أغسطس 2024

إيمان بلدو

بعد انقضاء ستة عشر شهرًا من الحرب، يشهد السُّودان أكبر كارثة إنسانية في العالم، إذْ يعاني الملايين من أبناء وبنات الشَّعب السُّوداني من أكبر أزمة جوع و ازمة نزوح في العالم اليوم.
تتحمّل القوّات المسلَّحة السُّودانية وقوّات الدَّعم السَّريع المسؤولية الأساسية عن الانتهاكات التي منذ 15 أبريل 2024 التي نتج عنها حتى الآن انهيار معنوي مُطبق، وأزمة حياتية باهظة التَّكلفة عمّت جميع أنحاء البلاد.

ومنذ بدء اشتعال هذه الحرب في العاصمة الخرطوم، حيث كانت تتمركز العديد من قطاعات الإنتاج والخدمات، تكبَّد السُّودان تكلفة فاقت كل المقاييس، شملت تدمير البنية التَّحتية، والمجمَّعات الصِّناعية، ومختلف سبل كسب العيش للملايين. لقد فقد الملايين من السُّودانيين ممتلكاتهم وتواصلهم العائلي، و حواضنهم الاجتماعية وسبل كسب عيشهم، بينما بلغ عدد الضّحايا ممن فقدوا حياتهم عشرات الآلاف، مع العلم انه لا توجد احصائيات دقيقة فيما يتعلق باعداد الجرحى و المصابين و المفقودين. لقد أضطر أكثر من 10 ملايين سوداني إلى النُّزوح لعدة مرَّات داخل البلاد، ووفقًا للمنظَّمة الدّولية للهجرة، فقد شقَّ أكثر من مليوني شخص طريقهم إلى البلدان المجاورة، حيث يعيشون في أوضاع مزرية، ومحفوفة بالمخاطر الجَّسيمة. نحن أمة نحيا الآن في حالة من الفرار المستمر من خطر داهم وماحق، حيث تتوقّع كل امرأة أو فتاة أن تكون الضَّحية التَّالية للاغتصاب في أي لحظة.
المجاعة الطَّاحنة تنذر بالأهوال
يُعاني السُّودان من أكبر أزمة جوع في العالم مشرفاً على تخوم انهيار كامل، وذلك وفقًا لوكالات الأمم المتَّحدة. وبحلول شهر أكتوبر 2024، يُتوقَّع أن يفقد اكثر من 2.5 مليون شخص حياتهم بسبب المجاعة (Payton Knopf, Justsecurity.org, 12 أغسطس 2024). كما حذَّر تصنيف المرحلة المتكاملة للأمن الغذائي (IPC)، وهي الهيئة العالمية المدعومة من الأمم المتَّحدة التي تتعقّب مؤشِّرات انعدام الأمن الغذائي والجوع، من أن هناك حاجة لاتِّخاذ إجراءات فورية لـ:
"منع انتشار الموت على نطاق واسع، والانهيار الَّتام لسبل كسب العيش، وتجنُّب أزمة جوع كارثية في السُّودان."
أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في يوم الثُّلاثاء 23 يوليو 2024، أن الولايات المتَّحدة قد دعت الأطراف المتحاربة في السُّودان إلى الحوار في جنيف. وقرَّرت الإدارة الأمريكية التَّدخُّل، ليس كمُسهِّل للحوار فقط، بل كوسيط مباشر هذه المرَّة.
تستضيف سويسرا والمملكة العربية السَّعودية المحادثات المقرَّرة في 14 أغسطس، والتي تهدف إلى إنهاء القتال في السُّودان الذي اندلع في 15 أبريل 2023 بين القوّات المسلَّحة السُّودانية (SAF) وقوّات الدَّعم السَّريع (RSF) (المنتدى الاقتصادي العالمي، تاريخ 9 أغسطس 2024). و قد تاكد مشاركة دول أخرى كمراقبين إضافيين، وهي: الاتِّحاد الإفريقي، ومصر، والأمم المتَّحدة، والإمارات العربية المتَّحدة (ABC News، 24 يوليو 2024).
وقال مسؤول أمريكي كبير لشبكة ABC الإخبارية: "علينا أن نستمع إلى الشَّعب السُّوداني، وأن نُطلق عملية فعّالة بشأن وقف إطلاق النّار وإيصال المساعدات الإنسانية". ووفقًا لتغريدة المبعوث الأمريكي الخاص للسوداان في 12 أغسطس 2024:
"لن ينتهي أغسطس والسُّودانيون ما يزالون يقضون ليلهم جائعين."

