوشيال ميديا كونها أولى المؤسسات الدينية فى مصر والعالم العربى والإسلامى التى استفادت من هذه الوسائل فى نشر رسالتها، وتتمثل استراتيجيات فى مواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية، إلى جانب نشر الفكر الإسلامى المستنير، كما تضم إدارة «نبض الشارع» وهدفها المتابعة والرصد لما يستجد من قضايا شرعية أو مجتمعية تتطلب بيان الحكم الشرعى فيها، وهناك أمانة الفتوى وإدارة الفتوى الشفوية وإدارة فتوى المواريث وإدارة الفتوى المكتوبة، وإدارة الفتوى الالكترونية وإدارة الفتوى الهاتفية وإدارة الحساب الشرعى وإدارة الأبحاث الشرعية وإدارة التدريب وتدريب المفتين عن بعد، كما تضم الدار أرشيفًا ومكتبة، بالإضافة إلى إدارة المركز الإعلامى وإدارة الموقع الإلكترونى وتكنولوجيا المعلومات.
وقد حددت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يوم 15 ديسمبر اليوم العالمى للإفتاء من كل عام وهو ذكر إنشاء هذه الأمانة تعاقب على تولى منصب دار الإفتاء العديد من المفتين المصريين، وقد ظهرت قبل ظهور مصطلح «مفتى الديار المصرية» وظائف عدة للإفتاء، فهناك «مفتى أفندى مصر» فى القرن التاسع عشر وهناك «مفتى السلطنة الشريفة» بمصر فى العصر العثمانى، وهناك أيضًا مفتى دار العدل فى العصر المملوكى كما مارس كثير من الفقهاء الفتوى وحصلوا على لقب «مفتى مصرى منهم من مارس الفتوى تطوعًا ومنهم من مارسها بتفويض رسمى من حاكم مصر، وهى سلسلة متصلة الحلقات تبدأ مع الفتح الإسلامى لمصر وتستمر حتى الوقت الحالى بدون انقطاع. وهناك عدد (20) شيخًا أخذوا لقب مفتى الديار المصرية إلى الآن.
أبرز من تولوا منصب مفتى الديار المصرية:
كام من نوابع رجال الأزهر وعمل بتدريس الفقه فى كليتى الحقوق ودار العلوم، ولد فى قرية نواى بمركز ملوى فى محافظة المنيا بصعيد مصر تولى منصب الإفتاء جنبًا إلى جنب مع مشيخة الأهر (1895 - 1899) ثم عاد إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية عام 1907، حتى توفى عام 1924.
واحد من كبار علماء الأزهر الشريف نزح إلى القاهرة من بلدته بنى عدى بصعيد مصر فى محافظة أسيوط عمل مفتيًا للديار المصرية فى 1945 حتى 1950، ومنذ أن انتهت خدمته القانونية لم يركن إلى الراحة وأخذ يلقى دروسه بالمشهد الحسينى يوميًا إلى أن أعيد مفتيًا للديار مرة أخرى فى إلى أن أعيد مفتيًا للديار المصرية مرة ثانية من (1952 - 1954) وقد طالت به الحياة حتى تجاوز المائة عام قضاها فى خدمة دينه داخل مصر وخارجها.
هو شيخ الأزهر الشريف الأسبق ومفتى الديار المصرية تقلد العديد من المناصب الرفيعة وخدم الدين والعلم فى كل مناصبه قاضيًا ومفتيًا ووزيًرا وشيخًا للأزهر، تولى الإفتاء فى عام (1978 - 1982) وشيخ الأزهر (1982 - 1996) ووزيرًا للأوقاف (1982 - 1982)، - حصل على العديد من الجوائز أبرزها وشاح النيل من مصر 1983 ووسام الكفاءة الفكرية والعلوم من الدرجة الممتازة من المغرب، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 1995، توفى فى القاهرة فجر الجمعة 15 مارس 1996م ودفن بمسقط رأسه بقرية بطرة بالدقهلية.
