مجازر إسرائيلية وحرب إبادة شاملة بشراكة غربية وعربية
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
تجاوزت القوى الاستعمارية الغربية – وفي مقدمتها أمريكا – والأنظمة العربية المطبعة العميلة، دور الحاضنة الراعية والداعمة للكيان الإسرائيلي، إلى القيام بدور الشراكة الفعلية المباشرة، في جرائمه ومجازره، وحرب الإبادة الجماعية الوحشية المتصاعدة، بحق المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، ومثلما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، شراكتها المطلقة ودعمها المطلق، لآلة القتل والإبادة الصهيونية الإجرامية، لم تتحرج أنظمة العمالة والتطبيع والنفاق، عن توظيف وتسخير كل إمكاناتها وأموالها وقدراتها، من أجل حماية ودعم وإسناد الكيان الإسرائيلي الغاصب، سواء على مستوى كسر الحصار الاقتصادي، الذي فرضته اليمن على الكيان، حيث سارعت أنظمة العمالة، إلى إقامة جسر بري، يربط بين الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني، في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، مروراً بالسعودية والأردن، لتزويد الكيان بكل احتياجاته الغذائية والتموينية والعسكرية، كما لم تتوان على مستوى توفير الحماية للكيان، عن اعتراض وإسقاط الصواريخ والمسيّرات، العابرة مجالها الجوي، نحو الأهداف الاستراتيجية، في عمق الكيان المحتل، معلنة إغلاق مجالها الجوي، أمام صواريخ ومسيّرات محور الجهاد والمقاومة، وفي الوقت نفسه، لا تتردد تلك الأنظمة العربية العميلة، من فتح مجالها الجوي وكافة أراضيها، للكيان الإسرائيلي المحتل الغاصب، ليقوم بتنفيذ عمليات الاغتيالات الإجرامية، والمجازر الوحشية الهمجية، بحق المدنيين من شعوب محور المقاومة.
على مدى 10 أشهر، وفي اليوم التاسع بعد الثلاثمائة، من العدوان على غزة، ارتكب العدو الإسرائيلي، آلاف المجازر الجماعية الوحشية المروعة، بحق المدنيين الأبرياء العزل، في قطاع غزة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ومن الأنظمة العربية والإسلامية خصوصاً، لترتفع “حصيلة الضحايا إلى 39790 شهيدا، و 91702 جريحا، منذ العدوان الصهيوني على قطاع غزة”؛ ولا غرابة إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها، قد وقفت ذلك الموقف الداعم والمشارك للكيان الإسرائيلي المحتل، لأن ذلك هو الوضع الطبيعي، لقاعدة التخادم الوظيفي، بين قوى الإجرام الاستعمارية العالمية، حيث تخوض قوى الاستكبار والشر والكفر، معركتها المصيرية ضد الإسلام والمسلمين، التي يخوضها أبناء قطاع غزة، نيابة عن الأمة الإسلامية كلها.
لكن ما يؤسَف له، هو موقف أنظمة العمالة والنفاق والتطبيع، التي لم تكتف بخذلان قضية فلسطين أرضاً وإنساناً، بل سارعت إلى تبنّي موقف ورؤية وعقيدة، الكيان الإسرائيلي الإجرامي المحتل، بتحريم وتجريم كل فعل جهادي مقاوم، وتصنيف حركة حماس في قائمة الإرهاب، والزج بممثليها – الذين كانوا ضيوف الملك – في السجون، تلبية لرغبة الأمريكي والإسرائيلي، ولولا مواقف هذه الأنظمة العميلة، لما تمادى المجرم الإسرائيلي، في ارتكاب هذا الكم الهائل، من المجازر الجماعية المروعة، والاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي الشامل، بحق المدنيين في مخيمات النزوح، ومدارس وأماكن اللجوء، التي حددها لهم سلفاً، بوصفها مناطق آمنة، ولولا انحياز تلك الأنظمة النفاقية، إلى صف الكيان الإسرائيلي القاتل، لما بلغ عدد الضحايا، هذا الرقم المهول، ولما تمادى في صلفه وإجرامه ومجازره الوحشية، ولما تغنى على الأشلاء المتناثرة، وجثث الأطفال المتفحمة، مبتورة الأطراف مقطوعة الرؤوس.