حماية المدنيين: الامن من الجوع و الأمن من الخوف
"وقف إطلاق النّار بمعزل عن ترتيبات مصاحبة لن يحمي الأرواح"، خلود خير (إفادة أمام مجلس الأمن الدّولي، 7 أغسطس 2024).
تعتقد كاتبة هذا المقال أنه، ومن أجل النّجاح في جهود الوساطة في سويسرا، يتعيّن على الحكومة الأمريكية، والوسطاء، والشُّركاء التركيز على يلي:
• الدِّفاع عن مبررات تعاطيهم مع السِّياق السُّوداني، وتجنُّب أوجه القصور السَّابقة في مسار انخراطهم في الشَّأن السُّوداني في مرحلة ما بعد ثورة 2019 في السُّودان، وذلك من أجل العمل على تأسيس نظام سياسي مستقر. وفي هذا الصَّدد، يتعيّن على اللَّاعبين الدّوليين أن يكونوا حازمين في ضرورة تحاشي الوقوع في نفس الحسابات الخاطئة السَّابقة، واتّباع مسار جديد في مواجهة الحقائق، حيث لا يحتمِل الوضع المزيد من الفرص الضَّائعة.
• الاستمرار في محادثات وقف إطلاق النّار في سويسرا بغض النَّظر عن طبيعة ومستوى تمثيل الأطراف المتحاربة. ويجب على جميع الحاضرين تأكيد التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني و القانون الدَّولي لحقوق الانسان. ومن المهم أيضًا أن تلتزم الوفود المشاركة بالزام المتحاربين بوقف التَّجنيد القسري للمدنيين للانضمام إلى صفوفهم، بما في ذلك تجنيد النِّساء والشَّباب.
• ضمان التَّوقُّف الفوري للأعمال العدائية، ومنع أي توسع إضافي للقتال في مناطق أخرى في السُّودان من قِبل قوّات الدَّعم السَّريع والمليشيات المتحالفة. كما يجب فرض حظر على استمرار القصف الجَّوي على المدنيين من قِبَل القوّات المسلَّحة السُّودانية. بالإضافة إلى ذلك، يجب حظر إيذاء المدنيين بما فيه الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي و الامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب من قبل كلا الطَّرفين المتحاربين، واعتبار ذلك الفعل ضمن جرائم الحرب. علاوة على ذلك، ينبغي اتِّخاذ إجراءات عقابية ضد الأطراف التي تنتهك هذه الأحكام، وكذلك ضد الجِّهات الخارجية التي تدعم أي طرف من خلال استمرار تزويده بالأسلحة، مما يؤدِّي إلى تفاقم النِّزاع.
• مراجعة التَّجارب السَّابقة في السُّودان، وفي مناطق النِّزاعات الأخرى، والتي تم فيها التَّفاوض على وصول المساعدات الإنسانية مع الأطراف المتحاربة على الأرض، وذلك بغض النَّظر عن وجود اتِّفاق شامل لوقف إطلاق النّار في الوقت الراهن.
• المواءمة بين نص وروح اتفاقيات وقف إطلاق النّار التي سيتم التَّوصُّل إليها. وذلك لأن إعلان جدة بتاريخ 11 مايو 2023، وما جاء بعده من جولات محادثات، كانت غير ذات أثر، وكذلك كانت سلسلة من اتِّفاقات وقف إطلاق النّار المؤقت والتي نكصت الأطراف المتحاربة عن الالتزام بها قبل ان يجف المداد الذي كتبت به. و هنا نؤمٌن على أن المطالبة بوقف جميع الأعمال العدائية و الوصول الى اتفاق دائم لاطلاق النار إضافة الى توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية هي مسألة ضرورية و عاجلة في آن معاً.
• وضع أنظمة دقيقة لمراقبة وضمان ترتيبات وقف إطلاق النّار مع تحديد اسقف زمنية واضحة و ملزمة.
• إنشاء أنظمة إدارية و رقابية بالتَّعاون مع المجتمعات المحلَّية لتحقيق هدفين: أ) متابعة مستويات الأمن الغذائي؛ ب) إنشاء أجهزة محلّية تكلّف بالإشراف على الأزمة المستفحلة و إدارتها، وذلك من خلال حصر الموارد المتاحة و توزيع الغذاء والدّواء بين ولايات السودان المختلفة.
• تأمين الموسم الزّراعي في جميع أبعاده.
