استطلاع: هاريس تعود للمنافسة في حزام الشمس
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن استطلاعات الرأي التي أجرتها تظهر أن نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، تعيد أربع ولايات من "حزام الشمس" إلى المنافسة، وذلك بعد أن كان متوقعا أن تحسم نتيجتها لصالح، الرئيس السابق، دونالد ترامب.
وأوضحت الصحيفة أن هاريس وترامب في سباقات متقاربة في الولايات سريعة النمو والمتنوعة: أريزونا وجورجيا ونيفادا ونورث كارولاينا، المعروفة باسم "حزام الشمس"، وهي ولايات حاسمة بدا أن ترامب في طريقه إلى التفوق فيها قبل بضعة أسابيع فقط.
وتُظهر استطلاعات الرأي الجديدة من صحيفة "نيويورك تايمز" وكلية "سيينا" مدى سرعة هاريس في إعادة تشكيل السباق الانتخابي ودفع "حزام الشمس" إلى مركز خريطة الولايات المتأرجحة.
ووفقا للصحيفة، تتقدم هاريس الآن على ترامب بين الناخبين المحتملين في أريزونا بنسبة 50% مقابل 45%، بل وكذلك تفوقت عليه في نورث كارولاينا، وهي الولاية التي فاز بها ترامب قبل أربع سنوات، بينما قلصت تقدمه بشكل كبير في جورجيا ونيفادا.
وتقدم استطلاعات الرأي الجديدة، بحسب الصحيفة، المزيد من الأدلة على أن هاريس نجحت في تعزيز أجزاء من القاعدة الديمقراطية التي كانت تتردد بشأن دعم بايدن لشهور، خاصة الناخبين الأصغر سناً وغير البيض والإناث.
وتعادل ترامب وهاريس بنسبة 48% في المتوسط في الولايات الأربع في منطقة "صن بيلت" أو "حزام الشمس" في استطلاعات الرأي التي أجريت في الفترة من 8 إلى 15 أغسطس، بحسب الصحيفة.
ويمثل هذا، بحسب "نيويورك تايمز"، تحسنا كبيرا للديمقراطيين مقارنة بمايو، عندما تقدم ترامب على بايدن بنسبة 50% مقابل 41% في أريزونا وجورجيا ونيفادا في المجموعة السابقة من استطلاعات الرأي التي أجرتها نيويورك تايمز/سيينا على ولايات "صن بيلت"، والتي لم تشمل نورث كارولاينا.
وترى الصحيفة أن التعادل في هذه الولايات الأربع ليس خبراً ساراً لترامب، ويمثل تحولاً هائلاً عن وقت سابق من الدورة الانتخابية.
وفي الأسبوع الماضي، أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز/سيينا أن هاريس تقدمت على ترامب بهامش ضيق في الولايات الثلاث المتأرجحة الشمالية ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن. وتعتبر هذه الولايات عمومًا المحور الرئيسي لأي مسار ديمقراطي إلى البيت الأبيض.
ويمثل "حزام الشمس" مجموعة أساسية من الولايات لترامب بينما يوفر طريقًا ثانيًا محتملًا لهاريس للحصول على 270 صوتًا في المجمع الانتخابي اللازمة للفوز.
وفي الاستطلاعات الجديدة، ذكرت الصحيفة أن ترامب تقدم في جورجيا بنسبة 50٪ مقابل 46٪، وفي نيفادا، حصل على 48٪ مقارنة بـ 47٪ لهاريس. وفي عام 2020، حصلت هاريس على 49% من أصوات الناخبين المحتملين مقابل 47% لترامب في ولاية نورث كارولاينا، وهي الولاية الوحيدة من بين الولايات السبع الرئيسية التي فاز بها في عام 2020.
كما تظهر استطلاعات الرأي بعض المخاطر التي تواجهها هاريس، بحسب ما ذكرت الصحيفة، موضحة أنها خلال حشدها الديمقراطيين لقضيتها، سينظر المزيد من الناخبين المسجلين إليها على أنها ليبرالية للغاية (43%) مقارنة بأولئك الذين يقولون إن ترامب محافظ للغاية (33%). وفي الوقت الحالي، تتقدم عليه هاريس بين الناخبين المستقلين المنتقدين.
وتأتي النتائج الجديدة بعد فترة مضطربة استمرت لشهرين كما كانت من قبل في السياسة الأميركية الحديثة، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن الديمقراطيين استبدلوا هاريس ببايدن بعد أدائه السيئ في المناظرة، وفي الأثناء، نجا ترامب من محاولة اغتيال وعاد بشكل دراماتيكي في مؤتمر حزبه.
ووفقا للصحيفة، ينظر كلا الحزبين إلى الفترة الحالية كنقطة تحول محتملة ويصبان عشرات الملايين من الدولارات في الإعلانات في الولايات المتأرجحة لتشكيل تصورات الناخبين بينما يستعد الديمقراطيون للتجمع الأسبوع المقبل لمؤتمر حزبهم في شيكاغو.
