حمص-سانا

الآثار في سورية تعد دليلا على الحقب التاريخية التي مرت عبر العصور على هذه الأرض وهي هوية الشعب، لكونها تعرف الإنسان بتاريخه وتمكنه من صياغة مستقبله، وتمثل حلقة وصل بين ماضي الشعب السوري وحاضره.

وتعتبر محافظة حمص من المحافظات الغنية بتنوعها التراثي بشقيه المادي واللامادي، نظراً لمساحتها الكبيرة والتي تعد بمثابة القلب في جسد سورية.

قوانين حماية الأثر والآثار، وما تعرضت له من تخريب ممنهج خلال الحرب في سورية… تقول رئيسة الجمعية العلمية التاريخية السورية بحمص الدكتورة “فيروز يوسف”: إن الأثر والآثار هي الثروة الوطنية والحضارية والإنسانية في سورية التي تعتبر مركزاً حضارياً مهما في خارطة العالم القديم، وموطن المدينة الأولى أريحا، والأبجدية الأولى رأس شمرا، وقد تعرضت في العقد الأخير إلى النهب والتدمير، نتيجة الحرب على سورية ما جعلها تواجه اليوم تهديداً حقيقياً على خلفية هذه الحرب.

وتهدف القوانين السورية والدولية الخاصة بالآثار حسب “يوسف” إلى حمايتها والحفاظ عليها من التخريب والسرقة، وقد صدرت قوانين سورية عدة بهذا الخصوص، كما قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو” بإطلاق مشاريع لحماية التراث السوري، والمساعدة في كشف ما تمت سرقته وتدميره وملاحقة مجرمي الاتجار ومثولهم أمام القانون الدولي.

إضاءة على التراث اللامادي في محافظة حمص… وخلال ندوة تراثية في ثقافي حمص تحدثت الباحثة رشا برهوم من برنامج التراث الحي في الأمانة السورية للتنمية عن التراث اللامادي لمحافظة حمص، مستعرضة مجالاته المتنوعة والغنية في كل منطقة وحي وقرية،

منها التقاليد وأشكال التعبير الشفهي “أغاني الأطفال هدهدات قبل النوم، الأغاني والأمثال والحكم والألغاز الشعبية”، وفنون وتقاليد أداء العروض “رقص المولوية والسماح والقادرية والدبكة والرقص الشعبي السيف والترس والعراضة ومسرح العرائس والدمى وكركوز وعيواظ والتمثيل والرقص والموسيقا الغنائية والعزف”، والممارسات الاجتماعية والطقوس الاحتفالية “الأعراس

التقليدية، عادات المولود، الأعياد الاجتماعية، الكرنفالات، قطاف الزيتون، ضيافة البدو، الحصاد، المهرجانات”، والممارسات الدينية والمعارف والممارسات المرتبطة بالكون والطبيعة “طقوس إنتاج القمح، مربعانية وخمسينية الشتاء، نظام العلاج التقليدي والطب الشعبي”، والألعاب التقليدية والأشياء المادية التراثية “اللباس التقليدي، الآلات الموسيقية، المنتجات الحرفية”، والمعارف والمهارات المرتبطة بالحرف التقليدية والمطبخ التقليدي.

الوضع الراهن للتراث اللامادي في محافظة حمص… وبينت “برهوم” أن التراث اللامادي بحمص تأثر بالوضع الاقتصادي للتسويق واستيراد المواد الأولية والتغيرات الديمغرافية للمجتمعات والتطور التكنولوجي وعزوف الأبناء عن ممارسة مهنة الآباء واندثار بعض عناصر التراث الثقافي.

وتؤكد الباحثة ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في إعداد وتنفيذ خطط الصون المقترحة للتراث اللامادي السوري، ونقل معارف التراث بالطرق الرسمية وغير الرسمية، وضمان الانتفاع الاقتصادي بالتراث، وفقاً لمعايير محددة والعمل على استدامته وتعزيز وترويج التراث ورفع وعي المجتمعات بأهمية ممارساتهم، إضافة إلى التركيز على ضرورة استكمال عمليات جرد وحصر عناصر التراث في محافظة حمص بأقرب وقت ممكن، بالتعاون بين المجتمع المحلي والجهات المعنية.

