بوابة الوفد:
2025-01-24@05:28:58 GMT

حرفة النسخ والنساخة والنساخين

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

ما معنى «نسخ»؟

نسخ الشىء: أزاله، ومنه نسخ الله الآية: أزال حكمها، ونسخ الكتاب: نقله وكتبه حرفاً حرفاً، وانتسخ الكتاب مثله، واستنسخه: طلب نسخه، والناسخ: من صنعته نسْخ الكتاب، وقد يكون الناسخ من تلاميذ المؤلف، أو من تلاميذ تلاميذه، أو من العلماء، والأصدقاء، أو من غير المعاصرين، والمنسوخ منه، إما نسخة المؤلف، بتوقيعه، أو نسخة تلميذه، أو زميله، أو عالم، أو من عصر آخر، مع حمْل المخطوط ما يدل على زمن كتابته من عبارات، مع العلم باختلاف دقة النسخ، وتفاوتها فيما بينها، وعلاج ذلك فى التحقق من عنوان المخطوط، والتحقق من اسم المؤلف، ودقة قراءة متن الكتاب.

للنسخ آدابه المرعية، وقواعده المتبعة، ظهرت فى ذلك كتب منها:

تذكرة السامع والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم سنة 1273م لابن جماعة، و(الدرة النقية) للبدر الغزى (ت 1577م)، وكتاب فى آداب العلماء والمتعلمين للحسين بن القاسم المنصور اليمنى، وكتاب (المعيد فى أدب المفيد والمستفيد) لعبدالباسط بن موى بن محمد العلموى (ت فى دمشق 981هـ/1573م)، وفيه تفصيل القول عن آداب النسخ، والخط والقلم، والمعارضة، التى تنعدم إذا فقدت النسخة الأم، والمقابلة، والترقيم.

ولم تنفصل الوراقة عن التأليف؛ فقد كان بعض العلماء وراقا كأبى حيان التوحيدى، وكذلك كان حفيد هارون الرشيد (المستعين بالله)، كما دخل الوراقة غير المسلمين، ومنهم من أضر، ومنهم من نفع، كما حدث من تشويه فى (الكامل فى التاريخ) لابن الأثير، الذى تم إقحام حوار فيه، وكما أقحمت الزيادة، حدث النقص فى بعض المخطوطات، وكان من عيوب النسخ: جهل الناسخ بمادة المخطوط، أو ضعف قراءته وكتابته، أو سوء خطه، ويضاعف من ذلك فقدان النسخة الأم.

ولما اتسعت رقعة الدولة، وشاع اللحن، شرع المدونون فى النحو، شرعوا فى الحديث، وظل الخليفة عمر بن عبدالعزيز يستخير الله فى تدوين الحديث أربعين يوماً، ثم أذن بذلك، وسلك المصنفون طريقين: الكتابة المباشرة من المؤلف، فى (مسودة)، يعيد كتابتها، وعرفت النسخة التالية (المبينة)، وممن دون بنفسه: الجوهرى فى (صحاح اللغة) مؤرخة بتاريخ 383هـ، وابن حجر العسقلانى فى (تقريب التهذيب) والكرمانى فى (مجمع البحرين).أما الطريق الثانى فهو إملاء يرسله المؤلف لمن يكتب له، مراعاة لحال مثل حال أبى العلاء، أو للإصابة بالفلج عند الجاحظ، أو دون تلك الضرورة، كأن يملى على كاتب آخر بأجر، كما صنع الفراء، أو على تلاميذه كما صنع ابن دريد فى (الجمهرة)، وقد يكون مع التلاميذ زملاء للشيخ يصنعون مثلهم، وهكذا قام النساخ بدور كبير فى حفظ التراث العربى، يتحرون الدقة فى عدد الصفحات، ونظام الكتابة، وعدد الأسطر، ولون المداد، وكان لكل مكتبة ناسخها، أو نساخها. كان فى بيت الحكمة نساخ منهم من يذكره ابن النديم باسمه مثل علان الشعوبى، وكان بمكتبة بنى عمار بطرابلس الشام مائة وثمانون ناسخاً.

أصبح فن النساخة فناً إسلامياً حضارياً له أعلامه، وصار صناعة إسلامية عربية، وسمى القلقشندى فى (صبح الأعشى)، والسمعانى فى (أدب الإملاء والاستملاء، المحبرة أم آلات الكتابة وسمطها الجامع، وكانت تؤخذ من أجود العيدان كالأبنوس، والساسم، والصندل، ثم النحاس الأصفر، والفولاذ، ورأوا وجودها ضرورة لكل محب للعلم حتى سئل وراق ماذا تشتهى؟ قال: قلماً مشاقاً، وحبراً براقاً، وجلوداً رقاقاً، واشترط بعضهم شروطاً فى الدواة، وأفاض الصولى فى (أدب الكاتب) فى وصف القلم شعراً ونثراً، حتى قال أحمد يوسف: «القلم لسان البصر يناجيه ما استتر»، وقال ابن المقفع.: القلم بريد القلب، وقال أبو دلف: «القلم صائغ الكلام»، واستقر فن النساخة، ووضع له العلماء شروطاً وآداباً حسب الناسخ والموضوع المنسوخ، وطرقاً للكتابة، والتذهيب، حتى لقد سقط ذهب وفضة مما أحرق من كتب الخوارج، ووضعوا رموزا للاختصارات، وفواصل، ودوائر، ومن النساخ من تخصص فى كتابة العناوين. من هؤلاء النساخ: محمد بن عبدالله بن غطوش، وإبراهيم بن أحمد الزرعى، وأبو عبدالله محمد بن عبدالله الصورى، وإسماعيل المعروف بالزمكحل، وأحمد بن عبدالدائم الفندقى.

ويتصل بالنساخة والنساخين ما يروى عن (الإسناد، والإجازة)؛ ففى مجال الحديث الشريف روايات عمن يكتبون، حتى ليكتب بعضهم مضطراً على خفيه، وعلى يديه قبل تدوين الحديث، وذكر السمعانى فى (أدب الإملاء والاستملاء) أصول الإجازات، كما وضحها الإشبيلى فى خمس بين: الإجازة الخاصة بالإخبار، والقراءة، والسماع، والجمع بين القراءة والسماع، والوجادة بالكتابة، والإذن إليك بالرواية، وفى النسخ المخطوطة نقرأ طبقة السماع على طرة الكتاب، ونجد أسماء الأعلام الذين قرأوها وطالعوها مصحوبة بجملة: « فرغ منه...» مؤرّخة، ورأوا فى الإجازة أن تكون بخط المصنّف على نسخة الطالب (بحق الرواية)، وكذلك إجازات بقية الفنون، ومن أقدمها إجازة بخط الراوى سمح بها الربيع تلميذ الإمام الشافعى بنسْح كتاب (الرسالة الشافعية)، ثم نشأت طبقة الوراقين، والنسّاخين والمسْتمْلين، وقال الجاحظ: « أمْليت على إنسان مرة:...».(انظر الإجازات وتطورها التاريخى، قاسم أحمد السمرانى، مجلة عالم الكتب، الرياض مج2، ع2، أغسطس 1986. يحدثنا عبدالستار الحلوجى فى كتابه ( المخطوط العربى منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجرى، جامعة الإمام محمد بن سعود، عن أدوات الكتابة العربية، واستعمالاتها وتطوراتها حتى أوائل عصر بنى العباس، ونشأة الكتاب، وعوامل انتشاره، وصناعة المخطوط العربى: إخراجاً، وتأليفاً، وإملاء، وكتابة، وألوان الفن فى المخطوطات: صوراً، ورسوماً، وحليات، وزخارف، وتذهيباً، وتناول ما فى المسودة من ضرب (شطب)، ومحو، وإلحاق بالحواشى، على غرار مسودة ابن دريد، وأدب الكاتب لابن قتيبة، والأغانى، ونهج البلاغة للشريف الرضى، وكيف يترك المصنفون أوراقا بيضاء بآخر كتبهم لتسجيل ما يشرد، وقد يعود لما ألفه بالتنقيح والزيادة، يدل على ذلك نسخ من البيان والتبيين للجاحظ، ويتيمة الدهر للثعالبى، وربما يكمل التلميذ عمل أستاذه، مثلما أكمل الليث بن رافع كتاب العين للخليل، ومثلما أخرج الأخفش كتاب سيبويه، وتلاميذ الشافعى فى كتبه، وهناك نسخة من (العين ) بخط الخليل نفسه، وهكذا تنامت أعداد المخطوطات، ومن حسن الحظ أن الببليوجرافيا أسهمت فى رصد ذلك التراث من المخطوطات، الذى شهد نهضة بلغت ذروتها خلال القرن الخامس الهجرى، وخلّف تراثا ضخما، برغم ما فقد، وضاع، أو دمّر ؛ذلك أن الجمل الملحقة بتراجم المصنفين، من مثل: « ومن مؤلفاته...»، أو « وله تآليف، أو تصانيف أخرى..» تلك الجمل التى أرشدتنا إلى كثير من المخطوطات، ومن ذلك أن ابن النديم، صاحب (الفهرست)، ذكر ما يناهز ستة آلاف كتاب مخطوط، ولفهرسة المحطوط بطاثة تتضمن فقرة المدخل، ففقرة العنوان، ففقرة التوريق، فالاستهلال، فمحتويات المخطوطة، فنسب المخطوطة، ففقرة المتابعات، أو المداخل الأخرى، ومن العلماء الذين كانوا يعيشون من النسخ أبو على محمد بن الحسن بن الهيثم، وأبو موسى الخامض، وغيرهما.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د يوسف نوفل لغتنا العربية جذور هويتنا نسخ اسم المؤلف محمد بن

