سودانايل:
2025-02-02@08:19:52 GMT

العودة الى منصة التأسيس .. فى شأن الوحدة الاتحادية

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

محمد فائق يوسف
مدخل
أعجب لاحزاب يحمل اسمها كلمة الاتحادى وهى تتناسل وتتكاثر ثم تتشظى كل حين.

مقدمة

قبل قيام الحزب الوطنى الاتحادى الذى توحدت فيه الفصائل الاتحادية التى كانت قائمة آنذاك،كانت تلك الفصائل مجرد مجموعات من المثقفين تنتمى الى مؤتمر الخريجين يتكون بعضها من الاشقاء او بعض الافراد يجمع بينهم انهم خريجوا كلية غردون ويحبون الشعر والادب وإيمانهم بضرورة،مشروطة احيانا، بوحدة مصر والسودان.

كانت هذه المجموعات تتمركز أساسا فى العاصمة وتمارس انشطتها من خلال نادى الخريجين والجمعيات الادبية والمناسبات الدينية وايضا من خلال الكتابة فى الصحف.

قيام الحزب الوطنى الاتحادى
اجتمع نفر يمثلون هذه الفصائل فى القاهرة بدعوة من اللواء محمد نجيب الذى نجح فى جمع كلمتهم ليصبحوا حزبا واحدا اختاروا له اسم (الحزب الوطنى الاتحادى).فى دستور ذلك وضعوا نصا صريحا يقول (هدف الحزب هو انهاء الوضع الحاضر،وجلاء الاستعمار الاجنبى،وقيام حكومة سودانية ديمقراطية فى اتخاد مع مصر.وتحدد قواعد هذا الاتحاد بعد تقرير المصير).
بلا شك فان اسم الحزب نفسه كان يعبر عن ذلك،فكلمة الوطنى كانت هى البديل عن الاستعمار والاتحادى تعنى الاتحاد مع مصر.
اصبح هذا النص هو الرابط الوجدانى والاخلاقى والقانونى الذى يربط بين قيادات الحزب وبين جماهيره خاصة والشعب السودانى عامة،بل ويحدد العلاقة المستقبلية مع الجارة الشقيقة مصر بدون مواربة.
وعندما تراجع الحزب عن تنفيذ هذا النص باختياره الاستقلال التام،ضربت الحزب الخلافات والانقسامات.
كان من أوائل الذين اختلفوا الطيب محمد خير واحمد خير المحامى الذى بلغ به الغضب من زملاءه ان قبل ان يصبح وزير خارجية اول نظام عسكرى فى السودان نكاية بالازهرى واصحابه.
ومنذ ذلك التأريخ فشل الاتحاديون فى اعادة النظر فى ذلك النص اذ ضربتهم الخلافات ومنعتهم من عقد مؤتمراتهم او الاحتكام الى جماهير الحزب.