النقوش التدمرية أنموذج مهم للتراث المادي بحمص… وخلال الندوة التراثية عرج الباحث التاريخي الدكتور علي صقر أحمد على النقوش التدمرية كمثال خالد على الغنى الحضاري والثقافي لمدينة تدمر، ومنها “النذرية التكريمية” وهي ظاهرة فريدة من نوعها موجودة فقط في تدمر، والنصوص المدونة على حوامل التماثيل والأعمدة والتي كانت تخلد اسم كل شخص يقدم خدمات لمدينته، والنقوش القبورية، وبطاقات الولائم، والنقش الضريبي الموجود في متحف الارميتاج والذي يعتبر من أقدم القوانين الضريبية الاقتصادية على وجه الأرض، والعديد من الكسيرات الصغيرة التي تدل على مجتمع ثقافي متحضر.

جهود مؤسساتية تبذل لحماية التراث وإظهار أهميته ودوره في المجتمعات… ويؤكد مدير مؤسسة أرض الشام المنظمة لسلسلة ندوات تراثية “باسل الدنيا” أهمية العمل التشاركي ضمن خطة ممنهجة على موضوع الهوية الثقافية السورية، والانطلاق إلى المحافظات التي طالتها الحرب، وأثرت على تراثها الثقافي المادي واللامادي، لافتاً إلى أنه من هنا بدأت مؤسسة أرض الشام من مدينة حمص لتنطلق منها إلى باقي المحافظات، ضمن برنامج محدد يهدف إلى تسليط الضوء على الواقع الثقافي الراهن لكل مدينة.

لارا أحمد

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الثقافة تستضيف ورشة عمل دولية حول "حماية وصون تقاليد الطعام العربية"

تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، والدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، تقيم اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المصرية، ورشة عمل بعنوان "حماية التراث الثقافي غير المادي وصونه وتوظيفه في التنمية المستدامة في الدول العربية… تقاليد الطعام نموذجًا"، وذلك يومي الإثنين والثلاثاء 1 و 2 يوليو 2024، العاشرة صباحًا، بالمجلس الأعلى للثقافة، وذلك بمشاركة نُخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال "صون التراث غير المادي".

تُناقش الورشة مفهوم التراث الثقافي غير المادي وتطبيقاته في تقاليد الطعام، بالإضافة إلى دور تقاليد الطعام في التنمية المستدامة.

كما تُشارك كل من: "المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة المغربية، السودان، المملكة العربية السعودية، ليبيا، الكويت، الجمهورية التونسية"، تجاربها في توثيق الأطعمة التقليدية وصونها.

وتهدف الورشة لنشر الوعي حول أهمية التراث الثقافي غير المادي، خاصة تقاليد الطعام، ودوره في التنمية المستدامة، ومناقشة سبل حماية وصون تقاليد الطعام العربية، واستكشاف آليات توظيف تقاليد الطعام في مجالات التنمية المختلفة، مثل: السياحة والاقتصاد والتعليم، وتبادل الخبرات والتجارب بين الدول العربية في مجال صون تقاليد الطعام.

تتضمن محاور ورشة العمل، موضوعات: "تقاليد الطعام كتراث ثقافي غير مادي، تقاليد الطعام والتنمية المستدامة، صون تقاليد الطعام، الوظائف الاجتماعية والدلالات الثقافية لتقاليد الطعام".

مقالات مشابهة

  • (كركوز – نيهاو صين) عرض مشترك سوري صيني على مسرح القباني بدمشق
  • وزيرة الثقافة تفتتح ورشة العمل الدولية حول حماية وصون تقاليد الطعام
  • «الثقافة»: نعمل على إدراج الأطعمة الشعبية في قائمة التراث العالمي
  • وزيرة الثقافة تُفتتح ورشة العمل الدولية حول "حماية وصون تقاليد الطعام"
  • الليلة.. روائع تراث الطرب بمعهد الموسيقى العربية
  • باحثون وكُتّاب: للإمارات دور محوري في حفظ التراث العربي
  • الثقافة تستضيف ورشة عمل دولية حول الحفاظ على تقاليد الطعام العربية
  • «الثقافة» تستضيف ورشة عمل دولية حول حماية وصون التراث غير المادي
  • الثقافة تستضيف ورشة عمل دولية حول "حماية وصون تقاليد الطعام العربية"
  • “حداء الإبل”.. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي