شكل ما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن عن نتائج مفاوضات الدوحة التي أجريت يومي الخميس والجمعة الماضيين اختصاراً دقيقاً لخلاصات هذه الجولة بما يضع حداً لسيل الاجتهادات التي أثيرت عقبها إذ قال بايدن "لم نتوصل بعد الى اتفاق لوقف إطلاق النار ولكننا أقرب الى تحقيق ذلك". إذ إن مسارعة كل من "حماس" وإسرائيل الى التشكيك والتفخيخ بالبيان الثلاثي المشترك الذي صدر عن الولايات المتحدة ومصر وقطر حول نتائج المفاوضات فاتحاً الطريق لاتفاق يوقف إطلاق النار ويضع حداً لحرب غزة لم يحجب حجم الضغوط الضخمة التي تمارسها الدول الثلاث ولا سيما منها الولايات المتحدة لإحداث اختراق حقيقي وواضح أن الجولة الأخيرة قد حققت شيئاً مهماً للغاية لكنه لا يزال قيد الاكتمال بدليل الإعلان عن جولة مفاوضات جديدة قبل نهاية الأسبوع المقبل في القاهرة.



بنبرة حازمة، أورد البيان الأميركي المصري القطري أنه "لم يعد هناك وقت نضيعه ولا أعذار يمكن أن تقبل من أي طرف تبرر مزيداً من التأخير، لقد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وبدء وقف إطلاق النار، وتنفيذ هذا الاتفاق. الآن أصبح الطريق ممهداً لتحقيق هذه النتيجة، وإنقاذ الأرواح، وتقديم الإغاثة لشعب غزة، وتهدئة التوترات الإقليمية".

وكتبت"النهار": إذ تسابقت إسرائيل و"حماس" على التشكيك في النتائج، بدا واضحاً أن مناخ المفاوضات وما واكبه وسيواكبه من ضغوط ديبلوماسية كبيرة قد أحدث تطوراً لا يمكن تجاهل اثاره لجهة تأخير وفرملة ما كان يخشاه الجميع من انفجار حربي واسع في ظل تهديد كل من ايران و"حزب الله" بردود على إسرائيل عقب اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر . بل أن ثمة من زاد رهانه على أن الرد إذا كان لا يزال وارداً فهو لن يكون فيما لا تزال بوابة المفاوضات مفتوحة لئلا يتحمل من يبدأ بالرد تبعات نسف كل شيء
ولذا نظر كثير من المراقبين العسكريين والديبلوماسيين الى الفيديو الذي وزعه الإعلام العسكري في "حزب الله" امس عن "منشأة عماد 4 " في نفق تحت الأرض يظهر شاحنات تنقل صواريخ ضمن النفق وقاذفات صواريخ على انه رسالة تهديد بالقوة الكامنة في الأنفاق ولكن أيضا يمكن قراءتها بأنها تبرير إضافي لتاخير الرد على إسرائيل بأن الحزب لا يؤخره عن ضعف.
وفي غضون ذلك نقل أجواء مفاوضات الدوحة وحركة الاتصالات الجارية الى بيروت ثالث الموفدين الديبلوماسيين هذا الأسبوع بعد الموفد الاميركي آموس هوكشتاين ووزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه، وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي الذي قال خلال جولته على المسؤولين "نقلت رسالة دعم وتضامن من القيادة المصرية ومن الحكومة والشعب المصريين الى الشعب اللبناني الشقيق والحكومة ولكافة مؤسسات الدولة اللبنانية مفادها بأن مصر متضامنة مع لبنان ونحن نؤكد أيضاً أن أمن وإستقرار لبنان هو مصلحة مصرية في المقام الأول، وهو أيضا مصلحة عربية نعمل على صيانتها ونحرص أيضاً للمحافظة عليها". وأضاف: "انا موجود هنا بتكليف وتوجيه من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لكي ننقل هذه الرسالة الواضحة ولنؤكد وقوفنا الى جانب لبنان حكومة وقيادة وشعباً، و لنؤكد مرة أخرى على أهمية وقف التصعيد وعدم جر المنطقة الى أتون حرب إقليمية شاملة، وأيضاً مصر تبذل كل جهد ممكن كما تعلمون لوقف هذا التصعيد والعمل قدر الإمكان وبأسرع وقت ممكن للوصول الى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ووقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة" .

