تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة أزمة عطش حادة في العاصمة نواكشوط، دفعت العديد من الأحزاب السياسية لإصدار بيانات بهذا الشأن فيما تحدثت الحكومة عن عملية لترشيد المياه وخطة لإيجاد حلول.

وحسب مراسل "عربي21" عرفت العاصمة الموريتانية أزمة عطش حادة، تضررت منها غالبية أحياء المدينة، حيث يستمر انقطاع المياه عن بضع مناطق نواكشوط ثلاثة أيام.



ومع تفاقم الأزمة أصبح تأمين المياه أولوية لدى السكان، حيث يرابط المواطنون تحت أشعة الشمس لساعات بحثا عن مياه.

وقال عدد من المواطنين إن سعر صهريج المياه سعة طن، بلغ نحو سبعة آلاف أوقية (18 دولار) وهو مبلغ كبير مقارنة بأسعار ما قبل الأزمة حيث كان سعر طن المياه لدى الموزعين نحو أقل من 9 دولارات.



وقال سيدي ولد محمد، لـ"عربي21": "نمضى ساعات طويلة في البحث عن صهريج مياه، وبعد الحصول عليه بصعوبة تكون أسعاره مضاعفة عدة مرات".

فيما قال أحمد ولد الشيخ، لـ"عربي21": "أزمة المياه تفاقمت بشكل غير مسبوق، في نقاط بيع المياه تجد طوابير طويلة، الأسعار مرتفعة، والحكومة على ما يبدو تتجاهل الأزمة".


وتعرف العاصمة نواكشوط تجدد أزمة العطش بشكل دوري، وترجعها السلطات في الغالب لأسباب تتعلق بخدمة الكهرباء، أو بارتفاع الطمي في النهر، أو غياب صيانة المعدات.

وأعلنت السلطات الموريتانية أن الأزمة الحالية سببها ظاهرة الطمي على مستوى النهر، مشيرة إلى أن الطمي في الحالة العادية يكون منحصرا بين 800 و 1000 ونتيجة لعوامل كثيرة منها التغيرات المناخية ارتفعت النسبة إلى 2300 و2400.

وأوضحت وزارة المياه أن مدينة نواكشوط تصلها في الحالة العادية 130 متر مكعب عبر مشروع آفطوط الساحلي من منطقة النهر، مشيرة إلى أن ارتفاع مستوى الطمي بدأ نهاية الشهر الماضي، ووصل ذروته بداية شهر آب/ أغسطس الجاري.

توزيع بالتناوب
وفي أول تعليق للحكومة قالت وزيرة المياه آمال بنت مولود، إنه في ظل الأزمة الحالية تقوم الوزارة بعملية ترشيد وتوزيع محكمة للمياه على مستوى مناطق العاصمة نواكشوط.

وقالت في مؤتمر صحفي قبل يومين، إن الهدف من هذه العملية هو أن لا تبقى منطقة لا تصلها المياه، مشيرة إلى أنهم اعتمدوا التوزيع بالتناوب على المناطق.

وشددت بنت مولود على وجود اهتمام خاص بالأحياء الضعيفة، والطبقات الهشة، مضيفة أن هذه الأحياء يتم توجيه المياه لها أكثر من المناطق السكنية التي تتوفر على مستوى معيشي يساعدها في الحل.

وأوضحت أن عملية التناوب والترشيد التي تقوم بها الشركة الوطنية للمياه حاليا مكنت من ترشيد وتقسيم المياه بطريقة أكثر مردودية وأكثر نجاعة.

إجراءات حكومية
وتحدثت الوزيرة خلال المؤتمر الصحفي عن إجراءات لتخفيف الأزمة منها صيانة وتوسعة وزيادة قدرة الإنتاج.

وأضافت إنه سيتم رفع الإنتاج من محطة "إيديني" 40 كم شرق العاصمة) لتعويض النقص الحاصل في الإمدادات من النهر، بالإضافة إلى زيادة قدرة إنتاج  مشروع آفطوط الساحلي.

دعوات للتحقيق
وقد أثارت الأزمة سجالا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات حادة لعجز الحكومة عن توفير مياه في أكبر مدن البلاد.


ودعا "حزب اتحاد قوى التقدم" السلطات المختصة إلى تنفيذ خطة سريعة لمساعدة السكان في الحصول على الماء الصالح للشرب في العاصمة نواكشوط.

