صحيفة الاتحاد:
2024-11-12@20:16:11 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: انتصار الكتابة

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

في زمن الصورة تنتصر الكلمة، وإنْ كان القول المتواتر بأن الصورة عن ألف كلمة، لكن الواقع يشير إلى أن الكلمة تقاوم كل أنواع الإزاحات، ومنذ توجه الإنسان للكتابة، فقد كان ذلك من أجل حفظ زمن الكلمة ومحاولة منحها الخلود والتمدد الزمني والمكاني، والكلمة في حالتها الشفاهية ظلت الرباط الأول الواصل بين البشر، وبقيت كذلك رغم وجود بدائل فطرية مثل الإشارة ولغة الجسد من بسمة العينين كما بسمة الشفتين وبشاشة أو تجهم الوجه وحركات اليد التي تتخذ صيغاً عدة تحيل لمعانٍ سريعة تتغلب على سرعة الكلمات، ثم تطور الأمر لاختراع الرموز والشفرات عبر الرسم والحفر، ولكن ذلك كله ظل عالة على الكلمة التي تفردت بقدراتها على تفسير تلك الرموز وتحليلها وترجمتها لمعانٍ مفهومة، ولا يتحقق فهم أي حركة أو نقش إلا بمعونة الكلمات.


وحين تطور فن الصورة وتحول لصناعات كبرى في السينما وفي التلفزيون ظلت الكلمة تصاحب هذا التطور وتسعى للاستفادة منه كوسيلة مساندة وليس كبديل، وفي «تويتر» و«الواتس» نشاهد كيف انتعش سوق الكلمة المكتوبة رغم وجود فن الإيموجي، وسهولة استخدام الصور، لكنها تظل صوراً قاصرةً ولا يسد قصورها سوى ترجمتها لكلمات يجري التعارف عليها تعارفاً يماشي حضورها ويلازمه، وهي ترجمة قسرية لأنها تحصر كل صورة بمعنى واحد، ولا يشكل جملاً ولا يسمح بتأسيس سياق دلالي يتيح مجالاً لتعدد الدلالات، واللغة أصلاً مشروطة بتعدد المعاني مقابل محدودية الألفاظ، ولذا لزم أن يدل اللفظ الواحد على العديد من المعاني كما هي مقولة ابن سينا، ولا يقيد ذلك ويرتبه إلا سياق الجملة، حيث يتغير معنى اللفظ بسبب مجاورته لألفاظ أخرى تجتمع وتنتظم لتكون نظاماً دلالياً يحرر اللفظة من معناها المعجمي المثبت إلى معانٍ تظل تتغير وتتبدل حسب شروط السياق، على أن الكتابة تنتصر في زمن الانفتاح الوسائلي لأن الوسائل فتحت فضاءات التواصل على كل مجالاتها وآفاقها، وهذا أغرى كل إنسانٍ وإنسانة لدخول معترك التعبير اللغوي دون أية شروط، وتحركت مغامرات الكتابة التلقائية بحرية مطلقة، مما استنهض حس الرغبة لدى الجميع وكسر هيمنة النخبة على حقوق التعبير والنشر، وهنا أصبح الكل - كُتَّاباً وكاتبات - وانكسر الشرط الطبقي والاحتكار النخبوي، وبالتالي فالكلمة المكتوبة تنتصر على الصورة وتنتصر على الطبقية، ومن ثم تنطلق اللغة لتصبح هوية حرةً ومطلقة، ولتفتح كوناً جديداً للتعبير والإنشاء وللتفكير ولشجاعة المواجهة مع الكل، ولم يعد هناك كبيرٌ وصغير، إذ اشترك الجميع على مائدة واحدة، هي وسائل التواصل الاجتماعي في مجتمع مفتوح لا تقيده قيود.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: جماليات الهزيمة د. عبدالله الغذامي يكتب: نازك الملائكة بين منهجيتين

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي: الكلمة الأخيرة لميدان المعركة رغم جهود وقف الحرب في لبنان

قال وجدي العريض، الكاتب والمحلل السياسي، إن هناك سباقًا محمومًا بين الميدان والجهد الدبلوماسي حول الأزمة في لبنان، ويدور حديث حول أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيسعى قبل تسلم مهام الرئاسة رسميًا في الـ20 من يناير المقبل، إلى وقف الحرب في لبنان، علاوة على الحديث عن عودة المفوض الأمريكي للشرق الأوسط، أموس هوكشتاين إلى تل أبيب وبيروت، مشيرًا إلى أنه على رغم من كل هذه الجهود سيظل الميدان هو الحكم.

ترجمه تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي

وأضاف «العريض» خلال مداخلة بقناة «القاهرة الإخبارية» أن تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، تترجم اليوم من خلال غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهداف إحدى البلدات في جبل لبنان للمرة الأولى، ما يعني أن التصعيد الإسرائيلي يسابق الدبلوماسية.

وأوضح الكاتب والباحث السياسي، أن العدوان الإسرائيلي الممنهج يهدف إلى تفريغ بيئة حزب الله الحاضنة من قاطنيها، وظهر ذلك جليًا اليوم من خلال القصف العنيف الذي طال الضاحية الجنوبية.

الكلمة الأخيرة للميدان

ولفت إلى أن إسرائيل لن توقف الحرب قبل أن تصل إلى أهدافها كما يقول أكثر من مسؤول إسرائيلي ولا سيما نتنياهو، بمعني الاستمرار في ضرب البنى التحتية العسكرية والقيادية لـ «حزب الله»، فيما لا زال الأخير يواجه إسرائيل برًا ويقصف العمق الإسرائيلي يوميًا،  مؤكداً أن الوضع الذي سيفرزه الميدان سيبنى عليه الجهود الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • الروائي الفائز بكتارا يوسف حسين: الكتابة تصف ما لا تكشفه الصورة
  • محلل سياسي: الكلمة الأخيرة لميدان المعركة رغم جهود وقف الحرب في لبنان
  • رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب: أمريكا تراهن على ترامب لعلاج أوجاعها وحل أزماتها
  • مغردون: هل الكل عاجز عن إيقاف جرائم الدعم السريع بالجزيرة؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: عايز الناس " يحترموني " !!
  • الرئيس العليمي يدعو إلى ”حل الدولتين” ويدين ممارسات الحوثيين في القمة العربية الإسلامية.. نص الكلمة كاملة
  • نقيب الفنانين التشكيليين ينعى كمال خليفة: حبيب الكل
  • د.حماد عبدالله يكتب: هيئة الرقابة العمرانية !!
  • د.حماد عبدالله يكتب: الصحافة..... وسنينها !!!!!
  • 12 مليون دولار.. امرأة تنتصر على شركة فصلتها خلال وقت كورونا