كيف عملت أمريكا وجواسيسها على استهداف ثورة 2011؟
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
وأظهرت الاعترافات جوانب الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية في عام 2011، والواقع السياسي اليمني من خلال الاستقطاب للقيادات في تلك الثورة وتقديم الدعم لهم، بهدف السيطرة على القرار، ولإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم.
ومن خلال الاعترافات يتضح للجميع حقيقة حزب الإصلاح، والهدف من دوره القيادي لثورة الشباب، وكذلك الرهان الأمريكي على قيادات الإصلاح أثناء وبعد الثورة، كوسيلة لتدمير المجتمع اليمني وتقسيم اليمن، من خلال المبادرات الخليجية الهادفة الى تمزيق اليمن، وبغطاء أمريكي، وعبر حزب الإصلاح كشفت حقيقتها اعترافات الجواسيس الذين كانوا الأذرع الأساسية لواشنطن داخل المجتمع اليمني.
الدعم الخفي.. أمريكا في مركز صنع القرار
وتظهر اعترافات الجاسوس شائف الهمداني جانباً من الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية، حيث يقول في اعترافاته: "عندما بدأت الثورة الشبابية في عام 2011 كان هناك دور خفي للسفارة الأمريكية بشكل عام بما فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عبر قطاع الديمقراطية والحكم الرشيد، و كان يتم دعم بعض القيادات البارزة في المكونات الشبابية بشكل خفي، وذلك بهدف تكوين شخصيات ذكية لها دور مستقبلي في الوصول إلى مركز صنع القرار الذي يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على القرار.
ويضيف: "ومن تلك القيادات الذين تم تقديم الدعم لهم، توكل كرمان حيث أنها من الذين شاركوا في برنامج الزائر الدولي من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال الملحقية الثقافية الأمريكية، وكذلك حسام الشرجبي، وأفراح الزوبة ، وأسامة الرعيني ، وهؤلاء ضمن الذين كان لهم الدور البارز في أوساط الشباب".
ويوكد "أن السفارة الأمريكية كانت تحفز تلك القيادات وبعض الشخصيات للسيطرة على الثورة حينها، وذلك لإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم، وكان يتم التركيز على مكون الشباب أكثر كونهم يشكلون أكبر شريحة في المجتمع".
موضحاً أن الكثير من الشخصيات التي وصلت إلى مناصب بارزة في الحوار الوطني مثل أسامة الرعيني، وأفراح الزوبة، وحسام الشرجبي وغيرهم من الشباب والذين وصلوا إلى مراكز حكومية تمكن من اتخاذ القرار مثل جلال يعقوب الذي وصل أيضاً إلى منصب وكيل وزارة المالية، كان بفضل التحركات الأمريكية عبر السفارة.
وفي السياق ذاته، ووفق الجاسوس شائف الهمداني، فان التحرك الأمريكي والدعم الخفي جاء بعد أن لاحظت الولايات المتحدة أن الثورة في اليمن بدأت تأخذ بعدا آخر، حيث عملت على الحفاظ على مصالحها عبر مكون حزب التجمع اليمني للإصلاح، فتم الإيعاز لـ علي محسن بأن يقوم بإعلان انفصاله عن القوات المسلحة وانضمامه إلى الثورة الشبابية كذلك الشخصيات الأخرى من حزب الإصلاح مثل حميد الأحمر وغيرهم بتقديم الدعم والسيطرة على الثورة الشبابية حينها لأهداف سياسية تخدم المصالح الأمريكية.
مراقبة عن كثب.. الساحات تحت المجهر الأمريكي
أما الجاسوس عبد المعين عزان فكشف في اعترافاته عن الدور الذي كلف به أثناء الاحتجاجات الشعبية، موضحاً أن الدور الذي كلف به كدور مخابراتي في 2011 أثناء الاحتجاجات التي كانت في الساحات، هو التواصل مع منظمات المجتمع المدني، سواء المنظمات الموجودة والبارزة في الساحة عبر الممثلين لها، وكان على اطلاع بما يتم في الساحة.
ويقول الجاسوس عزان في اعترافاته: "كنت أتواصل مع تلك المنظمات، لأخذ معلومات عن الساحة، وعن أي تحركات معينة عن توجهات الشباب في الساحة، وعن توجهات الكتل المختلفة داخل الساحة، وذلك من خلال منظمات المجتمع المدني التي كانت شريكة للميبي والذي كانت متواجدة بفعالية".