وطالب الحزب في بيان أرسل نسخة منه لـ"عربي21" بفتح تحقيق جدي من قبل جهات مختصة من خارج القطاع المعني تنشر نتائجه للرأي العام الوطني لكشف حقيقة ما وصفها "بالأزمة المتكررة، والمعضلة التي تعاني منها الشركة الوطنية للمياه".

كما طالب الحزب في بيانه السلطات بتقديم تفسيرات مقنعة للشعب بشأن "الفشل الصارخ والمتجدد في توفير المياه للساكنة"، رغم التزاماتها السياسية والعلنية الباهظة التي أنفقت لذلك الغرض.

وقال الحزب إن معظم أحياء نواكشوط "جفت شبكة المياه فيها" منذ ما يقارب أسبوعين أو ثلاثة، مشيرا إلى أن السلطات قدمت نفس التبريرات والتفسيرات، التي لا تروي ساكنة نواكشوط وخاصة الأحياء الفقيرة.

ورأى الحزب في ذات السياق أن ذلك "يكشف عن مستوى عال من الإهمال والفساد، بالمقارنة مع المبالغ الضخمة التي تم ضخها مؤخرا في مختلف المشاريع، والإجراءات المتخذة للتغلب على مشكلة المياه في العاصمة نواكشوط".

وأوضح أن ما يقارب 50 بالمئة من المياه المتاحة عند الشركة الوطنية للمياه، يضيع بسبب التسربات وخاصة من شبكات متهالكة تم استبدالها وتُركت مفتوحة لسبب غريب.

محاسبة المسؤولين
من جهته طالب حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان) بمحاسبة "المسؤولين عن التفريط في توفير الماء الضروري لحياة المواطنين".

وأكد الحزب في بيان أرسل نسخة منه لـ"عربي21" تضامنه التام مع المواطنين في هذه الأزمة وغيرها من أزمات خانقة تهدد السلم والاستقرار الأهلي إذا لم تجد طريقها إلى الحل السريع.

معلومات عن نواكشوط
تقع نواكشوط جنوب غرب موريتانيا، وهي تطل على المحيط الأطلسي، ويقطنها مليون نسمة أي نحو ربع سكان البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.


وتأسست هذه المدينة أواخر خمسينات القرن الماضي، حيث وضع أول رئيس لموريتانيا المختار ولد داداه، إلى جانب الرئيس الفرنسي حينها شارل ديغول الحجر الأساس لها 5 آذار/ مارس 1958، واختيرت عاصمة للبلاد بعد استقلالها عن فرنسا سنة 1960.

عند تأسيسها كانت نواكشوط مجرد قرية ريفية، لكنها نمت سريعا، ونزح إليها سكان المدن الأخرى بعد موجات الجفاف التي ضرب موريتانيا سبعينيات وثمانينات القرن الماضي وذلك بحثا عن فرص العمل وتحولت إلى أكبر مدن البلاد، حيث تعد شواطئها من أغنى الشواطئ العالمية بالأسماك والأنواع البحرية الأخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية نواكشوط أزمة المياه موريتانيا الجفاف موريتانيا جفاف نواكشوط أزمة مياه المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة نواکشوط الحزب فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

أزمة المياه في غزة.. محطات التحلية تكافح لتلبية الاحتياج والصهاريج تنتظر الوقود

يخرج رائد رضوان من منزل صباح كل يوم لأخذ موقع متقدم في طابور طويل يصطف عليه أهالي حي الشيخ رضوان من أجل ملئ جالونين من مياه الشرب.

يقول رضوان، 35 عاما، إن أزمة مياه الشرب قائمة منذ عودته من مخيمات النزوح في جنوب قطاع غزة، لكنها تضاعفت مع إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم، التي تصل من خلاله المساعدات الإنسانية إلى غزة بما في ذلك الوقود.

ويوضح أن شح الوقود في الأسواق يصعب مهام محطات التحلية ويزيد الضغط عليها لناحية عدد المواطنين الوافدين دون أن تتمكن من تلبية احتياجات الجميع.

ويبين رضوان أن اعتاد قبل اشتداد الأزمة على تعبئة 4 جالونات من المياه لأغراض الشرب والطهي، لكن المحطة اليوم تسمح فقط بجالونين لإعطاء جميع الوافدين إليها فرصة الحصول على مياه صالحة للشرب بدلاً من المياه المالحة التي تضخها الآبار البلدية.