وجاء في افتتاحية" الاخبار":زيارة سيجورنيه وعبد العاطي وصفتها مصادر مطّلعة على اللقاءات بأنها «جولة واجب» قامَ بها الطرفان، لحفظ دورهما في المشهدية، تحديداً باريس التي لا تريد ترك الساحة خالية أمام الأميركيين وتصرّ على أن تكون شريكاً في أي اتفاق لوقف إطلاق النار. وما عدا ذلك، فإن سيجورنيه وعبد العاطي لم يحملا معهما أيّ طرح أو مبادرة أو فكرة ولا حتى معلومة تتعلق بالمفاوضات. فعلى سبيل المثال، لم ينقل الوفد المصري أي إشارة سلبية أو إيجابية في ما يتعلق بمفاوضات العاصمة القطرية، وقد تقاطع كلامه مع كلام وزير الخارجية الفرنسي بالتشديد على أن «ما يحصل في المنطقة خطير وأن الأمور قد تذهب في أي لحظة إلى الانفجار الكبير، وعلى لبنان أن يحاذر في إعطاء ورقة التصعيد العسكري الذي يرغب فيه نتنياهو». وأكّد هؤلاء أن «المفاوضات مستمرة ويجب قطع الطريق على أي محاولات لإفشالها عبر التصعيد لأن الحرب ليست من مصلحة أحد»، فيما أكّد عبد العاطي على «التوجه المصري بدعم لبنان»، لافتاً إلى أنه «مهما حصل سنكون إلى جانبكم». وعلّقت الأوساط على أجواء الزيارتين بأن «كلام سيجورنيه وعبد العاطي لم يكن مفاجئاً»، متسائلة «إذا كان هوكشتين لا يملك أي إطار عملي للحل، فما هو المنتظر من الآخرين»؟
وعلمت «الأخبار» أن الموفد المصري «لم يتواصل مع قيادة حزب الله في لبنان، كونه يعرف جواب الحزب الذي تتبلّغه كل الوفود الدبلوماسية هو نفسه منذ بداية الحرب»، إضافة إلى أن الحزب أكّد أن «الرد على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر آتٍ بمعزل عن أي مفاوضات».

وكتبت" اللواء":على وقع مفاوضات الدوحة بين الوسطاء وكُلٍّ من اسرائيل وحماس (ولو عبر الوسطاء) انضم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الى زميله الفرنسي ستيفان سيجورنيه، وكلاهما جاء إلى بيروت بعد الزيارة الموصوفة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين بالتزامن مع انطلاق المفاوضات الخميس الماضي، التي ضربت موعداً جديداً لفرقها الفنية، قبل نهاية الاسبوع الطالع.
ولئن كانت الانظار مشدودة بالكامل الى ما يجري في الغرف المغلقة في الدوحة، في مفاوضات على مستويات عالية من كبار الأمنيين والدبلوماسيين الأميركيين والمصريين والقطريين والاسرائيليين، لإزاحة الأرق الدائم من حرب اقليمية لا تُبقي ولا تذر، اذا ما تم التوصل الى اتفاق، فإن ما كشف عنه حزب الله من منشأة بمسمى (عماد- 4) تظهر قدرات المقاومة الصاروخية الموجودة في عمق الأرض، بعنوان عماد 4، جبالنا خزائننا، وهو فيديو وزعه الاعلام الحربي في حزب الله، ويُظهر جهوزية تامة للمواجهة، مع تصوير الانفاق الضخمة والامكانات العسكرية الكبرى، والتقنيات الجديدة التي يمكن استخدامها اذا حدثت حرب كبرى، في محاولة لردع الاحتلال الاسرائيلي عن أية مغامرة، وفقا لاوساط حزب الله.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان الحراك الديبلوماسي الحاصل في لبنان لم يخرج عن الهدف المنشود له إلا وهو العمل على إرساء التهدئة وابقاء لبنان بمنأى عن أي تصعيد وسحب فتيل التفجير،  وأشارت إن هذا الحراك قد يتكثف في هذا السياق دون حسم نتائجه خصوصا أن التصعيد متواصل، معلنة ان ما يحمله الموفدون العرب والأجانب في لقاءاتهم ليس إلا تأكيدا على أهمية تجنيب البلد الحرب  وأهمية الالتزام بالقرار ١٧٠١.
وتوقعت هذه المصادر أن هذا الحراك يختلف عن غيره لأنه ينطوي على تصميم أكبر لدرء الخطر عن لبنان لأكثر من سبب ولاسيما ما يتصل باعتبارات الدول الكبرى.
واكدت المصادر ان دول الخماسية تتحرك كخلية نحل لمنع التصعيد على الجبهة الجنوبية. وكتبت " الديار": وعلى رغم من الاجواء الايجابية التي اعلنها البيان الاميركي المصري القطري بان الطريق اصبح ممهدا لاتفاق وانقاذ الارواح وتقديم الاغاثة لغزة وتهدئة التوترات الاقليمية، فان الجانب الفلسطيني لم ير اي نتيجة بناءة من المفاوضات حتى اللحظة في حين ان رئيس حكومة «اسرائيل» بينامين نتنياهو يناور وينافق بتقديم مقترحات سرعان ما يتخلى عنها ليأتي بشروط جديدة تعجيزية بهدف وضع الكرة في ملعب حماس واظهارها بانها الجهة التي احبطت الوصول الى اتفاق.
وتعقيبا على المفاوضات، تساءلت اوساط ديبلوماسية في حديثها للديار عن الاهداف الحقيقية لواشنطن بشان وقف اطلاق النار في غزة، اذا كانت فعلا تريد وقف القتال بين حماس والجيش «الاسرائيلي» ام انها على غرار المرات السابقة لا تتطابق اقوالها مع افعالها الميدانية ولذلك يستمر العدوان الاسرائيلي على غزة؟

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار مفاوضات الدوحة عبد العاطی الى اتفاق حزب الله

إقرأ أيضاً:

مفاوضات خارج النص

خلافاً لما كان يحدث في ظل إدارة بايدن السابقة، تجري المفاوضات الدائرة حول غزة، في عهد إدارة ترامب الثانية، في جزء كبير منها بعيداً عن المسار المألوف، أو خارج النص، كما يقال، وهو ما اعتاد الجميع على رؤيته أو سماعه، حين كانت واشنطن وتل أبيب تتبادلان تقديم الاقتراحات، لكن سرعان ما تتنصل منها إسرائيل بأريحية تامة.

في أواسط يناير (كانون الثاني) الماضي، قبلت إسرائيل اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة مكوناً من ثلاث مراحل، وكانت بصمة الرئيس الجديد هي من طبعت الاتفاق، الذي لم يكن يختلف كثيراً عن نسخة مماثلة عرضتها واشنطن في مايو/أيار الماضي، وظل يرفضها نتنياهو طوال الوقت.
هذا الاتفاق الذي بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، نفذ معظم مرحلته الأولى، لكن الانتقال إلى مرحلته الثانية لا يزال محور صراع بين إصرار نتنياهو على تمديد المرحلة الأولى، وتمسك الطرف الفلسطيني بالانتقال للمرحلة الثانية التي يفترض أن يناقش فيها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وإنهاء الحرب. ما دفع الوسيط الأمريكي إلى تقديم مقترح جديد تم تحديثه لاحقاً، يشي بإمكانية الذهاب إلى اتفاق جديد قد يكون شاملاً، بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية. إذ إن مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المعدل، يعرض فكرة إطلاق سراح مزيد من الرهائن، واستئناف المساعدات الإنسانية، مقابل هدنة ال50 يوماً، ثم مراحل زمنية أخرى، يتم خلالها التفاوض حول الانسحاب وإنهاء الحرب. وبغض النظر عن ردود الطرفين على المقترح الأمريكي، فإن أسئلة كثيرة بدأت تثار في إسرائيل حول دورها في هذه المفاوضات وعدم قدرتها على رفض المقترحات الأمريكية، وما إذا كانت إدارة ترامب شريكة أم صاحبة قرار.
وتتحدث وسائل إسرائيلية عن أن نتنياهو يخشى معارضة ترامب أكثر من خشيته لسموتريتش (وزير المالية المتطرف) الذي يملك مفتاح بقائه في السلطة وعدم تفكيك الائتلاف الحاكم، كما أنه يخشى أن يواجه مصير زيلينسكي في البيت الأبيض مؤخراً. أما زعيم المعارضة يائير لابيد فقد طالب نتنياهو بالذهاب إلى صفقة شاملة وإنهاء الحرب، حتى لا يصبح استمرار وقف إطلاق النار بلا ثمن، في إشارة إلى المفاوضات حول إطلاق رهائن أحياء وجثث أمريكيين تعود لجنود يحملون الجنسية المزدوجة.
الأسوأ من ذلك، هو ما حدث من تفاوض أمريكي مباشر مع حركة «حماس» والذي تبين أنه من دون علم الإسرائيليين، رغم محاولات حكومة نتنياهو تغليفه بالتنسيق، والتباهي بأن الحكومة الإسرائيلية تسببت في إقصاء مبعوث ترامب المسؤول عن ملف الرهائن آدم بولر من منصبه، رغم أنه لم يصدر إعلان أمريكي رسمي بذلك، بل إن مسؤولين أمريكيين أكدوا بقاء بولر في منصبه.
وفي كل الأحوال، ثمة ما يشي بأن نتنياهو في ورطة داخلية وخارجية، وأنه لم يعد قادراً على وقف الخروج عن النص في مسار المفاوضات ولا العودة لاستئناف الحرب التي لا تزال واشنطن تكبح جماحها.

مقالات مشابهة

  • اجتماع عربي يدعو واشنطن للضغط على إسرائيل لوقف انتهاك اتفاق غزة  
  • رجّي: حزب الله يتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار والنصّ واضح
  • وزيرة الخارجية الألمانية تدعو لاستئناف المحادثات لوقف إطلاق النار في غزة
  • هآرتس: نتنياهو يكذب وإسرائيل هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • حماس : لا شروط لدينا ونطالب فقط بالدخول في مفاوضات المرحلة الثانية
  • لماذا ذهب نتنياهو مجددا للحرب؟ وما مصير مفاوضات الدوحة؟
  • شهيد و3 جرحى في انتهاكات اسرائيلية للهدنة بجنوب لبنان
  • مباحثات غزة.. وفد إسرائيلي بعد «حماس» في القاهرة لـ مفاوضات مرحلة جديدة
  • مفاوضات خارج النص