ويضيف" كان حتى بعض المنظمات الشريكة للميبي تنفذ فعاليات داخل خيم في الساحة وأذكر أني حضرت فعالية وزرت الساحة مرة أو مرتين، والتقيت بممثلي المنظمات التي كانت تتلقى دعماً ومنحاً من الميبي، وكانت متواجدة في الساحة ولها علاقات وتواصلات مع الجهات المختلفة والشباب والكتل الشبابية المختلفة داخل الساحة، وكانت كل المعلومات الذي تأتيني طبعاً أكتبها في تقارير وأرفعها لجوان كمينز.
من جهته يقول الجاسوس محمد الخراشي:" أيام ساحات الاعتصام في 2011م كان يتم إرسال مجموعات من الجواسيس لمراقبة الساحات ومعرفة من الشخصيات البارز الذي تنضم يومياً في الساحة وأبرز الأحداث التي تحصل يومياً في الساحة، وكتابتها في تقرير وإرسالها إلى ضابط الأمن الإقليمي فوراً.
التدخلات الامريكية وتقسيم اليمن
وعن الدور الأمريكي في خلق الصراعات والانقسامات أوساط المجتمع اليمني، يقول الجاسوس عبد القادر السقاف في اعترافاته: "من خلال عملي تلك الفترة بالسفارة الأمريكية في الملحقية السياسية، كان واضحاً أن التدخلات الأمريكية أدت إلى خلخلة المجتمع اليمني، وخلق الصراعات البينية، حتى العام 2011، الذي تم فيه انقسام المجتمع وانقسام الأحزاب، منها حزب المؤتمر الحزب الحاكم، الذي هيئ لتدخلات الخارجية والأمريكية.
ويضيف:"ومن التدخلات الخارجية فكرة" المبادرة الخليجية" التي تبنتها السعودية وبمساعدة الدول الخمس العضوية الدائمة في الأمم المتحدة، وبعض الدول الأخرى المساندة حتى أصبحت تلك الدول الراعية التي سموها العشر الدول الراعية، وأصبحت الفوضى تكبر، موضحاً أن تلك المبادرة والتدخلات الخارجية بتزامن مع تدخلات المبعوث الأممي الذي أرسلته أمريكا، لكي يتم إنقاذ الحوار الوطني الذي في نهاية المطاف يصب في المصلحة الأمريكية وهو الذي تبحث عنها أمريكا نفسها فيما يتعلق بأنهم يأتون بمشروع الأقاليم لليمن، والذي هو جزء من المخطط الأمريكي الذي تسعى واشنطن والرياض لتنفيذه في اليمن.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: المجتمع الیمنی فی اعترافاته فی الساحة فی الیمن من خلال
إقرأ أيضاً:
أمريكا والحرب البرية على اليمن
يمانيون/ تقارير ما بينَ الحربِ البرية واستمرار الحصار وبقاء العدوان، هناك عدوانٌ مُستمرٌّ ترى صنعاء أنه يجب أن ينتهي.
هناك قراءات مختلفة بعضها ينظر إلى إمْكَانيات حرب برية، مقابل تلك التي تستبعد هذا الخيار وفق معطيات ومؤشرات ترتبط بمتغيرات فعلية، قد يكون لها دور كبير في تراجع هذا الخيار، على الأقل في هذه المرحلة.
الحرب البرية تبدو إلى حَــدٍّ ما غيرَ حاضرةٍ في حسابات المخطّط العسكري الأمريكي بهذا التوقيت، لاعتبارات عديدة؛ فداخلَ أروقة السياسة الأمريكية يمكن فَهْمُ أن هناك سخطًا كبيرًا من دور أُورُوبا في مِلف اليمن، ليس بتخلِّيها عن دعم أمريكا في تحالفاتها فحسب، أَو نأيِها بتحالف بقيادة أُورُوبية كما حصل مع تشكيل عمليات “أسبيدس”، بل هو سخط يتعلق بشعور أمريكي بانتهازية أُورُوبا لها.
لقد ظهر هذا في أحاديث ترامب علنًا وفي تسريبات لنائب الرئيس الأمريكي ووزير حربه.
