حيلة بائسة تفشل في تهريب مُدانٍ بإزهاق روح طفلة
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
نسج بطل قصتنا الشرير حيلة بائسة للإفلات من قبضة الشرطة، واختلق مُعاناة مرضية حتى يُعرض على الطبيب.
اقرأ أيضاً: القصاص من سائق الرذيلة بعد جريمة يندى لها الجبين
دفاع سفاح التجمع: لدينا مفاجآت ستقلب موازين القضية دفاع "سفاح التجمع": المرض النفسي يُعفي من العقوبة ظن الجاني أن هروبه من العدالة سيطول أمده، وتخيل نسيم الحرية وهو يُغازله، ولكنه لم يكن يعلم أن فرحته لن تدوم طويلاً.
قصتنا المُثيرة وقعت أحداثها في ولاية نورث كارولينا الأمريكية حينما هرب المُدان رامون ألستون- 30 سنة من سيارة الشرطة أثناء نقله لمركزٍ طبي في الولاية.
لم تردعه القيود الحديدية، ونجح في الهروب مُتسبباً في حالة من الفوضى، وكثفت السلطات جهودها من أجل الإيقاع به من جديد ليتم ذلك في النهاية.
تمكنت الشرطة من إعادة القبض عليه بعد 3 أيام الفرار، وذلك عندما عثر عليه رجال الأمن مُختبئاً في فندقٍ على بُعد 100 ميل من مكان هروبه.
رامون ألستونووفقاً لما نشرته مجلة بيبول الأمريكية عن الواقعة فإن رامون يقضي عقوبة السجن المؤبد لدوره في إزهاق روح الطفلة الرضيعة ماليا ويليامز ذات العام الواحد في 2015.
ووقعت الجريمة في عشية عيد الميلاد حينما تعرضت الرضيعة لطلقة طائشة في الرأس أثناء وجودها مع عدد من الأطفال خارج بيت الجد.
وذكرت والدة الطفلة وتُدعى تيلينا ويليامز أن ابنتها تعرضت للطلقة الغادرة حينما بدأ رجل يستقل سيارة في إطلاق النار.
ونقل تقرير نشرته شبكة CBS الأمريكية تأكيد مصادر مُقربة من الدائرة على أن شريك المُدان في الجريمة وهو شاكيل ديفيز كان مُتورطاً في شجارٍ مع رجل آخر في يوم الجريمة.
وتؤمن العائلة أن ذلك الرجل كان هو المعني في جريمة إطلاق النار العشوائية التي راحت ضحيتها الطفلة المسكينة.
وستكشف الأيام المُقبلة إجابة السؤال حول العقوبة الإضافية التي ستُوقع على المُدان في جريمة الهروب.
وتفتح مثل هذه الوقائع الباب أمام إجراء المزيد من المُناقشات المُجتمعية في أمريكا لبحث ضرورة فرض قيود على تداول السلاح بين العامة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشرطة الجريمة ولاية نورث كارولينا الأمريكية عيد الميلاد الأمن جريمة قتل
إقرأ أيضاً:
حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا
إبراهيم برسي
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤
إن الكتابة عن بولا أو عن كتابات بولا نفسها تحتاج إلى جُرأة وشجاعة، وقد ترددت كثيرًا في دخول مثل هذه المقامرة. و تذكرت مقولة الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن حتمية انتهاء القديم وصعوبة ولادة الجديد: “تتجلى الأزمة تحديدًا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد.”
هذه المقولة تتناغم مع تأملات نص بولا، حيث نتعامل مع صراع جاد حول الهوية، التاريخ، والوجود.
“نسب شجرة الغول” هو نص لا يُقرأ، بل يُستشعر. كمن ينظر إلى مرآة غامضة تعكس ظلال الروح السودانية، حيث تتداخل الذكريات بالجروح، وتتمزق الهوية بين زوايا الماضي والحاضر.
عبد الله بولا لا يكتب هنا عن أزمة سياسية أو اجتماعية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغوص في صميم الصراع الإنساني: صراع الإنسان مع ذاته، مع الآخر، ومع المعنى الذي يصنعه أو يُفرض عليه.
الغول، الذي يتكرر ذكره في النص، ليس وحشاً أسطورياً من خيال جمعي، بل هو استعارة حية، مرنة، تأخذ شكلاً جديداً في كل مرة تُستدعى فيها.
