(تشكو قحت وأضرابها لطوب الأرض عن الفلول وكيدهم للثورة حتى حملوهم وزر الحرب القائمة يريدون بها العودة إلى دست الحكم. وحاشاهم في قحت وأضرابها ذكر الخدمات السخية التي قدموها هم هؤلاء أنفسهم لهؤلاء الفلول خلال الفترة الانتقالية الموءودة. فلا أعرف خدمة بذلوها طوعاً أشد نكيراً عليهم من تبنيهم “تظلم” الفول من لجنة التمكين بحذافيره من فرط لين ركبهم.

فتجنبوا اللجنة بدلاً من التضامن معها بتوسيع فقهها وإصلاح عوجها وخطابها وأدائها. وكان ميسوراً. بدلاً عن ذلك تجنبوا اللجنة وتفرقوا عنها أيدي سبأ. وكان أكبر نزوح عنها في مذكرة احتشد حولها بالمئات صفوة الرأي وغير الرأي ليقترحوا قيام مفوضية لمحاربة الفساد باعتزال مطبق للجنة التفكيك لم يخل من غمز لها ولمز. بل انتخبت المذكرة عبد الرحمن الأمين، الصحفي الاستقصائي، ليكون رئيساً عليها. ما فرطت المذكرة في شيء. وظنوا أنهم يحسنون عملاً ولم يكن ذلك منهم سوى “كبة زوغة” من إحسان مبدأ المحاسبة كما تقرر في الوثيقة الدستورية بقوة ودماثة. وظنوا من فرط حسن نيتهم في غير موضعه أن الفلول سيرضون عن مفوضيتهم ما لم يرضوه من لجنة التفكيك.
وكتبت يومها أنقد ذلك الفرار الجماعي واوضح السياسة التي من ورائه. وآمل بإعادة نشر هذه الكلمات أن تأخذ تقدم نفسها بالشدة حيال عورتها خلال الحكومة الانتقالية لأن أكثر لوثتهم بالكيزان هذه الأيام إنما هو وظيفة لامتناعهم الغليظ عن اقتحام تجربة الحكومة الانتقالية بجراءة وشفافية).
توقفت طويلا عند مذكرة وجوه القلم والرأي والمهن التي مهروها بتوقيعاتهم في ١٦ سبتمبر 2021 الجاري تزكية للصحفي عبد الرحمن الأمين لرئاسة مفوضية الفساد المزمع قيامها. وبدت لي المذكرة لأول وهلة كطريق غير موفق لتسمية مفوض ليكون على رأس مؤسسة للثورة. فهذه محاصصة بالثقل الرمزي لمن وقعوا على المذكرة. وهو نهج رغبنا في تفاديه. ثم من يضمن ألا يقع ما يعرف ب”نسخ القط” أي أن يستنسخ آخرون من ذوي الثقل الرمزي المذكرة في تزكية غير عبد الرحمن. وعدد هذا الاستنساخ في الليمون. ونختلق مواجهة نحن في غنى عنها.
ولو كنت مكان أهل المذكرة لترددت طويلاً في تزكية مثل عبد الرحمن من سودانيي المهجر للوظيفة، أي وظيفة. فلو تسنى لهم مطالعة حِجاج الثورة المضادة (talking points) لعرفوا أن الامتناع عن ترشيح مثله بعد عامين من الثورة أولى ناهيك بأنه قد يعوز المزكون الدليل على نجاح من سبقه منهم إلى الوظيفة العامة في الثورة. ورغبت أن نتخلص من عادة الحشد المعارض التي صلحت لزمانها ونحن حيال إدارة الدولة. فقد أزعجتني مذكرة مثل هذا نادت بفصل وزيرة التعليم العالي احتجاجاً على موضوع هين جداً.
وما قرأت ديباجة المذكرة حتى بدت لي كخطة سياسية ماكرة لاستبدال لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال. فلم تذكر المذكرة لجنة التفكيك بتاتاً وإن طاعنتها هنا وهناك. وستجد أن مفهوم المذكرة لمفوضية الفساد هو نفسه المفهوم الذي تعمل به لجنة إزالة التمكين. فجاء في ديباجة المذكرة وجوب تفكيك “مافيا الفساد” التي تشكلت في ظل نظام الإنقاذ وتعيق الانتقال الديمقراطي. وهو ما تقوم به ليومنا لجنة تفكيك التمكين في إطار تفويضها بتأمين التحول الديمقراطي من شرور هذه المافيا العائدة للإنقاذ. وكان آخر ما قامت به هو التربص بحسابات أفراد منها في المصارف أرادوا تسريب أموالهم المودعة لغيرهم تأميناً له من غائلة التفكيك.
غير خاف إن أهل المذكرة ضربوا صفحاً عن لجنة التفكيك لأسباب لم يصرحوا بها وإن كانت مما لا يضوى له نار. ورتبوا لاستبدالها بمفوضية محاربة الفساد مما أوقعهم غير محتسبين في خرق الوثيقة الدستورية التي قضت بتكوين لجنة لتفكيك نظام الإنقاذ سياسياً واقتصادياً وكادراً في نفس الوقت الذي فيه دعت لقيام مفوضية لمحاربة الفساد تختص بفساد المرحلة الانتقالية وما بعدها. وسبق لدوائر سياسية في اليمين واليسار أن دعت، وقد تحرجت كل بسببها من أداء لجنة التفكيك، إلى الإسراع بتكوين مفوضية الفساد قطعا لطريق لجنة التفكيك القائمة وحكماً عليها بالموت، ولكن عن سكات، لا حد شاف لا دري.
ويبين هذا القتل المخاتل أوضح ما يكون في عبارة في المذكرة دعت إلى “تفكيك حيوي” للفساد بتشكيل “مفوضية حقيقية لمكافحة الفساد بحسب المعايير العالمية، وبسلطات كاملة، وبعضوية شخصيات نزيهة ومستقيمة وعادلة”. فالإيحاء هنا فاضح: إن اللجنة القائمة للتفكيك غير حقيقية ولا تحتكم إلى معايير عالمية، ولا سلطات لها كاملة (؟)، والأعضاء فيها غير نزيهين ولا مستقيمين ولا عادلين. فإن لم يكن هذا طعناً في لجنة إزالة التمكين فكيف يكون الطعن؟ لقد صدعوا برأيهم في لجنة إزالة التمكين صدعاً طابقوا في أكثره مطالب الثورة المضادة ولم يكلفوا أنفسهم مع ذلك حتى مجرد ذكر اللجنة. فاللبيب بالإشارة يفهم.
ووجد أهل المذكرة بغيتهم لقيادة اللجنة في الصحفي عبد الرحمن الأمين الذي لم يكف عن تبخيس لجنة التفكيك بالعبارة الصريحة مثل قولة إن كل ما نسمعه عنها “عبارة عن تخدير لا أكثر ولا أقل”. وله صبر عجيب على الترفع عن ذكرها في برامج تلفزيونية طويله بينما يخوض في تكليفها الثوري خوضاً كما سنرى.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عبد الرحمن

