احتفاء واسع بفيديو نادر لسعد زغلول خلال عودته من المنفى.. شاهد
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فيديو نادر لاستقبال جموع الشعب للزعيم سعد زغلول ورفاقه لدى عودته من المنفى في عام 1921، بعدما نشرته صفحة “100 سنة سينما" في فيسبوك.
واحتشدت الجماهير الغفيرة لاستقبال سعد ورفاقه، وسط ترديد شعار “سعد سعد يحيا سعد" الشهير، إذ وقفت القاهرة على قدم وساق فاتحة ذراعيها للأبطال الذين قيدت حريتهم وأبعدوا عن الوطن بسبب دفاعهم عنه.
شاهد الفيديو..
وبحسب الكاتبة الصحفية هدير شعراوي، فإنه في يوم ٢٩ مارس لعام 1921عاد الزعيم سعد زغلول إلى مصر، من منفاه هو ورفاقه إلى جزيرة مالطا التي نفاه إليها البريطانيون في 1919، بعد رحلة من الشقاء لنيل الاستقرار و الحرية لبلاد، فانفجرت ثورة 1919 التي كانت من دعمت زعامة سعد زغلول للأمة المصرية.
و جاء نفي الزعيم بعد أن خطرت له فكرة تأليف الوفد المصري للدفاع عن القضية المصرية عام 1918 ضد الاحتلال الإنجليزي حيث دعا أصحابه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وآخرين إلى مسجد "وصيف" في لقاءات سرية للتحدث فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918م ، لذا تخوف الاحتلال من إمكانية التحام الأمة المصرية وقام بنفيه هو ورفاقه.
عودة سعد ورفاقه من المنفى
وقد اضطر الحاكم الإنجليزي إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر.
الثورة تزداد اشتعالاً لم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلى الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة أخرى إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت مره أخرى•
سعد يشكل الوفد المصرى
بعدها تم تشكيل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية وجاء في الصيغة: "نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلا في استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى".
الوفد يكتسح الانتخابات البرلمانية
و من هنا عاد سعد باشا زغلول من المنفى في عام 1921، وقام بتأسيس حزب الوفد المصري، ودخل الانتخابات البرلمانية عام 1923، ونجح فيها حزب الوفد باكتساح، ثم تولى رئاسة الوزراء من عام 1923 حتى عام 1924، حيث تمت حادثة اغتيال السير لي ستاك قائد الجيش المصري وحاكم السودان، والتي اتخذتها سلطات الاحتلال البريطاني ذريعة للضغط على الحكومة المصرية، ومارست بريطانيا تهديدات شديدة ضد مصر، فاضطر سعد باشا لتقديم استقالة حكومته في 24 نوفمبر 1924، واعتزل الحياة السياسية بعدها حتى وفاته في 23 أغسطس عام 1927.
استقالة سعد
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إلى إبعاد مصر عن السودان لتنفرد بها بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر، وافق سعد زغلول علي النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته، و بالفعل تم قبول استقالته في 24 نوفمبر سنة 1924 وخاض صراعا مع الملك فؤاد و أحزاب الأقلية المتعاونة مع الملك دفاعا عن الدستور، وتوج كفاحه بفوز حزب الوفد بالأغلبية البرلمانية مرة ثانية عام ١٩٢٧ وانتخب سعد رئسيًا لمجلس النواب ليعود للحياة السياسية مرة أخرى حتى وفاته عام 1927.
وفاة زعيم ثورة 1919
توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927، ودفن في ضريح سعد المعروف ببيت الأمة الذي شيد عام 1931 ليدفن فيه زعيم أمة وقائد ثورة ضد الاحتلال الإنجليزي (ثورة 1919). فضلت حكومة عبد الخالق ثروت وأعضاء حزب الوفد الطراز الفرعوني حتى تتاح الفرصة لكافة المصريين والأجانب حتى لا يصطبغ الضريح بصبغة دينية يعوق محبي الزعيم المسيحيين والأجانب من زيارته ولأن المسلمين لم يتذوقوا الفن الفرعوني وكانوا يفضلون لو دفن في مقبرة داخل مسجد يطلق عليه اسمه فأهملوه حتى اتخذ عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة قرارا بترميمه على نفقة المحافظة كما وضعه على الخريطة السياحية للعاصمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مواقع التواصل الوفد مصر مواقع التواصل الإجتماعى الزعيم سعد زغلول الجماهير ثورة 1919 ثورة 19 الوفد المصری سعد زغلول من المنفى حزب الوفد
إقرأ أيضاً:
مصر: السُّلطوية ونفي المواطنة عن الجسد السياسي (4-4)
هذا هو المقال الرابع، والأخير، من سلسلة مقالات حاولت، من خلالها، نقاش أو الإجابة على سؤال، كيف استخدمت الدولة المصرية، تاريخيا وإلى الآن، في عهد السيسي، التقنيات الحداثية في إيجاد ونفي أجساد وأسماء المصريين من أجل بقائها وهيمنتها.
حول اغتراب واستلاب المواطن
في النُظم السُلطوية، تتشكّل علاقة السُلطة بمواطنيها على التضاد من المفترض أو المعقود عليه دستوريا. إذ تتبدّل أدوار كل منهما، حيث تُسّخر السُلطوية السياسية أجساد مواطنيها لخدمتها، في البقاء والهيمنة والتوسّع وغير ذلك من طموحات سُلطوية. ومن هُنا يتأسس ما سمَّاه أستاذ علم الاجتماع السوري حليم بركات بـ"الاغتراب السياسي للمواطنين"، حيث يُصبح الشعب خادما للسلطة، بدلا من أن تكون السلطة هي خادمة الشعب، وتسعى الدولة لإيجاد مواطنين "أجساد" تحكمهم بدلا من أن يسعى المواطنون في تأسيس نظام حكم يتوافقون عليه لإدارة حياتهم.
في هذه الحالة، وبعد كلّ ممارسات القمع التي ذكرناها سالفا، يتمكّن الاغتراب وممارساته الفكرية واليومية من الإنسان الذي تعرض للقمع، فلا يُصيبه الاغتراب السياسي فحسب، نظرا لنزع حقه السياسي منه، بل يصل الحال به إلى الاغتراب الوجودي، وهو الاغتراب الذي يرى الإنسان فيه أن وجوده الحياتي، ذاتيا وجسديا، أصبح مغتربا، تائها، غير مرغوب فيه، حيث تجتمع على الإنسان في المنفى، عوامل أُخرى تساعده في نفيّ ذاته عن الوجود، مثل عدم اندماجه أو انتمائه للمجتمعات الجديدة التي وصل إليها، أو عدم توفر له الأمان المادي والقانوني الذي يُبقيه اسما وجسدا معترفا به من السُلطة بشكلها المجرّد والعام، هذا فضلا عن استمرار سُلطوية بلاده في ملاحقته. هنا يقتحم الإنسان مفهوم الاستلاب، وهو مفهوم طرحه وطوّره واشتبك معه بضعة مفكرين وفلاسفة، من زوايا اقتصادية وثقافية واجتماعية، بدءا بهيغل مرورا بماركس ووصولا إلى الفرنسي لويس ألتوسير.
يتمكّن الاغتراب وممارساته الفكرية واليومية من الإنسان الذي تعرض للقمع، فلا يُصيبه الاغتراب السياسي فحسب، نظرا لنزع حقه السياسي منه، بل يصل الحال به إلى الاغتراب الوجودي، وهو الاغتراب الذي يرى الإنسان فيه أن وجوده الحياتي، ذاتيا وجسديا، أصبح مغتربا، تائها، غير مرغوب فيه، حيث تجتمع على الإنسان في المنفى، عوامل أُخرى تساعده في نفيّ ذاته عن الوجود
هنا الاستلاب يعني أن ذاتية الإنسان استُلبتْ منه عنوة، بسبب تعرّضه لممارسات قمعية من سُلطويات الفكر والسياسة والمجتمع، ولأن المنفى هنا ليس ابعتادا عن الوطن فحسب، بل ابتعادا عن الذات أيضا، كما يقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، إذ يُصبح المنفى "هوية قسرية لا تنجسر في الكائن البشري وموطنه الأصليّ بين النفس ووطنها الحقيقي، ولا يمكن التغلب على الحزن الناجم عن هذا الانقطاع".