• تحاشي الوقوع في اتِّباع أساليب الإصلاح الأمني الرّمزية و الاساليب غير الجَّوهرية، و تفادي بروتوكولات نزع السِّلاح والتَّسريح وإعادة الدمج غير المكتملة مع وضع الجداول الزمنية المحددة لما يتم التوصل اليه من اتفاق.
• تجنُّب جميع أشكال ترتيبات تقاسم السُّلطة في الاتفاقات المستقبلية.
• تجنُّب تقسيم البلاد بين الأطراف المتحاربة وفقًا لجغرافية السَّيطرة الحالية على الأرض.
• استبعاد الأطراف المتحاربة عن أي تشكيلات للحكومة المستقبلية.
• إزالة جميع أشكال الوجود العسكري داخل المدن ، و الخروج من الأعيان المدنية، بما في ذلك المناطق السَّكنية مع تحديد الاسقف الزمنية لذلك.
• الاعتراف بأنظمة ومبادرات الوساطة والحماية المجتمعية المجرّبة والمتاحة على أرض الواقع، والعمل معها يدًا بيد. وفي هذا الصَّدد، من شأن المسارات المجتمعية لبناء السَّلام أن تُسهِّل اتِّباع نهج أكثر قوة واستدامة من أجل تحقيق السَّلام.
• إضافة العنف الجِّنسي المتعلِّق بالنِّزاع المسلح كمعيار محدَّد منفصل للعقوبات التي تستهدف الأفراد. إن الحاجة الى حماية لمدنيين، وخاصة النِّساء والأطفال، ذات أهمية قصوى سواء اكان ذلك داخل السُّودان أوعلى حدود السُّودان أو خارجه في الدول التي لجأ اليها السودانيون.
• توسيع مدى حظر الأسلحة ليشمل جميع أنحاء البلاد.
• - تقليص الخلاف داخل الأطراف المتحاربة، وفيما بينها، من خلال بناء الثِّقة.
• ضمان مشاركة النِّساء في جميع عمليات المساعدات الإنسانية، بما في ذلك تحديد الاحتياجات، فضلًا عن توزيع المساعدات ومراقبة العمليات الإنسانية.
• توفير التَّمويل الضَّروري للمبادرات السُّودانية، مثل المطبخ المجتمعي و غرف الطوارئ.
• ضمان مشاركة النِّساء في محادثات وقف إطلاق النّار ومحادثات السَّلام المخطَّط لها، وكذلك أنشطة بناء، وصنع، ومراقبة السَّلام في المستقبل.
• تحتاج الولايات المتَّحدة وشركاؤها إلى إنشاء بعثة لحماية المدنيين لتنزيل مخرجات اتفاق جدة على أرض الواقع.
التمويل الذاتي المقترح لبرامج المساعدات الإنسانية
تُقِرُّ نتائج قمة ريو+20 (https://sustainabledevelopment.un.org/rio20.html)، وأجندة 2030 للتَّنمية المستدامة، أن التِّجارة الدّولية تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز النُّمو الاقتصادي المستدام والشَّامل، وخلق الوظائف، وزيادة الدَّخل، وتحسين رفاهية الشُّعوب.
باعتبارهم الأطراف المعنية الرَّئيسية وأصحاب المصلحة في قضايا التِّجارة وأهداف التَّنمية المستدامة (SDGs)، تنشط كل من الأونكتاد (UNCTAD)، ومنظَّمة التِّجارة العالمية (WTO)، والمركز الدَّولي للتِّجارة، في مراقبة الاتِّجاهات، وتحليل السِّياسات، وبناء القدرات التحليلية، وذلك لجعل التِّجارة الدّولية محرِّكًا للتَّنمية المستدامة.
تجارة الذَّهب كمحرك للاقتصاد السوداني:
رغم العواقب الكارثية للحرب المستمرة، لا تزال عمليات نهب الذَّهب والموارد المعدنية الأخرى تجري على قدم و ساق. في الوقت نفسه، ما زالت حكومة الأمر الواقع تقوم بتصدير المنتجات الزّراعية، بما في ذلك الصّْمغ العربي، بالإضافة إلى اللُّحوم والحيوانات الحيِّة، بينما يواجه أكثر من نصف سكان السُّودان مجاعة وشيكة. أمّا التَّعهُّد بالتَّبرُّعات لبرامج المساعدات الإنسانية للسُّودان، والمقدَّرة بنحو 2.1 مليار دولار في مؤتمر باريس في أبريل 2024، فلا زالت تراوح مكانها في حدود حوالي 20%.
في إطار المحاولات لإيجاد حلول للاحتياج الماس للموارد المالية طُرحت مبادرة ، في إطار توصية سياسية، تحت اسم: "الذَّهب، والسَّاحل، والموارد الطَّبيعية: سعي السُّودان للتِّجارة، وليس المساعدات". نشرت المؤلفة هذه الفكرة لأول مرة في فبراير 2024. ومنذ ذلك الحين، اكتسبت الفكرة زخمًا ودعمًا من مستشارين وخبراء بارزين، بما في ذلك المكتب الاستشاري العالمي (wide Scope Consultancy). وقد طرحت المؤلفة هذه المبادرة من خلال مشاركتها في المنتدى السِّياسي الرِّفيع المستوى للتَّنمية المستدامة في مقر الامم المتحدة في نيويورك، في شهر يوليو 2024.
يتم تداول الذَّهب السوداني حاليًا بشكل علني عبر ميناء بورتسودان كما يتم تهريب الذهب بطرق سرية عبر منافذ عديدة، بينما تستمر عائدات هذه التِّجارة في تأجيج الحرب، إذْ يستولى أمراء الحرب على الجُّزء الأكبر من العائدات. ومن أجل وقف الحرب في السُّودان، فإن الخطوة الأولى هي تجفيف الموارد التي تغذيها.
يدعو مؤيدو المبادرة إلى إنشاء صندوق تمويل للاستقرار (Stabilisation Fund)، تحت إدارة برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي (UNDP)، لتمويل برامج المساعدات الإنسانية في السُّودان. وبالتَّعاون مع الدُّول والشَّركات التي تستورد الذَّهب والمنتجات الزِّراعية، يكون من الواجب على الولايات المتَّحدة وشركائها التَّوصُّل إلى اتِّفاق مع المستوردين للإفصاح عن قيمة معاملاتهم في هذه السِّلع، والمساهمة في توفير الموارد المالية لصندوق استقرار السُّودان. كما ينبغي فرض غرامات على أولئك الذين يتعاملون في التِّجارة غير المشروعة لموارد السُّودان، و نقترح أن تضاف عائدات الغرامات أيضًا إلى صندوق استقرار السُّودان.
علاوة على ذلك، على الولايات المتَّحدة والاتِّحاد الأوروبي والمملكة المتَّحدة، وغيرهم من الدّول، الإفراج عن عوائد الأصول المجمَّدة للأفراد السُّودانيين والكيانات الخاضعة للعقوبات. كما ينبغي ابتكار استراتيجية واضحة، بانخراط الشركاء العالميين أيضًا، بحيث يمكن استخدام هذه الأموال في تمويل برامج المساعدات الإنسانية مباشرة .
والأهمّْ من ذلك، يتعيِّن على الجِّهات الفاعلة العالمية أن تُنشئ، وبأثر فوري، أنظمة لفرض غرامات على جميع مرتكبي الفظائع والجَّرائم ضد البلاد، وبنيتها التَّحتية، وضد المدنيين، وخاصة التي تشمل ضحايا الاغتصاب، والاستعباد، والتَّعذيب، والقتل. ويجب إيداع عائدات هذه الغرامات في صندوق استقرار السُّودان المقترح لاستخدامها في تعويضات الأفراد المتضرِّرين و آليات جبر الضرر.
بالإضافة الى ما سبق، و للحفاظ على كرامة ورفاهية السُّودانيين، يُلتمس من المنتدى المنعقد في سويسرا حاليًا أن يعمل على إنشاء بروتوكول هجرة للسُّودانيين على غرار البروتوكول الخاص بأوكرانيا.
أخيرًا، يمكن للولايات المتَّحدة وشركائها العمل مع الاتِّحاد الأوروبي لمراجعة "عملية الخرطوم" (the Khartoum Process)، وتعويض الشَّعب السُّوداني عن معاناته بسبب تقوّية و تعزيز مقدرات قوّات الدَّعم السَّريع و تمويلها لمحاربة الهجرة.
التَّوصيات الباحثة عن مضارب للحل السِّياسي
أولًا، بدء عملية استشارية شفَّافة، ليس مع مجموعة فرعية فقط، ولكن مع جميع أصحاب المصلحة السُّودانيين، وذلك عبر مسارات موازية، بهدف توسيع المشاركة وإظهار التزام حقيقي بتنازل العسكريين عن السُّلطة وتسليمها للمدنيين الوطنيين من ذوي الكفاءات و الخبرة.
ثانيًا، توحيد منصّات الوساطة.
ثالثًا، إنشاء مسار دبلوماسي موازٍ، ومنفصل عن محادثات وقف إطلاق النّار، يركِّز على معالجة العنف ضد المدنيين، مع تدابير تستهدف حماية المدنيين، وخاصة النِّساء.
رابعًا، يتعيِّن على الولايات المتَّحدة والشُّركاء الدّوليين إحالة كافة العمليات المتعلّقة بقضايا الدّولة ونظام الحكم إلى الشَّعب السُّوداني. ومن الطَّبيعي أن تندرج القضايا المتعلِّقة بالعدالة ضمن ذلك الإطار.