والسؤال الذي يحتاجُ لإجَابَةٍ الآنَ: لماذا تبدو مؤشراتُ الحرب البرية ضعيفةً في القراءة الأمريكية، وما هي فُرَصُ اعتماد أمريكا على مرتزِقة الرياض وأبو ظبي؟ وفي المقابل هل تضحِّي الدولُ الخليجيةُ المتخمةُ بمصالحها؛ مِن أجلِ المصالحِ الإسرائيلية الأمريكية؟ وهل لهذا علاقةٌ بسعي الرياض لاتّفاق أمني استراتيجي، وما هي فُــرَصُ تحقيقِ أيِّ إنجازٍ من حربٍ بريةٍ تعتمدُ على المرتزِقة؟ وهل يمكنُ الإتيانُ بمرتزِقة أجانبَ إذَا ما اندلعت حربٌ برية؟
بتتبُّعِ التحليلات السياسة، يمكن القولُ إن غالبيتَها يشير إلى أن احتمالات شن حرب برية ضعيف إلى حَــدٍّ ما؛ فحلُّ معضلة وإشكالية واشنطن مع اليمن لن يكون بخيار المواجهة واللجوء لحربٍ برية. والسببُ أن لا ضماناتٍ لتحقيق أهداف هذه الحرب، حَيثُ فرص نجاحها ضد اليمن ضعيفة.
هناك متطلبات لهذه الحرب، تفترض تمويلًا كَبيرًا يتعلق باحتمالات أنها ستكون حربًا طويلة، وصعبة بالنظر إلى جغرافية اليمن المعقَّدة، وقدرات المؤسّسة العسكرية المتطورة لحكومة التغيير والبناء في صنعاء، وحجم التأييد الشعبي الكبير للقيادة الثورية والسياسية؛ باعتبَار أن الحربَ اليومَ التي ستشاركُ فيها أيٌّ من قوى المرتزِقة هي حربٌ بالوكالة عن (إسرائيل) والمشروع الصهيوني.
هذا ما يعني إضافةَ أعباء ستضاعفُ من تكاليف الحرب البرية في جانب العدوّ، ومعه يبرز أهم سؤال عمن سيموِّلُ اليوم حربًا بريةً ضد اليمن.
فيما يخُصُّ الولايات المتحدة فلا يبدو أنها مستعدة لتمويل هذه الحرب، فهناك كابوس يلاحقها من تكرار هكذا حروب كانت أبرز أهدافها نهب الدول التي غزتها هذه القوة العظمَى.
بالأرقام، فمعَ انسحاب أمريكا من أفغانستان، أصدر “مشروع تكاليف الحرب” (Cost of War) في جامعة براون تحديثًا لتحليلات دورية تُظهِرُ أن ما خسرته الخزانةُ الأمريكية من أموالٍ في حرب أفغانستان حتى الآن، آخرُ تلك الأرقام أشار إلى ما لا يقل عن 2.261 تريليون دولار؛ أي ما يقرب من 16 ألف دولار لكلّ دافع ضرائب فيدرالي، دون أن يشمل ذلك مترافقاتِ الخسائر البشرية والمساعدات الخارجية وإعادة الإعمار.
هذا التقرير الذي يسلط الضوء على هدر مال دافع الضرائب الأمريكي، يشير إلى أنها كانت حربًا عبثية استنزفت خزانة أمريكا لعشرين عامًا.
وبحسب المشروع فقد كلَّفت الحربُ في العراق الخزانةَ الأمريكية حتى 2023م، ما لا يقل عن 2.89 تريليون دولار، حَيثُ ارتفعت مساهمةُ الفرد الأمريكي إلى ما يقارب 26 ألف دولار لكل دافع ضرائب فدرالي؛ أي بزيادة تقارب 10 آلاف دولار أمريكي على كُـلّ فرد.
وللمفارقة أن البيانات الحكومية الأمريكية عشية غزو العراق قبل 20 عامًا، أشَارَت إلى بلوغ حجم الدَّين الأمريكي العام نحو 6.4 تريليون دولار، أَو ما نسبته 39 % من إجمالي الناتج القومي الأمريكي. وبعد 20 عامًا من الغزو، بلغ حجم الدين العام الأمريكي نحو 23 تريليون دولار؛ أي بزيادة 16.6 تريليون دولار. أي إن الحرب التي سخَّرتها واشنطن لنهب ثروة العراق لم تؤتِ أُكُلَها.
إن خيار اللجوء للقوة الصُّلبة دائمًا ما يرتدُّ على أمريكا بخسائرَ استراتيجية.
وفي حسابات واشنطن فَــإنَّ مناطق شمالي اليمن أشبهُ بـ “تورا بورا” أفغانستان.
