تقترب السياسة النقدية الأمريكية من نقطة تحول حرجة خلال الأشهر المقبلة، تستهلها باجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية سبتمبر المقبل، والمتوقع أن تقرر خلاله خفض تكاليف الاقتراض، ويتولى رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وزملاؤه حاليا مهمة التوجيه بين مجموعتين متعارضتين من المخاطر. ففي حين يسعون للقضاء على التهديد الناجم عن التضخم، سيحتاجون إلى خفض أسعار الفائدة في الوقت والسرعة المناسبين لمنع حدوث تدهور سريع في سوق العمل.

متى يبدأون، وما مدى السرعة التي سيعملون بها، وإلى أين سينتهي بهم المطاف؟

يتفق مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى حد كبير على أن الوقت قد حان تقريباً لخفض أسعار الفائدة. ويتفق المستثمرون أيضاً مع ذلك، حيث تعكس الأسواق بالكامل تخفيضاً بمقدار ربع نقطة مئوية، لكن الكثير من التوتر قد تشهده الأشهر المقبلة.

وحسب بلومبرج، قال ديريك تانج، وهو اقتصادي في «إل إتش ماير مونتاري بوليسي أناليتكس» "إنهم لا يفكرون في أول تخفيضين لأسعار الفائدة فحسب، بل في الاستراتيجية الكاملة خلال الأشهر الستة إلى التسعة القادمة". وأضاف: "إنهم يتساءلون: أين نريد أن نكون إذا واجهتنا صدمات؟".

يشير ذلك إلى استراتيجية إدارة المخاطر، وهو نهج تلجأ إليه البنوك المركزية في كثير من الأحيان خلال فترات عدم اليقين الشديد.بمعنى آخر، ينظرون إلى هدفهم ويسألون: أين يكمن الخطر الأكبر؟ ثم يتخذون موقفاً ضد ذلك الخطر مع مراقبة الوضع الآخر بعناية.

التيسير النقدي

تبدأ دورات التيسير النقدي بخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وهذه الخطوة تأتي مبررة إذا اتُّخذت في اجتماع محدد موعده، بدلاً من استجابة طارئة لتصحيح سوق الأسهم. ولم تكن تلك الاستراتيجية سهلة على الإطلاق. ومع انخفاض التضخم، أدى ذلك إلى دفع أسعار الفائدة الحقيقية إلى الارتفاع حتى مع إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة القياسي ثابتاً في نطاق يتراوح بين 5.25% إلى 5.5% لأكثر من عام. لقد تباطأ خلق فرص العمل، وهدأ التضخم، ولدى "باول" لجنة منقسمة حول النقطة التي يرون عندها أكبر قدر من المخاطر.

كان محافظ بنك الاحتياطي ميشيل بومان ورئيس الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك في معسكر المتسائلين حول جدوى الاستعجال في خفض الفائدة، إذ أنهم يريدون رؤية المزيد من الأدلة على أن استقرار الأسعار أصبح واقعاً، وما زالوا يكتشفون علامات المرونة في سوق العمل. كذلك فإنهم يشيرون إلى أن بعض الارتفاع في معدلات البطالة يرجع إلى بقاء الباحثين عن عمل على الهامش. علاوة على ذلك، ففي حين أبطأت الشركات معدلات التوظيف، فإنها لم تكثف عمليات تسريح العمال.

تضخم أسعار المستهلك

بالنسبة لهذه المجموعة، يستطيع باول أن يشير إلى تقرير تضخم أسعار المستهلك لشهر يوليو ليوضح أن التخفيض بمقدار ربع نقطة مئوية في سبتمبر من غير المرجح أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وباستثناء المواد الغذائية والطاقة، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2% في الشهر، وارتفع الرقم السنوي لثلاثة أشهر، وهو إشارة إلى اتجاه التضخم على المدى القريب، بنسبة 1.6%، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2021.

البطالة.. خط أحمر

هناك أيضاً مجموعة من المسؤولين الذين وضعوا خطاً أحمرَ بشأن معدل البطالة الحالي البالغ 4.3%. قالت ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، في 5 أغسطس: "لقد تأكدنا الآن أن سوق العمل تتباطأ، ومن المهم للغاية ألا نسمح لها بالتباطؤ لدرجة حدوث ركود".

تعد المخاطر كبيرة جداً، فقد شهد الاقتصاد الأمريكي فوائد واضحة من سوق العمل المتوترة في السنوات الأخيرة، حيث تم جذب العديد من الأشخاص إلى القوى العاملة ورفع الأجور، مما ساعد في حماية الأجور ضد التضخم.

