أنقرة- بعد أن زارت أكثر من 20 ميناء في دول أوروبية مختلفة وصلت السفينة "حنظلة" الأربعاء الماضي إلى ميناء مالطا، في محطتها ما قبل الأخيرة قبل أن تبلغ وجهتها المنتظرة وهي شواطئ قطاع غزة.

وعلى متنها يحمل أكثر من 13 ناشطا من مختلف الدول أملا مشتركا في كسر الحصار الذي جثم على صدر قطاع غزة لأكثر من 17 عاما وتعرية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع والجرائم المرتبكة خلالها ضد الفلسطينيين.

وتحولت "حنظلة" -التي بدأت كقارب صيد عادي قبل أن يتم تعديلها لتتناسب مع مهمتها الجديدة- إلى رمز فلسطيني بارز يجوب الموانئ الأوروبية ويبحر عبر البحار الشمالية، فصارت تجسيدا للأمل والتصميم تحمل على متنها رسالة الحرية، وتسعى بكل عزم إلى كسر الحصار وإيصال صوت الفلسطينيين إلى العالم.

يقود هذه الرحلة نشطاء وحقوقيون من مختلف بقاع العالم جمعهم حب فلسطين وشعورهم العميق بالانتماء إلى شعب يعاني من وطأة الاحتلال منذ أكثر من 76 عاما مدفوعين بإيمانهم الراسخ بعدالة قضيته.

فيليب لوبيز على متن سفينة "حنظلة" (الجزيرة) تضامن واسع

فيليب لوبيز ناشط برازيلي وممثل ائتلاف أسطول الحرية على متن سفينة "حنظلة" يروي للجزيرة نت تفاصيل مشاركته في المهمة الإنسانية، إذ وجد الرجل -الذي هاجر إلى أيرلندا– نفسه منخرطا في نشاطات تضامنية واسعة مع الشعب الفلسطيني، مستندا إلى خلفيته المهنية ومهاراته في الإعلام والصحافة.

ويقول لوبيز إن العالم يشعر بالخوف والحزن العميق إزاء ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة.

وأضاف أن "أعضاء المجتمع المدني ينظمون هذه الأساطيل منذ أكثر من 16 عاما لكشف وإدانة وتحدي الحصار غير الإنساني وغير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة".

وأشار إلى أنه أراد من خلال مهاراته التقنية في الإعلام والصحافة أن يكون جزءا من هذه المجموعة التي تمثل ملايين الأشخاص حول العالم، قائلا "أردت أن أظهر للعالم أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، ويجب أن نتحرك بشكل مباشر لوقفها".

وبشأن قدرة سفينة "حنظلة" على إيصال رسالتها وزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية، يعبر لوبيز عن اقتناعه بأن السفينة قد نجحت في ذلك، فخلال رحلتها منذ مايو/أيار الماضي زارت أكثر من 20 ميناء في مختلف أنحاء أوروبا، وشهدت تضامنا واسعا من آلاف الأشخاص في هذه الموانئ.

ويذكر المنسق الإعلامي لأسطول الحرية أن السفينة تلقت في هذه الرحلة دعما كبيرا من فنانين وسياسيين وداعمين من مختلف الخلفيات.

وأشار إلى اللقاءات الرسمية التي أجرتها السفينة مع أعضاء البرلمانات والمجالس التشريعية الأوروبية، إذ تمكن النشطاء من التحدث عن مهمة "حنظلة" وسؤال المسؤولين عن أسباب تقاعس حكوماتهم عن اتخاذ خطوات فعالة لدعم القضية الفلسطينية.

التعبئة الاجتماعية

أما عن أصعب اللحظات التي واجهها خلال هذه الرحلة فيشير لوبيز إلى التحديات التشغيلية الناتجة عن الأجندات السياسية لبعض الدول التي حاولت منع دخول "حنظلة" إلى موانئها رغم أن جميع الوثائق الفنية للسفينة كانت سليمة.

ويضيف أن هذه العوائق أثرت على تنظيم الفعاليات والتحضيرات اللوجستية التي أعدتها المجموعات والمنظمات في تلك المدن، لكنهم تغلبوا على هذه التحديات بالحب والصبر والإيمان بمهمتهم.

ومن ناحية أخرى، يشير لوبيز إلى أسعد لحظاته في الرحلة عند لقاء الأصدقاء الفلسطينيين الذين تعرف عليهم في مخيمات اللاجئين وعلى طول الطريق.

ويضيف أن هذه اللقاءات عززت قناعته بأن المجتمع المدني يقف مع الشعب الفلسطيني ضد الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل وحلفاؤها.

