علاقة ضعف البصر بالإصابة بالخرف
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
كشفت دراسة أن حركة العين أثناء القراءة أو مشاهدة التليفزيون يمكن أن تُحسن الذاكرة، يمكن للعين أن تكشف الكثير عن صحة الدماغ.
وفي الواقع، يمكن أن تكون مشاكل العين واحدة من العلامات المبكرة على التدهور المعرفي، حيث كشفت نتائج دراسة حديثة أن فقدان حساسية البصر يمكن أن يتنبأ بالخرف قبل 12 عامًا من تشخيصه، بحسب ما نشره موقع Science Alert.
نتائج واقعية
واستندت الدراسة، التي قادها بروفيسور إيف هوغرفورست، أستاذ علم النفس البيولوجي في جامعة لوفبورو وشارك فيها دكتور أحمد بيجدي، اخصائي إعادة التأهيل العصبي وتوم ويلكوكسون، المحاضر الأول في علم النفس، إلى بيانات 8623 شخصًا سليمًا في نورفولك بإنجلترا، والذين تمت متابعتهم لسنوات عديدة.
وبحلول نهاية الدراسة، أصيب 537 مشاركًا بالخرف، لذلك يمكن استنتاج أن العوامل التي ربما سبقت هذا التشخيص يمكن أن تكون علامة مبكرة على خطر الإصابة بالخطر.
حساسية البصر
في بداية الدراسة، خضع المشاركون لاختبار حساسية البصر، الذي يتم عن طريق الضغط على زر بمجرد رؤية مثلث يتشكل في حقل من النقاط المتحركة. كان الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا أكثر عرضة لخطر الإصابة بالخرف أبطأ بكثير في رؤية المثلث على الشاشة من الأشخاص الذين لم يصابوا بالخرف في نهاية الدراسة.
مشاكل الإبصار
يمكن أن تكون مشاكل الرؤية مؤشرًا مبكرًا للتدهور المعرفي، حيث تؤثر اللويحات النشوية السامة المرتبطة بمرض الزهايمر أولاً على مناطق الدماغ المرتبطة بالرؤية، مع تلف أجزاء الدماغ المرتبطة بالذاكرة مع تقدم المرض. لذا يمكن أن تساعد اختبارات الرؤيةفي كشف العجز قبل أن تظهر الحالة في اختبارات الذاكرة.
الخطوط العريضة والألوان
إن هناك العديد من الجوانب الأخرى لمعالجة الإبصار، التي تتأثر بمرض الزهايمر، مثل القدرة على رؤية الخطوط العريضة للأشياء وهو ما يُعرف بحساسية التباين والتمييز بين ألوان معينة، إذ تتأثر القدرة على رؤية الطيف الأزرق والأخضر في وقت مبكر من الخرف، ويمكن أن تؤثر تلك المشكلات على حياة الأشخاص دون أن يدركوا ذلك على الفور.
مقاومة التشتت
كما أن هناك علامة مبكرة أخرى لمرض الزهايمر هي العجز في "التحكم المثبط" في حركات العين، حيث يبدو أن المحفزات المشتتة تستحوذ على الانتباه بسهولة أكبر. يبدو أن الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر لديهم مشكلة في تجاهل المحفزات المشتتة، والتي قد تظهر في شكل مشكلات في التحكم في حركة العين.
حوادث السيارات
إذا كان الخرف يجعل تجنب المنبهات المشتتة للانتباه أكثر صعوبة، فإن هذه المشاكل يمكن أن تزيد من خطر وقوع حوادث القيادة - وهو أمر يتم دراسته حاليًا في جامعة لوفبورو.
التعرف على الوجوه
إن هناك بعض الأدلة، التي تشير إلى أن الأشخاص المصابين بالخرف يميلون إلى معالجة وجوه الأشخاص الجدد بشكل غير فعال. بعبارة أخرى، لا يتبعون النمط المعتاد لمسح وجه الشخص الذي يتحدثون إليه.
وفي الأشخاص الأصحاء، يكون مسح وجه الشخص من العينين إلى الأنف إلى الفم. يتم مسح الوجوه عادة "لترك بصمة" على الوجه وتذكره لاحقًا. يمكن للبعض أحيانًا أن يشعروا عندما لا يفعل الشخص الذي يتحدثون إليه هذا.
في الواقع، بعض الأطباء الذين يعملون مع الأشخاص المصابين بالخرف يدركون أن شخصًا ما مصاب بالخرف عندما يقابلونه. يمكن أن يبدو الأشخاص المصابون بالخرف في بعض الأحيان ضائعين، لأنهم لا يحركون أعينهم عمدًا لمسح البيئة، بما يشمل وجه الأشخاص الذين التقوا بهم للتو.
ومن ثم فإن الشخص سيصبح لاحقًا أقل قدرة على التعرف على الأشخاص لأنه لم يطبع ملامحهم. لذا فإن هذه المشكلة المبكرة المتمثلة في عدم التعرف على الأشخاص الذين تم لقائهم للتو ربما تكون مرتبطة بحركة العين غير الفعالة للوجوه الجديدة، بدلاً من كونها اضطرابًا في الذاكرة بحتًا.
تحسين الذاكرة بحركة العين
نظرًا لأن الحساسية البصرية مرتبطة بأداء الذاكرة (حتى باستخدام الاختبارات غير البصرية)، فإنه يتم أيضًا اختبار ما إذا كان دفع الأشخاص إلى القيام بمزيد من حركات العين يمكن أن يساعد في تحسين الذاكرة.
إن نتائج الأبحاث السابقة حول هذا الموضوع مختلطة، لكن بعض الدراسات كشفت أن حركة العين يمكن أن تُحسن الذاكرة. ربما يفسر هذا سبب اكتشاف أن الأشخاص الذين يشاهدون التلفزيون أكثر ويقرؤون أكثر لديهم ذاكرة أفضل ومخاطر أقل للإصابة بالخرف من أولئك الذين لا يفعلون ذلك.
القراءة ومشاهدة التليفزيون
أثناء مشاهدة التلفزيون أو القراءة، تتحرك الأعين ذهابًا وإيابًا على الصفحة وشاشة التلفزيون. ولكن يميل الأشخاص الذين يقرؤون كثيرًا أيضًا إلى أن يكونوا في التعليم لفترة أطول. يوفر الحصول على تعليم جيد سعة احتياطية للدماغ بحيث عندما تتلف الاتصالات في الدماغ، تكون النتيجة السلبية أقل.
وعلى الرغم من هذه النتائج المثيرة، فإن علاج مشاكل الذاكرة باستخدام حركات العين المتعمدة لدى كبار السن لم يتم إجراؤه كثيرًا حتى الآن، كما أن استخدام العجز في حركات العين كتشخيص ليس سمة منتظمة، على الرغم من الإمكانات المتاحة في تكنولوجيا حركة العين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مشاكل العين العين صحة الدماغ بروفيسور علم النفس البيولوجي الخرف الدراسة المرض الزهايمر الأشخاص الذین حرکة العین یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كيف تكون كاتبا في عصر ترامب الثاني؟
ترجمة: أحمد شافعي
أول ما خطر لي عندما استيقظت الأسبوع الماضي على خبر انتخاب دونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية هو أن أكتب. وليس هذا بغريب عليَّ. فعهدي بنفسي منذ أكثر من ستين عاما أنني أكتب في الفترات الصعبة.
ذلك ما فعلته في أعقاب معارك الحقوق المدنية في ستينيات القرن العشرين، وحرب فيتنام، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر وعند بداية الوباء. في أوقات الأزمات والاضطرابات التاريخية، يسهل الشك في أن الكتابة الجيدة يمكن أن تساعد في إصلاح الكثير من عِلل العالم. لكنني كلما وجدت نفسي تائها، أو غاضبا، أو موجوعا، أو حائرا، يكون الجواب على كيفية اجتياز ذلك واحدا: ضع القلم على الورقة.
ومن واقع تجربتي، تستوجب الكتابة الجيدة أربعة أشياء: دقة اللغة ـ ولعلها الأهم على الإطلاق ـ وحرية قول أي شيء، والاحترام، والحب ـ ولعله الأهم على الإطلاق. ولا تختلف مسؤوليات الكاتب اليوم في كثير أو قليل عن مسؤوليات أي كاتب في أي عصر. لكن حضور الرئيس المنتخب دونالد ترامب وشخصيته وسلطته الكبيرة الراهنة تجعل الوفاء بهذه المسؤوليات جميعا أشد صعوبة وإلحاحا.
الدقة والحرية والاحترام والحب: هذه الخصال غائبة تماما عند ترامب وفي رؤيته لبلدنا. فشعاره «أرجعوا عظمة أمريكا من جديد» على سبيل المثال غير دقيق عمدا. فما معنى «العظمة» أصلا؟ أن تكون أغنى؟ أقوى؟ فماذا عن أن تكون أرحم؟ لا أظن.
الحرية؟ لقد أعرب عن احتقار سافر للنظام الديمقراطي واقترح النكوص على الحريات من شتى الأنواع، من حرية المرأة في اتخاذ القرارات بشأن جسمها وحتى حرية المهاجر في طلب الحلم الأمريكي والاحترام؟ شتائمه العنصرية تنطق في وجوهنا. والحب؟ صحيح، فعلا، لا يبدو عنده من حب إلا حبه لنفسه.
بتولي شخصية مثل ترامب مسؤولية بلد، تزداد كثيرا أهمية أن نبدي، نحن المواطنين، هذه الخصال بأنفسنا، وأن نجليها نحن الكتّاب في عملنا.
ولكن كيف ذلك؟
لنبدأ بالدقة: الفارق بين الكلمة شبه الصحيحة والكلمة الصحيحة مثلما قال مارك توين هو كالفارق بين حشرة البرق [نوع من الفراشات] والبرق نفسه. والسبب البسيط لكون الدقة ضرورة للكتابة هو أنها تتيح لكل من الكاتب والقارئ فهما واضحا مشتركا. وغالبا ما يصفو ذلك إلى العثور على الاسم الصحيح. ولقد وصف إيمرسن الأسماء بأنها «أشياء اللغة الناطقة». والقاعدة الصحيحة هنا هي أنك إن احتجت إلى ثلاث صفات لتعيين شيء ما، فأنت تستعمل الكلمة غير الصحيحة لهذا الشيء.
على المرء أن يتحرى الدقة في جميع مظاهر الكتابة. على المرء أن يؤثر الترقب على الدهشة. قد تكون الدهشة مثيرة لكنها إثارة رخيصة. وكثير من أفضل الأعمال الأدبية تبلي أحسن البلاء دونما دهشة. فمنذ أولى سطور «هاملت» نعرف أن الأمير سوف يموت قتيلا. ولكننا نشاهد المسرحية المرة تلو المرة لنرى كيف ستمضي به الحياة إلى نهايته المحتومة.
عن الحرية: يعتمد الكاتب على الحرية التامة في أن يكتب ما يريد أن يكتب، ويقول ما يريد أن يقول، بأي شكل يختاره. والحرية هي التي تمنح الكاتب السلطة أو هي على حد تعبير فاكلاف هافل «سلطة المحرومين من السلطة».
حرية المرء الأساسية في أن يحكي قصة على أي نحو يشاء. قصة القصيدة، أو قصة المقالة، أو الرواية أو الرواية القصيرة أو المسرحية. مهما يكن القالب، تظل للقصة أهمية فائقة لدى الكاتب. فنحن في نهاية المطاف سلالة حكائين. نحب أن نكرم أنفسنا بوصفنا السلالة العقلانية، لكن في ضوء كثير من سلوك البشر، باتت هذه طرفة سخيفة. إنما نحن سلالة سردية.
لقد علم اليهود في آخر أيام الجيتو في وارسو أنهم منتهون إما بالدفتيريا أو بمعسكرات الاعتقال. ومع ذلك كتبوا قصائد وقصصا ورسائل، وجعلوها لفائف رشقوها في جدران الجيتو. علموا أن كتابتهم إذا ما اكتشفها الجنود النازيون فسوف يهزأون بها ويقضون عليها. ولم يكن لذلك من أثر. كان لديهم قصة عليهم أن يحكوها. وكان لزامًا عليهم أن يحكوا القصة. وانتهزوا نزر الحرية المتاح لهم ففعلوا ذلك.
عن الاحترام: في رواية «ميدل مارش» احترمت جورج إليوت شخصية إدوارد كازوبون متجمد العقلية عديم الإحساس حتى وهي تدينه لقسوته على دوروثي. كما احترم فيتزجيرالد هوس جاتسبي وإن تسبب في سقوط جاتسبي.
والكاتب يحترم جميع شخصياته؛ لأنه يدرك أننا كلنا معيبون، وأن كل الناس يفشلون. ويحترم كل وجهات النظر، حتى أشدها بغضا. والكتاب ممثلون للبشرية كلها وإذن فهم مرغمون على أن يعاملوا كل شخص وفكرة وصورة معاملة منصفة كريمة. فحتى شخص مثل ترامب الذي يختلف معه كثيرون (وأنا منهم) قلبا وقالبا لا بد في عيني كاتب أن يكون مثيرا للفضول بل وللتعاطف. ففي قصة «الصلصال» لجيمس جويس شخصية جو الخائن الغبي العدواني الخطير، ولكن جو هذا هو الذي يمنحه جويس إشراقة البكاء.
وأخيرا الحب، حب المرء لشخصياته، وللغته، ولأفكاره وصوره، ولقرائه، وللعالم بأسره.
وبدلا من النظر إلى العالم باعتباره ساحة للتنافس، يرى الكاتب العالم جمعا غفيرا من الناس، كلهم مشتركون في شعور بالدهشة، وفي مخاوف وأحلام متماثلة، وأحزان واحدة.
يفهم الكاتب أن كل من يقابلهم إنما يحملون العبء نفسه. ويشعر الكاتب بذلك العبء، في ماديسون بولاية ويسكونسن، وفي سانتياجو بتشيلي، وفي موسكو وبكين، ويحب كل من يحتملونه.
ونرجع مرة أخرى إلى ترامب والمناخ الذي يحتمل أن يرسخه. ما من دقة في فكر أو لغة. وحرية محدودة لا سيما للنساء. وما من احترام لأحد، أو لشيء في واقع الأمر. وما من حب إلا حب النفس.
هل يمكن أن ينجو الكتَّاب، وأن يزدهروا، في مناخ كهذا؟ خير لنا أن نفعل.
ولكي يحدث هذا، فإن فكرة الحب لا بد أن تشمل الشعب الأمريكي، الشعب كله، وليس أولئك الذين صوتوا لكامالا هاريس وحدهم.
ومهما يكن السبب في انتصار ترامب، فالحقيقة هي أن ترشحه صادف هوى لدى الكثيرين. وعمل الكاتب والتزامه يفرضان عليه أن يفهم سر ذلك الانجذاب، وأن يحفز ما أطلق عليه الكاتب إتش إل مينكن «الروح الداخلية» محاولا أن يقابل تلك الروح في محبة.
روجر روزنبلات مؤلف كتاب «ما لم تحرك قلب الإنسان: فن الكتابة وصنعتها» [Unless It Moves the Human Heart: The Craft and Art of Writing]
خدمة نيويورك تايمز