إقرأ أيضاً:

مفوضية التربية في التقدمي: لحماية التعليم الرسمي

اعتبرت مفوضية التربية والتعليم في الحزب التقدمي الإشتراكي في بيان أن "أولوية تأمين انطلاق العام الدراسي تستوجب تضافر كل الجهود لحماية التعليم الرسمي والطلاب الذين تشكّل المدرسة الرسمية الملاذ الأخير لهم". 

وشددت على ضرورة أن "تقوم الحكومة بواجباتها لتأمين حاجات المدارس والأساتذة، عوض أن تترك وزارة التربية أمام الخيارات التي كانت أشارت الى أنها قد تضطر الى اتخاذها وفق القانون، التي تهدف الى توفير التمويل اللازم لانطلاق العام الدراسي للقطاع الرسمي وحماية حق وفرصة الطلاب في المدارس الرسمية بالحصول على التعليم بجودة ومساواة، وتأمين حق الأساتذة بحياة كريمة". 

مقالات مشابهة

  • مفوضية اللاجئين تعرب عن تقديرها لجهود مصر في دعم ضيوفها
  • وزير العدل د. خالد شواني : الإجراءات المتخذة في دوائر التسجيل العقاري للحد من عمليات غسل الأموال هي جزء من الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة لمكافحة الفساد وتبييض الاموال
  • مفوضية أممية تجلي 153لاجئا صوماليا من اليمن
  • مفوضية التربية في التقدمي: لحماية التعليم الرسمي
  • «الدبيبة» يعتمد المذكرة المالية المتعلقة بأعضاء الهيئات القضائية
  • الطارف: تفكيك ورشة سرية لصناعة القوارب الخشبية وتنظيم رحلات “الحرقة”
  • فضيحة فيديوهات هبة عبد الرحمن تثير ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي
  • تقرت: تفكيك شبكة دولية لتزوير وثائق إدارية وتهريب المركبات من تونس
  • استعداد مبكر
  • مفوضية الانتخابات الليبية تسلم نحو 189 ألف بطاقة للناخبين