الصين تجدد دعوتها للحوثيين لاحترام حقوق الملاحة في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
جدد مبعوث صيني يوم الخميس دعوته للحوثيين لاحترام حقوق جميع السفن التجارية في الملاحة في البحر الأحمر وفقا للقانون الدولي.
وقال قنغ شوانغ، نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، في تصريحات أدلى بها في إحاطة لمجلس الأمن حول اليمن، إن الصين ترحب بالاتفاق الأخير بين الحكومة اليمنية والحوثيين فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية.
وأضاف "نأمل أن تبني الأطراف على هذا المثال وأن تضع في اعتبارها مصالح ورفاه الشعب اليمني، وأن تظل ملتزمة بالحل السياسي والقضاء على التدخل والتوصل إلى حلول وسطى وحل الصراع من خلال الحوار والتفاوض، من أجل تعزيز عملية سياسية جامعة يقودها ويملكها اليمنيون معا".
وأشار قنغ إلى أن الصين تدعم جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانز غروندبرغ، وتتوقع من جميع الأطراف، وخاصة تلك الدول التي لديها تأثير على الوضع في اليمن، الاضطلاع بدور بناء في هذا الصدد.
وقال المبعوث إن "الصين تدعو الحوثيين مجددا لاحترام حقوق جميع السفن التجارية في الملاحة بالبحر الأحمر وفقا للقانون الدولي، ووقف المضايقات والهجمات، والحفاظ على سلامة ممرات الشحن في البحر الأحمر"، داعيا الأطراف المعنية إلى ممارسة ضبط النفس ووقف الأعمال التي يمكن أن تفاقم التوترات.
ودعا قنغ أيضا المجتمع الدولي إلى زيادة مساعداته الإنسانية والمسارعة بالوفاء بتعهداته ومد يد العون لتخفيف الوضع الإنساني الخطير في اليمن، وحث على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وإعادة الأصول ذات الصلة المحتجزة في اليمن.
وحث قنغ على تنفيذ قرارات مجلس الأمن 2712 و2720 و2728 و2735 بأسرع وقت لتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وتخفيف التوترات سريعا في المنطقة بما فيها اليمن والبحر الأحمر.
وأتم بأن "الصين مستعدة لمواصلة العمل مع المجتمع الدولي لبذل الجهود من أجل التوصل إلى حل سياسي للقضية اليمنية لاستعادة السلام والاستقرار الإقليميين وتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير