سواليف:
2025-04-29@05:37:15 GMT

معركة الوعي

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

#معركة_الوعي

د. #هاشم_غرايبه

عندما تتحدث مع معارض لتحكيم لشرع الله في الدولة، يقفز فورا الى السؤال الساذج: أي إسلام تريد أن تطبقه.. الشيعي أم السني، وأي منهج ستتبعه: الإخوان المسلمين أم التحريرين أم السلفيين، وأي مذهب ستعتمده: الشافعي أم المالكي أم .. الخ.
السائل لا يسأل استفسارا، بل يعتقد أنه بذلك قد رمى الإسلام بمقتل، وأنه قد أثبت أنه فكر خلافي ليس هنالك توافق عليه حتى بين أتباعه.


لقد بحثت عن أصل هذا الطرح، الذي يدل على سطحية الفهم، فوجدت أنه جاء به مستشرقون متعصبون ضد الإسلام، ثم جاء علمانيو العرب وملاحدتهم فأخذوه عنهم معلباً من غير تمحيصه.
عيب الفكرة أنها لم تفهم أن التعددية الفكرية في الإسلام هي ميزة إيجابية، وليست دلالة اختلافات في المعتقد، فسمة الفكر الأيديولوجي الإنساني هو التوسع الدائم، لكنه تفرع من الأصل والذي يعني أن الفروع تلتقي في أصل واحد وتتغذى من الجذور ذاتها، فيما المعتقدات المبنية على دوافع شوفينية فاسدة أو عقائد منحرفة عن الفطرة كالفاشية والنازية والشيوعية، غير قابلة للتفريع لأنها مبنية على فكرة محددة لا تقبل التطوير ولا الإجتهاد.
الإسلام فكر يغطي كل مناحي ومتطلبات البشرية على تغير الدهور، لذلك فهو قابل للتطور والموائمة مع كل الظروف والمتغيرات.
إن ظهور الملل والنحل والإتجاهات الفكرية والسياسية والفقهية المختلفة هو دلالة قوة هذا المعتقد الذي يمكنه جمع كل التناقضات في إطار حرية فكرية ناضجة، تتعارض وتتجادل في الفرعيات، لكنها تلتقي في الأصل الواحد، فلم تعرف جماعة مهما كانت صغيرة، أنها خرجت عن أصول الدين أو بدلت في أساسيات العقيدة.
فمرجعيتها جميعا الكتاب والسنة، ولا ترجع واحدة الى غيرهما، ومتطابقة في التزامها بأركان الدين، فكلها تصلي الصلاة ذاتها، وتتوجه الى القبلة نفسها، مهما تعددت القوميات واللغات والأمكنة.
لعل من أشهر من بحث في الجماعات والفرق الإسلامية هو “الشهرستاني”، فيقول في كتابه “الملِل والنحل”: “فإذا وجدنا انفرادَ واحدٍ من أئمة الأمة بمقالة من هذه القواعد، عددنا مقالته مذهباً، وجماعته فرقة، بل نجعله مندرجاً تحت واحد ممن وافق سواها من مقالته، ورددنا باقي مقالاته إلى الفروع، التي لا تُعد مذهباً مفرداً”. وحسب تصنيفه فيدل المذهب على مجموعة الأفكار والمقالات، في حين تدلُ الفرقة على مجموعة من الناس، وأن الفروع في المذهب والفرقة تسمى الملِة أو النحَلة.
ظهرت في اللغة المعاصرة مصطلحات أخرى تطلق على الفرق أو المذاهب الأساسية، وعلى وجه الخصوص الفكرية والسياسية منها، كمصطلح التيار أو الاتجاه أو الحزب في بعض الأحيان، لكن كل ذلك تفريع وليس انشقاقا.
الإنشقاق الرئيس هو التشيع، وأصله سياسي وليس فكريا، وكان خلافا على من يتولى الحكم، لكن (الشعوبيين) وهم الزعامات القومية الفارسية الذين ظلت الأحقاد القومية تدفعهم للإنتقام من ضياع ملك كسرى، وبهدف احداث شرخ في الأمة يضعفها، هؤلاء لم يكتفوا باغتيال الخليفة الثاني، بل واصلوا تآمرهم من خلال ادعاءهم محبة آل البيت.
وكان من الممكن أن ينتهي هذا الإختلاف والتحزب، مثلما انتهت حركات أخرى معارضة لنظام الحكم كالخوارج مثلا، لكن المغرضين عمقوا الخلاف بجرح كربلاء الغائر الذي كان نتيجة لإغرائهم الحسين بالقدوم لنصرته، ثم تخلوا عنه وخذلوه فاستشهد، واستغلوا هذه الجريمة المنكرة للتحريض، وظلوا الى اليوم يحيون ذكراها بهدف نكأ الجراح.
ولإدامة الانشقاق جعلوه عقديا، فاستحدثوا فقها ليس من صلب العقيدة، وهو أن الإمامة والعلم والعصمة وراثية، وموقوفة على ذرية علي بن أبي طالب.
أما الجماعات الصغيرة التي تحسب على الإسلام، مثل: البهائية والأحمدية والقاديانية، والتجمعات المغلقة مثل الدروز والعلويين والإسماعيليين، فهي ليست منه، لأنها تتبع عقيدة خاصة.
هكذا يتبين لنا أن الإسلام عقيدة ثابتة، أصلها راسخ وهو التوحيد، وجذورها الكتاب والسنة، لكنه ليس منغلقا بل متاح للمجتهدين ليتفرعوا منه وليس من خارجه، والدين يصبغ هؤلاء بسمته، لكن أفعالهم لا تصبغ الإسلام.
فعندما تتوفر العزيمة والإرادة لدى المخلصين لقيام دولة اسلامية، فلن يأخذوا حتما من التجارب التاريخية للمسلمين المنحرفين عن منهج الله، بل عن أصل الدين، والذين استقاموا، ويعززوها بتلاقح معاصر مع تجارب الناجحة للأمم الأخرى، فيكون المنتج دولة مثالية، ترتقي بالأمة في زمن قياسي كما الدولة الراشدة.

مقالات ذات صلة الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق 2024/08/16

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: قرار حرب أكتوبر 1973 كان مدروسا وليس عشوائيا

علق الإعلامي أحمد موسى،  على احتفالات مصر بذكرى تحرير سيناء ، قائلا:"  كل سنة والشعب المصري بخير بمناسبة تحرير سيناء والذي تم في 25 أبريل 1982 ".

بن شرقي دكة ليه.. حالة دهشة من أحمد موسى بعد خروج الأهلي من أبطال أفريقياالموضوع مش سهل.. تعليق قوي من أحمد موسى على انفجار ميناء في إيران17 ألف لتعاقدات الغاز.. أحمد موسى يعرض استغاثة أهالي على طريق الإسماعيليةفريق محترم.. أحمد موسى يهنئ بيراميدز بالصعود إلى نهائي إفريقيا

وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، :"   فيه ناس كانت عايزانا نفضل نحارب من 1982 وحتى الآن، ولما بتدخل في حرب البلد بتقف وكله بيروح مجهود حربي ودعم الجيش ومش هتقدر تتكلم على تنمية ومشروعات قومية".

وأكمل الإعلامي أحمد موسى :"   قرار حرب أكتوبر 1973 كان مدروسا وليس عشوائيا "، مضيفا:" لو خدت قرار عشوائي بلدك بتضيع والمحتل بيخش ارضك ".

ولفت الإعلامي أحمد موسى :"   الرئيس السادات وضع خطة للحرب ونفذها بالفعل واستردينا الأرض ".
 

طباعة شارك موسى أحمد موسى اخبار التوك شو غزة حرب أكتوبر

مقالات مشابهة

  • أول بيان رسمي بشأن إعادة فتح بلبن وكرم الشام.. توضيح عن الفروع المعتمدة
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • البيت الابيض: ترامب يريد وقفا دائما لإطلاق النار في أوكرانيا وليس مؤقتا
  • كريم وزيري يكتب: معركة الوعي والإيمان للشئون المعنوية
  • علي الأزهري: الرجل مطالب بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت غنية
  • علي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشريا
  • الرهانات الخاطئة على فشل الإسلام السياسي
  • الصرخةُ.. سلاحُ الوعيِ الذي أرعبَ الأساطيلَ
  • أحمد موسى: قرار حرب أكتوبر 1973 كان مدروسا وليس عشوائيا
  • البابا فرنسيس والعلاقة مع الإسلام والمسلمين... إيمانٌ بالحوار والأخوّة بلا مجاملات