إن شراكة الأمريكي للكيان الإسرائيلي، في حربه الظالمة، ضد أبناء قطاع غزة، ما كانت لتصبح بهذا الشكل الفج، وهذه الصورة من الصلف والقبح، لولا شراكة أنظمة العمالة والتطبيع والنفاق، وخاصة الدول الأربع، التي أشار إليها سماحة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، في كلمته الأسبوعية، الخاصة بتطورات العدوان على غزة، الخميس الماضي 3 صفر 1446 – الموافق 8/ 8/ 2024م، حيث أصبحت تلك الأنظمة العميلة – المشار إليها – بالنسبة للكيان الإسرائيلي المجرم، بمثابة يده الطولى في المنطقة، خاصة بعد انحيازها المعلن إلى جانبه، ودعمها المطلق لحربه الظالمة، ومشاركتها الفعلية في تنفيذ جرائمه الوحشية، ومجازره وحرب الإبادة الشاملة، بحق أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، وتفعيل مشاركتها على نطاق واسع، عسكرياً واستخبارياً ولوجستياً واقتصادياً وسياسياً، وهي بذلك لا تقل إجراماً وخبثاً وفساداً، عن سيّدها الإسرائيلي، إن لم تكن أسوأ وأقبح وأخبث منه.
وهنا يجب على الشعوب العربية والإسلامية جمعاء، وفي مقدمتها الشعوب المحيطة بفلسطين المحتلة، وشعوب الخليج العربي، أن تقول كلمتها الفصل، وأن تستعيد دورها الإسلامي الريادي والحضاري، وأن تتحرر من قبح وإجرام أنظمتها الاستبدادية، وتتبرأ من دماء أطفال ونساء وأهالي قطاع غزة، وأن تمسح عن وجهها، ما حاولت أنظمتها الحاكمة المستبدة، إلحاقه بها، من عار العمالة والنفاق والتطبيع، لأن ذلك هو الموقف اللائق بها، القائم بشرفها في الدنيا والآخرة، ومن لم
يتحرك بعد كل هذا، فلينتظر وصول الدور إليه، لأن الخطة الاستعمارية لم تستثن أحداً، واستراتيجية العدو الإسرائيلي، مفتوحة على الوطن العربي أولاً، ثم العالم بأكمله ثانياً، لاستعادة ما يسمى مجد إسرائيل، وغايتهم هي محو الجميع ما عدا اليهود، ولا فرق عندهم بين عميل أو عدو، “فالمسلم الجيّد، هو المسلم الميت”، حسب العقيدة اليهودية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
غزة بين قسوة العدوان وحرب التجويع
تتصدر قضية التجويع المتعمّد في شمال غزة بعد ورود تقارير خطيرة من قطاع غزة تصف الوضع الإنساني والغذائي الكارثي الذي يمر به القطاع، بسبب وحشية العدوان الصهيوني الذي لم يتوقف بعد، ولن يتوقف ما دام أنه يحظى بالدعم الأمريكي والأوروبي، والصمت الدولي، وباطمئنان الاحتلال للحالة العربية المستكينة والهزيلة.
حرب إبادة حقيقية ضد سكان قطاع غزة، تمثلت في أكثر من 13 شهرا من المجازر الهمجية والقتل الممنهج المتواصل، والتجويع المتعمّد، والترويع على مدار الوقت، تمهيدا لتشريد سكان القطاع.
عمّقت 410 أيام من حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة؛ المحنة الإنسانية، حيث لا تكف منظمات أممية وإغاثية عن التنبيه إلى مستويات مثيرة للقلق من الانعدام الحاد للأمن الغذائي في القطاع.
