الأنبا مكاريوس يكتب: العذراء واحتمال الكرامة
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
اقتنت مريم العذراء من بين فضائلها فضيلتَى احتمال الكرامة واحتمال الهوان. وكما تسلَّمنا من الآباء (القديس تيموثاؤس) أن احتمال الكرامة يحتاج جهاداً أكبر مما يحتاجه احتمال الإهانة، فقد ترتبط الكرامة بفكر الكبرياء وتعاظُم القلب على الآخرين، ومن ثَمَّ تحتاج إلى اتِّضاع أكبر.
لم يكن الأمر سهلاً على فتاة -ربما دون الخامسة عشرة- أن يظهر لها ملاك الرب، وهذا فى حد ذاته يُعتبر امتيازاً نادراً.
ولعلها قد درست الشريعة جيداً، وكانت مثل الباقين تنتظر فداءً فى إسرائيل، ولكن أن يأتى الفادى منها فهو أمر أعظم من أن تستوعبه، وحينئذ تصرِّح بأن الله نظر إلى اتِّضاع أمَته وصنع بها عظائم وأن الأجيال ستطوِّبها، أى أنها ستتحدَّث على ما خصَّها الله به دون غيرها من نساء العالمين.
لقد أدركت مريم أنه مُخلِّص العالم، وأنه اختارها من بين نساء العالم قاطبة دون سواها، وكل منهن تمنت أن يأتى المخلِّص من نسلها، وكان ذلك هو السبب الرئيسى فى حزن العواقر واللواتى لم ينجبن. ومع ذلك لم تتعاظم بفكرها ولا تعالت على الآخرين.
عندما أتقابل مع سيدة أو فتاة تم تكريمها ونعلن افتخارنا بها، فتجيب باتِّضاع «إنها نعمة الرب»، فكم بالحرىِّ مريم المتوشِّحة بالاتِّضاع، ولم نسمع أنها تسلَّطت على الجموع أو الآباء الرسل، بل خدمت معهم باتِّضاع كأم لهم، ولم تحصل على رتبة كنسية، ولم ينفخ الرب فى وجهها لتصبح أسقفة أو كاهنة.
ولكم أن تتخيلوا كمّ المديح الذى سمعته مريم الفتاة الوديعة من الناس بسبب ابنها، بالطبع دون أن يدركوا أنه المخلِّص الحقيقى، أمَّا هى فكانت تسمع جميع هذا الكلام متفكِّرة به فى قلبها. فكيف لها أن تحتمل ذلك؟ ولم تتكبَّر فى قلبها، بل ذهبت باتِّضاع لتخدم أليصابات حتى ولدت.
تصوّروا أُمَّاً قد نجح ابنها فى الجامعة، أو تم تكريمه بشكل أو آخر، أو تم تكريمها هى كأم مثالية؛ ماذا يكون شعورها؟ فمن المتوقَّع أن تروى للقنوات والمواقع بطولاتها وتضحياتها وحيثيات تكريمها، ولكن مريم العذراء تقول إنها أمة الرب (أى عبدة)، وغير مستحقة، فما أن بدأت أليصابات فى مديح مريم «من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىِّ؟»، وأنها مباركة فى النساء، حتى قاطعتها مريم «بل تعظِّم نفسى الرب».
هكذا لم تنسب العذراء كرامة ابنها لها، مهما علمت بالمعجزات الباهرات التى لم يُسمَع عن مثلها قط، مثل تفتيح عينى أعمى وإقامة الموتى وإخراج الشياطين، حتى تقاطر عليه عشرات الألوف من البشر أينما سمعوا به، كما أنه صار الواعظ الأشهر فى ذلك الوقت، وتسابقوا على دعوته فى المجامع والمنتديات الدينية مثلما حدث فى بيت سمعان، حيث لم يأتِ أحد من قبله بمثل هذا السمو من التعاليم.
بل لم تتدخل فى شىء منذ قال لها: «ألا تعلمان أنه ينبغى أن أكون فيما لأبى؟».
حتى فى المرة الوحيدة التى قيل إنها مضت إليه مع بعض الأقارب فى شأن عائلى، لم يرفضها، بل جمع معها جميع الحاضرين على أنهم أمه وإخوته، بل ومعهم كل من يسمع كلام الله ويحفظه.. وحين احتاج الموقف إلى إنقاذ فى قانا الجليل طلبت ذلك باتِّضاع.
بل إن مريم العذراء لم يُنسَب إليها فى العهد الجديد كله إلّا عبارات قليلة جداً، ما بين حديث مع الملاك، ثم أليصابات، وفى قانا الجليل، وعندما بحثت عن الفتى يسوع فى الهيكل.. ولا توجد كتابات منسوبة لها، لا مذكرات ولا تعاليم ولا وصية.
بركة صلاة أمناً العذراء القديسة مريم فلتكن معنا.. آمين.
* أسقف المنيا
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العذراء مريم السيدة مريم القدس الشريف فلسطين الصامدة
إقرأ أيضاً:
يأبى الله لمصر إلا أن يدفع الثمن مواطنوها مع السودان، لأن اسمها معركة الكرامة
يأبى الله لمصر إلا التحدي والمواجهة في حرب تاريخية لسرقة وادي النيل وتجريف أهله وسكانه،، حرب مقصود بها مصر مع السودان وربما قبله، حرب تضرج فيها تراب الخرطوم بدماء الشهيد الغراوي من البعثة المصرية في يوم المعركة الثاني، وقبله غامر المجرم المرتزق حميدتي بالاعتداء على بعثة تعاون وتدريب لجنود مصر البواسل في مطار مروي شمالا حتى قبل أن يهاجم الخرطوم بيومين، ولذلك يقول السيد مالك عقار نائب الرئيس إسمها حرب 13 أبريل، وليس 15 أبريل.
أغرورقت عيناي وأنا أشاهد رهائن مصر من المواطنين المدنيين أحرارا بعد عامين من اختطاف “عصابة دقلو” المدعومة من العرب والعجم ضد مصر والسودان. لولا هذا التخطيط والمكر الخارجي لما استمرت الحرب عامين، والسودان يواجه خمس دول وليس مجرد مليشيا ومرتزقة، مواجهة فيها التكنولوجيا، والاقمار الصناعية، وأحدث أجهزة التشويش وتدفق لا محدود من السلاح الفتاك.
يأبى الله لمصر إلا أن يدفع الثمن مواطنوها مع السودان، لأن اسمها معركة الكرامة، كتب الله فيها على مواطنين مصريين شرفاء ونبلاء قدموا للسودان في بزنس واعمال تجارية أن تختطفهم المليشيا الارهابية وتحتجزهم عامين كاملين.
تم التحرير بتنسيق عالي الجودة، هي عملية في قلب الخرطوم، ستكون يوما ما فيلم أو مسلسل، “عامان تحت السيف”!
لا أود أن أتحدث بتفاصيل أكثر، أطمئنوا على مصر فأنها بخير، وأبنائها في حدقات عيوننا، والمستقبل سيشهد الأجمل .. حفظ الله مصر أرضا وشعبا وجندا وقيادة.
وإلى الأمام يا جيش السودان، وقوات المخابرات العامة.
مكي المغربي