وتُظهِر استطلاعات الرأي أن الناخبين الديمقراطيين متحمسون الآن لسباق 2024 بعد أن أصبحت هاريس المرشحة، حيث قال 85% من ناخبيهم إنهم متحمسون إلى حد ما على الأقل للتصويت هذا الخريف، وهو ما يطابق تقريبًا مستوى حماس الناخبين لترامب. والأغلبية العظمى من الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين المسجلين راضون الآن عن اختيارهم للمرشحين. وهذا تغيير ملحوظ عن مايو، عندما كان الجمهوريون أكثر رضا من الديمقراطيين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: استطلاعات الرأی التی نیویورک تایمز فی الولایات
إقرأ أيضاً:
عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع
ترددت عبارة خلال إدارة دونالد ترامب الأولى هي بمقام نصيحة مفادها أن كلام ترامب ينبغي أن يؤخذ «على محمل الجد، لكن ليس بحرفيته». وكان هذا التعبير ذو الضرر الفريد قد تردد على ألسنة نطاق عريض من الساسة ووسائل الإعلام. وكان تبنّيه يتواءم مع الموقف الذي ارتاح إليه الكثيرون، وهو أن ترامب شخص سيئ لكنه ليس بالشخص الذكي، فهو لا يعني ما يقول. ولا يتكلم انطلاقًا من حسابات وتعمُّد. وهو قد يجهر ويصرح، لكنه نادرا ما يتبع أقواله بأفعال. وهو في جوهره سلاح أخرق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمةً، ولكن ذلك في الغالب يكون عن طريق الصدفة.
ولا تزال بقية من هذا النهج قائمة بيننا، حتى في التحليل الذي يصف أوامر ترامب التنفيذية الأولى بأنها حملة «صدمة ورعب»، فكأنها محض إرسال إشارات وليست تنفيذا لسياسات. أو في القول بأن خطته لغزة يجب أن تؤخذ -إذا أحسنتم التخمين- مأخذ الجد لكن ليس بشكل حرفي. وحينما قيل ذلك للسيناتور الديمقراطي آندي كيم فقد صبره وقال لمجلة بوليتيكو «إنني أفهم أن هناك من ينكبون على محاولة التخفيف من بعض تداعيات هذه التصريحات» لكن ترامب هو «القائد الأعلى لأقوى جيش في العالم.. فإذا لم أستطع أن أفهم أن كلمات رئيس الولايات المتحدة تعني شيئًا فعليًا، بدلًا من أن ينبغي عليّ أن أكون عرافًا لكي أفسرها، فأنا بالفعل لا أعرف كيف يمكن أن يكون الحال حينما يتعلق الأمر بأمننا الوطني».
يكمن جزء من المشكلة في أن الناس يعزفون عن افتراض أي قدر من التماسك في ترامب. في حين أن عقيدة ترامبية قد بدأت في الظهور، وهي تظهر في السياسة الخارجية بشكل أكثر حدة. ولها سمات واضحة وملامح وما يشبه نظرية موحدة للصراع. وهي ابتداءً قائمة على الصفقات، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرب تلعب الولايات المتحدة دورًا فيها. وليس فيها ما له علاقة بالتاريخ أو بأي إحساس موضوعي بالصواب والخطأ. فالتاريخ يبدأ بترامب، ودور ترامب هو إنهاء الأمور، والمثالي هو أن ينهي الأمور ضامنا للولايات المتحدة بعض المكافآت.
والجانب الإيجابي في هذا هو السمة الثانية لعقيدة ترامب: أي التمويل، أو اختزال السياسة في التكاليف، وفي حجم العائد وكيفية تعظيمه. يرى ترامب أن الصراعات والمساعدات المالية لم تثمر للولايات المتحدة أي شيء ملموس. فمن حرب غزة، يمكن الخروج بصفقة عقارات. وفي أوكرانيا، ثمة اقتراح بأربعة أمثال قيمة المساعدات الأمريكية حتى الآن في شكل معادن، وذلك أشبه بشركة متعثرة يحاول مدير استثمارات جديد أن يستعيد لها الأموال التي بددها أسلافه.
والسمة الثالثة هي التخلص من أي مفاهيم تتعلق بـ«القوة الناعمة»، فهذه تعد مكلفة، وفوائدها مشكوك فيها، ومجردة غير قابلة للقياس. بل إن القوة الناعمة قد تكون خرافة محضة، وخيالا طربت له الأنظمة الساذجة السابقة، واستشعرت من جرائه بعض السيطرة، في حين كانت أنظمة أخرى تتغذى على موارد الولايات المتحدة. ففي غزة أو أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة تؤدي حركات العمل دونما تحقيق فتح حاسم. فحيثما يرى الآخرون قوة ناعمة، يرى ترامب مستنقعات.
قد تتغير ملامح هذا النهج، وقد تكون قصيرة النظر وضارة بأمن الولايات المتحدة. وقد لا يكون مصدر هذه الملامح بالكامل هو ترامب نفسه، وإنما تقاطع للخيوط السياسية المختلفة في تركيبة المصالح الداعمة والناصحة له. ونظرًا لمرور هذه العقيدة من خلال ترامب، فإنها تتخذ السمات المميزة لشخصيته، من التفكك، والنرجسية، والجهل. ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين أي من هذا وبين الافتقار إلى الاتساق الأساسي والعزم على المتابعة.
