وصلت إعلانات جيش الاحتلال الإسرائيلي بفرض قرارات إخلاء جديدة في مناطق وسط قطاع غزة، إلى مرحلة غير مسبوقة رغم تكررها بشكل شبه أسبوعي، إلا أنها طالت هذه المرة أجزاءً من المنطقة التي يُزعم أنها "إنسانية". 

وجاء قرار الإخلاء الجديد ليشمل مناطق شرقي دير البلح، والقرارة، والمواصي، والجلاء، وحمد والنصر، بالإخلاء بشكل فوري، وهي أماكن لجأ إليها مئات آلاف الفلسطينيين خلال الشهور الماضية، بعد بدء العملية العسكرية في رفح في  6 أيار/ مايو الماضي.



وزادت هذه القرارات من المعاناة الشديدة والمأساة لدى النازحين الفلسطينيين الذين هجروا من الجزء الشمالي من قطاع غزة في منتصف تشرين الأول/ يناير الماضي، لينضم إليهم الآن غالبية المناطق الجنوبية.


ورصدت "عربي21" شهادات الفلسطينيين نازحين داخل المنطقة المكتظة والمزدحمة التي يريد الاحتلال إخلاءها حاليا.

يؤكد أنس (30 عاما) إنه لا يعرف أين يذهب وإلى أي مكان ينزح، قائلا: "والله كلمة وين نروح الكل اللي حوليها بحكوها وهي حقيقة بكل حرف منها، وبجد والله مش عارفين وين نروح، ما ضل أي مكان".

View this post on Instagram A post shared by Hassan eslayeh (@hassanasalih)
ويقول أنس لـ "عربي21" الأماكن الباقية في مدينة خانيونس والمنطقة الوسطى هي "الممرات الضيقة بين الخيم والنازحين، وهي مناطق تجري فيها مياه الصرف والنفايات الناتجة عن الخيام ودورات المياه البدائية، نموت ولا نعيش عيشة الفئران".

ويكشف أنه حاليا فقد العدد الدقيق للمرات التي نزح فيها منذ غادر قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2023، مضيفا "يمكن فوق الـ 20 نزحت وتنقلت بين الأمكان، سواء بسبب قرارات الإخلاء أو بسبب اقتراب القصف أو حتى البحث عن أماكن أكثر آدمية للنجاة".

ويشرح أنس أن مجرد عملية النزوح هي كابوس يلاحق كل فلسطيني في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه مع كل مرة "تبدأ هذه المعاناة بالبحث عن وسيلة مواصلات لنقل الأمتعة القليلة التي بحوزتنا، هي سيئة ورديئة لكنها كل ما نملك حرفيا، وكل شيء موجود معك لا يوجد له بديل، وإذا توفر سيكون ثمنه غالٍ جدا".

ويقول "معي الملابس الشتوية والبطانيات والشوادر التي تحمينا من الأمطار، هل أفرط بها؟ لا هذ الخطأ لن ارتكبه مرة أخرى، عندما تركت غزة خرجت بأقل الملابس الصيفة ودخل عليها الشتاء وربنا وحده بعلم كيف دبرنا أمورنا، مش بيعد يجي علينا الشتاء كمان مرة والحرب لسة شغالة، حتة لو خلصت وربنا كتب لنا عمرة ورجعة على غزة، بيتي راح وما ضل معي إلا اللي معي الآن".


بدوره، يقول بشير (42 عاما) إنه تمكن في الأسابيع القليلة الماضية من استئجار منزل رفقة أكثر من سبع عائلات أخرى بدلا من المعيشة الصعبة للغاية داخل الخيام ومع حرارة الصيف الشديدة، مضيفا "هذا الإيجار يكلفني أكثر من 3 آلاف شيكل (800 دولار).

ويوضح بشير لـ "عربي21" أن "أقل من هذا المبلغ كان يكفي لإيجار أفخر شقة أو فيلا في قطاع غزة قبل الحرب، لكن الظروف الحالية دفعتنا للقبول بذلك، رحمة بالأطفال الصغار والنساء من الشمس الحارقة والحشرات والقوارض".



ويضيف "عشنا شهور طويلة في الخيام في رفح قبل العملية العسكرية فيها، وشفقت على الأولاد الصغار من هذه العيشية، والآن مطلوب مني الإخلاء مرة أخرى وترك كل ما دفعته من مال خلفي والبحث عن مكان جديد لهم الله يعلم وين يكون".

ويبين أنه احتفظ بالخيمة التي كان يعيش فيها خلال فترة نزوحه في رفح، موضحا أنه كان يتوقع هذه الخطوة ولا يستبعد أن يتم إخلاء كل "المنطقة الإنسانية" خلال الأسابيع المقبلة. 

ويكشف أنه يقيم حاليا في خيمة عند أحد أقاربه في مدينة دير البلح إلى حين أن يجد بيتا جديدا للإيجار أيا كانت حالته، أو حتى إيجار مكان لنصب الخيمة التي بحوزته.

من ناحيتها، تكشف سلام (21 عاما) أنها نزحت رفقة عائلاتها لأكثر من 19 مرة منذ بدء الحرب، قائلة: "والله 19 مرة مش مبالغة، عارفة تفاصيل كل وحدة وقهر كل مرة وكل شي سبناه ورانا".

وتقول سلام  لـ "عربي21" إن هذه المرة "أصعب من كل مرة بسبب الاكتظاظ الكبير وعدم إمكانية إيجاد مكان مناسب للنزوح إليه، رفح كانت أكبر والناس رغم الصعوبات قدرت تدبر حالها، لكن الوضع الآن وفق الوصف وفوق أنه الواحد يقدر يحط حاله بأي مكان".

لحظة قصف طيران الاحتلال أبراج في مدينة حمد شمال غرب خانيونس بالتزامن مع نزوح المواطنين بعد تهديدات الاحتلال pic.twitter.com/hn69V2GCOg — خالد خلف (@khaldkh10247845) August 16, 2024
وبينت أن "الأمراض الجلدية والمعدية وغيرها من الأمور التي حتى لا نعرفها انشرت فينا بشكل كبير، وبصراحة ما بعرف إيش ممكن يصير فينا أكثر، لكن المكان اللي بدنا نروحه أكيد حكون ما بصلح نعيش فيه، بتخيل رح يكون أسوأ من وضعنا الحالي أكيد".

يذكر أن الأمم المتحدة أكدت أن أمر الإخلاء الذي أصدره جيش الاحتلال الإسرائيلي قلص المنطقة الإنسانية المحددة إلى 11 بالمئة من مساحة قطاع غزة.


وجاء إعلان الإخلاء مصحوبا بتهديد من جيش الاحتلال باحتياج المناطق المشار إليها في شمال خانيونس وشرق دير البلح، بزعم تنفيذ عمليات ضد المقاومة الفلسطينية.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي دفع الفلسطينيين إلى النزوح من مكان إلى آخر، بزعم توجيه إلى "مناطق آمنة"، وذلك على الرغم من تعمده استهداف النازحين ومراكز الإيواء، ما أسفر عن مجازر مروعة راح ضحيتها المئات من الشهداء والمصابين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الاحتلال دير البلح الفلسطينيين خانيونس فلسطين خانيونس الاحتلال دير البلح اوامر اخلاء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ما النقاط التي لن ينحسب منها الاحتلال جنوب لبنان؟

ويوضح هذا التقرير مواقع هذه النقاط التي تبدأ من القطاع الغربي من الحدود وصولا إلى القطاع الشرقي منه.

تقرير: محمد رمال

17/2/2025

مقالات مشابهة

  • ساري عرابي: العدو الصهيوني يستغل الأزمة الإنسانية في غزة لتحقيق مكاسب سياسية
  • التلال الـ5 التي تحتلها إسرائيل.. هذا ما يجب أن تعرفه عنها
  • وزير الخارجية يستقبل كبيرة مُنسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة و المنسقة الأممية لعملية السلام
  • ما النقاط التي لن ينحسب منها الاحتلال جنوب لبنان؟
  • جيش الاحتلال: الفرقة 162 تسلم قيادة المنطقة الأمنية شمال قطاع غزة للفرقة 252
  • السيسي: أثمن دور المملكة الرائع في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة
  • الرئيس السيسي يثمن دعم الأشقاء السعوديين في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة
  • الرئيس المصري: أثمن دور السعودية الرائع في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة
  • السيسي يستعرض الجهود المصرية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية
  • تراجع ملحوظ في عدد الشاحنات التي تدخل قطاع غزة