وبالنظر إلى هذا الخلفية لا تبدو الولايات المتحدة مستعدة لخوض حرب برية أَو تدخل أمريكي بري، يزج بقوات أمريكا فيما هو أشبهٌ بمحرقة.
وَإذَا ما حصل تدخل فلا يجب أن يكون بقوات أمريكية إلا أن تكون عمليات كوماندوز محدودة، إذَن ما الحلُّ؟ ومن سيقوم بهذه المهمة؟
بهذه النماذج يمكن إدراك أن فكرةَ التمويل الأمريكي لمثل هذا الخيار في اليمن ذات التركيبة والجغرافية المعقَّدة أقربُ للمستحيل. هذا من ناحية التمويل والمشاركة الأمريكية بقوات برية.
مَن يموِّل حربًا محتملة:
ويعود السؤال عمَّنْ يمكن أن يموِّلَ هذه الحرب، حَيثُ فرضية وجود التمويل السعوديّ أقلُّ، لكن الإمارات التي تدفعُ نحو هذه الحرب ولحسابات خَاصَّة بها، قادرة على هذا التمويل، لكن هذا سيصطدم بحسابات السعوديّة في ما يخص المنافسة مع الإماراتيين وخيارات المرحلة بالنسبة للسعوديّة، التي تبدو أنها تقدِّمُ قَدَمٌ وتؤخِّرُ أُخرى، حَيثُ المخاوفُ وتعقيداتُ أية حرب قادمة مع اليمن، ستكونُ ذاتِ كلفة استراتيجية باهظة وباهظة جِـدًّا.
إلى جانب إشكالية التمويل، هناك مسألة من سيخوض الحرب البرية إن حدثت ضد الجيش اليمني ونظام صنعاء؛ فالأمريكيون هل سيشاركون فيها بقواتٍ برية أم سيقتصر الدعم الأمريكي على الإسناد وتقديم خدمات لوجستية، ثم ماذا عن مشاركة قوات المرتزِقة ذات الولاءات المتشعَّبة والأجندة الإقليمية والأجندة الخَاصَّة؟
في لقاءات النظامَينِ السعوديّ والإماراتي مع ساسة وجنرالات أمريكا فيما يخص اليمن، فَــإنَّ جزءًا مما دار الحديث عنه، مسألة التمويل، فإذا ما أرادت واشنطن حربًا برية يجب أن تبحث عن مموِّل أَسَاسي لهذه الحرب أولًا. هذا ما يفترِضُ أن يكونَ الممول هو من موَّل الحروبَ السابقة في اليمن منذ بدء العدوان على اليمن في 2015م منذ “عاصفة الحزم” وما بعدها. وأي استعداد فعلي لهذه الحرب يفترِضُ وجودَ التمويل.
لكن الحرب لم تعد معطياتها مناسبة لرعاتها في الرياض على الأقل، لا شيء يشجع على تمويل أَو حتى تبني هذه الحرب. السعوديّة التي كانت متحمسة إلى وقت قريب لضرب اليمن لم تعد كذلك. وبحسابات الربح والخسارة فَــإنَّ الإقدام على حرب برية ودعم الفصائل المحسوبة عليها سيكون كارثيًّا؛ فصنعاء اليوم ذاتُ يدٍ طُولى وتأثيرها كان واضحًا في أكثر من تجربة سواء مع السعوديّة أَو مع الإمارات ثم مع أمريكا و(إسرائيل) وتحالفَين عسكريَّين أمريكي “الازدهار”، وأُورُوبي “أسبيدس”.
في كُـلِّ الأحوال وبالقفزِ على الكثير من تفاصيل من سيشارك مع أمريكا في أية حرب برية محتملة، تدرك فصائلُ مرتزِقة التحالف أن قرار مشاركتها يرتبطُ وثيقًا بالرياض وأبو ظبي بالدرجة الأولى، ولا قدرة لها على التحَرّك خارجَ سيطرة مموِّليها.
في لقاءات السفير الأمريكي لدى مجلس الرياض، بقادة فصائل المرتزِقة، أشَارَت بعض تلك القيادات إلى ضرورة عودة واشنطن للتفاهُمِ مع السعوديّة أولًا للموافقة على خوض الحرب.
هذه الأنظمة الخليجية تفهم ما الذي تعنيه رسائلُ صنعاء الواضحة جِـدًّا، فأيُّ تحَرّك لتلك القوات التي شكَّلتها وترعاها وتموِّلها الرياض وأبو ظبي يعني تحَرُّكًا سعوديًّا إماراتيًّا في مواجهة اليمنيين وإشعالَ حرب برية من جديد مع اليمن.
