تضع جميع دول العالم بلا استثناء أزمة الأمن الغذائي على رأس أولوياتها، حيث إنها تسببت في حدوث وفيات بين الأطفال بالإضافة إلى فئات عمرية مختلفة بسبب الجوع، حتى أن هناك الكثير من التحذيرات الأممية من تضاعف أعداد المعرضين للجوع في العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها انتشار جائحة كورونا فضلاً عن التحدي الوجودي وهو تحدي التغييرات المناخية .

معاناة 30% من العرب

وبحسب تقرير أممي نشر في مارس 2023 فأن ما يقدر بنحو 53.9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة العربية في عام 2021، كما حذر التقرير من أن انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد قد واصل منحاه التصاعدي، ليؤثر سلباً على ما يقدر بنحو 154.3 مليون شخص في عام 2021، بزيادة قدرها 11.6 مليون شخص عن العام السابق.

وقال عبدالحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، إن 30% من سكان المنطقة العربية مهددون بالجوع، والسبب الرئيسي في هذا الأمر هو انتشار النزاع سواء في سوريا أو اليمن أو السودان، خاصة أن النزوح يؤدي إلى حالات نزوح كبيرة وترك الأرض والزراعة، مما يؤدي إلى انهيار المنظومة الغذائية.

وتابع خلال تصريحات إعلامية أن حجم هدر الطعام يصل إلى 30%، وفي المنطقة العربية يصل لـ40%، خاصة في مصر ومنطقة الخليج، وبعض الدول الأخرى.

وأضاف أن هناك 800 مليون شخص في العالم يذهبون إلى النوم يوميًا بدون طعام، رغم هدر الطعام في كثير من الأماكن بنسبة كبيرة، خاصة في شهر رمضان المبارك.

وأوضح أن أزمة كوفيد ضربت سلاسل الإمداد بصورة كبيرة، وبالتالي انخفضت كمية المنتجات على مستوى العالم، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية تؤثر على سلاسل الإمداد.

تحدي التغيرات المناخية

وفي هذا الصدد أشار محمد موسى، المسؤول الإعلامي في المكتب الإقليمى لمنظمة الأغذية والزراعة في القاهرة، إلى أن التغيرات المناخية من بين العوامل التي أثرت بشكل كبير على المنطقة العربية حيث إن ارتفاع درجات الحرارة وشح الامطار أثر عل المواد الزراعية في مصر والمنطقة العربية بأكملها.

وأصبح هناك تأثير كبير على المحاصيل الزراعية وإنتاجيتها، وهناك أراضي زراعية مدمرة بالكامل، وظهر أيضاً آفات زراعية جديدة كنتيجة لتغيرات الحرارة وهذا يصب بشكل مباشر في الامن الغذائي.

وأضاف محمد موسى خلال تصريحات لـ"صدى البلد "، أن الامر هنا يعتمد على قدرة الدول بأكملها على التكيف مع التغيرات المناخية ، فضلاً عن احداث تغيير والوصول الى طرق الزراعة الحديثة، وكذلك ضرورة أن تتوصل الدول الى برامج ووضع أنظمة غذائية وزراعية مستدامة ومتكاملة ومرنة وقادرة على الصمود أمام التغيرات المناخية.

وفيما يخص أهمية التنسيق بين الدول العربية وبعضها  البعض لمواجهة خطورة هذا الملف قال محمد موسى، إن هناك ضرورة قصوى للتنسيق بين الدول العربية في ملف الامن الغذائي، مشدداً على أهمية أن يكون هناك تبادل وتكامل زراعي وغذائي ، وهو بدوره سيقلل بشكل كبير من فجوة استيراد الغذاء من الخارج، وتعطل سلاسل الامداد نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا.

أزمات تهدد 345 مليون 

من جانبه قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن الأزمة الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم والمتسبب الأكبر بها الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة نتج عنها ارتفاع في أسعار الطاقة والشحن والنقل ثم ارتفاع في أسعار الغذاء ما تسبب في زيادة نسبة الفقر في العالم وبالطبع زادت نسبة الفقر في الدول العربية والافريقية.

وأوضح غراب خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أنه وفقا لتقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد حددا خط الفقر العالمي بمبلغ 2.15 دولار في اليوم للفرد ومن يحصل على أقل من ذلك فهو في حالة فقر مدقع، مشيرا إلى أن تقرير البنك الدولي الصادر عن عام 2022 رصد أن الآثار السلبية الناجمة عن جائحة كورونا والتغيرات المناخية والحرب في أوكرانيا، زادت من الضغوط التضخمية نتيجة زيادة أسعار الغذاء في العالم ما زاد عدد الفقراء حول العالم إلى 685 مليون شخص فقير، بزيادة 88.8 مليون فقير.

وأوضح أن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الانمائي جاء به أن 1.2 مليار شخص في 111 دولة حول العالم يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، يعيش أغلبهم في الدول النامية ونحو نصفهم من الأطفال دون سن الـ 18 عاما، بينما تقرير برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة في 2022 قدر أن أكثر من 345 مليون شخص في العالم معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار غراب: إلى أن مواجهة الدول العربية لهذه الازمة تستلزم سرعة التوسع الرأسي في زراعة وإنتاج الحبوب بأنواعها كالقمح والذرة والصويا والبذور الزيتية بأنواعها المختلفة، إضافة الى تحسين نظم الانتاج الحيواني لتوفير اللحوم والألبان ومنتجاتها للمواطنين, موضحا أنه لابد من تعزيز التعاون المشترك بين الدول العربية والافريقية وبعضها البعض من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية لأن عدد كبير من الدول يعاني من حالة تدني الاكتفاء الذاتي في بعض السلع الغذائية الضرورية والاساسية, موضحا أن تقرير صندوق النقد الدولي قدر أن 48 دولة هم الأكثر عرضة لنقص الغذاء ستواجه زيادة في فاتورة وارداتها بقيمة 9 مليار دولار في عام 2022 و2023، ما يؤدي لتآكل احتياطات بعض الدول .

يشار أيضاً أنه قد دعا التقرير الاممي الذي نشر في مارس 2023 الدول العربية إلى الاستفادة من التجارة البينية والاعتماد بشكل أكبر على قدرات بعضها البعض، حيث تساعد التجارة الإقليمية على الحد من نقص الغذاء خلال دورات الإنتاج الزراعي العادية وتوفر آلية مهمة لمعالجة نقص الإنتاج أو اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الآثار السلبية وغير المتوقعة للأحداث العالمية. 

ويتطلب تحقيق خطة التنمية الطموحة المنصوص عليها في عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية 2016-2025، اتخاذ إجراءات عاجلة للقضاء على الجوع وعلى سوء التغذية بجميع أشكالهما من خلال ضمان توفر كميات كافية من الأغذية الآمنة والمغذية وبأسعار معقولة للجميع. لذلك، يجب على المنطقة العربية النهوض بنظم أغذيتها الزراعية لضمان الأمن الغذائي والتغذية الكافية للجميع، ولكي تكون مستدامة اقتصادياً وشاملة وتعود بأثر إيجابي على المناخ والبيئة.

كورونا تسببت في الجوع

وكان قد قال المدير العام المساعد للفاو والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، عبد السلام ولد أحمد في عام 2020 أثناء تداعيات جائحة كورونا، أن 55 مليون جائع يعيشون في الدول العربية بالفعل، ولا يزال النزاع هو المحرك الرئيسي للجوع في جميع أنحاء المنطقة، إذ يعيش أكثر من 40 مليون من هؤلاء الجياع في بلدان النزاع، مقارنة بحوالي  15 مليون شخص جائع يعيشون في بلدان لا تعاني من النزاع.

وأضاف : يعيش في البلدان المتضررة من النزاع وعدم الاستقرار في المنطقة 30.8 مليون شخص يعانون من أزمة غذائية، وهم الأكثر عرضة للمعاناة من الاضطرابات الناجمة عن الوضع العالمي ، وقد تنزلق هذه البلدان نحو مستوى أكثر من انعدام الأمن الغذائي، ولا سيما إذا تم قطع أو تعطيل شريان المساعدات الغذائية.

وأوضحت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، أن معظم دول المنطقة هي دول مستوردة للغذاء، حيث تنفق حوالي 110 مليار دولار على واردات الغذاء، وهذا ما يجعلها عرضة للقيود التجارية وإغلاق الحدود، فضلا عن أن إغلاق المدارس أثناء جائحة كورونا في 2020 تسبب في انقطاع ما يقرب من 3.8 مليون طفل في 11 دولة (مليون طفل في سوريا وحدها) عن تلقي وجبات الطعام المدرسية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي.

وذكر البرنامج التابع للأمم المتحدة، أن الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية ثم وباء «كوفيد- 19» دفعا بعائلات في سوريا إلى ما يتجاوز طاقتها، حيث قدر البرنامج أن 9,3 مليون شخص باتوا يعانون اليوم من انعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ 7,9 مليون قبل ستة أشهر.

وقدر برنامج الأغذية العالمي بأن 6.7 مليون شخص إضافي في  المنطقة سيعانون في سبيل الحصول على الطعام بسبب التأثير الاجتماعي والاقتصادي لانتشار وباء «كوفيد- 19»، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع العدد الإجمالي التقديري لمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة إلى أكثر من  55 مليون شخص.