ولد بقرية سليم الشرقية بسوهاج فى 1982 والتحق بكلية أصول الدين بالأزهر وحصل على الدكتوراه فى التفسير والحديث، تولى فضيلته العديد من المناصب القيادية فى المؤسسة السنية الأولى فى العالم وكان مفتيًا للديار المصرية من عام 1986 - 1996) حتى اختير شيخًا للأزهر من (1996 - 2010)، ويعد «طنطاوى» من العلماء البارزين فى العصر الحديث وله مواقفه المشهودة ففى (20) فبراير 1989 أصدر فتوى يحرم فيها فوائد البنوك والقروض باعتبارها ربا يحرمه الإسلام، تعرض للنقد بعد مصافحته الرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز فى مؤتمر حوار الأديان الذى نظمته الأمم المتحدة بنيويورك.
توفى رحمه الله صباح الأربعاء 10 مارس 2010 فى الرياض عن عمر يناهز 81 عامًا إثر نوبة قلبية تعرض لها فى مطار الملك خالد الدولى عند عودته من مؤتمر دولى لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2010 ودفن بالبقيع.
وهو فقيه إسلامى مصرى ورئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ومفتى الديار المصرية السابق من (1996 - 2002)م، ولد بقرية ميت بدر حلاوة التابعة لمركز سمنود بالغربية ويعمل أستاذًا ورئيسًا لقسم الفقه المقارن فى كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، تعرض الشيخ نصر فريد واصل لضغوط من نظام الرئيس المخلوع «مبارك» لإصدار فتوى بشأن إجازة تصدير الغاز للاحتلال، إلا أنه رفض ذلك ومن أسباب إقالته أيضًا أنه كان ضد توريث الحكم، وكانت إجابته عن التوريث قائلاً: «التوريث لا يجوز شرعًا، لأن الشعوب لا تورث، إحنا مش تكية تباع أو تشترى، وإنما الشعوب لها إرادة وحرية فى اختيار من يرأسها».
شيخ الأزهر الحالى ولد فى يناير 1946 بمدينة الأقصر بصعيد مصر وهو أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر، كما تولى عمادة كلية أصول الدين بباكستان وهو رئيس جامعة الأزهر سابقًا، تولى دار الإفتاء من (2002 - 2003) ثم رئيس جامعة الأزهر (2003 - 2010)، ثم شيخًا للأزهر منذ عام (2010) وهو شيخ الأزهر رقم (50) فى المشيخة خلفًا للدكتور محمد سيد طنطاوى، شدد إبان ثورة (25) يناير على الحقوق المشروعة للشعب فى العدل والحرية والعيش الكريم ووصف مطالب المتظاهرين وقتها بالعادلة ولكنه حذر من الفوضى وناشد الجماهير الهدوء. «الطيب» تمتع بحب وشعبية جارفة بسبب مواقفه ودعوته إلى السلام والتعايش المشترك بين الشعوب.
ولد الدكتور على جمعة فى بنى سويف بصعيد مصر عام (1952) وهو عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ويشغل منصب شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، وقد شغل منصب مفتى الديار المصرية خلال الفترة من (2003 - 2013) واشتهر بالعديد من الفتاوى الدينية والآراء المجددة والحداثية، اختير ضمن أكثر خمسين شخصية مسلمة تأثيرًا فى العالم لاثنى عشر عامًا على التوالى من (2009 - 2020) له العديد من الأنشطة الاجتماعية التى ساعد بها الفقراء وزار الكثير من البلدان ضمن حملة لما أسماه تصحيح صورة الإسلام المشوهة لدى الغرب وله العديد من المقالات المنشورة بلغات عدة والعديد من الأعمال داخل دار الإفتاء المصرية خلال مدة تولى منصب الافتاء.
ولد فضيلة الدكتور شوقى إبراهيم علام فى أغسطس 1961 بمحافظة البحيرة، وهو أستاذ الفقه الإسلامى والشريعة بجامعة الأزهر (فرع طنطا)، تولى منصب مفتى الديار المصرية من مارس (2013 - 11 أغسطس 2024)، حيث انتخب فى اقتراع سرى خلال اجتماع هيئة كبار علماء الأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ويعد أول مفتى منتخب والوحيد بعد تعديلات قانون الأزهر، وتولى رئاسة المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العام (2015) وهو عضو بمجلس أمناء «منتدى تعزيز السلم» حصل «علام» على جائزة أبرز راع للسلام من منظمة «التحالف العالمى للأديان» بسيول فى كوريا الجنوبية 2014، وتسلم درع القدس من المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين تقديرًا لتعاونه وعطائه وجهوده الدائمة لدعم القضية الفلسطينية والقدس الشريف 2015، قدم «علام» جهدوًا مضنية فى دار الافتاء لتصحيح المفاهيم وبيبان صورة الإسلام السمحة حول العالم، وشهد الجميع له بالنزاهة والتواضع والخلق الكريم وموسوعية العلم حتى آخر يوم فى عمله بدار الافتاء.