اقرأ أيضاًتحذير سياسي لرئيس الفيدرالي الأمريكي: عليك خفض أسعار الفائدة الآن

الحبتور: الارتفاع في أسعار الفائدة منذ 2022 يهدد الاقتصاد العالمي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أسعار الفائدة التضخم معدلات التضخم الاقتصاد الأمريكي جيروم باول البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة البنك الاحتياطي الفيدرالي مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بنك الاحتياطي التيسير النقدي رئيس الفيدرالي الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة سوق العمل

إقرأ أيضاً:

بعد تراجعه 0.1%.. كيف يؤثر قرار الفيدرالي بشأن الفائدة على أسعار الذهب؟

تشهد أسعار الذهب العالمية، حالة من الثبات، اليوم الثلاثاء، مع توخي المستثمرين الحذر قبل صدور قراءة مهمة للتضخم في أمريكا، غدا، والتي قد تؤثر على قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي، بشأن السياسة النقدية الأسبوع المقبل.

سعر أونصة الذهب عالميا

انخفض سعر أونصة الذهب عالميا، اليوم بنسبة 0.1% لتسجل أدنى مستوى عند 2500 دولار للأونصة، وتتداول حالياً عند المستوى 2502 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد أن ارتفعت أسعار الذهب يوم أمس، بنسبة 0.4%، وفق التحليل الفني لـ«جولد بيليون».

وتسيطر على أسعار الذهب حالة من التذبذب منذ بداية الأسبوع، بسبب رغبة الأسواق في انتظار بيانات التضخم الأمريكية، التي تصدر غدا، والتي من شأنها أن تؤثر على قرار البنك الفيدرالي، بشأن أسعار الفائدة خلال الأسبوع المقبل، ومن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين في أمريكا لشهر أغسطس بنسبة 0.2% على أساس شهري، بالتالي سيقلل هذا من الضغط على البنك الفيدرالي، بضرورة خفض أسعار الفائدة بشكل حاد، لأن التضخم يظهر تماسكا حتى الآن.

أسعار الفائدة المنخفضة

من المرجح أن تؤدي أي علامات على تباطؤ التضخم إلى زيادة الرهانات على أسعار الفائدة المنخفضة في الأشهر المقبلة، وهو السيناريو الذي يبشر بالخير للذهب، فقد كانت توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر أيضا محركا رئيسيا لمكاسب الذهب الأخيرة، نظرًا لأن الخفض من المرجح أن يبدأ دورة تخفيض أسعار الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي.

ويبدو أن البنك الاحتياطي الفيدرالي مستعدا لخفض أسعار الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل، ومن المرجح أن يؤدي المزيد من التخفيضات إلى تعزيز تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب ودفع المعدن النفيس إلى 2600 دولار للأونصة بحلول نهاية العام، كما تشير عدة مؤسسات مالية، كما أن الأسواق المالية تسعر حاليًا احتمالات بنسبة 73% لخفض أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 25 نقطة أساس في 18 سبتمبر الجاري، واحتمالات بنسبة 27% لخفض بمقدار 50 نقطة أساس.

زيادة الطلب على الذهب

يذكر أن خفض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائدا لحائزيه، لذا ينتعش الذهب في فترات خفض أسعار الفائدة، كما تساهم التوترات الجيوسياسية أيضاً بشكل كبير في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن في الأسواق المالية، هذا بالإضافة إلى التخوفات من الركود الاقتصادي العالمي الذي دفع البنوك المركزية العالمي، إلى التخلي عن محاربة التضخم واللجوء إلى خفض الفائدة للحول دون السقوط في الركود الاقتصادي.

صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب

أعلن مجلس الذهب العالمي، بيانات التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، ليظهر عدم وجود تغير في التدفقات خلال الأسبوع المنتهي في 6 سبتمبر الجاري، لتظهر صافي التدفقات النقدية بقيمة صفر، بسبب تساوي التدفقات الداخلة مع التدفقات الخارجة من الصناديق.

يأتي هذا بعد 3 أسابيع متتالية من ارتفاع التدفقات النقدية إلى صناديق الذهب، مما يدل على عدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين على الذهب، حيث تنتظر الأسوق تحركات واضحة من البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن مستقبل أسعار الفائدة قبل اللجوء إلى زيادة الاستثمار في المعدن النفيس.

مقالات مشابهة

  • تباين مؤشرات الأسهم الأمريكية عند الفتح وسط غموض بشأن أسعار الفائدة
  • التضخم في أمريكا يتراجع إلى 2.5% خلال أغسطس
  • أسعار الذهب العالمية ترتفع فوق 2500 دولار.. ماذا يحدث في سوق المعدن الأصفر؟
  • بعد تراجعه 0.1%.. كيف يؤثر قرار الفيدرالي بشأن الفائدة على أسعار الذهب؟
  • هل يمكن الاحتياطي الفيدرالي أن يتجنّب هبوطاً قوياً؟
  • هل يُخفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة؟.. توقعات صادمة
  • أسعار الذهب تستقر مع ترقب بيانات التضخم الأميركية
  • الذهب يستقر قبل صدور بيانات التضخم
  • تراجع أسعار الذهب العالمية اليوم بسبب «بيانات التضخم الأمريكية»
  • الدولار يستقر مع هيمنة توقعات نطاق خفض الفائدة الأمريكية على الأسواق