وعن شعوره بالاشتياق إلى أفراد أسرته خلال هذه الرحلة ومدى دعمهم له، قال "أشتاق إليهم، وهم يدعمونني، نتحدث كل يوم، وهم مصدر إلهامي ودعمي الأكبر".

ويكمل "أنا أنحدر من عائلة فقيرة، ونعيش في منطقة محرومة في الجانب الشرقي من ساو باولو، والدتي تعمل اختصاصية اجتماعية، ومن خلالها تعلمت قيمة المساواة واحترام الجميع، كما تعلمت أهمية الانخراط في العمل المباشر".

ورغم الصعوبات التي يواجهها فإنه أشار إلى أن "هذه المهمة صعبة، لكن ما يثير القلق أكثر هو ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولذلك أؤمن بأهمية التعبئة الاجتماعية".

ووجّه لوبيز نداء حازما إلى المجتمع الدولي والحكومات، مطالبا بضرورة إنهاء الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وفتح الطريق لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود.

كما شدد على أهمية إعادة الأراضي المحتلة إلى الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.

وختم نداءه بالتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه، قائلا "استمعوا إلى صوت الفلسطينيين، فهم الأقدر على تحديد مستقبلهم".

الناشطة زوهار ريغيف (الجزيرة) من الكيبوتس

بدورها، تروي زوهار تشامبرلين ريغيف الإسرائيلية -التي وُلدت في عائلة يهودية- للجزيرة نت قصة رحلتها الشخصية منذ نشأتها في كيبوتس (مستوطنة زراعية) قرب الناصرة إلى دورها اليوم في دعم القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.

أدركت ريغيف منذ سن مبكرة الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون كما تقول، وفي عام 2004 اتخذت قرارا جريئا بمغادرة إسرائيل والانتقال إلى جنوب إسبانيا، حيث قضت 14 عاما شاركت خلالها في تنظيم الأساطيل البحرية المتجهة إلى غزة.

وتقول ريغيف "الضغط الدولي هو السبيل الوحيد لإنهاء المشروع الاستيطاني الصهيوني، ما نقوم به من تحدي الحصار عبر الإبحار نحو غزة هو جزء من جهود أوسع تشمل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات".

وتضيف أن "رحلة سفينة حنظلة ليست مجرد عبور للمياه، بل هي خطوة رمزية لكسر الحصار"، مؤكدة أن كل رحلة تمثل فرصة لزيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، ولحث السياسيين على اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف ما وصفتها بالإبادة الجماعية.

وتقول "نشجع النشطاء على الاستمرار في الاحتجاج وإدراك قوتهم الجماعية لتغيير الرأي العام، لما يمثله التضامن والعمل الجماعي من أهمية كبيرة".

وعن عائلتها، تقول "والداي لا يزالان في الجليل، وأنا أعيش في ألمانيا الآن، لكن البعد لم يكن يوما حاجزا أمام التزامي، إنهما يفهمان ما أفعله ويدعمانني رغم قلق والدتي الدائم وسؤالها المتكرر: نعم ما تفعلينه مهم، لكن لماذا عليك أنت أن تفعليه؟".

وتعبر زوهار عن قلقها من أن "ما نقوم به قد لا يكون له تأثير كافٍ، أو أن يتم منعنا من الإبحار بسبب مشاكل تقنية أو سياسية"، لكنها تؤكد أن "إظهار قوة المجتمع المدني في مواجهة تواطؤ الحكومات في جرائم إسرائيل أمر حيوي وضروري".

وتستذكر إحدى أكثر اللحظات تأثيرا في تجربتها حين غنت رنا -وهي إحدى المشاركات الفلسطينيات على متن "حنظلة"- أغنية "بيلا تشاو" بالعربية في ميسينا بصقلية، وردد السكان المحليون كل مقطع باللغة الإيطالية، في لوحة مقاومة فنية مثلت ترابط الشعوب المناضلة حول العالم.

