قبل 10 أعوام، روجت وسائل إعلام مصرية لأكاذيب استهدفت تشويه المعتصمين في ميداني "رابعة العدوية" شرق القاهرة و"نهضة مصر" (غرب) وتهيئة الرأي العام للمجزرة التي ارتكبتها قوات من الشرطة والجيش بحق المعتصمين في 14 أغسطس/ آب 2013، ووصفتها منظمة "هيومان رايتس وواتش" الحقوقية الدولية بأنها "أكبر عملية قتل لمتظاهرين في العصر الحديث".

وهؤلاء المعتصمون كانوا يطالبون باستعادة الشرعية الدستورية، في أعقاب انقلاب عسكري، حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، أطاح في 3 يوليو/ تموز 2013 بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية بنظام حكم الرئيس آنذاك حسني مبارك (1981-2011).

وفي حملة تشوية المعتصمين ونزع أي تعاطف معهم والزعم بضرورة تفريقهم، مهما كانت الخسائر، شاركت قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إخبارية، سواء مملوكة للدولة أو خاصة، عبر ترويج أكاذيب بينها "نكاح الجهاد" و"انتشار الأمراض" و"الاتجار بالأطفال" ووجود "أسلحة كيميائية"، بالإضافة إلى إعلان "مجلس حرب" من جانب قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتنمي إليها مرسي.

اقرأ أيضاً

الاستبداد بالقانون.. حُكم مصر بمنطق الانقلاب والتفويض والمذبحة

"نكاح الجهاد"

زعم إعلاميون، بينهم محمد الغيطي في قناة "التحرير" (خاصة)،  وجود علاقات جنسية بين معتصمين ومعتصمات تحت مسمى "نكاح الجهاد"، وهو أمر غير موجود في الدين الإسلامي، واعتمد على شائعة أخرى مرتبطة بالثورة السورية، التي اندلعت أيضا في 2011 للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.

ولتخويف المتعاطفين مع المعتصمين ومنعهم من التضامن معهم والذهاب إلى مقر الاعتصام، ادعت وسائل إعلام وجود "أمراض معدية"، وزعم الإعلامي إبراهيم عيسى في القناة نفسها انتشار "الجرب" بين المعتصمين في ظل عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.

وضربا على وتر العاطفة، في ظل الحشود المتواصلة في مقر الاعتصام، قالت تقارير إعلامية إن المعتصمين حشدوا أطفال ملاجئ ودور أيتام في الاعتصام، منددةً بما اعتبرته استغلال لهؤلاء الأطفال في أنشطة خطرة.

ورد قائمون على الاعتصام آنذاك بأن الأطفال كانوا مع أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية في طريقهم لشراء ملابس العيد لهم، لكن أجهزة الأمن ألقت القبض عليهم ولفقت لهم تهم كاذبة لتشويه الاعتصام.

اقرأ أيضاً

بوسم الرئيس الشهيد.. مغردون يحيون الذكرى الرابعة لرحيل مرسي

أسلحة كيميائية

وتحت عنوان "رصد أسلحة ثقيلة في اعتصام الإخوان يؤخر فضه"، أرجعت جريدة "الشروق" (خاصة)، نقلا عن مصادر لم تسمها، أسباب تأخر فض اعتصام رابعة إلى أن المعتصمين أعلنوا "مجلس حرب" على الجيش والشرطة ويمتلكون أسلحة ثقيلة وأوتوماتيكية وكلاشنكوف وصواريخ.

وعلى ما يبدو استقت "المصادر المجهولة"، التي تحدثت لـ"الشروق"، معلوماتها من مقطع مصور نشره شخص ما على موقع "يوتيوب" ونسبه كذبا إلى منصة اعتصام رابعة.

ولاحقا، اتضح أن المقطع تم تصويره في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق) عن ردود أفعال "تنظيمات جهادية" على بيان السيسي بشأن عزل مرسي، إذ صعد شخص مجهول إلى منصة ودعا إلى إعلان "مجلس حرب".

كما زعمت صحيفة "الأخبار" (مملوكة للدولة) أن المعتصمين في ميداني "رابعة" و"النهضة" يمتلكون أسلحة كيميائية، ولحقت بها صحيفة "الوطن" (خاصة) بادعاء أن جماعة الإخوان المسلمين نقلت فجرا أسلحة كيميائية وصواريخ من سوريا إلى ميداني الاعتصام.

واستكمالا لحملة التشويه، زعمت وسائل إعلام، بينها "التحرير" على لسان أحمد موسى، أن قيادات الاعتصام عذبت عددا من الأشخاص ثم قتلتهم ودفنتهم تحت منصة اعتصام رابعة.

وعلى الرغم من مقتل أكثر من 800 معتصم خلال عملية الفض، إلا أن القضاء المصري بادر بتبرئة كل من تلطخت يده بدمائهم، وأصدر في المقابل أقصى العقوبات بحق الآلاف من أنصار جماعة الإخوان، وبينهم المئات من القيادات والكوادر.

اقرأ أيضاً

للتاريخ.. كيف علقت دول الخليج على مجزرة رابعة قبل 6 سنوات؟

فيلم وثائقي

ومع حلول الذكرى العاشرة لفض الاعتصام، يواصل إعلاميون مصريون محاولة تشويه كل ما يتعلق بالمجزرة، وأحدثها حقله نقاشية في لندن، الخميس الماضي، شهدت عرض فيلم وثائقي بعنوان "ذكريات مذبحة"، ومن بين مَن شاركوا في الحلقة نائب بريطاني و3 مصريين هم أكاديمية وباحث حقوقي وصحفي كان شاهدا بعينه على مجزرة 2013.

