ما علاقة الملف النووي الإيراني بالحرب الإسرائيلية على غزة؟
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
قد تتفاجأ إذا ما علمت أنّ معظم ما يجري اليوم في الإقليم من تصعيد سياسي ودبلوماسي وعسكري، وإستعراض للأوراق والخيارات المتاحة لاسيما بين إيران وأذرعها من جهة، وإسرائيل والولايات المتّحدة من جهة أخرى، إنما يتمحور في حقيقة الأمر حول الملف النووي الإيراني. في فترة من الفترات كان هذا الملف يتصدر ملفات النقاش بين الدول الكبرى، ويحتل المرتبة الأولى في لائحة القضايا التي يتم التفاوض عليها مع إيران.
بعد أن تمّ التوصل إلى إتفاق بين إدارة أوباما والنظام الإيراني في العام 2015، شعرت العديد من دول المنطقة بمخاطر هذا الاتفاق لاسيما أنّه كان قد تمّ على حساب التغاضي عن دور إيران في سوريا والتوسّع الإقليمي للنظام الإيراني. وبالرغم من أنّ إدارة أوباما كانت قد إدّعت أنّ الاتفاق يقطع كل الطرق المتاحة لإيران لإمتلاك سلاح نووي، إلاّ انّ الاتفاق في حقيقة الأمر شرّع البرنامج النووي الإيراني بعد انّ غير شرعي، وعزّزه، ورفع الكثير من القيود الأمميّة على طهران بما في ذلك القيود المفروض على تصديرها للسلاح وعلى برنامجها الصاروخي.
عندما جاء ترامب إلى البيت الأبيض، قام بتمزيق الاتفاق ورفع الضغط السياسي والمالي والدبلوماسي على طهران الى أقصى حد، كما قام برد حازم على التصعيد الإيراني ضد المصالح الأمريكية في المنطقة. وكان ممّا فعله أن حيّد أكبر سلاح في ترسانة إيران للتوسّع الإقليمي خلال العقود الماضية الإقليمية عندما قتل قاسم سليماني، مسؤول فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والرجل الأبرز في إيران. مشكلة النظام الإيراني مع ترامب أنّه لم يكن رئيساً تقليدياً. الرؤساء السابقون كانوا بمثابة كتاب مفتوح لإيران، ولذلك من كان من السهل قراءة سياساتهم وتوقّع إجراءاتهم والتحضير لسياسات مضادة لها.
نتنياهو هو من يريد إشعال حرب كبيرة مع إيران وأذرعها ليس لكشف إيران فقط، وإنما لأنّ مصلحته الشخصية تقتضي ذلك، ولأنّ حرباً من هذا النوع ستؤدي الى دخول الولايات المتّحدة المعركة الى جانب إسرائيل، وسيضمن ذلك لتل أبيب ليس فقط توجيه ضربات لإيران، وإنما تدمير البرنامج النووي، وربما تغيير النظام أيضاً.في حالة ترامب، لم يكن ذلك ممكنا على الإطلاق. لم يستطع النظام الإيراني معرفة طريقة تفكيره، وحساباته، وهل من الممكن تخمين أو توقّع خطوته القادمة. وبالتالي، لم يكن النظام الإيراني جاهزاً للعبة ترامب، وقد كان من الخطر بمكان الذهاب إلى سياسة حافة الهاوية معه لأنّ إيران قد تصبح الخاسر الأكبر.
عندما وصل جو بايدن الى سدّة البيت الأبيض، سعى إلى إعادة تفعيل الاتفاق، لكن المشكلة كانت أنّ الطرفين ليسا في موقع يخوّلهما العودة ببساطة إلى النص السابق. ولذلك، فقد كان هناك حاجة إلى التفاوض مجدداً على إطار جديد. الولايات المتّحدة تريد إدراج مواضيع أخرى كبرنامج إيران الصاروخي وسياساتها الإقليمية، وإيران لا تريد إدراج هذه المواضيع على طاولة المفاوضات وتريد ضمانات مؤكدة ألاّ يحصل ما حصل معها سابقاً. أجرى الطرفان عند جولات غير مباشرة من المفاوضات انتهت إلى لا شيء.
ولأنّ هذه السنة كانت سنة جو بادين الرابعة، عزفت إيران نهاية العام الماضي وبداية هذا العام عن التفاوض، إذ لا مصلحة في عقد إتفاق مع إدارة في وضعية "البطّة العرجاء" كما يُقال. وفي المقابل، خفّفت طهران من وتيرة تخصيب اليورانيوم، فتوارى الملف النووي عن النقاش العام. وكانت طهران أنجزت إتفاق تطبيع للعلاقات مع السعودية برعاية الصين العام الماضي، فضمن لها ذلك إغلاق جبهة الخليج، مما سمح لها بالتفرغ للضغوط المحتملة الأمريكية أو الإسرائيلية. كما عكفت إيران بموازاة ذلك على تطوير أوراق قوّتها الأخرى التي لم تستطع إستخدامها عندما كان ترامب رئيساً، كحزب الله، والحوثي على وجه التحديد، وذلك تحضيراً لمرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية، وإحتمال عودة ترامب. عندها، تكون طهران مستعدة إمّا لسيناريو مفاوضات من موقع قوي، أو لسيناريو معركة من موقع قوي، وفي كلتا الحالتين، تحاول كسب الوقت لإمتلاك القنبلة النووية.