ما العمل؟
في ظل آلة القمع المستمرة، والتي تعمل بكل جدِّيّة في نزع الحقوق والحريات، جاء دور العمل الحقوقي، إذ شهد تطورا وانتشارا سريعا في سنوات ما بعد وصول السيسي إلى حكم مصر في أيار/ مايو 2014، هذا الانتشار عكسَ حجم انتهاكات الجهاز الأمني في مصر لعموم المواطنين والفئات السياسية المعارضة له، داخل مصر وخارجها. وفّر العمل الحقوقي مساحة كبيرة تضم كافة التيارات الأيديولوجية التي رفضت أن تجتمع يوما ما على الطاولة السياسيّة، فتجد منظمات حقوقية كثيرة، تجمع بين أطياف السياسية المتباينة والمتداخلة، فضلا عن وجود الصحافيين والباحثين والحقوقيين والناشطين المستقلّين، يعملون من أجل توثيق ورصد الانتهاكات في تقارير ودراسات دوريّة.
يُعدُّ العمل الحقوقي إنجازا كبيرا، من حيث رصد وتوثيق كافة الانتهاكات التي تحدث للمصريين لا سيّما السجناء السياسيين، من وفيّات إثر التعذيب داخل مقرّات الاحتجاز، والتصفيات الجسدية، والانتهاكات الجسدية للسجينات، وغير ذلك. كما احتلَّ مكانة التقدير والامتياز نظرا للظروف الأمنية الصعبة الذي يعمل في ظلّها، ولِصعوبة الحصول على الأرقام والمعلومات التي تفيد التسجيل الصحيح للانتهاكات. كل هذا العمل واستمراره، ما زال يشكّل ضغطا على السُلطوية في مصر، كي تخفف قمعها على المواطنين، وتعطي مجالا للانفتاح السياسي، وحرية التعبير، وإعطاء الحقوق للمواطن المصري، وتلتزم بدورها وفقا للدستور المصري، بدلا من تطويعها القوانين من خلال إقرار تشريعات مجحفة بحق المصريين على جميع المستويات، مثل قانون الإجراءات الجنائية، وتمديد فترة الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، كما إعطائه مدة ثالثة للحكم، وانتهاكات أُخرى..
من سياق حقوقي آخر، وفي المنفى، تعمل المؤسسات الحقوقية والدولية من خلال البرامج وعقد الجلسات الدورية ومساعدة المنفيين خارج مصر، في بلدان مُختلفة، وهذا من خلال التعرّف على تجاربهم المُختلفة مع المؤسسات والمُجتمعات والمؤسسات المصرية خارج مصر. ودائما، يوضّح المنفيّون سواء كُرها أو طوعا، وهم يعملون في مجالات مختلفة منها الصحافة والبحث وحقوق الإنسان، مُعاناتهم في التعامل مع البلاد الجديدة التي وصلوا إليها، سواء من الناحية النفسية أو القانونية، حيث تُقابلهم الإشكاليات الأمنية مع السفارات والقنصليات المصرية، ما يترتب عليه صعوبات في تقنين وضعهم القانوني في المنفى، هذا بجانب إشكاليات الاندماج والحصول على فرص للعمل، وغير ذلك، ما يضع هؤلاء المنفيين تحت ضغط نفسي شديد، سبب لهم مع الوقت اغترابا ذاتيا عن محيطهم وعن أنفسهم.