يفضي هذا بزعماء آخرين، وخاصة في أوروبا، إلى أن يجدوا أنفسهم حيث تنطمس ترتيباتهم وتفاهماتهم التاريخية فيما يتعلق بالاتفاق مع الولايات المتحدة. فقد أصبحت الدول الأوروبية الآن محض دول صغيرة بوسعها إما أن تتخلى عن مفاهيمها المهدرة حول أهمية رفض فلاديمير بوتن، والانضمام من ثم إلى ترامب في إنهاء الحرب بشروطه، أو أن تتولى الأمر بأنفسها عندما تسحب الولايات المتحدة دعمها.
أما الغضب ولغة «الاسترضاء» و«الاستسلام» فتبدو قراءة خاطئة لما يحدث، وصدى من زمان كان متفقًا فيه بشكل مطلق على أنه لا بد من مواجهة الأعداء العدوانيين لأن أي شيء آخر عدا ذلك لا يكون إلا هزيمة أخلاقية وعلامة ضعف. لكن ترامب يعمل وفق نظام قيم مختلف، لا تنطبق فيه هذه المفاهيم، أو أن لها فيه معاني أخرى.
وفي حين يغلي الأوروبيون، يجري العمل على خطة ترامب الخاصة بأوكرانيا، وليس ذلك في واشنطن بعيدا عن أوروبا، ولكن في الشرق الأوسط، حيث مراكز جديدة للقوة الوسيطة طالما نزعت إلى حس الصفقات.
وهذه المراكز الجديدة تمر هي الأخرى بإعادة تعريف لعلاقاتها بالولايات المتحدة، وليست لديها أي أوهام بشأن العالم الناشئ. فقد التقى سيرجي لافروف بماركو روبيو في الرياض، وسافر فولوديمير زيلينسكي إلى المنطقة استعدادا لمحادثات السلام التي توسطت فيها دول خليجية في أبو ظبي. ويبدو أن الذين كانت علاقاتهم بالولايات المتحدة متوترة، وتتعلق بالمصلحة الذاتية المتبادلة لا بالقيم المشتركة، وكان عليهم دائما أن يدبروا أمورهم مع الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، قد باتوا الآن في وضع أفضل، فهم غير مضطرين للتجمد في رعب أخلاقي.
أما الآخرون، من الأصدقاء والأقارب المقربين ومن يشتركون مع الولايات المتحدة في القيم والالتزامات الأمنية، فإن تغيير النظام يمثل لهم دواء مريرًا يصعب ابتلاعه. ومن المرجح ألا يوجد إقناع أو تفاوض أو أمل في «جسر عابر للأطلسي»، بحسب الوصف الذي وُصف به كير ستارمر باعتبار أنه شخصية يمكن أن تكون وسيطا بين الولايات المتحدة وأوروبا لمنع القطيعة. فهل يحتمل أن يستطيع ستارمر مخاطبة نرجسية ترامب؟ أو «يسلك نهجا دبلوماسيا»، أو يقنع ترامب بأن الاستسلام لبوتن يجعله يبدو ضعيفًا؟ كل هذا يفترض في ترامب قدرًا من الاندفاع يمكن كبح جماحه (على يد رئيس وزراء غير معروف بشخصيته الساحرة)، وأن يتبنى ترامب أيضًا مفاهيم مماثلة عن «حكم التاريخ» أو«الضعف». والحق أنه ما من أرضية مشتركة، حتى لو صغرت حجما.
ثمة خياران الآن أمام السابقين من أصدقاء الولايات المتحدة المقربين وشركائها الأمنيين: التخلي عن كل شيء، والتخلي عن مفاهيم التضامن الأوروبي، وتسريع نهاية نظام ما بعد الحرب، والتصالح مع ضعف الدفاع والتبعية السياسية، أو الشروع في رسم ضخم لخريطة القوة. ويقتضي هذا اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة تنسيقًا وثيقًا على المستوى السياسي والبيروقراطي والعسكري إما للحلول محل الولايات المتحدة، أو على الأقل لإثبات أن هناك كتلة لديها بعض القوة والقدرة والمرونة - وتحدي ترامب باللغة الوحيدة التي يفهمها.
من المغري أن نتصور أن ترامب لا يقصد ما يقول، أو أنه لا بد من تدبر الأمر معه وإقناعه بأن كل ما يكمن وراء أفعاله هو التهور. أو أن هناك طريقة للتوفيق بين ما أصبح الآن في جوهره مفهومين متعارضين للنظام العالمي. فمن الذي يريد أن يستيقظ كل يوم ليفكر في أن العالم كما يعرفه قد انتهى؟ لكن هذا هو الحال. وكلما أسرع القادة السياسيون في تقبل حقيقة أن الطرق المفضية إلى النهج القديم باتت مغلقة، ازدادت احتمالات ألا يتم تشكيل العالم الجديد بالكامل وفقًا لشروط ترامب.