وكيل اقتصادية البرلمان: أزمة الغذاء العالمى تتطلب التوسع فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية تحذير من صندوق النقد بشأن خطر الطقس وحرب أوكرانيا على أسعار الغذاء

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجوع الحرب الروسية الأوكرانية جائحة كورونا سوريا سلاسل الامداد الحرب الروسیة الأوکرانیة من انعدام الأمن الغذائی التغیرات المناخیة المنطقة العربیة برنامج الأغذیة الدول العربیة جائحة کورونا فی المنطقة ملیون شخص فی العالم أکثر من شخص فی فی عام

إقرأ أيضاً:

والي سنار يؤكد أهمية إنجاح الموسم الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي

خاطب والي ولاية سنار اللواء معاش الزبير حسن السيد اجتماع اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي الذي عقد الاثنين بسنجة.وهدف اللقاء إلى مناقشة خطة الموسم الزراعي للعام ٢٠٢٥م ومناقشة احتياجات المدخلات الزراعية من الجازولين والتقاوى والأسمدة فضلًا عن مناقشة التمويل وتأمين الموسم الزراعي.وشدد الوالي على ضرورة إنجاح الموسم الزراعي بالسعي لتوفير مدخلات الإنتاج مبكرًا.وقال وزير الإنتاح والموارد الاقتصادية مقرر اللجنة مهندس الهادي الصادق إن الولاية فقدت معظم مدخلات الزراعة والبنيات الأساسية للزراعة، وأضاف أن موسم ٢٠٢٥م موسم تحدٍّ يحتاج إلى إصلاحات وتضافر جهود ودعم الدولة للقطاع الزراعي، مشيرًا إلى أن خطة الوزارة التأشيرية تعمل على تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز نشاطه بالنصر والعزيمة وفقًا لتقديرات المساحة والمحاصيل التي سيتم زراعتها .وقال وزير الإنتاح إن استقرار الوضع الأمني في الولاية يبشر بزيادة المساحات الزراعية والإنتاج، لافتًا إلى أن المزارعين في مناطق التماس يحتاجون إلى ضمانات تأمينية للدخول في الموسم الزراعي وأن ذلك يستلزم خارطة تأمينية محكمة، فيما دعا الوزير إلى فرض هيبة الدولة في القطاع الغابي.من جهته أشار مدير البنك الزراعي قطاع ولايتي سنار والنيل الأزرق عبد الله الطويل إلى حجم الدمار الذي لحق بالأجهزة الحاسوبية وشبكات الاتصال، مؤكدًا المضي قدماً في مجال الإصلاحات، وقال إن البنك شقيق المزارع في الجدولة والتمويل والتأجيل للسداد، وأعلن عن فتح فروع البنك بكل من الدندر وود النيل خلال هذا الأسبوع.وأكدت قيادات الأجهزة الأمنية في الشرطة والمخابرات العامة جاهزيتها لتأمين الموسم الزراعي، غير أن مدير جهاز المخابرات العامة اللواء أمن د. محمد أحمد تيراب تساءل عن مخرجات الخطة التأشيرية للزراعة، وأعرب عن أمله في أن توضح خطة الزراعة التأشيرية مؤشرات الإنتاج والاكتفاء الذاتي والصادر لتسهيل عملية متابعة الخطة وقياس مستوى التقدم في التنفيذ.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أرض الصومال: منفتحون على بحث استقبال سكان غزة بشرط الاعتراف الرسمي ببلادنا
  • رئيس الوزراء المصري: الوضع الأمني في المنطقة العربية لا يزال غير مستقر
  • التحالف الديمقراطي الاجتماعي يدين جرائم الاحتلال ويدعو الدول العربية إلى تحرك فاعل
  • إسرائيل تشن هجمات على حماس وتطالب سكان غزة بالإخلاء الفوري
  • والي سنار يؤكد أهمية إنجاح الموسم الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي
  • إنذار بالشطب النهائي.. اتحاد الطائرة يغرم لاعب الزمالك ربع مليون جنيه
  • زراعة الشيوخ توافق على تقريرها بشأن دراسة الأمن الغذائي
  • السيسي: خسائر عائدات قناة السويس بلغت 800 مليون دولار بسبب الوضع في المنطقة
  • قاذفة B-52 الأمريكية تنطلق نحو اليمن وسط تصعيد عسكري حاسم.. ماذا يجري؟
  • وزير الزراعة: زيادة التبادل التجاري مع الولايات المتحدة وتشجيع الاستثمارات لتحقيق الأمن الغذائي