رعب مع كل جدار صوت.. متى تفارقنا لعنة الحروب والإنفجارات؟
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
كيف يمكن لأصوات معينة أن تصبح جزءاً من تاريخ شعب؟ ليست هذه أصواتاً جميلة في لبنان، إنّما هي مخيفة، مدوّية، وممزوجة بكمّ هائل من الرعب والذكريات البشعة. فمع الخضّات الأمنية التي نعيشها منذ 10 أشهر من التوتر والقصف على الحدود الجنوبية، بتنا اليوم على موعد يوميّ مع تكرار إسرائيل خرق جدار الصوت، وتخرق معها جداراً هشاً يسقط مع كل صوت ليعيد إلى اللبنانيين ما أرادوا نسيانه من ويلات الحرب وانفجار مرفأ بيروت.
"الشعور عند سماع جدار الصوت مخيف جداً، وكأن الطائرة الإسرائيلية اقتحمت منزلنا وتستعد للإجهاز علينا بلمح البصر". كلمات قليلة اختصرت ساندي من خلالها مسلسلاً مستجداً من الخوف يعيشه الليبنانيون مؤخراً.
وأضافت لـ"لبنان 24": "أنا لا أذكر حرب تموز 2006 وهي الحرب الأحدث في تاريخنا المعاصر سوى بتفاصيل بعيدة في ذاكرتي، إلا أن فاجعة الرابع من آب لا يمكن أن تمحى بأصواتها والروائح التي خلّفتها، ناهيك عن المشاهد الدموية التي لا تزال تمر من حين إلى آخر بالرغم من مرور سنوات".
وأكدت أنه مع كل جدار صوت، تبدأ بالصراخ "الهستيري"، فالبكاء الشديد، لافتة إلى أنها تركض نحو أي طاولة كي تختبأ أسفلها.
كما شددت ساندي التي تعمل سكرتيرة في عيادة طبيب صحة عامة في منطقة الدورة، على أن العوارض الجسدية التي تمرّ بها إثر سماعها جدار صوت مزعجة جداً، فتشعر بغثيان شديد مترافق مع ضيق في التنفس، كما تشعر بخفقان قلب متسارع، بالإضافة إلى خدر في القدمين والذراعين.
من الناحية العلمية، أشارت د. كارول سعادة إلى أن الحروب التي مرّت على اللبنانيين ومعها فاجعة انفجار الرابع من آب، طورت اضطرابات ما بعد الصدمة ومن أبرز عوارضها استرجاع الذكريات والكوابيس وكأنها تحصل في الوقت الحالي، مع العلم أن هذا الإضطراب يختلف بين شخص وآخر.
وأشارت سعادة إلى أن التوترات الأمنية الآنية تحفّز وتزيد من فرص استرجاع الذكريات البشعة وعيش الكوابيس لأن الدماغ لا يستطيع تحليل الموضوع ووضعه في خانة الذكرى، لأنه مشغول بكيفية إنقاذ الإنسان من الوضع الخطر الذي يعيشه، وبالتالي لم ينته بعد هذا الحدث ما يؤدي بالإنسان إلى عيشه مجدداً مع جميع ردود الفعل النفسية والجسدية.
واعتبرت أنه بوجود المحفّز كالصوت المدوّي أو أخبار معينة، أو عند حلول الذكرى السنوية للحدث، يسترجع الإنسان هذا القلق الذي عاشه في السابق، مشددة على أن الكثيرين ينجرّون بحسب شخصيتهم إلى القلق والإضطرابات القلقية مثل الـpanic attacks.
ورأت سعادة أن القلق بات مزمناً في خضمّ كل ما نعيشه، الأمر الذي يزيد من نسبة الإضطرابات النفسية، إلا أنه يمكن للجميع مساعدة أنفسهم من خلال توفير منطقة آمنة لهم في بيتهم أو في أي مكان يتيح لهم الشعور بالأمان فور شعورهم بالقلق، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة لفرز الهورمونات بهدف مكافحة القلق والإكتئاب.
وكشفت أن هناك تمارين يجب الإعتياد على القيام بها والتمرين بشكل جديد عليها، وهي تدريب الحواس وتصفية الذهن بهدف التحكم بمشاعر القلق والخوف، والعمل على التشوهات المعرفية والفكرية لاستباق مخاطر قد لا تكون موجودة حالياً.
نعيش بالفعل على "كفّ عفريت" ومصيرنا غير المعلوم يشكّل ضغطاً وخوفاً إضافيين على هويتنا كأفراد. ولهذه الغاية، بات من المهمّ جداً إيلاء أهمية قصوى لصحتنا النفسية، أو ما تبقى منها، بهدف مجابهة هذه الأخطار وسواها.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أبو ديابي.. موهبة فرنسية حطمتها لعنة الإصابات
في عالم كرة القدم قليلون هم اللاعبون الذين جمعوا بين البنية الجسدية والمهارة الفنية والذكاء التكتيكي كما فعل فاسيريكي أبو ديابي، لكن هذه الموهبة الاستثنائية لم تُكتب لها الحياة طويلا. ففي لحظة واحدة، وفي تدخلٍ واحد، تحطمت الأحلام، وتبددت مسيرة كان يُتوقع لها أن تُخلّد في تاريخ اللعبة.
ولد أبو ديابي في باريس عام 1986، وبدأ مسيرته الاحترافية مع نادي أوكسير الفرنسي في عام 2004. وسرعان ما خطف الأنظار، لينتقل إلى أرسنال الإنجليزي في 2006 حيث وُصف بـ"باتريك فييرا الجديد".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مورينيو مرشح للعودة إلى التدريب في البريميرليغlist 2 of 2جميع الأرقام القياسية التي حققها لامين جمال جوهرة برشلونةend of listامتلك أبو ديابي كل مقومات النجاح، من طول فارع (1.98 متر)، وسيطرة على الكرة، وسرعة، ورؤية لعب مميزة جعلته أحد أكثر اللاعبين الواعدين في أوروبا.
لكن مسيرة أبو ديابي التي بدت كأنها تسير في طريق المجد انقلبت رأسا على عقب بسبب تدخل عنيف في مباراة ضد سندرلاند عام 2006.
وبينما كان أرسنال يتجه لحصد فوز سهل بنتيجة 3-0، فاجأ دان سميث، لاعب سندرلاند، الجميع بتدخل مروع في الدقيقة الأخيرة أدى إلى كسر في كاحل أبو ديابي وتمزق في أربطته، والغريب في الأمر أن الحكم لم يمنحه سوى بطاقة صفراء فقط.
So Dermot Gallagher thinks Rice deserved to get sent off on Saturday..
Remember the tackle that ruined Abou Diaby’s career by Sunderland’s Dan Smith? The referee that day was Dermot Gallagher. His decision: yellow card. His opinion is irrelevant pic.twitter.com/fB1K3t7a43
— Fun With Flares (@Funwithflares) September 3, 2024
إعلانلم يكن مدرب أرسنال، أرسين فينغر، قادرا على إخفاء غضبه، فقال بعد المباراة "شاهدت التدخل مجددا، وأشعر أنه كان بنية الإيذاء. إذا فعلت ذلك في الشارع سيحكم عليك بالسجن، سأطلب استشارة قانونية".
في المقابل، أصر دان سميث على براءته من أي نية خبيثة، مدافعا عن نفسه بقوله "كان مجرد خطأ في التقدير. لم أقصد إيذاء أحد، ولم أحصل حتى على بطاقة حمراء. يحدث مثل هذا التدخل كل أسبوع في الملاعب".
وغاب أبو ديابي عن نهائي دوري أبطال أوروبا ضد برشلونة، كما غابت عنه أحلام المشاركة في كأس العالم 2006 مع المنتخب الفرنسي، وما تبع ذلك كان سلسلة لا تنتهي من الإصابات.
وعلى مدار مسيرته، عانى أبو ديابي من 42 إصابة مختلفة جعلت اسمه يرتبط أكثر بغرف العلاج من المستطيل الأخضر، وأطلقت عليه الصحافة لقب "اللاعب الزجاجي".
ورغم كل محاولاته للعودة، لم يستطع جسده أن يتحمل، لتتوقف مسيرته في وقت مبكر جدا.
باتريك فييرا أسطورة أرسنال السابق وصف أبو ديابي بأنه اللاعب الأكثر تشابها معه، في حديثه ضمن بودكاست "ستيك تو فوتبول".
وقال "كنتُ معجبا بديابي في أرسنال. أعتقد أنه كان سيصبح لاعبا أفضل مني، لأنه كان أكثر مهارة وهجومية. الإصابات وحدها هي من أوقفت مسيرته".
وأعلن أبو ديابي اعتزاله كرة القدم في 25 فبراير/شباط 2019 في عمر 32 عاما وقال في تصريحات تلفزيونية "أنهيت مسيرتي الاحترافية، كان من الصعب للغاية أن أستأنف اللعب. عانيت من مشكلات بدنية عديدة، وقررت الاعتزال لعدم قدرتي على العودة".
قصة أبو ديابي ليست فقط عن موهبة ضاعت، بل عن قسوة الحظ وظلم اللحظة؛ ففي لحظة واحدة وبتدخلٍ طائش تحوّل حلم النجم الفرنسي إلى كابوس طويل من العلاجات والعودة ثم السقوط مجددا.