في حب وردة: ليلة من الطرب الأصيل تزين مسرح المحكى بأشهر أعمالها
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
تحت سماء القاهرة وفي رحاب قلعة صلاح الدين التاريخية، تتواصل ليالى مهرجان القلعة الدولى للموسيقى والغناء في دورته الثانية والثلاثين، التي تُنظمها دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، وفى الليلة الثانية من المهرجان تزين مسرح محكى القلعة بأنغام خلابة ممزوجة بأصوات الطرب الأصيل ومحملة بعبق التراث وذكريات الزمن الجميل فى حفلين بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام.
تحت عنوان "ليلة في حب الفنانة وردة" قدمت فرقة الموسيقى العربية باقة من أجمل أغانيها الخالدة منها "مالي، أكدب عليك، العيون السود،لولا الملامه، بتونس بيك، اسمعونى، بلاش تفارق،قلبى سعيد،حلوه بلادى السمرا "، حيث أبدع في أدائها مجموعة من فنانى الموسيقى العربية "ألاء أيوب، رضوى سعيد، سارة زكي، ونهاد فتحي.
مثلت تلك الليلة تكريم للفنانة الكبيرة وردة، وإحياءً لذكراها الفنية التي لا تزال تنبض في قلوب عشاق الموسيقى والغناء.
وقبله استمتع الحضور بحفل أحياه كورال أطفال وشباب مركز تنمية المواهب، تدريب وقيادة الدكتور محمد عبد الستار وإشراف المدير الفنى للمركز الدكتور سامح صابر. قدم الكورال باقة من أغاني الزمن الجميل، التي أبدعتها أنامل كبار الملحنين، وتألقت أصواتهم العذبة في تقديم أعمال رائعة منها "سلم علي، آى والله، مستنياك، ان راح منك يا عين، هوا يا هوا، بهية،يونس فى بلاد الشوق، بتسأل ليه عليا، يابو الطاقية الشبيكة ،زى العسل،على صوتك، أسمر يا أسمرانى،مبيسألش عليا أبدا، سهر الليالي،احلف بسماها". وأبدع فى آدائها من المواهب الواعدة " محمد محمود، إيمان منصور، سندرا، نهى المصرى، أحمد فايد، ابو القاسم احمد، ملك جوهر، شيماء ضاحى، رقية،شمس،محمد بحيرى،أمل احمد خليفة ".
ختام الحفل
وشهد ختام الحفل صعود الدكتورة لمياء زايد، رئيس دار الأوبرا المصرية، لتحية المواهب الواعدة على أدائهم الراقي. وأشادت بأصواتهم العذبة وقدرتهم على إحياء روائع الزمن الجميل، مؤكدة على دور مركز تنمية المواهب في رعاية الطاقات الشابة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مهرجان القلعة حفل ليلة وردة الجزائرية جدول حفلات مهرجان القلعة
إقرأ أيضاً:
شواطئ.. مكاوي سعيد والقصة القصيرة في مصر (1)
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأت رحلة مكاوي سعيد مع الكتابة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين عندما كان طالبا بكلية التجارة، وكان مهتما بالشعر عقب تأثره بدواوين صلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطى حجازي، وبدر شاكر السياب، ومحمد الفيتورى، ونشرت له قصائد في مجلة صوت الجامعة، حتى حصل على لقب شاعر الجامعة عام 1979م. بدأ عقب تخرجه كتابة القصة القصيرة متأثرًا بيوسف إدريس، وقصص مكسيم جوركي، وتشيكوف، بالإضافة إلى روايات دوستويفسكى، وهيمنجواي، وقد مارس الكتابة في مجالات الرواية، والقصة والمقال وأدب الأطفال والسيناريو من أهمها (الركض وراء الضوء)، (حالة رومانسية)، (راكبة المقعد الخلفي)، (ليكن في علم الجميع سأظل هكذا)، (غرفة لم يدخلها رجل )، (البهجة تحزم حقائبها)، (ظلمة مألوفة)، (سرى الصغير)، (فئران السفينة)، (تغريده البجعة)، (أن تحبك جيهان )، وأعمال إبداعية أخرى منها (مقتنيات وسط البلد)، (عن ميدان التحرير وتجلياته)، (أحوال العباد)، (القاهرة وما فيها )، (بياعين الفرح)، ( قرص الشمس الذى أشعل الثورة). من هنا تأتى أهمية كتاب "تقنيات السرد في القصة القصيرة عند مكاوي سعيد" للباحث مصطفى ربيع، والصادر عن الهية المصرية العامة للكتاب 2023.
