جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-11@18:42:20 GMT

الاحتجاجات الطلابية إلى أين؟!

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

الاحتجاجات الطلابية إلى أين؟!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

هناك عبارة تتردد باستمرار وتنصب ويوضع لها براويز جميلة في المكاتب وقاعات اتخاذ القرارات من بعض الساسة والقادة عبر العالم، لكنها لا تُطبَّق إلّا من رحم الله من الحكام؛ مفادها "العدل أساس الملك"، وهذه هي الحقيقة؛ فعند ما تحضر العدالة وتطبق على الجميع باعتبارهم سواسية، تختفي الاحتقانات والاضطرابات، ويسود الأمن والأمان جميع أفراد المجتمع.

ومن المفارقات العجيبة أن معظم صناع القرار في هذا العالم ينسون أو ويتناسون تلك القاعدة الأساسية في إرساء وتقوية نظام الحكم، والتي تمكنهم من كسب قلوب وعقول الرعية بسهولة ويسر. وفي واقع الأمر يجب أن يدرك الجميع أنَّ الكل شركاء في الوطن في السراء والضراء، وبالتالي يتطلع المواطن العادي في أي مكان من المعمورة إلى التقسيم العادل للحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع بدون تمييز.

لكن عند ما تجنح الطبقة الحاكمة في أي دولة إلى الانفراد بالسلطة أولًا، ثم اكتناز المال العام على حساب الوطن ومصلحته العليا؛ فقد تتحول الاحتجاجات الطلابية إلى أحد الخيارات المطروحة على الطاولة؛ لكونها تمثل الرهان الأخير والناجح في كثير من المجتمعات الديمقراطية منها والاستبدادية على حد سواء. وخروج طلبة الجامعات للشوارع أصبح ظاهرة عالمية من إندونيسيا شرقًا إلى أمريكا غربًا؛ مرورًا بالقارة العجوز (أوروبا)، التي نجح طلبة الجامعات الفرنسية فيها في صيف 1968 في حرق أصابع أكبر زعيم سياسي في العالم وهو مؤسس الجمهورية الخامسة في فرنسا الجنرال شارل ديجول؛ حيث كانت الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات ثم المدن الفرنسية بعد انضمام العمال، وكذلك المُفكِّر والفيلسوف والكاتب المعروف جان بول سارتر للمحتجين من الطلبة في الحي اللاتيني في باريس، حاسمةً بكل المقاييس؛ لكونها تهدف إلى وقف حرب فيتنام وتحسين أوضاع الطبقة المتوسطة التي كانت تُعاني من ظروف معيشية صعبة. وبالفعل هزّت تلك الثورة الطلابية غير المسبوقة العالم من أقصاه إلى أقصاه؛ وأجبرت رئيس فرنسا على الاستقالة؛ بل واعتزال العمل السياسي؛ حيث رفض ديجول إيذاء المحتجين، على الرغم من محاولة وزير الداخلية الفرنسي اتباع سياسة القمع والترهيب في عاصمة النور باريس.

يجب أن يدرك الجميع أنَّ الصراع بين الخير والشر أبديٌ، وسببه الحقيقي الظلم وغياب العدالة الإنسانية بين الحاكم الذي يُصادر الحقوق ويحتفظ لنفسه ولمن حوله من البطانة بالمكاسب والمزايا، وبين المحكوم المغلوب على أمره الذي يجد دائمًا أن قسمته الفُتات الذي في الواقع لا يُسمن ولا يُغني من جوع؛ فالإنسان بطبعة أناني ونفسه أمّارة بالسوء، وعندما تتأزم الأمور وتصل أحوال المجتمع إلى أدنى مستوياتها من شظف العيش والفقر، تظهر في الأفق الحلول الجذرية لتلك التحديات، "وما ضاقت إلّا فُرجت". لكن الفرج هذه المرة يأتي من الميادين والحارات الضيقة وتحديدًا من الجيل الصاعد المُتعلِّم من الشباب؛ إذ يُصبح دور طلبة العلم هنا محوريًا وأساسيًا، فهؤلاء الشباب يملكون قوة جبّارة وطاقة لا يتخيلها أحد. فهُم- أي الطلبة- الذين يقودون التغيير ويُوجِّهون بوصلة الوطن نحو تحقيق طموحات المجتمع. وللجامعات تأثير كبير على صُنّاع القرار في المُجتمعات المُعاصرة؛ فهي بمثابة العقل المُدبر لتقديم الحلول لمُختلف المشاكل المُستعصية التي تُواجه الشعوب المضطهدة في مُختلف دول العالم، وذلك ليس فقط من خلال خلاصة الأفكار المنهجية والدراسات العلمية الجادة التي يُجريها الطلبة وأساتذتهم في مجالات مُتعددة، خاصة في القضايا السياسية والاقتصادية والظواهر الاجتماعية؛ بل أيضًا من خلال نزولهم إلى الشارع ومواجهتهم الموت بصدورهم المكشوفة أمام الأجهزة الأمنية القمعية التي لا تتردد في الإفراط في إزهاق الأرواح للحفاظ على كراسي المُتنفِّذين من عِلية القوم. كما إنَّ طلاب العلم من الشباب والذين هم في مقاعد الدراسة، يمتلكون طاقات هائلة وأفكارًا خلّاقة يُمكن الاستفادة منها وتسخيرها للارتقاء بالأوطان. ذلك كون أنَّ الجامعات ومراكز الأبحاث تمتلك ذخيرة معرفية متقدمة؛ وأفكارًا جديدة تعتمد على المنطق العلمي وترفض التخلف والاستبداد والخنوع الذي يُمارس من قبل بعض أنظمة الحكم الدكتاتورية التي لا تُدرك أن مصيرها محتوم، إلّا بعد وقوع الفأس في الرأس.

