قالت دار الإفتاء المصرية؛ إن التجار الذين يقومون باحتكار السلع ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء آثمون، وما يقومون به يُعدُّ أمرًا محظورًا شرعًا سواء كان سيتبرع بجزء من الثمن أو لا.

دار الإفتاء توضح صيغة دعاء الاستفتاح في الصلاة الإفتاء توضح كيفية معرفة نتيجة صلاة الاستخارة

واضافت دار الإفتاء أن مَنْ يقوم بالشراء من هذا البائع مع عدم وجود ضرورة لذلك، أو مع وجود طريقة أخرى للشراء أو وجود سلعة أخرى تقوم مقامها، فهو بهذا الفعل يكون قد قَدَّم عونًا على مخالفة أوامر الله تعالى وارتكب محظورًا وإثمًا، وأمَّا مَن كانت له حاجة في الشراء ولا يجد طريقة أخرى لشرائها، فهو مضطر لذلك، وغير مؤاخَذٍ به، والإثم يكون على البائع فقط.

وأوضحت دار الإفتاء أن الأصل في البيع حِلُّه وإباحته؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، إلَّا ما نَهَى الشارع عنه من بعض الممارسات التي قد تضر بمصالح المتبايعين؛ ومن تلك الممارسات "الاحتكار"، والذي هو حبسُ كلِّ ما يضرُّ العامّةَ حبسُه؛ وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناسَ بسبب ذلك الضررُ، وقد نهى عنه الشارع وحرَّمه؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ» رواه الإمام أحمد في "مسنده"، ومسلم في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي –وصححه- وابن ماجه والدارمي في "سننهم"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"شعب الإيمان"

حكم الاحتكار في غير طعام الناس

وأشارت دار الإفتاء أن هذا النهي السابق عن الاحتكار يشمل سائر ما يحتاج إليه الناس في معايشهم من غير قَصْرٍ له على القوت؛ لأنَّ علة التحريم هنا هي الإضرار بالناس وهي متحققة في كل ما يحتاجون إليه ولا تقوم معيشتهم إلَّا به، وهذا ملاحظ في تعريفات الفقهاء للاحتكار، والحاصل من أقوالهم: أَنَّ العلة في مَنْع الاحتكار ليست ذات الاحتكار، بل الإضرار بالناس، ولهذا يقول الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (8/ 206، ط. دار الوعي-حلب) بعد ذكره حديث معمر رضي الله عنه «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ»؛ قال: [إنما أراد -والله أعلم- إذا احتكر من طعام الناس ما يكون فيه ضرر عليهم دون ما لا ضرر فيه]ـ.

وأردفت دار الإفتاء أن الإضرار معنًى مشتركٌ بين مرتبة الضرورة والحاجة، فإذا أَلجا الاحتكارُ الناسَ إلى مرتبة الضرورة أو الحاجة فهذا هو الاحتكار المحرَّم، والذي يتحقَّق باحتكار أي شيء ولا يخص الطعام دون غيره؛ ذلك أن اختلاف الفقهاء فيما يكون فيه الاحتكار إنما هو خلاف في الصورة فقط -أي: خلافٌ لفظيٌ-، فعند المالكية أن الاحتكار يكون في كل شيء؛ سواء في الأقوات أم غيرها وإن كان ذهبًا وفضة، وهو قول أبي يوسف من الحنفية، وقال الشافعية والحنابلة إنه خاص بالأقوات فقط، وهو المفتى به عند الحنفية، وخصَّ الحنابلة القوت بقوت الآدمي، فلا احتكار عندهم في قوت البهائم. أنظر: "العناية شرح الهداية" للإمام شمس الدين البابرتي الحنفي (10/ 58، ط. دار الفكر)، "البيان والتحصيل" لابن رشد المالكي (7/ 360، ط. دار الغرب الإسلامي)، "نهاية المحتاج" للإمام شمس الدين الرَّملي الشافعي (3/ 472، ط. دار الفكر)، "المبدع في شرح المقنع" للإمام برهان الدين ابن مفلح الحنبلي (4/ 47، ط. دار الكتب العلمية).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: احتكار السلع احتكار دار الإفتاء الإفتاء حكم الاحتكار دار الإفتاء أن

إقرأ أيضاً:

التجار والباعة في مرمى الاتهامات باستغلال رمضان لرفع الأسعار

8 مارس، 2025

بغداد/المسلة: مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تواجه الأسواق العراقية تحديات اقتصادية متزايدة نتيجة تراجع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي. هذا التراجع أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الأساسية والمواد المستوردة، مما أثار قلق المواطنين حول قدرتهم على تلبية احتياجاتهم خلال الشهر الفضيل.