والحدث في القصة القصيرة – على عكس الرواية – لا يعتمد على الوصف الزائد للمواقع التي يحدث فيها، إنما يحاول الكاتب السيطرة على حدثه من خلال رسم الشاهد ووصف دقيق موجز للمواقع التي يدور فيها. وقد عمد مكاوي سعيد إلى هذه الطريقة في قصة "تنهيدة" من مجموعة "غرفة لم يدخلها رجل" حيث رسم المشاهد، ووصف موقع الحدث بدقة، ووضعنا في نطاق الحدث، يقول "كانت أشعة الشمس قد استطاعت أن تنفذ من الزجاج المطلي باللون الأزرق والمروحة العتيقة لا تزال تهدر بالصوت العالي، عاجز عن تبديد موجة الحر الشديدة التي اجتاحت الغرفة، كور الموظف الورقة التي أمامه خالطا بقايا الأكل، وتجشأ بصوت، وبعد ان مسح فمه بظهر يده، صرخ طالبًا كمية من الماء.. نظر في الورقة الممتدة إليه، وسحب دوسيها ضخما، مضى يقلب أوراقه.. ثم من خلال زجاج العدسة السميكة حدق في الكهل المتهالك أمامه، ووقع عدة أوراق أعطاها بتكاسل إلى الكهل وهو يقول: ليك ميتين جنيه في الخزنة يابا". هكذا تم رسم المشهد بدقة ووصف المكان بإيجاز وبراعة، لندخل مع هذا الرسم والوصف إلى حيز المكان الذي أصبحنا نعرفه الآن، وهو إحدى المصالح الحكومية العتيقة الى عفا عليها الزمن، وهو أحد الموظفين غائبي الضمير، وأمامه رجل ضعيف كهل متهالك، عرفنا فيما بعد أنه يبحث عن تعويض لاستشهاد ابنه في الحرب.
ويناقش الحرب قضية استشهاد الأبناء في الحرب، وفزع الآباء وخوفهم عليهم، فهذا الأب المسكين فقد ابنه، وكان التعويض مائتي جنيه فما كان منه إلا أن "كست الدمعات عينيه ثم حصل الصمت فجأة، ظن ان الطريق قد خلا.. ترك لقدميه العنان".
لقد تحدث مكاوي سعيد عن عالم عايشه وعاصره كمال ذهب إلى ذلك عمار على حسن في مقال عن المجموعة القصصية "البهجة تحزم حقائبها" إذ قال: "لا يكتب مكاوي عن عالم لا يعرفه، بل يلتقط تفاصيل حياة عايشها وكابدها وتأملها في روية، وسحب شخوصها وطقوسها على الورق لينسج حكاياته، التي يضيفها إلى رصيد سابق من الروايات والقصص يتراكم بمرور السنين ويجعل منه واحدًا من الشاهدين على أحوال قطاع عريض من المجتمع القاهري، ينتمي إلى شريحة الطبقة الوسطى وكل درجات الطبقة الكادحة والضائعة والتهائة واللاهثة".
إن مكاوي سعيد يعبر عن المهمشين وعن زمنهم الذى نسيهم الناس فيه، حيث " يعبر هذا الزمن – زمن المهمشين – بين صباح ومساء، يتكرر وكأنه في حركته هذه لا ينتهى، لا ينتهى فيما هو يمضى في غفلة عن أناسه الذين يحتضون قلقهم الصامت وينسجون حياة ينساهم التأريخ لها.. كأنهم خارج التاريخ".
من ذلك ما جاء في شخصية " انشراح " للقصة التي تحمل أسمها، فقد عاشت " انشراح " حياة القهر، وعاشت ورحلت دون ان يلتفت إلها أحد، او يراعى مشاعرها، حتى زوجها المدرس والتي اكرمت معاشرتها له، وكذلك في قصة عم حسن الذي لا يبيع ولا يشترى الذي لم ينظر أحد إليه، ولم يعره أحد اهتماما إلا سخرية منه وعبثا به، أو يجعله مادة للضحك والاستهزاء، ورحل لم يذكر موته أحد. وتنوعت مصادر شخصيات مكاوي سعيد، فكانت معظم القصص من الواقع المعيش، ومن عامة النا، وكانت قصص أخرى من طبقة اللامرئيين أو المهمشين، والذين عنهم في براعة ن والتقط تفاصيلهم بإتقان، وكانت شخصيات قصص أخرى من الأطفال، وهى ظاهرة صحية أطلعتنا على عالم الطفال السحري، وكانت شخصية الكلب سامبو شاهدة على عالم الحيوان بما فيه ضمن أسرار، وربما فيه من مكنونات لا يراها إلا أديب مرهف الحس كمكاوي سعيد، وهو في كل تلك المصادر المتنوعة يضعنا أمام عالم قصصي شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية، كما انه شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية.
في قصة " اخت حبيبتي " من مجموعة "سرى للغاية" كان الزمان غير محدد بتحديد دقيق، وإنما عبارة عن سنوات كثيرة تمر وتنتهي، لتعبر عن الزمن الماضي، بعبارة "جارتنا التي كنت أحبها قديما". هذا القديم سيصبح بعد فتره ذكريات كان يتمناها ألا تكون، لأنه لم ينعم بحب جارته في هدوء، فقط كان يرسل إليها رسائل في كرسي المصعد، يقول " أدس لها الرسائل في كرسي المصعد أرقب وجنتيها المجمرتين وضفائرها المرتعشة وبسمتها الخجلى، وهي تختلس النظر على ظلي المختبئ خلف الزجاج المصنفر لباب شقتنا ". وكان عدم تحديد الزمن في صالح القصة، فقد خدم الإطار العام للقصة الذي يدور حول رجل فقد الزمن، ولم يدر بما يجرى حوله، وما يتذكره هو العام السادس عشر من العمر، الذي علم بعد سنوات وسنوات بحب أخت حبيبته له، كما أن عدم تحديد الزمن يخدم شخصية أخت حبيبته وهي الشخصية المحورية في القصة، لأنها هي الأخرى فقدت الزمن بمعرفتها أنه يحب أختها.
وقد ظهرت تقنية الاسترجاع الخارجي عند مكاوي سعيد في قصة " الهابطون من السماء " من مجموعة " سرى للغاية " وذلك في قوله:" حين ولد إبراهيم زغردوا وهللوا، وقاموا بعمل عقيقة في سبوعه، أبى حضر العقيقة، بينما انصرفت أمي مسرعة بحجة انى محموم، رقدت في سريري وكل فترة أقف وأراقبهم من نافذة الغرفة محذرا أن يلمحني أحدهم فيعرف أن أمي تكذب، أو تدخل أمي الغرفة فجأة فتضربني، أخي أيضا لم يحضر العقيقة مدعيًا أنه حبيس الوحدة العسكرية، كما علمت من حوار أبى وأمي ليلا وأنا أتصنت عليهما". وقد كان هذا الزمن يختلف عن بداية الحدث الذي ظهر فيه إبراهيم وهو يقترب من ثلاث سنوات، وليس أسبوعًا فقط، يقول: " سنوات خمس كانت تفصلني عن إبراهيم الذي لم يعبر عن سن الثالثة بعد". وقد كان هذا الاسترجاع مؤثرا ومهما لأنه أطلعنا على سبب العلاقة المتوترة بين الأسرتين اللتين تقع شقة إحداهما في مقابلة الأخرى، وأن هذا التوتر في العلاقة قديم وليس وليد اللحظة.