وعن رسالتها للعالم، قالت "هذه الإبادة الجماعية المباشرة هي اختبار للإنسانية، إذا استمررنا في اللامبالاة فنحن محكوم علينا بالهلاك، لكن إذا استيقظنا يمكننا الإطاحة بهذه الآلة الحربية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشعب الفلسطینی هذه الرحلة أکثر من

إقرأ أيضاً:

غزة.. أسطورة الصمود

 

محمد بن رامس الرواس

لماذا اتخذت بلدية غزة طائر العنقاء الأسطوري شعاراً لها؟ هل كانت تعلم بما سيحدث لها الآن قبل أعوام؟

لقد سمت العرب طائر الفينيق بـ"العنقاء"؛ هو ذلك الطائر الذي جاء في الأساطير الإغريقية القديمة، أنه الطائر العجيب الذي تقول عنه الأسطورة إنه يُجدِّد نفسه بنفسه مرارًا وتكرارًا ويعود للحياة من تحت الرماد. وكانت ولا تزال الأساطير تشغل حيزا من اهتمامات الإنسان في قصصه الشعبية ورواياته عبر الزمن الفائت والتي كانت تتداولها السواحل والقرى والمدن والأرياف حتى وصلت إلى مرحلة أنها أصبحت تتحدث عن أشخاص بعينهم وأصبح الإنسان هو الأسطورة وهو ما يحدث الآن في غزة بعد أن كانت تتحدث عن خرافات لا يراها الإنسان بل يسمع عنها ولا يشاهدها.

إن الصمود الأسطوري الذي يحدث اليوم في غزة يذكرنا بشعارها الذي اتخذته هذه المدينة الباسلة لنفسها وهو طائر العنقاء الأسطوري الذي تتحدث عنه الأساطير  بأنه بعد أن أصبح رمادا خرجت من تحت الرماد بيضة صغيرة خرج منها جناحان وأعادت تواجد الفينيق حيًا مرة أخرى.

وإذا نظرنا إلى الماساة الغزاوية وما يحدث فيها فإننا بكل تأكيد وبكل أمل نعلم أن التجدد والتحدي والقوة هم المثلث الذي سيصنع بإذن الله تعالى الحياة الجديدة لفلسطين عامة ولغزة خاصة، إن أبناء فلسطين يصنعون الأساطير بما تحمله الكلمة من معنى في الصمود والثبات وينتفضون من تحت الركام ومن تحت الأنقاض فتتجدد بأنفسهم وأرواحهم محبتهم لوطنهم ولقدسهم المعظم، بينما قلوبهم مليئة بالآمال الكبيرة، وألسنتهم لا تكل ولا تمل من طلب النصر من الله عزَّ وجلَّ.

اليوم لا توجد بسالة ولا تضحية في العالم تُشبه تضحية أهل غزة؛ سواء من بسالة أو فداء أو شجاعة في الميدان تضحية أذهلت العالم وأذهلت كل من يتابع الأحداث سواء كانوا مع القضية الفلسطينية أو ضدها.

وإليكم قصه هذا الطفل الفلسطيني الذي يلهج لسانه وهو يقول دائما إن عشت فعش حراً  أو مت كالأشجار مت واقفا، والشجرة  هنا هي الشجرة الشامخة العالية التي كان يقف فوقها طائر العنقاء شاهقة العلو، لقد ذهبت الأسطورة وظل أهل غزة يجسدون ما حدث في الأسطورة من عودة الحياة برغم كل المصاعب الذي تواجههم لقد مات أهل غزة من أطفال كثر  لكن أسطورة أهل غزة تقول إن مع كل طفل، هناك أم وأخت وعمة وخالة سيلدن أولادًا كُثر بإذن الله تعالى.

ثمّة تفاصيل كثيرة لم نشاهدها ولم نسمع عنها ولم يتم تسجيلها بعد لا بالتلفاز ولا بوسائل التواصل الاجتماعي ستحصل في الأيام في الأسابيع والأشهر والسنوات المقبلة؛ لأن الغزاويين يجابهون الموت بالحياة، فلا استسلام للموت.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يوجه رسالة مهمة لـ«المصريين» عن الاقتصاد: «اطمنوا قادر على الصمود»
  • غالانت : نقترب من استكمال المهمة في غزة وننقل مركز ثقلنا شمالا
  • أبوالغيط: نقترب من عام على العدوان الإسرائيلي الوحشي والإبادة والتطهير بغزة (فيديو)
  • أبوالغيط: نقترب من مرور عام كامل على الإجرام الإسرائيلي في غزة
  • الصمود الفلسطيني يربك قوات الاحتلال.. لماذا تكثف «إسرائيل» العدوان العسكري في الضفة الغربية؟
  • بـ«تاتو».. جينيفر لوبيز توجه رسالة قاسية إلى طليقها بن أفليك
  • مئات الفلسطينيين يشيعون الناشطة الأميركية التركية التي قتلت برصاص القوات الإسرئيلية في الضفة الغربية   
  • حنظلة فى أوروبا
  • غزة.. أسطورة الصمود
  • «مسك إيدها 20 دقيقة».. محادثة بين جينيفر لوبيز وصديق بن أفليك المقرب