eiman_hamza@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الأطراف المتحاربة الولایات المت بما فی ذلک من خلال ات الد فی الس من أجل

إقرأ أيضاً:

أول الغيث قطرة من حملة ترامب.. وزارة الدفاع الأمريكية تعتزم تسريح 5400 موظف

قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يوم الجمعة، إنها ستلغي 5400 وظيفة في إطار حملة الرئيس دونالد ترامب لتقليص القوة العاملة الفيدرالية.

والتخفيضات التي من المقرر أن تتم الأسبوع المقبل لا تشكل سوى جزء ضئيل من تسريح 50 ألف موظف في وزارة الدفاع والتي توقعها البعض، ولكنها قد لا تكون الأخيرة.

وقال أحد كبار المسؤولين دارين سيلنيك، إن البنتاغون سوف ينفذ تجميد التوظيف وقد يقلص في نهاية المطاف قوته العاملة المدنية التي يبلغ قوامها 950 ألف موظف بنسبة تتراوح بين 5% و8%.

وتُعد هذه التخفيضات هي الأحدث في إطار عملية إصلاح سريعة يقودها الملياردير إيلون ماسك والتي أدت إلى تسريح أكثر من 20 ألف عامل وتفكيك البرامج في جميع أنحاء الحكومة الأمريكية، من المساعدات الخارجية إلى الرقابة المالية.

قلق من حملة ماسك

وكانت نتائج التحديات القانونية متباينة حتى الآن، حيث رفض القضاة الفيدراليون وقف عمليات التسريح.

والجمعة، مهد قاض فيدرالي الطريق أمام ترامب لوضع أكثر من 2000 عامل في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في إجازة، لكن المحكمة العليا الأمريكية منعت ترامب من إقالة رئيس مكتب المستشار الخاص وهي وكالة رقابية مستقلة، على الفور.

كما أمر مكتب التحقيقات الفيدرالي بنقل 1500 موظف من مقره الرئيسي في واشنطن إلى مكاتب في مختلف أنحاء البلاد.

ووفقا لأرقام حكومية، يعمل ما يقرب من واحد من كل أربعة موظفين في مكتب التحقيقات الفيدرالي حاليا في واشنطن.

من جهة أخرى سارعت إدارة ترامب إلى إعادة توظيف الأشخاص الذين طردتهم، بما في ذلك العمال الذين يشرفون على السلامة النووية والاستجابة لإنفلونزا الطيور.

وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة إنها ستستدعي عمالا فصلوا من وظائفهم في السابق ويشرفون على خطة صحية لـ 137 ألف شخص أصيبوا بالمرض بسبب التعرض لمواد سامة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.

كما قالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنها ستعيد العمل بعقدين بحثيين ألغتهما للتحقيق في معدلات الإصابة بالسرطان بين المستجيبين للطوارئ بعد أن واجهت انتقادات من الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس.

إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجرته “رويترز / إبسوس” أن أغلبية الأمريكيين يشعرون بالقلق من أن حملة ماسك لتقليص حجم الشركات قد تؤدي إلى تعطيل الخدمات الحكومية.

ويقول خبراء قانونيون إن ترامب وماسك ينتهكان القوانين التي تمنح الكونغرس سلطة التعامل مع مسائل الإنفاق.

200 ألف عامل تحت الاختبار

بدأ معظم الموظفين الذين تم فصلهم من وظائفهم في مختلف أنحاء الحكومة الفيدرالية مناصبهم الحالية في العام 2024، وبالتالي اعتبروا في فترة اختبار مما منحهم حماية وظيفية أقل.

وتظهر الأرقام الحكومية أن ما يقرب من نصفهم يعيشون في ولايات صوتت لصالح ترامب في انتخابات عام 2024.

وعندما سُئلت عن شكاوى الناخبين في المناطق المحافظة تقليديا بشأن نهج ماسك الصارم، اتهمت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت “وسائل الإعلام بانتقاء المنتقدين”.

وأضافت كارولين ليفيت أنه “لا ينبغي أن يكون هناك أي سر في حقيقة أن هذه الإدارة ملتزمة بخفض الهدر والاحتيال والإساءة”، مشيرة إلى أن الرئيس خاض حملته الانتخابية على هذا الوعد وانتخبه الأمريكيون وفق هذا الوعد، وهو يفي به بالفعل.

ويقول الديمقراطيون والنقابات العمالية إن الحملة كانت فوضوية وعشوائية وليست محددة الهدف، علما أن عدة نقابات رفعت دعاوى قضائية تطعن في قانونية الجهود.

هذا، وأثار وصول ماسك إلى أنظمة بيانات حكومية حساسة المزيد من المخاوف بشأن الخصوصية والأمن بين المنتقدين.

ويوم الجمعة، وقعت مصلحة الضرائب الداخلية صفقة مع أحد مساعدي ماسك الرئيسيين تحد من وصوله إلى البيانات وتمنعه ​​من الاطلاع على المعلومات المتعلقة بدافعي الضرائب الأفراد.

وصرح متحدث باسم مكتب الاستطلاع الوطني (وكالة استخبارات تدير أقمار التجسس) لـ”رويترز” يوم الجمعة، بأن البيانات المنشورة على موقع وزارة الدفاع على الإنترنت والتي توضح عدد الموظفين والأجور الإجمالية لمكتب الاستطلاع الوطني “ليست مخصصة للنشر العام”، رغم أنها ليست سرية.

المصدر: “رويترز”

مقالات مشابهة

  • شهر على الولاية الثانية.. كيف يعيد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية؟
  • الموقف العربي فيما وراء خطة ترامب تجاه قطاع غزة
  • وزير الخارجية السودانى: أى حكومة موازية لن تحظى بالاعتراف
  • اتصال هاتفى بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره الصينى
  • أول الغيث قطرة من حملة ترامب.. وزارة الدفاع الأمريكية تعتزم تسريح 5400 موظف
  • وزير الداخلية يبحث مع محافظ حلب وضباط الشرطة في مدينة حلب الوضع الأمني وسبل تعزيز الاستقرار في المحافظة
  • الخارجية الأمريكية: "روبيو" يؤكد عزم ترامب إنهاء الصراع في أوكرانيا
  • تعليق المساعدات الخارجية الأمريكية يهدد تعليم الأفغانيات
  • الخارجية الأمريكية: اجتماع ترامب وبوتين سيتطرق لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • الخارجية الأمريكية: اجتماع مرتقب بين ترامب وبوتين لإنهاء حرب أوكرانيا