واقع الأقلية المسلمة في لاوس بعد عقود من التطهير العرقي
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
فيانتيان- جامع الأزهر في فيانتيان أحد 3 مساجد وأقدمها في جميع أنحاء لاوس، ويتقدم الإمامة فيه شاب تايلندي، وقد أخذ على عاتقه تعليم رواده الحد الأدنى من أمور دينهم في دروس منتظمة، بينما لا يتجاوز رواده العشرات، يؤمونه من مختلف أحياء العاصمة.
ويلخص المسجد حكاية وتاريخ المسلمين في ذلك البلد الحبيس الذي لا يطل على بحر في منطقة جنوب شرق آسيا، وقد تكون مشكلة الجغرافيا أهم أسباب عزلته، وتراجع أعداد المسلمين من سكانه حتى النضوب، فالتقديرات تفيد بأن أعدادهم لا تتجاوز 100 شخص معظمهم حديثو عهد بالإسلام، ولا يتجاوزون ألفا مع الوافدين.
يجلس الشيخ السبعيني يحيى بن إسحاق على كرسي أثناء الصلاة في مسجد الأزهر، ورغم بعد بيته فإنه لا يكاد يفوت صلاة فيه. يعرّف الشيخ نفسه بأنه ابن أحد مؤسسي المسجد، ويقول إن البناء استغرق نحو 10 سنوات من 1976 حتى 1986، حيث أقاموا المسجد رغم فقرهم، وقد كان أبوه يعمل جزارا يبيع اللحم والدجاج الحلال للأقلية المسلمة في لاوس.
وقد فرت أسرة ابن إسحاق من كمبوديا المجاورة، بحسب ما أفاد للجزيرة نت، بعد سيطرة الخمير الحمر عليها سبعينيات القرن الماضي وأمعنوا قتلا وإبادة جماعية في سكانها، لا سيما المسلمين منهم، ولجأ كثير من مسلمي كمبوديا المنتمين لعرقية التشام إلى الدول المجاورة ومنها لاوس.
أما مسجد جامعة، فقد بناه تجار هنود وباكستانيون في حي تجاري عام 1968.
ويتحدث رواد المسجدين عن هجرة جماعية للمسلمين بعد أحداث ضخام وقعت في الإقليم ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث كان المسلمون جزءا من شعوب المنطقة.
وقبل أن تتشكل الخريطة السياسية الحديثة، تمتع مسلمو المنطقة بنوع من الاستقلال في ظل سلطنة تشامب التي كانت تمتد على أجزاء من فيتنام وتايلند ولاوس وكمبوديا والصين وبورما (ميانمار) وهي الدول التي يمر فيها "ميكونغ" أحد أكبر الأنهار في العالم.
ونالت لاوس ما نال جيرانها في فيتنام وتايلند وكمبوديا من آثار الحروب، فمن تعقب القوات الأميركية للثوار الفيتناميين في قرى لاوس، إلى تداعيات الحرب في كمبوديا، مرورا بالحرب الأهلية والصراع المرير بين الملكية والاشتراكيين، انتهى بانتصار الاشتراكيين وتفردهم بالسلطة حتى اليوم، وأدت كل هذه الاحداث إلى اختفاء الأقلية المسلمة.
وانتقل الإسلام إلى لاوس عن طريق التجار من مسلمي شبه القارة الهندية، لا سيما التاميل في الجنوب والباتان شمال باكستان، حيث دخل الشاب داود الإسلام في العقد الثاني من القرن الـ21، إثر احتكاكه وعمله مع المسلمين، ليشكل أول نواة لأسرة مسلمة لاوسية بالعصر الحديث، ثم تبعه العشرات، ومنهم من يدرس حاليا جنوب تايلند ودول مسلمة.
