عربي21:
2025-03-06@15:59:05 GMT

ترامب كذوبا ومهرجا

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

منذ أن ظهر محمد حمدان دقلو (حميدتي ) في الخرطوم ببدلة وربطة عنق، أو بجلابية وعمامة بيضاء، بدلا من الكدمول (عمامة داكنة اللون يعتمرها رجال أفريقيا جنوب الصحراء)، مؤتزرا حلة فريق أول، ورتبة نائب رئيس مجلس السيادة، في أعقاب خروج الرئيس عمر البشير من قصر الحكم في نيسان/ أبريل من عام 2019، ظل كثيرون يعتبرونه مجرد مهرج في السيرك السياسي، ويتداولون أقواله الممعنة في الركاكة والطرافة: نحن هدفنا، ما عندنا هدف/ حجر العسل من الأحجار الكريمة؛ (حجر العسل قرية في وسط السودان)/ قال تعالى "صاحب العقل يميِّز"، والرسول قال "البيان بالعمل"/ إذا دعتك قدرتك إلي ظلم الناس فالكلام ده مش كويس/ يسرني مخاطبة هذه الكوكوة من الرياضيين (يقصد الكوكبة) / لازم نندهس (ننتهز) الفرصة .



وقلتها هنا في "عربي21" وفي أكثر من مقال، بأن الديمقراطية تتعرض لإشانة السمعة من أهل الولايات المتحدة، وأن ذلك يتجلى ذلك بقوة خلال الحملات الرئاسية الانتخابية، ومن يتابع المهرجانات الخطابية بين مرشحي الرئاسة حاليا، كامالا هاريس، ودونالد ترامب، يحس بأنه يشهد "سيركا"، للمهرجين فيه نصيب الأسد، في غياب أسد حقيقي، وأن الفتك الذي يلحقه ترامب بمعمار اللغة الإنجليزية، يضاهي ما يفعله حميدتي باللغة العربية والمنطق، غير ان حميدتي على جرائره الكثيرة، بريء من جنس الهتر الذي يمارسه ترامب وأنصاره بحق هاريس: غبية، حمقاء، لا تحمل رخصة ممارسة القانون (وكانت يوما أعلى سلطة قانونية في ولاية كاليفورنيا)، وشقت طريقها الى الكونغرس ب"رهن جسدها"، وكانت هندية عندما عرفناها قبل سنوات، وفجأة صارت سوداء، وهي تريد فتح حدود بلادنا للمجرمين والمعتوهين من المكسيك.

من يستمع إلى ترامب وهو يزكي نفسه لمنصب الرئيس، يحسب أنه ينافس على دور في فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني: أنا ذكي، ووسيم، ولي معجبون ومعجبات بالملايين، وزوجتي ميلانيا أجمل بكثير من كمالا هاريس، التي ظهرت على غلاف مجلة تايم بملامح تشبه ميلانيا، لأن صورتها تلك بريشة فنان، وليتني أعثر على ذلك الفنان ليرسم صورتي. كلما اعتليت منصة وقف عشرات الآلاف مشدوهين أمامي، وجمهور مخاطباتي أكبر من جمهور مسيرة الحقوق المدنية التي قادها مارتن لوثر كنغ (شارك في المسيرة في آب / أغسطس 1963 أكثر من 300 ألف شخص، وهو الأمر الذي لم تشهده مسيرة قبلها أو بعدها).