من هنا، لم يعد ما يُعرف بـ"الربيع العربي" حكرًا على العرب؛ بل إن رياح التغيير قد هبّت من كل الاتجاهات الأربعة؛ وغزت افريقيا وتحديدًا كينيا التي استطاع الشارع فيها، إسقاط الحكومة خلال أسابيع قليلة؛ بسبب استحداث ضرائب جديدة في ذلك البلد الذي يُعاني فيه معظم افراده من الفقر. كما زحف طلبة جمهورية بنجلاديش على قصر رئيسة الوزراء الشيخة حسينة التي استحوذت على السلطة في هذا البلد دون منافس لمدة 16 سنة بالتمام والكمال، وكان الهروب الكبير إلى الهند مصيرها، مثل كل الطُغاة والمنبوذين من شعوبهم عبر التاريخ. لقد كانت مطالب الطلبة مشروعة ومنطقية منذ بداية الحراك الطلبي السلمي، وتتمثل في توزيع الوظائف على أساس الكفاءة وليس المحسوبية، ولكن كان الرد هو قتل المتظاهرين دون رحمة؛ إذ بلغ عدد الضحايا أكثر من 300 قتيل. ومن المؤسف حقاً قيام الشرطة في بنجلاديش ومن بعدها المحاكم بتنفيذ أوامر القتل التي أتتْ تباعًا من رئيسة الوزراء ومساعديها دون مُسوِّغ أو أرضية قانونية لذلك. وبعد نجاح المظاهرات، اختفت الشرطة من الساحات وأُقيل العديد من المسؤولين في السلك القضائي وتولى الجيش حفظ الأمن في هذا البلد. وأسند الجيش مهامَ تولي الحكومة المؤقتة في البلاد وبناءً على تزكية قادة الانتفاضة الطلابية، إلى أستاذ الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل للسلام نظير تأسيسه بنكًا محليًا لمُساعدة المحتاجين، لتأسيس مشاريع صغيرة تُنقذهم وأُسرهم من الفقر الشديد؛ فهو واحدٌ من القامات الاقتصادية المشهود لها بالعمل الخيري والوقوف مع فقراء بنجلاديش منذ عدة عقود.

وفي الختام.. يجب على جميع الدول، الاستفادة من الدروس الثمينة التي تحدث من حولنا؛ ونشاهدها يوميًا عبر القنوات التلفزيونية العالمية، ونتجنَّب كل ما يُشكِّل خطرًا على أمننا الاجتماعي، ولا يُمكن أن يتحقق ذلك إلّا بجهود جماعية يتضافر فيها الجميع لنشر العدالة ومحاربة الظلم والفساد أينما كان صاحبه أو مصدره.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تعرف على النظام الكامل لتصفيات مونديال 2026 والمنتخبات التي ودعت

نشر الاتحاد الدولي لكرة القدم تقريراً عن المنتخبات التي فشلت في التأهل إلى بطولة كأس العالم 2026 في كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.

