الواقع الثقافي الراهن للتراث الثقاقي السوري المادي واللامادي.. حمص أنموذجاً
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
حمص-سانا
الآثار في سورية تعد دليلا على الحقب التاريخية التي مرت عبر العصور على هذه الأرض وهي هوية الشعب، لكونها تعرف الإنسان بتاريخه وتمكنه من صياغة مستقبله، وتمثل حلقة وصل بين ماضي الشعب السوري وحاضره.
وتعتبر محافظة حمص من المحافظات الغنية بتنوعها التراثي بشقيه المادي واللامادي، نظراً لمساحتها الكبيرة والتي تعد بمثابة القلب في جسد سورية.
قوانين حماية الأثر والآثار، وما تعرضت له من تخريب ممنهج خلال الحرب في سورية… تقول رئيسة الجمعية العلمية التاريخية السورية بحمص الدكتورة “فيروز يوسف”: إن الأثر والآثار هي الثروة الوطنية والحضارية والإنسانية في سورية التي تعتبر مركزاً حضارياً مهما في خارطة العالم القديم، وموطن المدينة الأولى أريحا، والأبجدية الأولى رأس شمرا، وقد تعرضت في العقد الأخير إلى النهب والتدمير، نتيجة الحرب على سورية ما جعلها تواجه اليوم تهديداً حقيقياً على خلفية هذه الحرب.
وتهدف القوانين السورية والدولية الخاصة بالآثار حسب “يوسف” إلى حمايتها والحفاظ عليها من التخريب والسرقة، وقد صدرت قوانين سورية عدة بهذا الخصوص، كما قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو” بإطلاق مشاريع لحماية التراث السوري، والمساعدة في كشف ما تمت سرقته وتدميره وملاحقة مجرمي الاتجار ومثولهم أمام القانون الدولي.
إضاءة على التراث اللامادي في محافظة حمص… وخلال ندوة تراثية في ثقافي حمص تحدثت الباحثة رشا برهوم من برنامج التراث الحي في الأمانة السورية للتنمية عن التراث اللامادي لمحافظة حمص، مستعرضة مجالاته المتنوعة والغنية في كل منطقة وحي وقرية،
منها التقاليد وأشكال التعبير الشفهي “أغاني الأطفال هدهدات قبل النوم، الأغاني والأمثال والحكم والألغاز الشعبية”، وفنون وتقاليد أداء العروض “رقص المولوية والسماح والقادرية والدبكة والرقص الشعبي السيف والترس والعراضة ومسرح العرائس والدمى وكركوز وعيواظ والتمثيل والرقص والموسيقا الغنائية والعزف”، والممارسات الاجتماعية والطقوس الاحتفالية “الأعراس
التقليدية، عادات المولود، الأعياد الاجتماعية، الكرنفالات، قطاف الزيتون، ضيافة البدو، الحصاد، المهرجانات”، والممارسات الدينية والمعارف والممارسات المرتبطة بالكون والطبيعة “طقوس إنتاج القمح، مربعانية وخمسينية الشتاء، نظام العلاج التقليدي والطب الشعبي”، والألعاب التقليدية والأشياء المادية التراثية “اللباس التقليدي، الآلات الموسيقية، المنتجات الحرفية”، والمعارف والمهارات المرتبطة بالحرف التقليدية والمطبخ التقليدي.
الوضع الراهن للتراث اللامادي في محافظة حمص… وبينت “برهوم” أن التراث اللامادي بحمص تأثر بالوضع الاقتصادي للتسويق واستيراد المواد الأولية والتغيرات الديمغرافية للمجتمعات والتطور التكنولوجي وعزوف الأبناء عن ممارسة مهنة الآباء واندثار بعض عناصر التراث الثقافي.
وتؤكد الباحثة ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في إعداد وتنفيذ خطط الصون المقترحة للتراث اللامادي السوري، ونقل معارف التراث بالطرق الرسمية وغير الرسمية، وضمان الانتفاع الاقتصادي بالتراث، وفقاً لمعايير محددة والعمل على استدامته وتعزيز وترويج التراث ورفع وعي المجتمعات بأهمية ممارساتهم، إضافة إلى التركيز على ضرورة استكمال عمليات جرد وحصر عناصر التراث في محافظة حمص بأقرب وقت ممكن، بالتعاون بين المجتمع المحلي والجهات المعنية.