الديمقراطية أفضل الخيارات السيئة لحكم الشعوب، فهي تقوم على حكم الأغلبية، وهذه الأغلبية أتت بهتلر فقاد بلاده وأوربا إلى الدمار، وأتت بنتنياهو الذي جعل من إسرائيل دولة منبوذة خارجيا كما لم يحدث من قبل، وآلت قيادة الدولة السوفيتية إلى ستالين بأغلبية أصوات المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي، فسفح دماء الشيوعيين وخصوم الشيوعيين، والأغلبية جعلت من ترامب الذي انكشف سجله الإجرامي مؤخرا، رئيسا في كانون الثاني/ يناير 2017 لأربع سنوات،صحيفة ذا نيشن الأمريكية قالت إنه ليس فيما يصدر عن ترامب خلال جولاته في مختلف الولايات، ما ينم عن أنه جاد في الفوز بالرئاسة، "لأنه يقدم نفسه كغبي طفولي كسول"، وتقول الصحيفة، إن كسله يتجلى في أنه لا يعرف، ولا يريد ان يعرف مواطن الضعف في هاريس، "فلو اطلع على سجلها في الكونغرس لاكتشف انها تأتي في المرتبة الثانية في اليسارية، بعد بيرني ساندرز، ولكن ولأنه لا يقرأ فإنه لا يعرف شيئا عن ذلك السجل، ويظل يهرف بعموميات ساذجة وضحلة.

أما غباء ترامب فمغلف بكسله، وما من نص مكتوب او مرتجل صدر عن ترامب، إلا وفضح أنه يفتقر إلى الذكاء، وأنه لا يجهد نفسه للحصول على معلومات، يزكي بها نفسه ويزعزع بها مواقف خصومه"، وتمضي الصحيفة قائلة ان طفوليته تتبدى في تلاحم مع الغباء والكسل، وفي أنه وبدلا من التطرق الى مواضيع السياسة والاقتصاد، يظل يرغي ويزبد وهو يطلق النعوت على هاريس، ويتباكي على نصر مزعوم انتزعه منه الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات عام 2016 الرئاسية.

في عام 2017 كتبت كارول مكغراناهان في مجلة "إثنولوجست" التي تعنى بدراسة الإنسان وعلاقاته بالآخرين "جميع السياسيون يكذبون، ولكن ترامب هو أكبر كذاب  ومحترف كذب عرفته سوح السياسة الأمريكية"، أما المؤرخ الأمريكي دوغلاس برينكلي فقد كتب في مجلة سايكوأنالتيك دايالوغ (تختص بعلم النفس التحليلي) قائلا ان ترامب كاذب متسلسل، فالكذب عنده ممارسة سياسية ثابتة، إرضاء لأهواء نفسه وجمهوره.

رؤساء أمريكيون كثر مارسوا الكذب لتضليل الرأي العام المحلي أو العالمي، أو لتفادي تبعات قانونية، فليندون جونسون كذب كثيرا ومرارا لإخفاء مدى تورط جيش بلاده في فيتنام، وبيل كلينتون كذب أمام المحققين لتعمية علاقته مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، ثم اضطر إلى الخطرفة بأقوال حول الفوارق بين "الحب الشفهي والتحريري"، أما ريتشارد نيكسون فقد كذب وكذب لإخفاء ضلوعه في فضيحة التجسس على مقر الحزب الديمقراطي (ووترغيت)، وكلفه الكذب منصبه، بينما كذب جورج دبليو بوش عن وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق، لتبرير غزوه في عام 2003، أما ترامب فقد ارتقى بالكذب الى درجات لم يسبقه عليها احد، كما يقول مارك باراباك المحرر في جريدة لوس انجلس تايمز، فهو يكرر الكذبة المرة تلو الأخرى، حتى تصبح في تقديره "حقيقة".

كما قال مفكرون كثر، فالديمقراطية أفضل الخيارات السيئة لحكم الشعوب، فهي تقوم على حكم الأغلبية، وهذه الأغلبية أتت بهتلر فقاد بلاده وأوربا إلى الدمار، وأتت بنتنياهو الذي جعل من إسرائيل دولة منبوذة خارجيا كما لم يحدث من قبل، وآلت قيادة الدولة السوفيتية إلى ستالين بأغلبية أصوات المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي، فسفح دماء الشيوعيين وخصوم الشيوعيين، والأغلبية جعلت من ترامب الذي انكشف سجله الإجرامي مؤخرا، رئيسا في كانون الثاني/ يناير 2017 لأربع سنوات، ولعل أبرع من قال إن الأغلبية ليست دائما على حق، هو الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي:

لما سألت عن الحقيقة قيل لي             /             الحق ما اتفق السواد عليه
فعجبت كيف ذبحت ثوري في الضحى   /              والهند ساجدة هناك لديه