تتخذ المنظمة الإسلامية في لاوس من "مسجد جامعة" مقرا، وهي مؤسسة معترف بها رسميا، وقد توحدت عدة مؤسسات للمسلمين تحت مظلتها عام 2018، ويقول مدير المنظمة سمبون خان إن الحكومة في سعيها للانفتاح على العالم تؤكد حاجتها للمنظمة الإسلامية، لا سيما أن لاوس جزء من رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والتي تشكل الدول الإسلامية قسما رئيسيا فيها، مثل إندونيسيا وماليزيا وبروناي، كما أن غالبية شعوب آسيان مسلمون.
وتعتبر لاوس البلد الأصغر بين دول آسيان من حيث عدد السكان الذي يتجاوز 7 ملايين نسمة، يعمل غالبيتهم في الزراعة خاصة الأرز مستفيدين من غناها بالمصادر المائية لا سيما نهر ميكونغ الذي يفصل أجزاء كبيرة من البلاد عن تايلند.
ويدين نحو 66% من شعب لاوس بالبوذية، و30% بما تسمى تاي فولك، و1.5% مسيحيون و1.8% من ديانات أخرى.
ويرى سمبون خان -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك فرصة واعدة لانفتاح المسلمين على لاوس وخروجها من شرنقة وجدت نفسها فيه، وذلك بعد عقود من نظام الحزب الواحد. فالمسؤولون في الحكومة، يدركون أهمية الانفتاح على العالم الإسلامي، ويعتبرون آسيان بوابتهم، وحريصون على تقديم كافة التسهيلات لبناء الجسور.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی لاوس لا سیما
إقرأ أيضاً:
مسؤولة أوروبية تؤكد ضرورة معالجة جذور الكراهية ضد المسلمين التي تصاعدت مع حرب غزة
قالت منسقة مكافحة الكراهية ضد المسلمين في المفوضية الأوروبية، ماريون لاليس، إن مظاهر الكراهية ضد المسلمين في أوروبا تصاعدت بالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدة أن هذه الظاهرة أصبحت تلقى "تطبيعًا" واسعًا في مختلف المجالات، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت المسؤولة الأوروبية، في تصريحات لوكالة الأناضول على هامش مشاركتها في منتدى أنطاليا الدبلوماسي المنعقد جنوبي تركيا، إنها تتطلع إلى لقاء المشاركين الذين يعملون على مكافحة "الإسلاموفوبيا".
وأشارت إلى أن الهجمات التي تشنها "إسرائيل" على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ساهمت في تنامي مشاعر العداء للمسلمين في أوروبا، معتبرة أن هذا التصعيد ناتج أيضًا عن تطبيع الكراهية في الفضاء العام، لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي.
مكافحة الكراهية تبدأ من التعليم
وشدّدت لاليس على ضرورة معالجة جذور الكراهية ضد المسلمين، بدءًا من تعليم الأطفال، ومراجعة صورة المسلمين في المناهج الدراسية والكتب التعليمية.
وأضافت: "ينبغي أيضًا تدريب الصحفيين، والنظر في كيفية إدارة وسائل الإعلام، والتأكد من أن الأخبار تعكس واقع الغالبية العظمى من المسلمين".
ولفتت إلى أن عمليات حرق نسخ من القرآن الكريم التي شهدتها بعض الدول الأوروبية، لا تمثّل القيم الأوروبية، مشيرة إلى أن دولًا مثل السويد والدنمارك وهولندا اتخذت إجراءات لوقف هذه الانتهاكات.
كما أعربت عن قلقها حيال تزايد الهجمات التي تستهدف المساجد في أوروبا، داعية إلى أن يكون منتدى أنطاليا منصة قوية في مواجهة الاعتداءات القائمة على الدين واللغة والعرق.
وفي ختام حديثها، أكدت لاليس أنه من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات في الآراء حول الدين والسياسة، لكن "لا يمكن التحريض على الكراهية ضد المسلمين الذين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من أوروبا"، مشيرة إلى أن تطبيق الإجراءات المتخذة لمكافحة كراهية الأجانب والعنصرية يُعد أمرًا مشجعًا.
والجمعة، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي "ADF2025"، والذي يُعقد بين 11 و13 نيسان/ إبريل الجاري، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وممثلين عن منظمات دولية.