لجريدة عمان:
2024-11-22@06:35:14 GMT

عندما استقالت نعمت!

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

كان يمكن لهذا المقال أن يكون افتخارًا بشخصية عربية فذة، حققت نجاحًا كبيرًا بجدّها واجتهادها وعصاميتها، كون نعمت شفيق مصرية الأصل والجنسية (إضافة إلى جنسيّتيها الأخريين: الأمريكية والبريطانية)، فقد كانت في عمر السادسة والثلاثين أصغر نائب لرئيس البنك الدولي على الإطلاق، وكانت أيضًا نائب محافظ بنك إنجلترا في فترة من أصعب فتراتها الاقتصادية ألا وهي فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تعرف اختصارًا بـ«البريكست»، إذ كانت تتولى الإشراف على ميزانية عمومية حجمها أكثر من ستمائة مليار دولار، وباللهجة الدارجة يمكن أن نقول إنها كانت «تلعب بالفلوس لعب»، وكانت ذات يوم رئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، قبل أن تصبح العام الماضي أول امرأة تترأس جامعة كولومبيا في نيويورك، التي هي واحدة من أهم وأعرق جامعات العالم.

هذا عدا حصولها على لقب سيدة العام في بريطانيا عام 2006، وتكريم الملكة إليزابيث الثانية لها ومنحها إياها وسام الإمبراطورية البريطانية عام 2015، واختيارها من قبل مجلة «فوربس» الأمريكية ضمن قائمة النساء الأكثر نفوذا في العالم عام 2017، واختيارها كذلك ضمن قائمة «100 امرأة رائدة في الصناعة المالية الأوروبية» عام 2018، وحصولها على شهادات دكتوراه فخرية من عدد من الجامعات. كل هذه إنجازات قلّ أن يحققها شخص واحد، وتدعو فعلًا للافتخار بنعمت شفيق، لولا الأفعى السامة التي سقطت في إناء الحليب فلوّثته. وحدث ذلك تحديدًا في 18 أبريل 2024.

في ذلك اليوم أصدرتْ نعمت شفيق بصفتها رئيسة جامعة كولومبيا قرارها المخزي باستدعاء الشرطة إلى حرم الجامعة العريقة في نيويورك التي تترأسها منذ يوليو 2023م، لفض اعتصام طلبة مؤيدين للقضية الفلسطينية ومندِّدين بالإبادة الجماعية في غزة التي ترتكبها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023م، ومُطالِبين الجامعة بسحب استثماراتها في شركات مؤيدة لإسرائيل، فاعتقلت الشرطة نتيجةً لذلك نحو مائة طالب. وعوضًا عن أن يؤدي هذا القرار الأحمق لإخماد احتجاجات جامعة كولومبيا، فقد أشعل - على النقيض من ذلك - فتيل الاحتجاجات الطلابية في جامعات أمريكية أخرى مثل بنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن ماديسون ونيومكسيكو، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وغيرها، لدرجة أن مدونين مؤيدين لفلسطين شكروا نعمت شفيق بسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي على قرارها ذاك، لأنه خدم - دون قصد - القضية الفلسطينية ونشرها، ليس فقط في أوساط الطلبة الأمريكيين، بل في العالم أجمع بعد أن تناقلت وسائل الإعلام احتجاجات هذه الجامعات الأمريكية.

المفارقة هنا أن خسارة نعمت كانت مضاعفة؛ فلا هي أمِنتْ - بقرارها ذاك - غضبَ مؤيدي القضية الفلسطينية، ولا ضمنتْ رضا اللوبي الصهيوني المؤيد لإسرائيل. فالطلبة وأساتذة الجامعات في أمريكا نددوا بها لانتهاكها حرية التعبير في الجامعة، ولأنها «شاركت في اعتداء غير مسبوق على حقوق الطالب»، وفي المقابل طالب أنصار اللوبي الصهيوني في مجلس النواب الأمريكي بإقالتها لأنها في نظرهم لم تبذل جهدًا كافيًا لمنع ما وصفوه بـ«معاداة السامية» في جامعتها، والتي تعني قمع الطلبة بشكل أكبر، وقد استجوبوها لعدة ساعات في المجلس، وتذللتْ لهم أيما تذلل، خشية أن يصير مصيرها كمصير رئيستي جامعتَيْ هارفارد وبنسلفانيا اللتين أجبرتا على الاستقالة للسبب المزعوم نفسه؛ التساهل مع معادة السامية! ولذا فقد تفاخرت نعمت خلال ردها على أسئلة لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونجرس الأمريكي أنها أوقفت خمسة عشر طالبا في جامعة كولومبيا عن العمل، كما أخبرت اللجنة أن أحد الأساتذة الزائرين، الذين جهروا برفضهم لممارسات الكيان الإسرائيلي، واستمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة، طُرِدَ شرّ طردة، ولن يعمل أبدا في جامعة كولومبيا مرة أخرى. وحين سئلت عما إذا كانت ستعزل أستاذا آخر من منصبه القيادي، لتضامنه مع فلسطين، سارعت إلى الرد بالإيجاب، وتحدثت بإسهاب عن التفاصيل التأديبية، التي عادة ما تكون سرية بالجامعات، كل ذلك لتقنع لجنة مجلس النواب أنها لم تتقاعس في محاربة «معاداة السامية». فهل اقتنع المجلس؟ لا طبعًا، بل طالبها بعض أعضائه بالاستقالة.