وجرى عرض الفيلم في مسرح الأكاديمية البريطانية للأفلام وفنون التلفزيون (BAFTA)، ويتضمن شهادات حصرية لناجين من المجزرة وشهود عيان، بينهم كريج سامرز رئيس الأمن السابق في قناة "سكاي نيوز" البريطانية، ومصعب الشامي مصور وكالة "أسوشييتد برس"، وديفيد كيركباتريك مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" في القاهرة حينها.

وقبل أيام هاجم الإعلامي نشأت الديهي، في قناة "تن" (خاصة)، الحلقة النقاشية وحاول التقليل من شأن المشاركين فيها، وانتقد الفيلم (باللغة الإنجليزية) الذي نظمت عرضه مؤسسة "إيجبت ووتش"، ومقرها لندن.

وفي محاولة للرد على الفيلم وتبرير المجزرة، خصص أحمد موسى حلقة من برنامجه لهذا الغرض، ووقف في ميدان رابعة وخاطب جمهوره زاعما أنه "قبل 10 سنين كان الإرهابيون هنا، وقبل 10 سنين كانوا يهددونا، وكانت رسالة التهديد قد خرجت من هنا، من هذا المكان".

ومع الهجوم على الفيلم من وسائل الإعلام المصرية التابعة للنظام، يبدو أنه نجح في إجبار هذه الوسائل الإعلامية على استحضار المجزرة في ذكراها العاشرة، مع مطالبات مستمرة بمحاكمة المسؤولين عن سقوط آلاف القتلى والجرحى من الرافضين للانقلاب على مرسي.

وتوفي مرسي في 17 يونيو/ حزيران 2019، خلال جلسة لمحاكمته بتهمة التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في حين يتأهب السيسي، الذي يتولى الرئاسة منذ 2014، لخوض انتخابات جديدة في 2024، بينما يعاني المصريون من تداعيات انسداد سياسي حاد وأزمة اقتصادية متفاقمة.

اقرأ أيضاً

مدير مكتب «نيويورك تايمز» بالقاهرة يندد بـ«مجزرة رابعة»

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر اعتصام رابعة فض مجزرة إعلام أكاذيب اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

اقتصاد الإخوان.. كيف أسقطت قرارات الجماعة مصر في فخ الفشل؟

كشف تقرير صادر عن المركز العربي للبحوث والدراسات عام 2016 بعنوان «صعود مؤشرات الفشل.. تعامل حكومة الإخوان مع الملف الاقتصادي أثناء حُكم مرسي»، تفاصيل دقيقة حول الأسباب التي أدت إلى انهيار المؤشرات الاقتصادية في مصر خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية.

تراجع الاستثمار وهروب الثقة

وأشار التقرير إلى أنّ مصر عانت من هروب الاستثمار الأجنبي والمحلي، نتيجة الاضطرابات السياسية وعدم وضوح السياسات الاقتصادية، حيث فَقد المستثمرون الثقة في المناخ الاستثماري، ما أثر سلبا على معدلات النمو الاقتصادي.

عبء متزايد على المواطن

على صعيد آخر، كشف التقرير عن زيادة الأعباء المعيشية للمواطن المصري بسبب القرارات غير المدروسة التي اتخذتها حكومة الإخوان، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل ملحوظ، وتدهورت القوة الشرائية للجنيه المصري، ما فاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفا.

ديون متراكمة وشفافية غائبة

وأضاف التقرير أنّ فترة حكم جماعة الإخوان شهدت تصاعد غير مسبوق في الدين العام وزيادة عجز الموازنة، نتيجة الإنفاق غير المبرر وغياب سياسات تقشفية فعالة، كما لفت إلى افتقار حكومة الإخوان للشفافية والحوكمة، ما أدى إلى هدر موارد الدولة وتفاقم الأزمات الاقتصادية.

دعوة لاستخلاص الدروس

اختتم المركز تقريره بدعوة صريحة إلى ضرورة الاستفادة من التجربة المريرة لفترة حكم الإخوان، مشددا على أهمية التخطيط الاستراتيجي والحوكمة الرشيدة لضمان استقرار الاقتصاد، وحماية المواطن من آثار القرارات غير المسؤولة.

مقالات مشابهة

  • بتقدير امتياز.. الباحث ياسر الغبيري يحصد درجة الماجستير حول «الشخصية المخابراتية بأدب صالح مرسي»
  • ياسر الغبيري يحصد الماجستير حول “ الشخصية المخابراتية في أدب صالح مرسي”
  • الباحث ياسر الغبيري يحصد درجة الماجستير بتقدير امتياز حول الشخصية المخابراتية بأدب صالح مرسي
  • هولندا تؤكد استعدادها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • علاء مرسي: التكريم حافز للفنان وتحقيق النجاح يتطلب البحث المستمر عن الذات
  • تحذير عاجل: حرب على الحقيقة.. الاتحاد الجنوبي للنزاهة يكشف حملة تشويه ممنهجة
  • اقتصاد الإخوان.. كيف أسقطت قرارات الجماعة مصر في فخ الفشل؟
  • خسارة رابعة تهدد حلم المنتخب الوطني في الوصول لمونديال 2026
  • قبائل دلتا زنجبار وخنفر تعلن انضمامها لمخيم الاعتصام السلمي دعمًا لقضية المختطفين قسرًا