كيف يمكن لأصوات معينة أن تصبح جزءاً من تاريخ شعب؟ ليست هذه أصواتاً جميلة في لبنان، إنّما هي مخيفة، مدوّية، وممزوجة بكمّ هائل من الرعب والذكريات البشعة. فمع الخضّات الأمنية التي نعيشها منذ 10 أشهر من التوتر والقصف على الحدود الجنوبية، بتنا اليوم على موعد يوميّ مع تكرار إسرائيل خرق جدار الصوت، وتخرق معها جداراً هشاً يسقط مع كل صوت ليعيد إلى اللبنانيين ما أرادوا نسيانه من ويلات الحرب وانفجار مرفأ بيروت.


"الشعور عند سماع جدار الصوت مخيف جداً، وكأن الطائرة الإسرائيلية اقتحمت منزلنا وتستعد للإجهاز علينا بلمح البصر". كلمات قليلة اختصرت ساندي من خلالها مسلسلاً مستجداً من الخوف يعيشه الليبنانيون مؤخراً.
وأضافت لـ"لبنان 24": "أنا لا أذكر حرب تموز 2006 وهي الحرب الأحدث في تاريخنا المعاصر سوى بتفاصيل بعيدة في ذاكرتي، إلا أن فاجعة الرابع من آب لا يمكن أن تمحى بأصواتها والروائح التي خلّفتها، ناهيك عن المشاهد الدموية التي لا تزال تمر من حين إلى آخر بالرغم من مرور سنوات".
وأكدت أنه مع كل جدار صوت، تبدأ بالصراخ "الهستيري"، فالبكاء الشديد، لافتة إلى أنها تركض نحو أي طاولة كي تختبأ أسفلها.
كما شددت ساندي التي تعمل سكرتيرة في عيادة طبيب صحة عامة في منطقة الدورة، على أن العوارض الجسدية التي تمرّ بها إثر سماعها جدار صوت مزعجة جداً، فتشعر بغثيان شديد مترافق مع ضيق في التنفس، كما تشعر بخفقان قلب متسارع، بالإضافة إلى خدر في القدمين والذراعين.
من الناحية العلمية، أشارت د. كارول سعادة إلى أن الحروب التي مرّت على اللبنانيين ومعها فاجعة انفجار الرابع من آب، طورت اضطرابات ما بعد الصدمة ومن أبرز عوارضها استرجاع الذكريات والكوابيس وكأنها تحصل في الوقت الحالي، مع العلم أن هذا الإضطراب يختلف بين شخص وآخر.
وأشارت سعادة إلى أن التوترات الأمنية الآنية تحفّز وتزيد من فرص استرجاع الذكريات البشعة وعيش الكوابيس لأن الدماغ لا يستطيع تحليل الموضوع ووضعه في خانة الذكرى، لأنه مشغول بكيفية إنقاذ الإنسان من الوضع الخطر الذي يعيشه، وبالتالي لم ينته بعد هذا الحدث ما يؤدي بالإنسان إلى عيشه مجدداً مع جميع ردود الفعل النفسية والجسدية.
واعتبرت أنه بوجود المحفّز كالصوت المدوّي أو أخبار معينة، أو عند حلول الذكرى السنوية للحدث، يسترجع الإنسان هذا القلق الذي عاشه في السابق، مشددة على أن الكثيرين ينجرّون بحسب شخصيتهم إلى القلق والإضطرابات القلقية مثل الـpanic attacks.
ورأت سعادة أن القلق بات مزمناً في خضمّ كل ما نعيشه، الأمر الذي يزيد من نسبة الإضطرابات النفسية، إلا أنه يمكن للجميع مساعدة أنفسهم من خلال توفير منطقة آمنة لهم في بيتهم أو في أي مكان يتيح لهم الشعور بالأمان فور شعورهم بالقلق، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة لفرز الهورمونات بهدف مكافحة القلق والإكتئاب.
وكشفت أن هناك تمارين يجب الإعتياد على القيام بها والتمرين بشكل جديد عليها، وهي تدريب الحواس وتصفية الذهن بهدف التحكم بمشاعر القلق والخوف، والعمل على التشوهات المعرفية والفكرية لاستباق مخاطر قد لا تكون موجودة حالياً.
نعيش بالفعل على "كفّ عفريت" ومصيرنا غير المعلوم يشكّل ضغطاً وخوفاً إضافيين على هويتنا كأفراد. ولهذه الغاية، بات من المهمّ جداً إيلاء أهمية قصوى لصحتنا النفسية، أو ما تبقى منها، بهدف مجابهة هذه الأخطار وسواها.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لافروف وحافة الحروب

حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أن الشرق الأوسط على حافة حرب إقليمية كبرى.
وكشف وزير الخارجية الروسي أن المنطقة كلها من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر تواجه توترات أمنية وعسكرية خطيرة.
قال لافروف ذلك في الاجتماع، الذي أقامه مجلس التعاون لدول الخليج العربية للحوار مع روسيا.
هذا الاجتماع مهم استراتيجياً لأربعة أسباب جوهرية يمكن إجمالها على النحو التالي:
أولاً: أن دول مجلس التعاون بحاجة إلى التعرف بعمق إلى رؤية وحجم جهود موسكو كلاعب دولي رئيسي في شكل العالم الجديد، الذي يعيد تشكيل مراكز توازناته الدولية، وتحديد مراكز القوى العالمية.
ثانياً: رؤية موسكو لمستقبل الحرب الروسية الأوكرانية، التي تكاد تنذر بمواجهة في وسط أوروبا بين موسكو وحلفائها ودول حلف الأطلسي.
ثالثاً: دور روسيا والهند والبرازيل والصين في تحالف بريكس، الذي يحاول التعاون مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إقامة نظام عالمي واقتصادي، تتم فيه عمليات التعاون بالعملات المحلية، وبأسلوب المقايضة بعيداً عن استخدام الدولار الأمريكي.
رابعاً: التعرف على الأفكار المباشرة لمهندس الدبلوماسية الروسية في طبيعة العلاقة مع كل من إيران وتركيا اللذين يجمعهما مع موسكو ارتباطات استراتيجية، لها تأثيراتها على الشرق الأوسط، خاصة بعد نشر معلومات عن إمداد طهران لموسكو بصواريخ بالستية.
لافروف كان واضحاً في تحديد أن سبب التداعيات السلبية في المنطقة يعود بقدر كبير إلى «سوء إدارة واشنطن لسياستها الخارجية تجاه العالم، وتجاه الشرق الأوسط».
وكأننا على أعتاب حرب باردة جديدة تنذر بانفجارات ساخنة!

مقالات مشابهة

  • لماذا يجب على الناتو القلق من زيادة أعضاء مجموعة بريكس؟
  • القلق يساور مسئولي برشلونة بشأن لامين يامال
  • "لعنة زواج القرايب".. 3 أشقاء أصيبوا بمرض وراثي أفقدهم بصرهم: "نفسنا نشوف النور"
  • لافروف وحافة الحروب
  • جدار صوت قوي جداً فوق هذه المناطق!
  • هل أصبح العالم أكثر نضجًا؟
  • تشك في المحيطين بك دومًا ولا تطمئن لأحد؟ هكذا تعالج قلق العلاقات
  • مشاريع الظلام..
  • لافروف: العنف الحالي ضد الفلسطيينيين غير مسبوق ولم تشهده أي من الحروب العربية الإسرائيلية
  • ما الدور الذي يمكن أن تلعبه أمعاء الأسماك في منتجات العناية بالبشرة في المستقبل؟