وشهدت الأسواق المحلية ارتفاعات متتالية في أسعار المواد الغذائية، حيث ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 36% مقارنة بعام 2020، ليصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 25 ألف دينار. كما ارتفعت أسعار الأسماك بنسبة 38%، والألبان بنسبة 30%، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر العراقية.
وتُعزى هذه الارتفاعات إلى تذبذب سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي. في تعاملات الأسبوع الماضي، تراجع سعر الدولار في بغداد إلى 1504 دينارات عند الشراء من 1500 دينار مساء اليوم السابق، كما انخفض سعر البيع إلى 1497 دينارًا من 1490 دينارًا.

وهذا التذبذب أثر بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

في هذا السياق، تبادل التجار والباعة الاتهامات حول استغلال المناسبات لرفع الأسعار. يؤكد بعض التجار أن ارتفاع الأسعار ناتج عن زيادة تكاليف الاستيراد بسبب تراجع قيمة الدينار، بينما يتهمهم المستهلكون بالجشع واستغلال الظروف لزيادة أرباحهم. وفي النهاية، يبقى المواطن هو المتضرر الأكبر من هذه الأوضاع.

وعلى الرغم من هذه التحديات، شهدت بعض القطاعات انتعاشًا ملحوظًا في المبيعات. فقد ارتفعت مبيعات المنتجات الرمضانية والعطور والبخور مع اقتراب الشهر الفضيل، حيث يسعى المواطنون للحفاظ على تقاليدهم وعاداتهم بالرغم من الصعوبات الاقتصادية.

وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن تعزيز إجراءاتها لمتابعة أسعار المواد الغذائية والتجار من خلال مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية. تهدف هذه الخطوات إلى الحد من التلاعب بالأسعار وضمان توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين خلال شهر رمضان.
بالإضافة إلى ذلك، دعا البرلمان العراقي الحكومة إلى تفعيل قانون حماية المنتج المحلي ومتابعة أسعار السلع المستوردة، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى دخل الفرد العراقي. تهدف هذه الدعوات إلى دعم السوق المحلية وتقليل الاعتماد على السلع المستوردة التي تتأثر بتقلبات سعر الصرف.
ومع استمرار الضغوط الاقتصادية التي ترافق شهر رمضان كل عام، تبقى آمال المواطنين معلقة بتحقيق استقرار حقيقي في الأسواق. يأمل العراقيون أن تسهم الإجراءات الحكومية في كبح جماح الأسعار وتخفيف الأعباء المالية عن كاهلهم، ليتمكنوا من استقبال الشهر الفضيل بروحانية وطمأنينة.

في هذا السياق، يتطلع المواطنون إلى دور أكبر للجهات الرقابية في مراقبة الأسواق وضبط الأسعار، بالإضافة إلى تعزيز الدعم للطبقات الفقيرة والمتوسطة من خلال برامج اجتماعية واقتصادية فعّالة. يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين العرض والطلب، وضمان استقرار سعر الصرف لتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني.

مع اقتراب شهر رمضان، يأمل العراقيون في أن تكون هذه الفترة فرصة لتعزيز التضامن الاجتماعي والتكاتف بين مختلف فئات المجتمع، للتغلب على التحديات الاقتصادية وتجاوز الصعوبات المعيشية. يبقى الأمل معقودًا على جهود مشتركة من الحكومة والمواطنين والتجار لتحقيق استقرار اقتصادي ينعكس إيجابًا على حياة الجميع.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تعرف على أسعار السلع الغذائية بأسواق الوادي الجديد
  • حكم صلاة العشاء خلف جماعة التراويح.. دار الإفتاء توضح
  • العنود اليوسف توضح سبب ارتفاع أسعار مكياج العروس.. فيديو
  • هل يجب على الفقير إخراج زكاة الفطر.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • حكم الكشف المهبلي للنساء في نهار رمضان.. الإفتاء توضح متى يكون جائزا
  • حكم استخدام الصواريخ والمفرقعات لإفزاع الناس في الشوارع .. دار الإفتاء تحذر
  • هل صلاة الفجر غير صلاة الصبح ؟.. الإفتاء توضح
  • هل يُقبل صوم من أصبح على جنابة في رمضان.. الإفتاء توضح
  • ما حكم صيام شهر رمضان.. وحكم من أفطر فيه متعمدا.. الإفتاء توضح
  • التجار والباعة في مرمى الاتهامات باستغلال رمضان لرفع الأسعار