فى مشهد حضارى عكس التعاون والترابط بين علماء الأزهر الشريف شهدت دار الافتاء تسليم وتسلم بين المفتى السابق د. شوقى علام والمفتى الجديد الدكتور نظير محمد عياد عقب صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيينه مفتيًا للديار المصرية لمدة أربعة أعوام اعتبارًا من 12 أغسطس وبناء على ترشيح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.
حصل الدكتور نظير عياد على ليسانس أصول الدين فى العقيدة والفلسفة (1995)، ثم الماجيستير (2000) ثم الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى (2003)، عمل معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا فى كلى أصول الدين جامعة المنصورة، ثم استاذًا مساعدًا بقسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ، ثم أستاذًا ثم وكيلا للكلية، درس فى بعض الجامعة العربية فى ليبيا والسعودية ثم تولى منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وهو عضو المنظمة العالمية لخريجى الأزهر وعضو بيت العائلة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية حكومية مصرية دار الإفتاء مفتى الدیار المصریة الأزهر الشریف دار الإفتاء دار الافتاء أصول الدین شیخ الأزهر بصعید مصر تولى منصب العدید من أستاذ ا
إقرأ أيضاً:
مستشار مفتي الجمهورية: مصر الأزهر تمثل نموذجًا للتدين الصحيح
شارك الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، في القمة الدينية لقادة الأديان في إطار مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين cop 29 المنعقدة ضمن الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في العاصمة الأذربيجانية باكو يومَي 5 و6 نوفمبر 2024، ألقى خلالها كلمةً تناولت دَور القادة الدينيين في تعزيز الاستقرار وبثِّ الطمأنينة في المجتمعات الإنسانية.
قدرة الدين في إرشاد البشريةوأكَّد الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، على قدرة الدين الصحيح في إرشاد البشرية التي تعاني من تحديات غير مسبوقة، مشيرًا إلى المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق القادة الدينيين في العمل على تحقيق الاستقرار والسكينة، قائلًا: «القادة الدينيون يقع عليهم مسؤولية كبيرة في بثِّ الطمأنينة والاستقرار في المجتمع الإنساني».
وشدَّد على أهمية الوحدة بين القادة الدينيين لمواجهة التحديات المشتركة، مرددا: «لا نستطيع أن نحدث تأثيرًا في التحديات التي نواجهها إلا إذا اتَّحدنا تحت أجندة واحدة هدفها مصلحة البلاد والعباد».
مواجهة الأفكار المتطرفةكما أكَّد الدكتور أن الأزهر الشريف في مصر يمثل نموذجًا للتدين الصحيح، داعيًا إلى سماع صوت التدين المصري في مواجهة الأفكار المتطرفة، قائلا: «لا بد ألا نعطي فرصة للأصوات المتطرفة للتحدث باسم الدين، فالأصوات الصحيحة قادرة على إسكات الأقلية المتطرفة، ومصر الأزهر تمثل نموذجًا للتدين الصحيح وينبغي لدول العالم سماع صوت التدين المصري».
وتناول الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أهمية تفعيل قيم الأديان وجعلها برامج عملية قابلة للتطبيق بين الشعوب، موضحًا أن الأخلاق تمثِّل جسورًا للتواصل بين الحضارات والشعوب، وما ينفع الناس يمكث في الأرض، وما يؤذي الناس ويضرهم يسقط من ذاكرة التاريخ.
وأشار إلى رسالة الإسلام الحضارية بوصفه دينَ خيرٍ وسلام، مُبديًا استعداد دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم للتعاون مع الجميع لتحقيق السلام في العالم، مختتمًا كلمته قائلًا: «الإسلام حضارة خير وسلام، ونحن في دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم على أتم استعداد أن نمد يد التعاون مع الجميع من أجل أن يعمَّ السلامُ ربوعَ العالم».