إقرأ أيضاً:

مركز المحفوظات الليبي يطالب بصيانة عاجلة لحماية 30 مليون وثيقة تاريخية

ليبيا – مركز المحفوظات يناشد الحكومة لصيانة المبنى وحماية المخطوطات التاريخية

مطالب عاجلة للصيانة
ناشد المتحدث باسم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، علي الهازل، الحكومة بضرورة إجراء صيانة فورية لمبنى المركز المتهالك، لحماية المخطوطات التاريخية الثمينة من تسرب المياه عبر الأسقف ودورات المياه المتهالكة.

وعود حكومية بالصيانة
وأكد الهازل، في تصريحات لقناة “التناصح“، أن مدير المركز اجتمع مع وزير الدولة لشؤون رئاسة الحكومة، عادل جمعة، ومدير شركة الخدمات العامة، محمد إسماعيل، حيث تعهدا بإجراء الصيانة اللازمة للمبنى بالكامل، موضحًا أن المبنى لم يشهد أي أعمال صيانة منذ عام 1986، مع تعطل كافة مرافقه الخدمية.

المخطوطات في أمان رغم الظروف
وأشار الهازل إلى أن المركز بدأ منذ أسبوعين في أعمال صيانة بسيطة، مؤكدًا أن المخطوطات والوثائق ما زالت محفوظة بعناية. ويضم المركز نحو 30 مليون وثيقة تاريخية، بالإضافة إلى أشرطة وكتب ومخطوطات نادرة.

خطط تطويرية للمركز
وأوضح أن المركز يستعد لتركيب آلات ومعامل متخصصة لصيانة وترميم وحفظ ورقمنة الوثائق والمخطوطات. وقد وردت بالفعل 8 آلات من شركة ألمانية، ومن المتوقع وصول خبراء لتدريب الكوادر الليبية على تشغيل هذه المعدات. كما تم إرسال مجموعتين من الموظفين لتلقي تدريب مكثف لمدة 6 أشهر لدى الشركة الألمانية.

مقالات مشابهة

  • أعضاء التنسيقية يثرون معرض الكتاب بـ 16 إصدارا جديدا
  • مركز المحفوظات الليبي يطالب بصيانة عاجلة لحماية 30 مليون وثيقة تاريخية
  • أعضاء التنسيقية يشاركون في معرض الكتاب بـ 16 إصدارًا جديدًا
  • "رأيت العالم من الجانبين" للدكتور رامي جلال في معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • “غرف الموت”.. جديد محمد عامر في معرض الكتاب 2025
  • بـ 15 مخطوطة تاريخية.. مركز اللغة المهرية يدشن مشروع جمع الوثائق
  • مكتبة الملك عبدالعزيز.. ورشة عمل عن أسس ترميم المخطوطات والوثائق
  • «البروبي» طبق من التراث.. سيدات أسوان يحيين حرفة الأجداد بعد قرن من الانقراض
  • المؤلف حاتم حافظ بعد تعرضه لوعكة الصحية: «مفيش حاجة دايمة»
  • مركز دراسات يدشن مشروع جمع وحصر الوثائق والمخطوطات التاريخية لمحافظة المهرة