وقفات ضرورية
فى عام ١٩٥٧ وقع اول انشقاق كبير ضرب بنية الحزب اذ نتج عن ذلك الانشقاق قيام حزب جديد باسم حزب الشعب الديمقراطى قوامه بشكل رئيسى هم مريدى الطريقة الختمية وبرعاية من السيد على الميرغنى.بينما احتفظ الاخرون باسم الوطنى الاتحادى. والملفت للنظر ان اسم الحزب الجديد خلا من كلمة الاتحادى واختيرت كلمة الشعب فى مقابل كلمة الوطنى وظهرت لاول مرة كلمة الديمقراطى.وبالرغم من ان اسباب الخلاف الئيسية كانت هى العلاقة مع مصر الا ان ذلك ام يظهر فى دستور الحزب او بيانا عنته وخاض الحزبان انتخابات عام ١٩٥٨ منفصلين ما جعل حزب الامة المنافس بحصل على الاغلبية.وعندما انتبه الحزبان الى الضرر الذى لحق بهما نتيجة الانشقاق وحاولا اصلاحه بقيام حكومة مشتركة بينهما، عاجلهما وبتدبير من الاميرالاى عبدالله خليل رئيس الوزراء انذاك،انقلاب الفريق عبود الذى عرف بحركة الجيش المباركة.
فى العام ١٩٦٧ عاد الفرقاء الاتحاديون الى رشدهم فاجتمع ممثلون للحزبين واتفقوا على دمج الحزبين تحت اسم جديد هو ( الاتحادى الديمقراطى ), اعترفوا ان المسمى الجديد كان عبارة اخذ كلمة من هنا وكلمة من هنا.
لم يكلف المجتمعون انفسهم بالنظر فى اسباب الخلاف ولا دواعى الانصهار الجديد ولم يكلفوا انفسهم عناءشرح ذلك لجماهير الحزب بل كونوا لجنة لادارة الحزب من عشرين عضوا عشرة من كل حزب وانتهى الامر الى هنا.وعندما قال الازهرى عبارته الشهيرة ( حزبان قبرا) لم يخطر بباله ان كل المبادئء والقيم التى قام عليها الحزب الوطنى الاتحادى قد قبرت فى نفس اللحظة.
ولان اسباب الانشقاق لم تعالج فسرعان مادب الخلاف من جديد فقد شهدت الفترة التى اعقبت انتفاضة ابريل العديد من الانشقاقات ونشأت احزاب باسماء جديدة لم تخلو من كلمة الاتحادى.وشهدت فترة حكم الانقاذ وما تلاها اسوأ الخلافات التى ضربت جذورها فى ارض الحزب واصبحت لها سيقان وفروع وثمار .. مرة.وظهرت كل الاسماء القديمة،الاشقاء الشعب الديمقراطى ووحدة وادى النيل والاتحاديون الاحرار وغيرها من الاسماء المستحدثة وكلها تحاول استدرار عواطف الجماهير بوضع كلمة الاتحادى صمن الاسم ويستعيدون تاريخا مضى.

محاولات رتق الصدع
لم تخلو كل هذه الفترات من محاولات لمعالجة الخلافات باءت كلها بالفشل الذريع لانها كانت تنظر الى الجانب الشكلى من الخلاف ولا تلج الى جذور المشكلة.وكم شهدنا القيادات وهى ترفع اياديها متماسكة فى المساء لتتفرق عند الصباح التالى.
نستطيع ان نوجز اسباب الخلافات الرئيسية في الاتى:
انعدام العمل المؤسسى وغياب التنظيم الفاعل فقد قام الحزب أساسا على مبادرات قياداته فى الاقاليم وتأثيرهم على الجماهير هناك.
غياب الدستور الديمقراطى الذى بحدد صلاحيات المؤسسات ويؤكد على الديقراطية والشورى فى اتخاذ القرارات.
الاتهام الذى يطال الطريقة الختمية باستيلاءها عل القرار داخل الحزب وسيطرة شيخ الطريقة على القيادة
عدم وضوح موقف الحزب من بعض القضايا الوطنية الهامة واتهام القيادة بالتخلى عن مبادىء الحزب والتعاون مع الانظمة العسكرية فى مخالفة واضحة لدستور الحزب.

الدكتاتورية
عدم انعقاد المؤتمر العام للحزب وتكلس القيادات مما افقد الحزب ميزة تجديد القيادات وفصمت عراه مع الاجيال الشابة والجديدة.والمؤتمر الوحيد الذى عقد بالقناطر الخيرية افرغ فيما بعد من كل انجازاته ومقرراته لتعود السيطرة التامة على الحزب الى الرئيس وحده.
الطمواحات الشخصية والانا المتضخمة عند بعض القيادات التى تجعل من نفسها هى الحزب.

