حلم التتويج الأولمبي
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
"الجنون هو أن تفعل ذات الشيء مرةً بعد أخرى وتتوقع نتيجةً مُختلفةً". ألبرت آينشتاين.
هذه المقولة التي أثبتت صحتها دائمًا عندما يتعلق الأمر بتكرار العمل بنفس الأسلوب والطريقة والأدوات والأدهى أن يتوقع المرء نتيجة مختلفة عن السابق؛ وهذا هو الجنون بعينه الذي تحدث عنه آينشتاين، فلا يُمكن أن ينتج من ذلك سوى نفس النتائج السابقة وفق السياق العلمي المعروف بالمدخلات والمعالجات والمخرجات.
نحن نكرر أنفسنا في ظل سعينا للوصول إلى التتويج الأولمبي، ونقوم بعد نهاية كل أولمبياد منذ لوس أنجلوس 1984، عندما شاركنا لأول مرة بنقد أنفسنا بنفس الطريقة، ثم نعود لنكرر نفس الأساليب التي نتوقع أن الحل سوف يكون عن طريقها، ونقوم بتشكيل اللجان، والبحث عن المنح الأولمبية، ونشارك بنفس البطولات، ونعد منتخباتنا بنفس الطريقة السابقة، ونتعاقد مع خبراء بنفس المستوى الذي لم نُحقق معه النجاح، وكذلك المُدربين، وهلم جرا من أساليب مُكررة تضمن تحقيق الفشل في الأولمبياد التالي.
ورغم أنَّه أتيحت لنا فرصة لمعرفة بعضٍ من الطريقة الصحيحة لصناعة بطل أولمبي، وفي فترة قريبة من بداية مشاركاتنا الأولمبية، عندما بلغ البطل العالمي محمد بن عامر المالكي نهائي مسابقة 400 متر في أولمبياد سيؤول بكوريا الجنوبية العام 1988، ليفتح لنا الباب على مصراعيه لتحقيق الحلم، وبدلًا من استنساخ العمل الذي قمنا به لتحقيق المالكي هذا الإنجاز والاقتراب أكثر من النجاح الأولمبي، وتحقيق الحلم في وقت مبكر، إلّا أننا أهدرنا الفرصة، ونسينا الطريقة، وتراجعنا إلى مستوى لم يعد لدينا أي أمل للحلم.
في "أولمبياد باريس" الكثير من النماذج التي يُمكن البناء عليها لصناعة بطل أولمبي، فما بين الصرف الباهظ وبين الصدفة وبين الإصرار توج أبطال ورصعوا صدورهم بالمجد الأولمبي، وقد يكون البطلان الباكستاني أرشد نديم والرامي التركي يوسف ديكيتش أكثر ما لفت نظر العالم حول أهمية الموهبة قبل الصرف الباهظ في صناعة بطل أولمبي، وكيف أن التخطيط الحقيقي يبدأ من نقطة هامة وهي معرفة نقاط قوتك والمربع الذي تستطيع اللعب فيه قبل أي أمر آخر، حيث أذهل أرشد العالم وهو يحقق ميدالية ذهبية في رمي الرمح رغم تواضع الظروف التدريبية في بلده، بينما حقق يوسف إنجازه بدون أدوات احترافية خاصة بالرماية ما عدا مسدس في يد واليد الأخرى في جيبه.
لا يوجد لدينا جُهد حقيقي للوصول إلى التتويج الأولمبي، وما يحدث هي اجتهادات لا أكثر، والجميع يتذرع بضعف الدعم المادي، وضرورة الصرف بسخاء لا محدود، وأن الميدالية يجب أن تكلف ملايين الريالات، وهذا الحديث أجده في سياق "معذرة إلى ربك"، أما عندما نرى دولًا لا تتوافر لديها البنية التحتية الرياضية التي لدينا، ويُتوج أبطالها في الأولمبياد؛ بل إن بعض الأبطال من دول لم يسمع عنها كثير منَّا ولا يعرف موقعها على الخارطة، فهنا نقول ليس الدعم هو معضلتنا، وإنما المشروع الحقيقي الذي يصل بنا إلى منصات التتويج، وعندما نمتلكه وقتها نتحدث عن الصرف والدعم.
أصبح رفع العلم في حفل افتتاح كل أولمبياد هو منتهى أحلامنا ومبلغ آمالنا، وإنني أقولها آسفًا إننا لم نستثمر الإمكانيات والممكنات التي لدينا لتحقيق أكثر من رفع العلم والعودة، وسط تسابق لحضور الأولمبياد وتشكيل الوفد الإداري والفني الذي يفوق عدد اللاعبين في كل مشاركة، وفي ذاكرتي الكثير من الحكايات التي يندى لها الجبين في هذا الجانب.
لن نبلغ أهدافنا إذا ما أستمر العمل بنفس الوتيرة ونفس المنهجية ونفس الطريقة ونفس الأداء، وما سوف يحدث في أولمبياد لوس أنجلوس 2028، لن يكون سوى حلقة في سلسلة الضياع الأولمبي والبحث غير المجدي عن تتويج مفقود لم نعرف له طريقًا ولن نعرف ما دمنا لم نصحح من تفكيرنا.
ولعلي أختم هنا مثلما بدأت بمقولة لآلبرت آينشتاين قد تكون مفتاح الحل لواقع مختلف لرياضتنا ومشاركاتنا القادمة؛ حيث يقول "لا يُمكننا حل مشكلة باستخدام نفس العقلية التي أنشأتها".