في شِقٍّ آخرَ فَــإنَّ تنازع فصائل التحالف فيما بينها، وتعمُّقَ خلافاتها منذ 2015م، وحتى اليوم، يجعل الاتِّكالَ عليها خطأً كَبيرًا ودائمًا ما نصحت صنعاءُ تحالفَ العدوان بعدم الاعتماد على تلك الفصائل، حَيثُ فشلت واشنطن والسعوديّةُ والإمارات والبريطانيون، في التوفيق بين تلك الفصائل والجماعات؛ فلكُلٍّ منها أجندتُه وولاءاته الخَاصَّة التي تتقاطع تمامًا وفي أكثر من اتّجاه مع الفصائل والجماعات الأُخرى.
وبالنظر لإمْكَانيات القوات المسلحة اليمنية اليوم وقياداتها في صنعاء، لا فرصةَ لتحقيق أهداف أمريكا في وقف مَــدِّ صنعاء الجهادي نحو غزة وحصار كَيان العدوّ، فأيَّةُ قوىً -سواءٌ أكانت أمريكيةً أو إماراتية أَو مرتزِقةً ضد القواتِ المسلحة اليمنية- ستواجِهُ أَيْـضًا رَدَّ فعلٍ شعبيًّا كبيرًا، بالنظر إلى قناعة الشعب اليمني اليوم -في ما يخُصُّ حربَ غزة- بأن تلك الجماعات المدعومة أمريكيًّا وسعوديًّا وإماراتيًّا، ينظر لها اليمنيون على أنها أدواتٌ للمشروع الصهيو- أمريكي في المنطقة العربية.
ومن ناحية التوقيت فَــإنَّ التوقيتَ لا يخدم الرؤيةَ السعوديّة 2030، وحاجتها لتأمين مناخ استثماري مستقر يرتبط باستقرار الإقليم. لذا لا تبدو الرياض مستعدَّةً لمجاراة أية اندفاعةٍ إماراتية منفردة أَو أمريكية تبحثُ عن كباش محرقةٍ لهذه الحرب من غير الأمريكيين.
مع ذلك لا يمكنُ تجاهُلُ التحَرُّكاتِ الأمريكية والتشجيع الإماراتي والتنسيق السعوديّ وما رافق ذلك من تسريبات تبدو متعمدة. وتصريحات ميك ميلوري -المسؤول السابق في وزارة الحرب الأمريكية- حول دراسةِ التعاون مع حكومة المرتزِقة لاستعادة “الحديدة”، هذه تظل مؤشرًا على أن هناك سيناريو لعمل عسكري بري محدود، يستهدف مناطق الساحل، ولا يمكنُ تجاهُلُ أنه عاد إلى طاولة النقاش الأمريكية، حَيثُ تبدو الإماراتُ مندفعة اليوم نحو معركة ميدانية “رغم تحذيرات صنعاء”، وهي تركز على مناطق الساحل الغربي، في ظل ربط هذه الدويلة للجغرافيا العسكرية بطموحاتها الاقتصادية والأمنية البحرية.
غير أن المعطيات الإقليمية والدولية تؤكّـد أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الإمارات والسعوديّة، ليسوا في موقعٍ مريحٍ لإثارة فوضىً إقليميةٍ، إلى جانب تحضيرات واستعداد صنعاء لما أسمته -عن ثقة- “المرحلة الأخيرة” من مواجهة العدوّ. ويمكن القول إن اليمنَ قد حشرت أمريكا في زاوية ضيِّقة ووضعتها في موقف صعب؛ فلا هي تستطيع الانسحاب الذي يضرِبُ عميقًا مفهومَ وواقعَ الهيمنة الأمريكية في بحار العالم، ولا هي التي تستطيع أن تستمرَّ في حرب استنزاف طويلة مع اليمن الذي يتوثَّبُ لإكمال الفصل الأخير من المواجهة.
أَمَّا الداخلُ الأمريكي فينظر إلى أن أيَّ تورُّطٍ لواشنطن في حربٍ برية في اليمن وبهذا التوقيت وفي ظل متغيرات داخلية ودولية عاصفة، يعني السيرَ في اتّجاه مجهول ومعاكس لاستراتيجية أمريكا التي تحاول استعادةَ التركيز بإمْكَاناتها على مواجهة الصين، لا الغرق بالمزيد في صراعات المنطقة والشرق الأوسط.
نقلا عن المسيرة نت