الغول هو الهيمنة التي تختبئ وراء الأقنعة، حين تُحوّل التنوع إلى شتات، وحين تجعل من الجسد الواحد عدواً لنفسه. لكنه أيضاً الموروث الذي لم يختره أحد، الإرث الذي يُفرض علينا دون أن نستطيع التمرد عليه تماماً، تماماً كالأحلام التي تستدرج اللاوعي لتُفصح عما لا يُقال.
النص يتحدث عن السودان، لكن السودان هنا ليس مجرد بلد، بل هو صورة مصغرة للإنسانية في صراعها الأبدي مع الاختلاف. التنوع الثقافي الذي كان يمكن أن يكون ثروةً، تحوّل بفعل سياسات الهوية المهيمنة إلى عبء يثقل كاهل البلاد. ليس هذا صراعاً بين الهامش والمركز فقط؛ إنه صراع بين الأصوات التي تريد أن تتنفس، وبين سلطة تصر على أن تُعيد تشكيل كل ما حولها وفق صورتها الخاصة.
لغة عبد الله بولا تلتف حول القارئ كنسيم خفيف يخفي وراءه عاصفة. اللغة هنا ليست حيادية؛ إنها السلاح، الساحة، والجائزة.
اللغة العربية، بتغلغلها في المؤسسات التعليمية والإدارية، أصبحت كما يبدو في النص “اللغة السيدة”، بينما صارت اللغات الأخرى أصواتاً باهتة، مقيدة بالسياقات الخاصة، محرومة من الحضور الرسمي. لكن، كما أن الحلم يُظهر المكبوت، فإن النص يكشف عن مقاومة خفية، عن تلك الهويات التي لم تمت، بل تنتظر لحظة استعادة صوتها.
التاريخ في “نسب شجرة الغول” ليس سلسلة أحداث متتالية؛ إنه كيان حي يتنفس في كل زاوية من النص. يكتب عبد الله بولا عن الماضي لا ليفسره، بل ليحاكمه، ليعيد سؤاله عما فُعل باسمه.
الهوية السودانية، كما تبدو في النص، ليست حقيقة ثابتة، بل مشروعاً قيد التفاوض، مشروعاً حاولت الهيمنة أن تحسمه لصالح سردية واحدة، لكنها لم تفلح سوى في ترك جراح أعمق.
وهناك المثقفون. أولئك الذين كان يُفترض أن يكونوا حراس الوعي، لكنهم، كما يصوّرهم النص، وقعوا في فخ إعادة إنتاج الهيمنة.
في لحظات عديدة، يبدو النص كأنه حوار داخلي، حيث يتساءل الكاتب: كيف يمكن لمن يفكر أن يكون أداة في يد من يقمع التفكير؟
المثقف هنا ليس مجرد فرد، بل رمز لصراع أوسع: بين الفكر المستقل والسلطة التي تحاول أن تروضه.
ثم يأتي التحليل النفسي للهوية. في النص، الهوية ليست شيئاً نملكه، بل شيئاً يُفرض علينا. الهوية العربسلامية، كما يصورها النص، ليست مجرد اختيار، بل سلطة تحاول أن تُقصي كل ما لا يتماشى معها. إنها أشبه بظل طويل يخفي تحته التنوع، لكنه لا يستطيع محوه تماماً.
هذا الصراع بين المركز والهامش، بين اللغة السيدة واللغات المكبوتة، بين الماضي الذي يُعاد إنتاجه والحاضر الذي يبحث عن مخرج، هو ما يمنح النص قوته الفلسفية العميقة.
لكن النص ليس اتهاماً فارغاً؛ إنه أيضاً دعوة للتأمل. عبد الله بولا لا يقدم حلولاً جاهزة، لكنه يفتح نافذة على احتمالات جديدة. يدعو إلى القبول، ليس بمعنى الخضوع، بل بمعنى المصالحة مع الذات المتعددة، مع السودان كما هو، لا كما تريده السلطة أن يكون. النص يدعو القارئ إلى التوقف عن البحث عن إجابات سهلة، وإلى مواجهة التعقيد بجرأة.
“نسب شجرة الغول” هو نص يرقص على حافة الكلمة، يحفر في عمق المعنى، ويترك القارئ مسكوناً بأسئلة لا تنتهي. إنه كمن يسير على حبل مشدود بين الحلم واليقظة، بين الواقع والممكن، بين الذاكرة والنسيان. وفي النهاية، ربما لا يكون الغول إلا نحن، حين ننسى، حين نتجاهل، وحين نستسلم للهيمنة بدلاً من أن نقاومها.
zoolsaay@yahoo.com