العودة الى منصة التأسيس
للوصول الى الوحدة الاتحادية من جديد فلا بد من العودة الى منصة التأسيس التى كانت فى فبرائر عام ١٩٥٣ والنظر فى القيم والمبادئ التى قام على أساسها الحزب.بالطبع سوف يكون هناك ما تجاوزه الزمن هناك ما يحتاج الى اعادة التأصيل من جديد وهناك ما استجد ويجب استصحابه.
لابد من اجتماع قيادات كل الفصائل الاتحادية من جديد فى مكان واحد،وربما تكون القاهرة هى الانسب، يتدارسون ويتفقون من جديد على معان ومضامين لعبارات الوطنى والاتحادى والديمقراطية تخاطب الروح الوطنية وتبشر بالديمقراطية والعمل المؤسسى وتقترح حلولا لقضايا التنمية والتطور ولو استدعى ذلك الاتفاق على اسم جديد للحزب.وليتناولوا بالتحليل مسيرة الحزب منذ الاستقلال والى اليوم ويستخرجوا منها العبر والدروس ثم ليعدوا ميثاقا او اعلانا للمبادئ يخرجون به الى الناس.
ولتجد العلاقة مع الشقيقة مصر حظها من التداول والنقاش فاختيارنا للاستقلال لا يمكن ان يفصم عرى العلاقة التأريخية والاجتماعية والثقافية بين الشعبين،ولقد جرت محاولات عدة من اتفاقيات دفاع مشترك وتكامل وحريات اربع، كلها لم تشبع هذه العلاقة بالصورة المطلوبة.
وهذه الحرب سوف تفرز سودانا جديدا يحتاج الى رؤية جديدة واستشراف للمستقبل واعادة بناء وبرامج تنمية علمية وحشد للموارد والكفاءات وعلاقات دولية متينة.
هكذا يمكن ان يخرج الحزب الى الشعب السودانى بوجه جديد يتوجه به الى قواعده الجماهيرية وحواضنه الاجتماعية من ذوى الياقات البيضاء من المثقفين والموظفين عصب الطبقة الوسطى، وذوى الياقات الزرقاء من العمال تروس الورش والمصانع ، زارعى الارض منتجى الذهب الابيض ومطعمى المواطن ،ورواد الاقتصاد من رجال الراسمالية الوطنية، ومطوروا ثروته الحيوانية فى البوادى ورجالات الادارة الاهلية منازل الحكمة والكرم، واصحاب القباب والمسايد شيوخ الطرق الصوفية،هؤلاء جميعا يفتقدون حزبهم الذى تعرفوه قائدا لمعارك الجلاء والسودنة، من جاءهم بالاستقلال كالصحن الصينى لا شق ولا طق.
هكذا يمكن ان تعود الى الحزب وحدته الفكرية ولحمته التنظيمية اما الدستور والمؤتمرات والهيكل التنظيمى فسيكون امرها سهلا.
ومن بعد هذا فالسلام
محمد فائق يوسف
١٦ اغسطس ٢٠٢٤

alfoyousif@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من جدید

إقرأ أيضاً:

أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا

حقًا لقد أصبح المشهد الذى يظهر به الكثيرون من الفنانين الآن عندما يتوجهون لحضور حفلات المهرجانات سواء بالداخل او بالخارج عبثيًا ولا يليق بمقام أم الدنيا الحبيبة هوليوود العرب. وقبلة كل الفنانين العرب وهى من صنعتكم انتم وغيركم، لقد أصبح البعض يتصرف حسبما يتراءى له أوحسب أهوائه دون النظر لاية اعتبارات اخرى او انهم عندما يرتكبون اية افعال سيئة او تصريحات غير لائقة. ألا يعلم هؤلاء أن أى تصرف منهم يسيء إلى المصريين، فقد ترى عندما يقع البعض منهم فى اية زلات يشار اليه بأنه مصرى.

ألم يشاهدوا ما تسجله عدسات المصورين لما يفعلونه سواء فى الفضائيات أو «السوشال ميديا» او ما يدور ويذاع عنهم على القنوات الخارجية، وانتقاد ما تم فعله من بعضهم بصفة عامة فى مهرجانات عديدة وما يرتكبونه من افعال لا تليق بمقام مصر نهائيا، لتصل إلى حد الهزل. ووصل الحال بان تدخلت شرطة البلد المقام بها المهرجان هناك بسبب ما قامت به فنانة مصرية مشهورة وما ظهرت عليه مع مطرب خليجى أثناء المشاركة فى حفل توزيع جوائز هناك، وقبلها بفتح القاف أثناء مصافحته لها بشكل مطول وتبادلهما القبل والأحضانً المثيرة، بينما تواجد فنان كان يتوسطهما ويحاول الفصل بينهما ضاحكًا وهو يقول خلاص «قبلتين كفاية» مما جعل شرطة البلد المقام بها المهرجان ان تتدخل كما أثار مقطع فيديو القبلة هذه الذى تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى الجدل، وتناقلته جميع وسائل الاعلام المحلية والخارجية بل لاقى انتقادا لاذعا ولا تزال أصداء هذه الأزمة التى تمت فى بالمهرجان الخامس تتصاعد حتى الآن، فهذا المشهد أثار استياء عدد كبير من المتابعين الذين عبروا عن غضبهم من تصرفات الفنانة والفنان العربى، معتبرين أن مثل هذه الأفعال لا تتماشى مع عادات مجتماعاتنا.

لقد اصبح ما نراه ونسمعه ونشاهده الآن من انتقادات لما يفعله البعض من الفنانين، وما يدور ويفعله البعض منهم يقع فى مصاف الجحود فى حق مصر امام العالم ويساهم فى وأد النهضة الفنية التى صنعها نجوم وأساطين الفن المصرى السابقين عتاولة الفن بجد دون منافس لهم حتى الان، الذين تركوا أرثا فنيا يعيش عليه الجميع فى الداخل والخارج حتى الان، ويتفاخرون به وكأنه من صنعهم وعجبا يجرى ذلك امام الجميع ويذكرون الفنان فقط ويكرمونه دون ان ينسب الفضل لام الدنيا. بل يزدادون فخرا زائفا وكأنهم يعيدون تاريخ فنهم هم غير الموجود فى الوجود اساسا، ونعود لبداية الكلام وهو أن المشهد الفنى اصبح عبثيا، وايضا شاهدنا فى هذا المهرجان الذى اقيم فى احد البلدان ظهور الممثلة العجوز وهى تسير بمفردها ممسكة بمشط الشعر الكبير خارج حقيبة يدها وهى تسير فى الطريق المؤدى للمهرجان وكأنها لتوها خارجة من shower والادهى فستانها الذى اظهرها بإطلالة مثيرة للانتقاد حتى انتقدها احد مقدمى «التوك شو» بأن لكل عمر مقامًا بسبب فستانها المثير للجدل والمكشوف من جنب البطن ليظهر تجاعيد الجلد بسبب عامل العمر الذى تخطى لما بعد الثمانين رغم انها نجمة كبيرة وتاريخها كبير فقد كانت اطلالتها غير لائقة بسنها وببلدها وبتاريخ فنها فلكل مقام مقال ولكل عمر مقام وشكل وهندام وطريقة تناسبه وتجعله يرفع من قدره ويشرف بلده، هذا بخلاف ظهور فنانة كبيرة ايضا فى لقاء متلفز اجرى معها على هامش احد المهرجانات من حديثها تقول ان المصريين لما بيطلعوا يحجوا بيختاروا بلد الحرمين الشريفين ونقول لها عجبا وعجبا فهل تجرى مراسم الحج فى بلد آخر فأى ثقافة هذه.

وهل هذا فكر يليق بالفن وبمصر، بخلاف الممثلة التى اعربت بطريقة جعلتها مثارًا لانتقادها من القنوات الخارجية ومنصات التواصل الاجتماعى ووصفوها بأن استخدامها ليدها بالقفاز على وجهها اشبه بمن يكون فى حلبة قتال كما قالت احنا جينا لاننا مش اقل من اى حد جايين نحقق احلامنا هنا فى الفن واوجه لها سؤالًا اين فنك الآن واين ذكرك لفضل ام الدنيا فى حديثك بخلاف الفنانة صاحبة سجل حافل من الاخطاء اللفظية وصاحبة سيئة جارية. وظهور مطرب ببالطو قطيفة حريمى وعقد حريمى ابيض وحلق ياللهول وعجبى، فإلى متى تظل اخطاؤهم هذه وغيرها التى تثير الجدل حول ما يُعتبر مناسبًا أو غير مناسب فى سلوكيات الفنانين أثناء ظهورهم فى المناسبات العامة. فلك الله يا مصر.

مقالات مشابهة

  • ترامب وحلم السطوة
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «القاهرة الدولى للكتاب».. جسر ثقافى يعزز الوعى والانتماء الوطنى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • هدفنا الاستراتيجى دعم البحث العلمى للصناعة والاقتصاد الوطنى وتقليل الفاتورة الاستيرادية
  • مشهد العودة
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا