أمسك بالورقة والقلم والآلة الحاسبة ولا داعي لاستخدام الاستيكة.
بعملية حسابيّة بسيطة وسريعة، ستعرف على وجه اليقين مكاسب وخسائر المليشيا وداعميها وحلفائها في حربها على الدولة السُّودانيّة، ومُحاولة ابتلاعها وهضم مُكوِّناتها وتحطيم إمكانياتها وتشريد سكانها.
دَعنا نبدأ بتحديد الأهداف ومن ثَمّ مآلات النتائج:
أرادت قوات الدعم السريع قبل العودة لطبيعتها المليشياوية المَحضَة (القتل والسلب والاغتصاب)، وقبل أن يضع حميدتي كدموله على رأسه في ١٥ أبريل بعد هجره لسنواتٍ، أرادت أن تُسيطر على الحكم والسُّلطة وتسطو على الدولة في عملية خاطفة تقارب الضربة القاضية العاجلة.


خارطة الانقلاب كانت واضحة ومُحدّدة بدقة:
أولاً: القبض على قيادة الجيش، وتجهيز كل ما يُساعد على ذلك من أسلحة وعِتاد وقُوات مع إحضار بوكلين لهدم حائط منزل البرهان.
ثانياً: اختيار قيادة ترميزية مُضلّلة كواجهة نظامية للانقلاب.
ثالثاً: السّيطرة على المواقع العسكرية الاستراتيجية، لذا كانت البداية بالسّيطرة على اللواء الآلي الباقير وما به من مُدرّعات ليلة ١٤ أبريل قبل ساعاتٍ من ساعة الصفر.
رابعاً: تحييد الطيران في كل المطارات، خاصّةً في مروي والأبيِّض، فجاء التحرُّك نحو مطار مروي يوم ١٢ أبريل قبل (٧٢) ساعة من ساعة الصفر.
خامساً: السّيطرة على الإذاعة والتلفزيون وتجهيز بيانات ما بعد نجاح الانقلاب من قِبل يوسف عزت..!
ثُمّ ماذا حَدَث؟!!
فشلت الخُطة (أ) لعدة أسباب من أهمها:
-بسالة حرس البرهان.
-قُوة دفاعات المُدرّعات ووادي سيدنا وبقية الوحدات المهمة.
-الطلعات الجوية للواء طيار طلال علي الريح، ولهذه (قِصّة وتفاصيل ستُروى مُستقبلاً).
الخُطة (ب)..!
قرّرت المليشيا بعد فشل الخُطة (أ) الانتقال إلى الخُطة (ب)، فما لم يتحقّق بالضربة القاضية يُمكن تحقيقه بالنقاط:
سيطرت المليشيا على مساحات واسعة من الأرض .
نتجت عن تلك السّيطرة السلبية انتهاكات وفظاعات كارثيّة ترتّب عليها التالي:
١/ كسبت المليشيا الأرض، ولكنها خسرت في المقابل السكان الذين هربوا من بطشها ووحشيتها إلى مناطق سيطرة الجيش أو إلى خارج البلاد وتحولت أماكن سيطرتها لمدن وقرى أشباح .
٢/ كسبت المليشيا الأرض، ولكن في مُقابل ذلك خسرت:
غالب قُوتها العسكرية المنظمة وأهم قياداتها الميدانية البارزة، فصرّح قائدها حميدتي في أول أيام الحرب بأنّ الجيش في ضربة واحدة قتل أكثر من أربعة آلاف من قُواته.
وأضاف في تصريح آخر بعد يومين، أن أكثر من (٦٠) مُقاتلاً في حراسته الشخصية قُتلوا أمام عينيه.
٣/ خسران المليشيا لأعدادٍ كبيرةٍ من قُواتها المنظمة والمُدرّبة، دفعت بها لتوسيع استعانتها بمن أسماهم حميدتي بالكسابة في لقائه بقيادات “تقدُّم”، والذي تحدّث عنه الدكتور بكري الجاك في فيديو مُسرّب، ووصفهم حميدتي في بيانه الأخير بالمُتفلِّتين.
٤/ التوسُّع في الاستعانة بالكسابة والمُـرتزقة الأجانب، زاد من حجم وفظاعة الانتهاكات.
وترتّب على ذلك تقارير وتحقيقات عالمية وإدانات دوليّـة، عزّزت من احتمال تعرض قيادة المليشيا للملاحقة الجنائية الدوليّـة.
وربما هذا ما دفع بالمبعوث الأمريكي توم بيرييلو بأن يُصرِّح في أكثر من مرة بألّا مُستقبل للمليشيا في الفضاء السياسي السوداني، لسبب بسيط جدا لأنها أصبحت في ذاتها وبسلوكها أكبر خطر مهدد للمواطنين الذين ترغب في حكمهم..!
-أخيراً وليس آخراً-
إذاً، مكاسب السّيطرة الميدانية على الأرض في الراهن تَحَوّلت لخسائر سياسيّة واجتماعية ونفسية فادحة تهدد الوجود في المستقبل و تمثّلت في الآتي:
١/ خسارة السكان وتوسيع قاعدة الأعداء على امتداد البلاد وتعاقب الأجيال.
٢/ استعداء المُجتمع الخارجي وإحراج الحُلفاء الإقليميين برفع فاتورة العلاقة وتبعاتها.
٣/ استنزاف القوات خلال هوس السّيطرة على الأرض دون وضع اعتبار
للخسائر البشرية، بينما المعادلة في طرف الجيش على غير ذلك .
وكما قال الطيب صالح:
‏‎من الذي يبني لك المُستقبل (يا هداك الله) وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات؟
نواصل في الكتابة عن خسائر الداعمين وحلفاء الداخل.
إلى اللقاء،،،

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

لية إعمار الكون جزء من العبودية لله في الإسلام؟

في ديننا الإسلامي الحنيف، لا تقتصر العبادة على أداء الشعائر والفرائض فحسب، بل تمتد لتشمل جميع جوانب الحياة اليومية، بحيث يصبح كل عمل يُقدّم لوجه الله عملاً طيباً له أجر وثواب، ومن بين أبرز المفاهيم التي نجدها في تعاليم الإسلام، هو أن "إعمار الكون" أو "إصلاح الأرض" يُعتبر جزءاً أساسياً من العبودية لله، فالإسلام لا يرى في العبادة مجرد طقوس محدودة، بل دعوة شاملة للإنسان ليكون خليفة الله في الأرض، ويُعنى بإصلاحها وتطويرها بما يرضي الله.

العبودية لله من خلال إعمار الأرض

يعتبر الإسلام أن الإنسان خُلق ليكون خليفة في الأرض، أي ليعمرها، كما ورد في قوله تعالى: "إِنِّي جَاعِلٌّ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة: 30). هذه الآية تشير إلى تكليف الله سبحانه وتعالى للإنسان بمهمة إعمار الأرض وحمايتها، واستخدام مواردها بما يتماشى مع قيم العدالة والرحمة التي يدعو إليها الإسلام.

إعمار الأرض في الإسلام ليس مقتصرًا على بناء المدن وتطوير الزراعة، بل يشمل أيضًا الحفاظ على البيئة، والنهوض بالمجتمع، والبحث عن العلم، والعدالة الاجتماعية، وتحقيق السلام. فكل عمل يسهم في رفعة الإنسانية أو في تحسين حياة الناس يعتبر نوعاً من الإعمار الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. فالحفاظ على البيئة من التلوث، والاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة، والابتكار في العلوم والتكنولوجيا، كلها أعمال يمكن أن تُدرج ضمن مفهوم "الإعمار".

إعمار الكون كجزء من العبادة اليومية

من خلال هذا الفهم الشامل للإعمار، يصبح أي جهد يبذله الإنسان في سبيل تحسين وضعه الاجتماعي أو الاقتصادي أو البيئي نوعًا من العبادة. يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها" (رواه مسلم)، وهذا الحديث يعكس كيف أن العناية بالأرض ومقومات الحياة ليست فقط أمرًا ماديًا، بل هي عبادة قائمة على النية الصادقة في تحقيق مصالح الناس والبيئة.

المسؤولية الفردية والجماعية في إعمار الكون

إعمار الكون يتطلب التعاون بين الأفراد والمجتمعات، فكل شخص منا مسؤول عن تقديم مساهمته الخاصة في هذا العمل العظيم. ومن خلال العمل الصالح في مختلف مجالات الحياة، سواء كان ذلك في التجارة أو الزراعة أو التعليم أو الطب أو التكنولوجيا، يمكننا جميعًا أن نكون جزءًا من هذه العبودية التي تهدف إلى إصلاح الأرض وتنميتها.

في هذا السياق، نلاحظ أن الإسلام يضع على عاتق الأمة الإسلامية مسؤولية كبيرة في الحفاظ على توازن الكون وتنميته، فالكون جزء من خلق الله، ولذلك يجب أن يتم التعامل معه برفق واحترام، وأن يسعى المسلمون دائمًا إلى استغلال موارده بشكل يعكس التقوى والعدل.

إعمار الكون والحفاظ على البيئة

إن الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث يعد من أبرز صور إعمار الأرض في الإسلام. يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "وَلَا تَفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا" (الأعراف: 56)، وهذا يعني أن الإنسان مكلف بالحفاظ على التوازن البيئي والموارد الطبيعية، وهو جزء من الإعمار الذي يُرضي الله ويُحقق مصلحة الجميع. وعليه، فإن الجهود المبذولة في الحد من التلوث، وإعادة التدوير، وتطوير مصادر الطاقة النظيفة، وغيرها من المبادرات البيئية، تُعتبر من أرقى صور العبادة في العصر الحديث.

 

إعمار الكون جزء أساسي من العبودية لله في الإسلام، فكل جهد يُبذل لتحسين الحياة البشرية والبيئة، وكل مساهمة في مجال العلم والتكنولوجيا والخير العام، هي عبادات متقبلة عند الله طالما كانت تهدف إلى مصلحة الناس ورفاههم. فالإعمار في الإسلام لا يعني مجرد بناء المساكن أو المدن، بل يشمل كل عمل ينفع البشر ويحفظ الأرض التي كلفنا الله بحمايتها ورعايتها.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو لا يعتقد أن الاتفاق مع لبنان قابل للتطبيق على الأرض
  • لية إعمار الكون جزء من العبودية لله في الإسلام؟
  • سقوط ‘‘أبو علي الهادي’’: انتقام الأرض من مجرميها
  • مصادر مأرب برس :المليشيا تخنق التجار بجبايات جديدة بالضالع
  • عُمان.. سردية التاريخ والمجد
  • خدعة ثانية !!
  • حكم نقل الأثاث الموقوف من مسجد إلى آخر.. دار الإفتاء توضح
  • شاهد بالفيديو.. قائد المدرعات أثناء استلام بعض الممتلكات الخاصة بالمواطنين حاولت المليشيا نهبها
  • بيان حول إحراق مواطن لنفسه في ميدان السبعين
  • نظرية جديدة صادمة حول أصل القمر