ما حصل هو أنّه وأثناء تحضير إيران لاوراقها، حصلت عملية 7 أكتوبر وإندلعت الحرب الإسرائيلية على غزّة. أعلنت إيران وحزب الله بشكل صريح ألاّ علاقة لهما بما حصل في 7 أكتوبر، وقررتا عدم الدخول في الحرب بعد أن كان البعض يتوقّع أن يرميا بكل ثقلهما في المعركة خلف حماس. وما أن إشتدت المعركة وبدأت إسرائيل تغرق في غزة جرّاء جرائمها، حاولت إيران وأذرعها الاستفادة من الوضع لتحسين صورتهم، ولتسجيل نقاط ضد إسرائيل، ولإختبار مدى جهوزية المحور الإيراني لإمكانية قدوم ترامب. وبناءً عليه قررت إيران أن تجري بعض العمليات المحدودة جداَ والمدروسة بعناية كي لا تتجاوزها أهدافها.
لكن ما حصل هو أنّ إسرائيل رفضت أن يتم استغلالها لكي تحقق إيران أهداف دعائية، وقررت أن تكشف هذه اللعبة من خلال سياسة حافة الهاوية. وعليه، صعّدت إسرائيل بشكل كبير وغير محدود ضد حزب الله وإيران، لدرجة أصبح واضحاً للجميع أنّ من كانوا يدعون إلى فتح الجبهة والحرب الشاملة، أصبحوا يريدون فقط "رد إهانة الاغتيال" وليس التصعيد أو الحرب كما قال المسؤولون الإيرانيون، فضلاً عن أن يكون دعم حماس او تحرير فلسطين. وهذا ما يفسّر كذلك عدم وجود ردود فعل حقيقة من حزب الله، والردود البهلوانية الاستعراضية من إيران.
وتبيّن كذلك أنّ نتنياهو هو من يريد إشعال حرب كبيرة مع إيران وأذرعها ليس لكشف إيران فقط، وإنما لأنّ مصلحته الشخصية تقتضي ذلك، ولأنّ حرباً من هذا النوع ستؤدي الى دخول الولايات المتّحدة المعركة الى جانب إسرائيل، وسيضمن ذلك لتل أبيب ليس فقط توجيه ضربات لإيران، وإنما تدمير البرنامج النووي، وربما تغيير النظام أيضاً.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران الإسرائيلية إيران إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام الإیرانی إیران وأذرعها الملف النووی المت حدة ما حصل
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإيراني يُقدم اقتراحًا من 5 بنود لدعم فلسطين وملاحقة إسرائيل قانونيًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إنه من حق الفلسطينيين تقرير مصيرهم، ويجب أن يصان ذلك الحق بموجب القوانين الدولية، وهو نفس الشأن في لبنان وسوريا، لا سيما وأن حكومة الاحتلال انتهجت نفس النهج في قتل المدنيين الأبرياء في لبنان وسوريا.
وأوضح «بزشكيان» في كلمته خلال قمة الجلسة الخاصة بالأوضاع في فلسطين ولبنان بالقمة 11 لمنظمة الدول الثماني النامية، أذاعتها فضائية «إكسترا نيوز»، أنه رغم المقاومة التي حدثت وأوجه الدعم التي خرجت من العالم، والمطالبات بضرورة وقف إطلاق النار، والقرارات التي صدرت من محكمة العدل الدولية، يجب أن تترجم إلى ضغط على الحكومة الإسرائيلية، لكي تلتزم بالقرارات الدولية القرارات الخاصة بالمحاكم الدولية.
وأكد الرئيس الإيراني، على أنه يجب أن تحاسب حكومة الاحتلال على ماحدث في البنية التحتية في سوريا و لبنان و غزة، ويجب إجبارها على المشاركة في إعادة الإعمار.
وشدد على أنه يجب أن تتخذ قرارات عاجلة وفورية، ويجب أن يكون هناك عقوبات مفروضة على الهجمات على البنية التحتية، إذ أن الاحتلال استهدف المستشفيات والمساجد ودور العبادة.
وعلى جانب أخر، أكد على أنه يجب أن يكون لسوريا حكومة مدنية تراعي حقوق المدنيين الأبرياء وتحترم الاختلاف الموجود في دمشق وفي البلاد السورية العرقية والدينية.
فيما قدم الرئيس الإيراني اقتراحًا وجاء كالتالي:
أن يكون هناك برنامج لدعم فلسطين يتم عمله من قبل مجموعة الثمانية من أجل تلبية الاحتياجات الخاصة لفلسطين.
أن يكون هناك مجموعة اتصال لمجموعة الثمانية للتواصل مع عدد من المنظومات من أجل تمرير المساعدات الإنسانية ودعم الوضع الراهن في قطاع غزة.
أن تشارك مجموعة الثمانية في إعادة إعمار المناطق المتضررة في لبنان وغزة.
أن يكون هناك دعم للدول الأعضاء لما يحدث وأن يتم الاعتراف بإسرائيل كونها دولة تنتهك القوانين الدولية، وأنها لم تكترث لكافة القرارات الدولية وأبرزها القرار 1701، وأن يكون هناك دعم قانوني لفلسطين.
أن تكون هناك حملات قانونية بالتنسيق الوثيق مع محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية من أجل الاعتراف بإسرائيل دولة مجرمة ارتكبت مجازر بحق 70 ألف طفل بريء فلسطيني.