والله والوطن من وراء القصد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير العمل: لدينا منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية والدعم للفئات الأكثر احتياجا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير العمل محمد جبران أن الجهود الوطنية التي تقوم بها الدولة المصرية، تعكس تجربة مصر الرائدة في تقديم الحماية الاجتماعية للمواطنين ، وذلك من خلال المبادرات الرئاسية التي تعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين ،وكذلك دعم خطط التنمية البشرية ، بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي،رئيس الجمهورية.
وقال الوزير: إن الدولة المصرية تمكنت من وضع أسس منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، واستطاعت من خلالها تقديم العديد من أشكال الدعم والتمكين للفئات الأكثر احتياجاً، سعياً منها لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وتوفير شبكة أمان اجتماعي فضلا رفع الحد الأدنى للأجور ، وتوفير مجموعة الاجراءات الداعمة ،وحزمة الحماية الاجتماعية الجديدة ، لا سيما في ظل التحديات والأزمات العالمية المتتالية وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية.
جاء ذلك خلال كلمة الوزير جبران ،مساء أمس الخميس ،ألقتها نيابة عنه، رشا عبدالباسط رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الدولية، في الإحتفالية التي نظمتها وزارة العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية،بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وبحضور ايريك اوشلان مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، وعبدالمنعم الجمل رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ،وممثلين عن منظمات أصحاب الأعمال والعمال، واثناء الاحتفالية تقدم عدد من السادة الأكاديميين والخبراء بمداخلات وعروض حول اقتصاد المنصات والتحديات والفرص.
وفي كلمته أوضح الوزير جبران أن الحكومة المصرية، بالشراكة مع كافة الشركاء ، عازمة على مواصلة العمل الجاد لتعزيز العدالة الاجتماعية، وضمان استفادة جميع فئات المجتمع من ثمار التنمية، وتهيئة بيئة عمل قائمة على المساواة والكرامة والفرص المتكافئة .
وجاء في كلمة الوزير: إن انضمام اطراف العمل الثلاثة في مصر إلى التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية ،يعكس التزام الدولة المصرية الراسخ بتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة وعادلة، تقوم على مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص وحماية الحقوق. وذلك في إطار توجهات "الجمهورية الجديدة"، التي وضعت العدالة الاجتماعية في صميم سياساتها الإصلاحية.
وأعلن الوزير عن تثمينه للمبادئ الأساسية، والأولويات التي يتضمنها التحالف، كونها بالفعل مُبادرة رائدة تضم كافة الأطراف المعنية، والمهتمة بتحقيق العدالة الاجتماعية في العالم..وأضاف الوزير :"أهنئ فريق العمل، على اختيار اقتصاد المنصات " التحديات والفرص لتعزيز العدالة الاجتماعية" موضوعا للنقاش ، وذلك نظرا إلى تنامي اقتصاد المنصات الرقمية، والعمل غير التقليدي .
وتابع "إنني على ثقة ان كافة العروض والمناقشات التي تناولها لقاء اليوم سوف تساهم بشكلٍ كبير في اثراء الجهود والسياسات التي تنتهجها الحكومة المصرية لمد مظلة الحماية الاجتماعية والرعاية القانونية ليس فقط للعاملين في اقتصاد المنصات ولكن أيضا للعاملين في أنماط العمل الجديدة ، بما يضمن توفير حقوق عادلة للجميع ، خاصة ومع قرب صدور قانون العمل الجديد و الذي يمثل نقلة نوعية في سوق العمل المصري، حيث يواكب التطورات العالمية، ويتيح فرص عمل أوسع، ويعزز الإنتاجية، في ظل اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا والتحول الرقمي، من خلال تخصيص فصلًا كاملًا من القانون لتنظيم أنماط العمل الحديثة، والتي تشمل العمل عن بُعد، والعمل عبر المنصات الرقمية، والعمل لبعض الوقت، والعمل المرن، وغيرها من أنماط العمل الجديدة."
وفي كلمته أكد إيريك أوشلان مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة على أن اقتصاد المنصات يعد أحد أكثر التحولات عمقًا في عالم العمل، حيث يُعيد تشكيل أسواق العمل، ويوفر فرص عمل جديدة، ويخفض الحواجز أمام دخول سوق العمل، لكنه يطرح أيضًا تحديات كبيرة أمام تحقيق أماكن عمل عادلة وشاملة.
وقال إن ضمان مساهمة المنصات الرقمية في توفير العمل اللائق للجميع هو جزء أساسي من التزامنا المشترك بالعدالة الاجتماعية..و تقدم بالتهنئة للحكومة المصرية، ممثلةً بوزارة العمل ووزير العمل محمد جبران، على انضمامها إلى التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية، وإعادة تأكيد التزامها بدفع سياسات العمل العادلة والمستدامة.
وأعرب ايريك أوشلان عن تقديره لجميع الشركاء الذين انضموا للتحالف وهم: اتحاد الصناعات المصرية، واتحاد نقابات عمال مصر، والاتحاد المصري للنقابات العمالية، والاتحاد العام لصغار المزارعين، والجامعة الأمريكية بالقاهرة ومنتدى البحوث الاقتصادية، مما يدفع بهذا الملف إلى الأمام.
شارك في الاجتماع من وزارة العمل :السيد الشرقاوي مدير عام تفتيش العمل والقائم بأعمال مدير مديرية العمل بالقاهرة، وهلال مأمون مدير عام الهيئات والمؤتمرات، وأمنية عبد الحميد مساعد فني بمكتب الوزير، ودينا محمود، ووحيد حسيني من قطاع العلاقات الدولية..