ويلفت إلى أن البلدية لا تضخ المياه بشكل منتظم، “ولا تصل خدماتها إلى جميع المناطق والأحياء السكنية في مدينة غزة بسبب البنى التحتية المدمرة وحاجة الخطوط إلى الصيانة”.

عجز خدمات المياه

حالة تشي بصعوبة المعيشة التي يعانيها أهالي قطاع غزة تحت وطأة حصار إسرائيلي وسياسات عقابية إجرامية تريد الدفع بالمواطنين إلى الهاوية، كما يؤكد وائل السيد.

يقول السيد الذي يعيش في منطقة منخفضة نسبياً إن خدمات مياه البلدية لا تصل المنازل، وأنهم استعانوا ببئر جار لهم من أجل الحصول على نصيب يومي من المياه، مبيناً أن الجيران المستفيدين من البئر يجمعون ثمن الوقود من أجل تشغيل المضخة.

ويلفت السيد إلى أن ثمن لتر السولار في السوق السوداء ارتفع إلى نحو 50 شيكلاً بعد أن كان 25 شيكلاً قبل إغلاق المعبر وتوقف إمدادات الوقود، مبينا أنه يدفع أسبوعياً 200 شيكلاً من أجل الحصول على 2000 لتر من المياه أسبوعياً يستخدمها لأغراض الغسيل والاستحمام.

الحصول على المياه النظيفة ليست هي فقط ما يؤرق الرجل الخمسيني بقدر ما تخيفه بركة تجميع مياه الصرف الصحي شرقي حي الشيخ رضون، مشيراً إلى أن منسوب المياه في البركة البعيدة عن منزله عشرات الأمتار ارتفع إلى حاجز العلامة الحمراء على مؤشر القياس الموجود في منتصفها، الأمر الذي يجعل فيضانها احتمالًا واردًا، فضلًا عن الروائح الكريهة التي تنبعث منها وتزكم الأنوف، وحشرات البعوض.

وخلال حرب الإبادة دمر جيش الاحتلال مصادر المياه في مناطق عملياته العسكرية، كما أقدم على قصف وتفجير الآبار الرئيسية التي تزود الآلاف من العائلات بالمياه الخاصة بالاستخدام اليومي، ما تسبب بخروجها عن الخدمة.

ويعتمد سكان القطاع في الوقت الراهن، على محطات التحلية التي أنشئت عبر مؤسسات إغاثية دولية للحصول على المياه الصالحة للشرب والاستخدام اليومي، ويضطرون للاصطفاف في طوابير طويلة من أجل الحصول على الحد الأدنى من كميات المياه، تصل في أحسن الأحول إلى 100 لتر.

وتصل المياه للمناطق المدمرة عبر شاحنات مخصصة لذلك، والتي تنتظر بدورها في طوابير طويلة من أجل تعبئة الحمولة، حيث تنقل المياه بأواني الطعام والخزانات الصغيرة والدلاء، ما يدفع الفلسطينيين لتقنين استخدامهم لها.

ارتفاع التكلفة

ولا يستطيع جميع السكان الوصول إلى تلك المحطات لبعدها عن مكان سكنهم وحاجتهم إلى وسائل مواصلات لا تتوفر بسهولة لنقل المياه، ما يضطرهم لشرائها من شاحنات وسيطة تنقل المياه من محطات تحلية تملكها شركات محلية.

ويقول أبو جميل إنشاصي، صاحب شاحنة مياه شرب، إن إغلاق معبر كرم أبو سالم ومنع دخول السولار يجعل مهمة توزيع المياه شاقة للغاية، “عملنا قائمة على السولار سواء لغايات حركة الشاحنة أو الحصول على المياه المحلاة من المحطة”.

ويبيّن أنه يضطر لشراء السولار من السوق السوداء بأسعار مرتفعة بلغت بعد منع شاحنات الوقود من دخول قطاع غزة منذ الثاني من مارس 45 شيكلاً بدلاً من 20 شيكل في فترة تدفق المساعدات والوقود، الأمر الذي ضاعف ثمن شاحنة المياه (4000 لتر) الواصلة إلى المواطنين من 280 شيكل إلى 400 شيكل.

ويرجح إنشاصي ارتفاع سعر كوب مياه الشرب (الكوب يساوي 1000 لتر) إلى 125 شيكل في قادم الأيام إذا ما واصلت سلطات الاحتلال إغلاق المعبر.