النقوش التدمرية أنموذج مهم للتراث المادي بحمص… وخلال الندوة التراثية عرج الباحث التاريخي الدكتور علي صقر أحمد على النقوش التدمرية كمثال خالد على الغنى الحضاري والثقافي لمدينة تدمر، ومنها “النذرية التكريمية” وهي ظاهرة فريدة من نوعها موجودة فقط في تدمر، والنصوص المدونة على حوامل التماثيل والأعمدة والتي كانت تخلد اسم كل شخص يقدم خدمات لمدينته، والنقوش القبورية، وبطاقات الولائم، والنقش الضريبي الموجود في متحف الارميتاج والذي يعتبر من أقدم القوانين الضريبية الاقتصادية على وجه الأرض، والعديد من الكسيرات الصغيرة التي تدل على مجتمع ثقافي متحضر.
جهود مؤسساتية تبذل لحماية التراث وإظهار أهميته ودوره في المجتمعات… ويؤكد مدير مؤسسة أرض الشام المنظمة لسلسلة ندوات تراثية “باسل الدنيا” أهمية العمل التشاركي ضمن خطة ممنهجة على موضوع الهوية الثقافية السورية، والانطلاق إلى المحافظات التي طالتها الحرب، وأثرت على تراثها الثقافي المادي واللامادي، لافتاً إلى أنه من هنا بدأت مؤسسة أرض الشام من مدينة حمص لتنطلق منها إلى باقي المحافظات، ضمن برنامج محدد يهدف إلى تسليط الضوء على الواقع الثقافي الراهن لكل مدينة.
لارا أحمد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
انطلاق فعاليات مهرجان الوثبة للتمور في أبوظبي
انطلقت مساء اليوم فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الوثبة للتمور الذي تنظمه هيئة أبوظبي للتراث، ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد في منطقة الوثبة بأبوظبي، وسط أجواء تعكس مكانة النخلة في التراث الإماراتي.
ويشهد مهرجان التمور، الذي يستمر حتى 28 فبراير المقبل، مشاركة واسعة من المزارعين ومنتجي التمور، الذين يتنافسون في 12 مسابقة لتغليف 6 أصناف من التمور خصصت لها 120 جائزة بقيمة إجمالية تتجاوز مليوني درهم.
وقال عبيد خلفان المزروعي، المدير التنفيذي لقطاع المهرجانات والفعاليات في هيئة أبوظبي للتراث بالإنابة، إن مهرجان الوثبة للتمور يسعى إلى تسليط الضوء على مكانة النخلة ومنتجاتها في المجتمع الإماراتي تزامناً مع موسم جني التمور، الذي يعد من التقاليد الإماراتية ورمزاً للكرم والضيافة، وما يمثله من قِيَم الهُويَّة الوطنية والسنع الإماراتي، ليواصل المسيرة الناجحة التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ونهجه في استدامة القطاع التراثي والزراعي وتعزيز ثقافة الزراعة في مجتمع الإمارات.
وأوضح أن المهرجان يضم 40 محلّاً لبيع التمور والصناعات المرتبطة بها، وذلك حرصاً من هيئة أبوظبي للتراث على دعم التنمية الزراعية المستدامة بما يعزز الأمن الغذائي واستخدام الأساليب الحديثة في الزراعة وتشجيع الإنتاج المحلي.
ويهدف مهرجان الوثبة للتمور إلى دعم القطاع الزراعي، وتنمية صناعة التمور، وتعزيز الأمن الغذائي، وتشجيع المنتجين والمزارعين لتطوير إنتاجهم، بجانب توفير فرصة لتبادل المعارف والخبرات بينهم، وإتاحة الفرصة للزوار عبر فعاليات ترفيهية وتعليمية للتعرف إلى أهمية النخيل في التراثي الإماراتي.