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الخطابية ترامب انتخابات الرأي امريكا انتخابات رأي خطاب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نداء أوجلان وآفاق السلام الداخلي في تركيا

تلقى كرد تركيا النداء الذي أطلقه عبد الله أوجلان من داخل سجنه مطالباً حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح وحل نفسه، بحماس كبير تجلى في التجمعين الجماهيريين الكبيرين في كل من ديار بكر ووان لمتابعة قادة حزب الشعوب الديمقراطي وهم يقرأون، عبر شاشات عملاقة، النص المكثف الذي كتبه أوجلان، باللغتين الكردية والتركية. أما مشاعرهم إزاء «العملية السياسية الجديدة» التي يختلف حول عناوينها لأن أحداً لم يطلق عليها عنواناً صريحاً يعبر عن مضمونه الغامض بدوره، فهي تدرجات من التفاؤل الحذر المشروط بما سيلي من تطورات.

وقد جاء نداء أوجلان بدعوة من زعيم التيار القومي (التركي) المتشدد دولت بهجلي الغائب منذ بعض الوقت عن المشهد السياسي بسبب مرضه، أطلقها قبل أكثر من أربعة أشهر حفلت بتحليلات وأفكار على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون ومنصات الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من فضاءات التعبير. الوسط الكردي عموماً، وقادة حزب الشعوب الديمقراطي بصورة خاصة، يساهمون بحماس في هذه العملية السياسية ويعبرون عن تفاؤلهم الكبير بـ«هذه الفرصة» النادرة لحل المشكلة الكردية التي عمرها من عمر الجمهورية التركية. أوساط السلطة بالمقابل ترى الموضوع من منظور أنه فرصة للتخلص من الإرهاب ولا يعترفون بوجود مشكلة كردية، هذا ما كرره كل من أردوغان وبهجلي في كل مناسبة، مع تشديد الأخير على «الأخوة التركية ـ الكردية التي عمرها ألف عام»! حماس بهجلي للعملية وتمسكه بها على رغم عقبات كثيرة اعترضت طريقها هو الذي يراهن عليه المتفائلون، لأن الرجل معروف بتشدده القومي ومعاداته المزمنة للتعبيرات السياسية للمجتمع الكردي، إضافة إلى أنه يمثل «الدولة العميقة» في تركيا وفقاً لاعتقاد شائع، أو الدولة بنواتها الصلبة وهواجسها المتعلقة بالأمن القومي. لذلك يعتبر المتفائلون أن المسألة هذه المرة ستمضي في اتجاه الحل ما دام وراءها بهجلي بالذات، آخذين بنظر الاعتبار أن دور بهجلي في السلطة القائمة يتجاوز الحجم الصغير لحزبه في التحالف الحاكم إلى «بنية الدولة» و«عقلها المفكر».
كانت الاستجابة سريعة من قادة حزب العمال الكردستاني بأنهم سيتجاوبون بصورة إيجابية مع توجيهات أوجلان
ولوحظ على نص أوجلان أنه مدروس بدقة وربما كان نتاج «عقل جماعي» كردي. فقد شوهد الزعيم السجين في الصورة التي تم تداولها وسط قادة من حزب الشعوب الديمقراطي الذين قاموا بزيارته للمرة الثالثة في غضون شهرين، إضافة إلى ثلاثة سجناء سياسيين من القيادات المؤسسة للحزب، في رمزية عكست توحيد الرأي بين القادة المؤسسين وقادة الحركة السياسية الكردية في تركيا (حزب الشعوب) بشأن الخطوة التاريخية التي يطالب بها أوجلان.