من ناحيته، يقول المدير المالي لشركة “عبد السلام ياسين” لتحلية المياه محمد أبو عودة، إن استمرار منع إدخال السولار يهدد عمل محطات التحلية ويدفع بأزمة كبيرة سيكون انعكاسات سلبية على المواطنين.

ويوضح أبو عودة أن محطته تضطر لشراء السولار من السوق السوداء بسعر يصل إلى 45 شيكلاً للتر، مما يزيد من الأعباء المالية على المحطة في توفير مياه الشرب. كما نبّه إلى مشكلة نقص قطع الغيار اللازمة لصيانة معدات التحلية وشاحنات النقل، نتيجة منع الاحتلال إدخالها منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة، ما يقلل من كميات المياه الموفرة للمواطنين.

ويطالب أبو عودة، بالضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال السولار وقطع الغيار اللازمة لصيانة معدات التحلية وشاحنات المياه.

وتعد شركة ياسين واحدة من الشركات المحلية التي حافظت على تقديم خدمتها للنازحين في جنوب قطاع غزة بدعم من مؤسسات دولية عملت خلال الحرب على تزويدها بالوفود اللازم لتشغيل المحطة.

أزمة مركبة

ويؤكد المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، أن الحرب دمرت نحو 70% من البنية التحتية في قطاع غزة، خاصة المناطق الشمالية منها، لافتًا إلى أن ذلك عطل تقديم الخدمات الأساسية للسكان وخلق أزمة كبيرة.

ويشير مهنا إلى تأثير نقص السولار بشكل كبير على خدمات البلدية في ظل انقطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن البلدية كانت تعتمد على المولدات الاحتياطية لتشغيل الآبار، لكن جيش الاحتلال استهدفها بشكل متعمد، ما أحدث خللاً في العمل.

ويبين أن المياه لا تصل إلى نحو 40% من مساحة مدينة غزة، خاصة المناطق الجنوبية الغربية التي تضم حيي تل الهوا والشيخ عجلين، والأحياء الشمالية الشرقية التي كان الاحتلال يمنع طواقم البلدية من الدخول إليها لمحاولة إصلاح خطوط المياه.

ويقول مهنا إن الدمار الواسع تسبب في نقص حاد بمياه الشرب والماء الخاص بالاستخدام اليومي، لافتا إلى أن هذه الأزمة مع أزمات تعطل شبكات الصرف الصحي وتراكم النفايات سيكون تأثيرها سلبيًا على غزة وسكانها، لاسيما مع إغلاق سلطات الاحتلال للمعابر ومنع إدخال الوقود.

ويوضح أنّ الاحتلال دمر 110 آلاف متر طولي من شبكة المياه بالمدينة، كما دمر 62 بئر مياه، وستة خزانات كبيرة كانت تغطي أحياء كاملة، إضافة إلى تدمير 133 آلية تشكل ما نسبته 80% من آليات البلدية، فيما لا تستطيع الآليات المتبقية تقديم الخدمات اللازمة إلا بالحد الأدنى نظراً لحاجتها إلى الصيانة.

ويضيف مهنا أن سلطات الاحتلال تمنع إدخال المعدات الثقيلة، وأي معدات أو مستلزمات خاصة بالصيانة، ما تسبب في خروج العديد من مرافق المياه عن الخدمة، مشددًا على ضرورة وجود ضغط دولي حقيقي من أجل ذلك يضمن إعادة تأهيل البنية التحتية بمختلف المناطق.

مقالات مشابهة

  • هل ستنقذ أمطار آذار المتأخرة العراق من أزمة المياه الصيفية؟
  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
  • بلدية غزة : قرار الاحتلال بقطع الكهرباء عن غزة يعمق أزمة المياه
  • أزمة المياه تتفاقم في غزة بسبب قطع التيار الكهربائي عن محطات التوزيع والتحلية
  • اليونيسف: أزمة نقص المياه في غزة بلغت مستويات حرجة
  • اليونيسيف: أزمة نقص المياه في غزة وصلت إلى مستويات حرجة
  • أزمة المياه في غزة.. محطات التحلية تكافح لتلبية الاحتياج والصهاريج تنتظر الوقود
  • الأفلان يثمّن الظروف التي جرت فيها انتخابات التجديد النصفي لـ “السينا “
  • الأفلان يثمن الظروف التي جرت فيها انتخابات التجديد النصفي لـ “السينا “
  • الأفلان يثمن الظروف الرائعة التي جرت فيها انتخابات التجديد النصفي لـ “السينا “