وستشهد بطولة كأس العالم 2026 مشاركة 48 منتخباً، أي أكثر بـ16 منتخباً مقارنة بالنسخ السبع الأخيرة، وتحديداً منذ عام 1998.
وتتأهل إلى المونديال ثمانية منتخبات بشكل مباشر من قارة آسيا بالإضافة إلى مقعد واحد في الملحق القاري، مقابل تسعة مقاعد مباشرة لقارة أفريقيا بالإضافة إلى مقعد واحد في الملحق القاري.
وبالنسبة للكونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي): فإنها ستحصل على ستة مقاعد مباشرة بجانب مقعدين في الملحق القاري، مقابل ستة مقاعد مباشرة لقارة أمريكا الجنوبية لكرة القدم بجانب مقعد في الملحق القاري.
وتحصل أوقيانوسيا على مقعد واحد مباشر بجانب مقعد واحد في الملحق القاري، في الوقت الذي تحصل فيه قارة أوروبا على 16 مقعداً مباشراً في المونديال.
وبالنسبة للمنتخبات التي تم إقصاؤها بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فهي بنغلادش وبوتان وبروناي وكمبوديا وتايوان وجوام وهونغ كونغ ولاوس ولبنان وماكاو وجزر المالديف ومنغوليا وميانمار ونيبال باكستان، الفلبين، سنغافورة، سريلانكا وطاجيكستان وتيمور الشرقية وتركمنستان واليمن.
هناك خمسة أدوار تأهيلية في المجمل لتحديد المقاعد الثمانية المباشرة التي منحت لآسيا في كأس العالم 2026، مع تأهل منتخب إضافي إلى الملحق القاري.
وفيما يخص الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، لم يتأكد إقصاء أي منتخب حتى الآن من تصفيات المونديال.
وتتنافس 53 دولة في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في ثماني مجموعات تضم كل مجموعة منها ستة منتخبات، ومجموعة واحدة من خمسة منتخبات بعد انسحاب إريتريا، ويتأهل كل متصدر لمجموعته إلى كأس العالم.
وتتأهل أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثاني إلى دور فاصل لتحديد الممثل الوحيد للقارة في الملحق.
وبالنسبة لاتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف)، فإن المنتخبات التي تم إقصاؤها هي جزر فيرجن الأمريكية وجزر تركس وكايكوس.
تجدر الإشارة إلى أن كلا من كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية تحصل على مقاعد تلقائية كونها الدول المضيفة للبطولة، مما يترك ثلاثة مقاعد مباشرة واثنين آخرين محتملين عبر الملحق.
وبالنسبة لاتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول)، لم يضمن أي منتخب حتى الآن الخروج من تصفيات المونديال بشكل رسمي.
وبدأت تصفيات أمريكا الجنوبية في السابع من سبتمبر (أيلول) 2023، وسوف تنتهي فيسبتمبر (أيلول) 2025.
تتنافس عشرة منتخبات في نظام دوري واحد، حيث تلعب ضد بعضها بعضاً ذهاباً وإياباً. المنتخبات التي ستحتل المراكز الستة الأولى سوف تتأهل مباشرة إلى كأس العالم، بينما يتأهل المنتخب صاحب المركز السابع إلى الملحق.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم  لم يتأكد بشكل رسمي حتى الآن خروج أي منتخب من تصفيات المونديال، نظراً لأن التصفيات لم تبدأ بعد، وستنطلق في مارس (آذار) 2025، وستنتهي فيمارس (آذار) 2026.
الدور الأول سيتبع شكلاً مألوفاً، حيث سيتم تشكيل 12 مجموعة مكونة من أربع أو خمسة منتخبات، وسيضمن المنتخبات المتصدرة في كل مجموعة مقاعدها في كأس العالم، ولتحديد المراكز الأربعة المتبقية في "القارة العجوز"، سيتم إقامة بطولة فاصلة مكونة من 16 منتخباً، وهم 12 منتخباً حصلت على المركز الثاني في مجموعاتهم خلال الدور الأول، وأربعة منتخبات أخرى تملك أفضل تصنيف في دوري الأمم الأوروبية.
وبالنسبة لاتحاد أوقيانوسيا لكرة القدم فإن المنتخبات التي تم إقصاؤها هي جزر كوك وتونجا وساموا الأمريكية
للمرة الأولى على الإطلاق، ستضمن أوقيانوسيا مقعداً في كأس العالم، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على مقعد آخر عبر الملحق القاري.
وأقيم الدور الأول من التصفيات في سبتمبر (أيلول)  2024، والذي شمل تواجد المنتخبات الأربعة الأقل تصنيفا في القارة، بعد ذلك، سيتم لعب الدور الثاني الذي يتضمن مجموعتين، تحتوي كل مجموعة على أربعة منتخبات. أما الدور الثالث والأخير سيلعب بين أربعة منتخبات بنظام نصف النهائي والنهائي، وهو الدور الذي سيحدد ممثل أوقيانوسيا في كأس العالم والملحق القاري.

مقالات مشابهة

  • "خزنة" ينظم برنامجًا تدريبيًا لتعزيز الثقافة المالية لدى طلبة المدارس
  • وزير التعليم العالي يناقش التحضيرات للحدث الختامي لمسابقة «قادة الأنشطة الطلابية»
  • تعرف على النظام الكامل لتصفيات مونديال 2026 والمنتخبات التي ودعت
  • الخيانة التي سيجني العالم عواقبها
  • بينها منتخبنا الوطني اليمني ...فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026
  • ما هي الدول التي فازت بكأس العالم للسيدات؟
  • فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026
  • شريف الكيلاني: نتفهم جيدا التحديات التي تواجه المجتمع الضريبي ونعمل على مواجهتها
  • أطول برج خشبي في العالم..من المدينة التي ستحتضنه؟
  • احتجاجات حول العالم تطالب بالعدالة في واقعة اغتصاب وقتل طبيبة بالهند