يوم الأربعاء الماضي (14 أغسطس) استسلمت نعمت أخيرًا وقدمتْ مرغمةً استقالتها من جامعة كولومبيا، مسدِلة الستار على أربعة أشهر من الشدّ والجذب ملأتْ فيها الدنيا، وشغلت الناس. نالت نعمت شفيق نهاية يستحقها كل من يتجاهل أن العالم لن يدمره الأشرار فقط، وإنما أيضًا أولئك الممالئون لهم، الساكتون عن جرائمهم، وأنه قد لا يقف الحق دائمًا إلى جانب القوي، ولكن القوة «كل القوة» تقف دائما إلى جانب الحق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جامعة کولومبیا نعمت شفیق

إقرأ أيضاً:

رئيسة المجلس القومي للمرأة تستقبل قرينة رئيس جمهورية كولومبيا

استقبلت المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، اليوم، فيرونيكا الكوسر جارسيا، قرينة رئيس جمهورية كولومبيا، بمقر المجلس، وبحضور ماري لويس عضوة المجلس.
وقد هدف اللقاء إلى تبادل الخبرات وبحث سبل التعاون بين الجانبين في مجال المرأة وتمكينها في كافة المجالات.

في البداية، رحبت المستشارة أمل عمار بفيرونيكا الكوسر جارسيا والوفد المرافق لها، معربة عن سعادتها باستقبالها بمقر المجلس كأول زيارة رسمية تشهدها منذ توليها منصب رئاسة المجلس.
وتحدثت المستشارة أمل عمار عن الإنجازات والمكتسبات التي تحققت في ملف تمكين المرأة المصرية، وأكدت أن هذا التقدم المحرز في هذا الملف الهام يرجع إلى الإرادة السياسية المصرية للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، المؤمن بأن تمكين المرأة حق أساسي من حقوق الإنسان. واستعرضت جهود مصر في ملف تمكين المرأة المصرية في مختلف المجالات.

وأوضحت المستشارة أمل عمار أن المجلس هو الآلية الوطنية المعنية بتمكين المرأة المصرية، واستعرضت تشكيل المجلس واختصاصاته، وأهم البرامج والمشروعات التي يقدمها لتمكين وحماية المرأة في كافة المجالات، من بينها المشاغل والوحدات الإنتاجية، والإطار الوطني للاستثمار في الفتيات الذي يحظى برعاية كريمة من السيدة انتصار السيسي، وبرنامج الشمول المالي وتحويشة، وبرامج التثقيف المالي وريادة الأعمال وجلسات الدوار، والإرشاد الأسري والتنشئة المتوازنة في إطار المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية والمبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان". كما أشارت إلى الحملات التوعوية التي يطلقها المجلس، وعلى رأسها حملات "طرق الأبواب"، واستخدام الفن في تغيير المفاهيم المغلوطة عبر إنتاج المسلسلات التي تناقش قضايا المرأة.

كما أشارت المستشارة أمل عمار إلى الدور الهام الذي يقوم به مكتب شكاوى المرأة في تقديم الدعم القانوني والنفسي للسيدات وحمايتهن من العنف والتحرش.

كما تفقدت فيرونيكا الكوسر جارسيا معرض منتجات السيدات المصريات من مختلف المحافظات، والذي تضمن منتجات من الحقائب المصنوعة من الخرز، المرايات، المقالم والحقائب المصنوعة من القماش المعاد تدويره، الميداليات، وبعض مشغولات التلي، والتي تأتي ضمن المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية ومشروع معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية.
وأشادت فيرونيكا الكوسر جارسيا بجودة المنتجات المصرية المصنوعة بأيدٍ مصرية.

3382c9b7-d8b6-4605-bfc7-2912f2d4ab5d f35a62a3-5cba-4e9e-84f8-a4acea03003b d94b425d-8894-4cb1-95ab-cd595c7c7a77

مقالات مشابهة

  • رئيسة القومي للمرأة تستقبل قرينة رئيس جمهورية كولومبيا
  • أمين القومي للمرأة تستقبل قرينة رئيس كولومبيا
  • رئيسة المجلس القومي للمرأة تستقبل قرينة رئيس جمهورية كولومبيا
  • كولومبيا ترحب بقرار "الجنائية الدولية" اعتقال نتنياهو وجالانت وتعتبره منطقيا
  • وزيرة التضامن تشرح برامج عمل الوزارة لقرينة رئيس جمهورية كولومبيا
  • خلال زيارتها لمصر.. وزير الصحة يستقبل السيدة الأولى بجمهورية كولومبيا
  • السيدة الأولى بجمهورية كولومبيا تثمن دعم مصر لمصابي غزة
  • كولومبيا تسقط أمام 10 لاعبين من الإكوادور
  • محمد الشيخي: التشكيلة التي بدأ بها هيرفي رينارد اليوم كانت خاطئة
  • طلب البعثة الاممية التي قدمه حمدوك كانت تصاغ وتُكتب من داخل منزل السفير الانجليزي في الخرطوم!!!