وبموازاة تضرر مصادر الغذاء، يواصل الاحتلال فرض قيود صارمة على إيصال المساعدات للفلسطينيين في غزة، في سياق سياسة تجويع واضحة ووممنهجة بشكل واضح في حين تكشفّت أولى لحظات حصار التجويع مع بدء العدوان في 7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ووفقا لتقرير أعده المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقد وثق عشرات جرائم القتل المتعمد والإعدامات الميدانية الجديدة التي نفذتها قوات الاحتلال "الإسرائيلي" ضد عدد كبير من المدنيين في محافظة شمال غزة ضمن عدوانها المتصاعد، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الفلسطينيين منذ أكثر من 13 شهرا.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي، أن جيش الاحتلال يواصل منذ 45 يوما تنفيذ اقتحامه وهجومه العسكري الثالث ضد شمال قطاع غزة وسكانه، مرتكبا فظائع مشينة تشمل قتل المدنيين وترويعهم وطردهم من منازلهم بالقوة وتهجيرهم إلى خارج محافظة شمال غزة قسرا، في إطار واحدة من أكبر عمليات التهجير القسري في العصر الحديث.
وأشار المرصد إلى أنه ضمن العديد من الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال "الإسرائيلية"، والتي شملت قصف المنازل على رؤوس ساكنيها وقتلهم جماعيا، وقتل النازحين في مراكز الإيواء شمالي غزة واستهداف التجمعات والمركبات، وثق فريقه الميداني حالات قتل مباشرة وإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء نفذها جنود الاحتلال ضد مدنيين دون أي مبرر.
مع طي 410 أيام من العدوان، باتت المجاعة تهدّد معظم سكان القطاع المحاصر والمدمّر، حيث يظهر تقرير أممي أن نصف سكان غزة يعانون الجوع الكارثي، وأن 90 في المئة من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.
هذا المنهجية النازية دفعت مراقبين إلى اعتبارها حرب تجويع، ورأوا في الحوادث المتكررة لإطلاق جيش الاحتلال النار على فلسطينيين يتجمعون للحصول على المساعدات القليلة المتاحة دليلا واضحا على ذلك. وأبرز المرصد أنّ آلاف الفلسطينيين المحاصرين في شمال غزة يعانون من الجوع والخوف، ومن يُصَب منهم يتعذر غالبا نقله للعلاج أو حتى علاجه ميدانيا، ليتوفى عدد كبير منهم ببطء بسبب عدم توفر الرعاية الطبية المنقذة للحياة، مشيرا إلى أنه وثق وجود عشرات الضحايا ممن استشهدوا تحت الأنقاض بعد قصف منازلهم ولم تتوفر طواقم طبية أو دفاع مدني لإنقاذهم، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منع الفرق الإنسانية من العمل منذ 45 يوما.
ما يعيشه أهالي القطاع في الحرب لا يتحمله بشر، وخاصة أن الجوع ينتشر في شمال غزة كالنار في الهشيم وسط تلكؤ المنظومة الدولية عن اتخاذ قرارات حاسمة تجاه مجازر الاحتلال في قطاع غزة، ما يجعلها شريكة في تلك الجرائم ويمثل ضوءا أخضر للاحتلال للمضي قدما في تصعيد جريمة الإبادة الجماعية، كما يعكس تجاهلا صادما لحياة الفلسطينيين وكرامتهم، في ضوء استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، من خلال سياسة العقاب الجماعي المتمثلة بالتجويع والتعطيش ودفعهم إلى النزوح المتكرر بعيدا عن أماكن سكناهم في ظروف تفتقر لأبسط حقوق الإنسان.
لذلك بات لزاما على المحكمة الجنائية الدولية والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة، أن تنفض عن نفسها غبار العجز عن تحقيق الأهداف والمبادئ الأساسية التي قامت عليها، وتُظهر وقوفها الجدي بعد الفشل المشين على مدار أكثر من 13 شهرا في الالتزام بحماية المدنيين ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة، وهو ما يفترض أن يكون في صميم عملها وسبب وجودها، والعمل على فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية اللازمة لسكان القطاع.