تقنية واعدة لعلاج الرجفان الأذيني
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
استخدم أطباء القلب في عيادة نظم القلب في مايو كلينك بالولايات المتحدة مصدر طاقة جديدا ومبتكرا لعلاج الرجفان الأذيني بشكل آمن وناجح. وحصل علاج "الاستئصال بالمجال النبضي" على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، مما مثّل إنجازا كبيرا توج سنوات طويلة من البحث، تفوق في عدد من الجوانب على الاستئصال التقليدي.
يُعتبر الرجفان الأذيني اضطرابا في نظم القلب يؤدي إلى تسارع ضربات القلب بشكل غير منتظم، مما قد يتسبب في تكوّن جلطات دموية في القلب، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030، سيتم تشخيص 12.1 مليون شخص في الولايات المتحدة بالرجفان الأذيني أي أكثر من ضعف العدد عام 2010. وعلى الصعيد العالمي، يزداد عدد المرضى الذين يتم تشخيصهم بالرجفان الأذيني.
وأحيانا لا يسبب الرجفان الأذيني أية أعراض، ولا يكون لدى المصاب أدنى فكرة عن أن نبضات القلب لديه غير منتظمة، ويتم اكتشاف الحالة عند إجراء الفحص الروتيني. وقد تشمل الأعراض خفقان القلب، فيشعر المريض كأن قلبه يرفرف، أو ينبض بشكل غير منتظم، ويستمر ذلك غالبا بضع ثوان، وربما دقائق وعدم انتظام ضربات القلب، حيث قد ينبض القلب بسرعة كبيرة.
ويمكن للأطباء استخدام الأدوية والعلاجات لمساعدة القلب على استعادة النظم الطبيعي، لكن بعض المرضى يعانون من رجفان أذيني مستمر ويزداد الأمر سوءا مع مرور الوقت. وتم استخدام علاج الاستئصال لعلاج هؤلاء المرضى على مدى عقدين من الزمن، لكن الاستئصال بالمجال النبضي يستخدم نهجا مختلفا.
الاستئصال التقليدي بمواجهة النبضيتم استخدام الاستئصال تقليديا كعلاج ثانوي للذين يعانون من الرجفان الأذيني ويعانون من أعراض منهكة، ولم تنجح الأدوية في السيطرة على المرض.
ويقوم الطبيب عند اجراء الاستئصال بتوجيه أنبوب قسطرة رفيع مرن عبر وريد كبير إلى القلب، ويصدر جهاز مثبت في طرف أنبوب القسطرة طاقة تدمر البقع الصغيرة من أنسجة القلب التي تسبب خللا كهربائيا في القلب.
وبدلا من تطبيق الحرارة أو البرودة كما هو الحال في الاستئصال التقليدي، تستخدم تقنية الاستئصال بالمجال النبضي طاقة عالية قصيرة تُسمى "التثقيب الكهربائي غير العكوس" للتأثير على الأنسجة القلبية التي تسبب الرجفان الأذيني. وتم تطبيق العلاج بالمجال النبضي بنجاح على المرضى في مايو كلينك في روتشستر خلال فبراير/شباط 2024. ومنذ ذلك الحين، استخدم أخصائيو القلب العلاج بالمجال النبضي لعلاج أكثر من 200 مريض يعانون من الرجفان الأذيني.
يقول الدكتور سراج كابا، اختصاصي في فيزيولوجيا القلب الكهربائية في مايو كلينك في روتشستر، مينيسوتا "النهج التقليدي باستخدام مصادر الطاقة الحرارية لعلاج الرجفان الأذيني، التردد الراديوي، الليزر، الطاقة الباردة. كلها تحمل مخاطر الإصابة بالأجزاء القريبة مثل المريء والعصب الحجابي".
وكانت تكنولوجيا الاستئصال بالمجال النبضي قيد التطوير لأكثر من 18 عاما. وبدأ البحث الرائد في مايو كلينك علاج الاستئصال تحت إشراف اختصاصي آخر في فيزيولوجيا القلب الكهربائية وهو المخترع المبدع الدكتور صامويل ج. أسيرفاثام الذي كان لديه اهتمام متزايد في تطوير مصادر طاقة جديدة تسمح بتأثير انتقائي على أنسجة القلب.
ويقول كابا "المبدأ الذي يستند إليه الاستئصال بالمجال النبضي هو أنه، اعتمادا على تركيبة أغشية الخلايا لأنواع مختلفة من الأنسجة، قد تكون بعض الأنسجة لها عتبات طاقة مختلفة يمكن أن تكون ميتة أو مستأصلة بينما يتم الحفاظ على أنواع أخرى من الأنسجة، وقد اقترح من خلال مئات التجارب قبل السريرية أن الاستئصال بالمجال النبضي للنسيج القلبي يمكن أن يسمح بنهج محدد لاستئصال أنسجة القلب مع تجنب الإصابة الجانبية لهياكل مثل المريء أو العصب الحجابي".
فوائد الاستئصال بالمجال النبضييمكن أن يؤدي الاستئصال بالمجال النبضي إلى تقليل مدة الإجراءات، مع تقليل وقت التخدير وإزالة بعض المخاطر المرتبطة بالاستئصال التقليدي للرجفان الأذيني.
ويقول الدكتور كابا وفقا لموقع يوريك أليرت "تقليل المخاطر وجعل العلاجات الفعالة متاحة على نطاق أوسع أمر حاسم لتقديم العلاج لأكبر عدد ممكن من المرضى".
ويضيف كابا "يوجد عدد متزايد من الأدلة التي تدعم التحكم في النظم بشكل أكثر عدوانية باستخدام الاستئصال، سواء في وقت مبكر من تشخيص الرجفان الأذيني لتحقيق نتائج أفضل على المدى الطويل أو في سياق الأمراض المصاحبة الأخرى مثل فشل القلب، حيث أظهر الاستئصال تقليل الوفيات".
الخطوات التاليةتشير البيانات المبكرة من التجارب قبل السريرية إلى أن الاستئصال بالمجال النبضي قد يكون متفوقًا على النهج الحالي القائم على الطاقة الحرارية في هذا المجال. وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع الدكتور كابا نموا سريعا وتطورا في علاج المجال النبضي.
ويوضح "في غضون العام المقبل، نتوقع إدخال ما لا يقل عن نصف دزينة من القسطرة والأنظمة التي تستخدم علاج المجال النبضي، مما يوفر فرص بحث جديدة وإمكانية تقديم رعاية علاجية تحولية للمرضى الذين يعانون من أمراض نظم القلب."
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرجفان الأذینی یعانون من
إقرأ أيضاً:
دستور سوريا المؤقت الجديد.. خطوة واعدة أم تركيز للسلطة؟.. معظم الصلاحيات فى يد الشرع رغم الإعلان عن مبدأ الفصل بين السلطات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وقّع الرئيس السورى المؤقت، أحمد الشرع، دستورًا مؤقتًا يَعِدُ بإصلاحات جوهرية، ويُرسّخ فى الوقت نفسه جزءًا كبيرًا من سلطة قيادة البلاد فى يد الرئيس، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" فى تقرير شامل لها، فيما أكدت عدة صحف أمريكية وفرنسية أن الأكراد أعلنوا تحفظهم على هذا الدستور المؤقت واعتبروه متنافيًا مع تنوع مكونات سوريا.
وبحسب "نيويورك تايمز"، تُمثّل هذه الوثيقة الجديدة لحظةً حاسمةً فى مسيرة التحول السياسى الطويل فى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وبينما يضمن الإعلان الحريات الفردية، ويتضمن وعودًا بحكومة شاملة، ينقسم النقاد والخبراء حول ما إذا كان يُتيح تحررًا سياسيًا حقيقيًا، أم أنه مجرد استبدال شكل من أشكال الاستبداد بآخر.
تساؤلات مشروعة
يمنح الدستور الجديد، الذى وُضع بعد حل الدستور السورى السابق فى عهد نظام الأسد، الرئيس المؤقت الشرع صلاحياتٍ واسعة. فلا يُمنح الرئيس سلطة إعلان حالة الطوارئ فحسب، بل يمتلك أيضًا سلطة تعيين ثلث أعضاء المجلس التشريعى خلال الفترة الانتقالية. تُثير هذه الصلاحيات التنفيذية الواسعة مخاوف بشأن إمكانية استمرار السيطرة المركزية فى نظامٍ اتسم بعقودٍ من الدكتاتورية.
وقد صاغ الشرع هذا الدستور المؤقت على أنه قطيعة مع الماضي، واعدًا بتاريخٍ جديدٍ لسوريا. ومع ذلك، ورغم ضمانات الحريات، بما فى ذلك حرية التعبير والصحافة، يشكك بعض الخبراء فى النطاق الحقيقى لهذه "الحرية" عمليًا، نظرًا لسيطرة السلطة التنفيذية على القضاء وغياب الضوابط على التعيينات الرئاسية.
دافع عبد الحميد العواك، عضو لجنة صياغة الدستور، عن الوثيقة، مُدّعيًا أنها تضمن فصل السلطات - وهو تناقضٌ صارخ مع تركيز السلطة فى يد الشرع. لكن استمرار هيمنة السلطة الرئاسية يُثير مخاوف من أن التغيير السياسى الحقيقى قد يكون سطحيًا أكثر منه جوهريًا.
مرحلة انتقالية
وحدد الإعلان الدستورى "المرحلة الانتقالية بخمس سنوات" على أن يتم "إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية" بهدف "تحديد سبل المساءلة ومعرفة الحقائق وتحقيق العدالة لـ"الضحايا والناجين" فى النزاع المدمر الذى اندلع اعتبارًا من عام ٢٠١١.
ومن بين البنود التى تضمنها الإعلان الدستورى أيضا، "ضرورة تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم"، إلا أنه لا يتيح إمكانية عزل رئيس الجمهورية. وردًا على سؤال صحفي، قال عضو لجنة صياغة الإعلان عبد الحميد العواك إن "القضية الأساسية تكمن فى أنه لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يعزل نائبًا، ولا مجلس الشعب يعزل الرئيس، لأنه نظام رئاسي، هكذا هو نظامه، ومطبق فى أمريكا وفى تركيا والعديد من الدول".
الشريعة الإسلامية
يحتفظ الدستور الجديد ببندٍ رئيسى من سابقه: الشريعة الإسلامية لا تزال الأساس القانونى للنظام القانونى السوري. تؤكد الوثيقة على أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسى للتشريع، مع ضمان "حرية المعتقد". ومع ذلك، يسمح هذا البند بتقييدات محتملة للحقوق، لا سيما عندما يكون الأمن القومى أو النظام العام على المحك.
إن خلفية الشرع كقائد للقوى الإسلامية خلال الحرب الأهلية السورية تُغذى الشكوك حول مدى التزامه بحكومة ليبرالية أو بإطار قانونى شامل حقًا. ولا يزال ارتباطه السابق بجماعات متطرفة مثل القاعدة، على الرغم من قطعه منذ سنوات، عالقًا فى أذهان الكثيرين، مما يُلقى بظلال من الشك على ما إذا كان حكمه سيعكس حقًا وعود التسامح الدينى والثقافي.
وضع الأقليات
تتألف سوريا من مجموعات عرقية ودينية متنوعة، ويَعِد الدستور الجديد بحماية حقوق جميع المواطنين. ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة، لا سيما بين الأقليات. فقد أعرب السكان الأكراد، الذين يسيطرون على شمال شرق سوريا، عن مخاوفهم من أن الدستور الجديد يعكس الإطار الاستبدادى لعهد الأسد، مع بقاء السلطات التنفيذية المطلقة ثابتة.
فقد جاء أول رد فعل من الداخل حيث انتقدت الإدارة الذاتية الكردية هذا الإعلان الدستوري، معتبرة أنه "يتنافى" مع تنوع سوريا ويضم بنودًا تتشابه مع حقبة حكم حزب البعث.
وفى بيان، اعتبرت الإدارة الكردية أن الإعلان الدستورى "يتنافى من جديد مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجود فيها، ويخلو من مكوناتها المختلفة من أكراد وعرب بما فى ذلك السريان والآشوريين وباقى المكونات الوطنية السورية". وأشارت إلى أنه "يضم بنودًا ونمطًا تقليديًا يتشابه مع المعايير والمقاييس المتبعة من حكومة البعث" الذى حكم البلاد لعقود. وتابع البيان قائلًا إن الإعلان الدستورى "لا يمثل تطلعات شعبنا ولا يدرك حقيقة هويته الأصيلة فى سوريا وهو بمثابة شكل وإطار يقوض جهود تحقيق الديمقراطية الحقيقية فى سوريا". وأضاف البيان "نأمل ألا تعود بنا بعض الممارسات والأفكار الضيقة إلى مربع الصفر لأن ذلك سيجعل الجرح السورى منزوفًا من جديد".
علاوة على ذلك، اندلع العنف الطائفى عقب الإعلان الدستوري، مما أبرز الانقسامات العميقة داخل البلاد. فى الأسبوع الماضي، نصب موالون للأسد كمينًا للقوات الحكومية، مما أدى إلى حملات قمع عنيفة استهدفت الأقلية العلوية، وهى فرع من الشيعة. تُبرز هذه الأحداث هشاشة سيطرة الشرع على البلاد واستمرار التقلبات فى السياسة السورية.
فى حين أعربت الأمم المتحدة عن أملها فى أن يُعزز الدستور الجديد عملية انتقالية شاملة، إلا أن الواقع على الأرض لا يزال غامضًا. تردد المجتمع الدولي، بما فى ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فى رفع العقوبات عن سوريا، وحثّ الحكومة الجديدة على إظهار التزام حقيقى بعملية سياسية شاملة وحماية حقوق الأقليات.
حرية التعبير بحدود
يكفل الدستور الحريات الأساسية، بما فى ذلك الحق فى حرية التعبير والمعلومات والصحافة. ومع ذلك، تأتى هذه الحريات مع محاذير، مثل القيود المفروضة على التعبير الذى يُمجّد نظام الأسد. ويجادل النقاد بأن هذه القيود قد تُخنق المعارضة وتمنع ظهور مساحة ديمقراطية حقيقية للنقاش العام.
من الجوانب الأكثر تقدمية فى الدستور الجديد التزامه الصريح بحقوق المرأة، وضمان حصولها على التعليم والعمل، وتمتعها بكامل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد بدا الشرع حريصًا على تصوير نفسه كمصلح فى هذا المجال، إذ اعتمد لغةً تراعى الفوارق بين الجنسين فى خطاباته، وأقرّ بالدور المحورى الذى لعبته المرأة فى الثورة. ومع ذلك، وفى ظل السياق السياسى الأوسع، لا تزال هناك تساؤلات حول كيفية صون هذه الحقوق عمليًا.
* عن التايمز