كان لافتاً حرص نص أوجلان على رسم خطوط عريضة للمناخ الدولي والإقليمي والمحلي الذي تم تأسيس حزب العمال الكردستاني فيه كحركة سياسية مسلحة تعبر عن مظالم الكرد وتطلعاتهم المستقبلية، ويمكن تلخيصه بمناخ الحرب الباردة بين القطبين واشنطن وموسكو وصعود نجم الحركات اليسارية المسلحة في كثير من بلدان العالم بما في ذلك بعض البلدان الرأسمالية المتطورة. ليضيف النص أن تلك الشروط تغيرت بصورة جذرية بدءا من التسعينيات، وبخاصة بعد انهيار النموذج السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة. فدخل حزب العمال الكردستاني في متاهة من البحث عن معنى ودور جديدين يكرر فيها نفسه بلا جدوى. أي أن أوجلان يؤكد أن عمر حركته المسلحة قد انتهى منذ أكثر من ربع قرن، داعياً الحزب إلى حل نفسه لهذا السبب وليس بسبب ظرف مستجد، كما فعلت حركات مسلحة عديدة بعد إعادة تقييم تجربتها فتحولت إلى حركات سياسية تواصل نضالها بالوسائل السلمية المشروعة. كما أكد النص أن إلقاء الحزب للسلاح ليس نتيجة لهزيمة عسكرية لحقت به بل بقرار ذاتي ينبغي اتخاذه في مؤتمر عام يجمع الحزب بمختلف منظماته. فالدعوة إذن هي لعقد مؤتمر تاريخي يشكل منصة للتحول من حركة مسلحة إلى حركة سياسية.



كانت الاستجابة سريعة من قادة حزب العمال الكردستاني بأنهم سيتجاوبون بصورة إيجابية مع توجيهات أوجلان، وإن أضافوا أن نجاح العملية لا يتوقف عليهم فقط، فثمة طرف آخر، الدولة التركية، ستكون مساهمته حاسمة في تحقيق النجاح.

كل هذه التفاصيل تصب في خانة التفاؤل، لكن المشهد السياسي العام في تركيا يبدو وكأنه يمضي في اتجاه معاكس، أو على الأقل بما لا يبشر بمضي «العملية» بسلاسة. فقد ازدادت في الأشهر القليلة الماضية عمليات عزل رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي، أو شخصيات كردية فازت في الانتخابات المحلية على لوائح حزب الشعب الجمهوري، وتفتح دعاوى قضائية بحق رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي بدأ استعداداته مبكراً للترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، في مواجهة أردوغان وفقاً لسيناريو شائع، بل وصل الأمر إلى اعتقال اثنين من إداريي جمعية رجال الأعمال المعروفة بـ«نادي أشد الأثرياء في تركيا» وتقديمهما للمحاكمة، إضافة إلى أعداد متزايدة من الصحافيين، في إجراءات يمكن إجمالها بالاندفاع إلى مزيد من السلطوية والتضييق على حرية التعبير. ويبدو حزب الشعب الجمهوري هو الأقل حماسةً للعملية السياسية الجارية على جهة المسألة الكردية، لأنه يراها من منظور تكتيكي يتصل برغبة السلطة في استمالة الحركة السياسية الكردية لمساندة مشروع تعديل دستوري يتيح للرئيس أن يعيد ترشيح نفسه لولاية جديدة بعد استنفاد فرصه وفقاً للدستور المعمول به. ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن نص أوجلان نفسه قد أكد على مفهومه لـ«المجتمع الديمقراطي» كوعاء للحل المنشود.

المصدر: القدس العربي

مقالات مشابهة

  • ميرتس.. ترامب ألمانيا الذي تُعوّل عليه أوروبا لمواجهة ترامب أميركا
  • نداء أوجلان وآفاق السلام الداخلي في تركيا
  • ترامب يهاجم ترودو ويتهمه باستغلال قضية المخدرات للبقاء في السلطة
  • الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس
  • ارتفاع مخزونات النفط الخام بأميركا
  • 3 أيام من الخسائر.. ما الذي يدفع أسعار النفط للانخفاض؟
  • زيلينيسكى يطلق النار على نفسه!
  • تفاصيل مقترح السلام الذي عرضه زيلينسكي على روسيا وترامب
  • الشيخ الخميس ظلم نفسه قبل أن يظلم حماس!
  • أول تعلق من مؤلف مسلسل معاوية بعد الهجوم عليه