بوابة الوفد:
2024-11-21@20:04:29 GMT

الزواج العرفى... داء... ودواء

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

حقيقة لا يمكن تجاهلها أو غض الطرف عنها، المفكر نتاج مجتمعه، وعين مجتمعه الذى وجد فيه، مهموم بقضايا بنى جلدته، وإن لم يفعل ذلك فليذهب بفكره مع الذاهبين.

انتشرت فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية ظاهرة غريبة علينا، ألا وهى ما يسمى بالزواج العرفى، ومن قبل زواج المسيار، الزواج المحدد، والموقوت بوقت، وزواج الدم، وغيرها من المسميات البئيسة التى ما أنزل الله بها من سلطان.

تعالوا معى نشخص الداء، المرض الزواج العرفى، ما المقصود بزواج العرف، أى المتعارف عليه، أى الشكلى، الظاهرى، الأجوف المفرغ من المضمون المحتوى، أى الذى يفقد الضوابط الشرعية والقانونية والأخلاقية والاجتماعية لمفهوم الزواج.

والمتمثل فى هذه العبارة اللعينة (نضرب ورقتين عرفى)

ألا تدرون ما الذى سيترتب عليه ضرب هاتين الورقتين التعيستين.

متعة تمت، مبلغ من المال أنفق، تم الانفصال.

والذى يفعل ذلك لا يتردد أن يكرر فعلته مرات عديدة، طالما المسائل ستمر هكذا.

الكارثة هب أن هذه الفتاة كانت تخفى هذه الجريمة عن أهلها واكتشفت أنها حملت، وهذا الرجل رفض الاعتراف بهذا الجنين، ما الذى سيحدث لهذه الفتاة، ولأسرتها إن علمت بالأمر.

بالنسبة للفتاة قد يؤدى بها الأمر إما إلى قتل هذا الرجل، وان لم تستطع فقد تنتحر، وان لم تطاوعها نفسها على فعل ذلك، تذهب لإجهاض نفسها، وإن لم تتمكن، واكتشفت الأسرة هذه المصيبة.

وهذه الأسرة قد تكون على قدر من التفتح وليس بها حمية أو عصبية وأرادت أن تلجأ إلى المحاكم لإثبات هذا النسب، تعيش مع المحاكم والتحليلات الـ«دى إن إيه»، قد يستغرق الأمر سنين وقد يولد الطفل دون شهادة ميلاد، فلا تستطيع هذه الأسرة إلحاق الطفل بالمدرسة، وكل هذه الأمور الحياتية، ابن غير معترف به، وغير مدون فى سجلات المواليد.

لكن إذا كان هذا هو الداء، وتشخيصه، فما هى أسبابه، الأسباب كثيرة، أولها: غياب الخطاب التوعوى الدينى إلا ما رحم ربى، فلابد من خطاب دينى متزن يشرح رأى الدين فى هذه المسألة وما حكم الدين فى هذه القضية، وما رأى علماء أصول الفقه دون مجاملة لأحد لأن هذه شهادة أمام الله.

شرح الرأى الشرعى فى هذا الأمر وما يترتب عليه.

وثانيها: طرح هذه القضية فى الإعلام المرئى عن طريق تقديم الأفلام والمسلسلات التى تطرح الإشكالية، فقط دون تقديم حلول ناجعة لها، وإن قدمت فتقدم حلولاً وقتية أو حلولاً تؤدى إلى القتل بالنسبة للضحية، والسجن للجانى الزوج.

أو عن طريق طرح القضية فى البرامج التليفزيونية والإذاعية واستضافة بعض الشخصيات لا تقدم حلولاً لعدم علمهم بأصول الدين ولا علماء نفس ولا علماء اجتماع، فيتركون المشاهد والمشاهدة معلقين فى فضاء الأوهام.

أو يأتون بأحد الشيوخ فيفتى بفتوى تشرعن لهذا الأمر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيتخذ هذه الفتوى بعض أصحاب النفوس المريضة لإباحة مثل هذه الافاعيل.

قس على ذلك من ينصبون أنفسهم بما عرف فى أيامنا بالدعاة من أصحاب اللحى الطويلة والجلباب القصير والسواك، وأصحاب الحناجر الجهورية، طبعاً لا أعمم - إلا من رحم ربى.

وثالثها: الانتشار الرهيب لمواقع التواصل الاجتماعى، والسوشيال ميديا والشات، والجلوس ليلاً ونهاراً على الإنترنت والتعارف بين البنين والبنات، وأخذ المواعيد واللقاءات، التى قد تقود إلى ارتكاب مثل هذه الموبقات.

كذلك انتشار المواقع الإباحية التى ليس لها هم اللهم إلا بث الفحشاء والرذيلة بين الناس، وللأسف الشديد معظم مرتادى هذه المواقع من الشباب من الجنسين، فلا يجدون مهرباً لهم إلا بارتكاب ما يسمى بالزواج العرفى، اعتقاداً منهم أن ذلك حلل، طالما حضر شاهدان ووقعا على هاتين الورقتين.

إن الأصل فى الزواج لوقوعه الإشهار وليس الإخفاء، حتى ان تم إعداد قانون يجرم عدم توثيق هذه الورقة،

يا سادة عقلاً الذى يقوم بهذه الفعلة فى الخفاء هل سيذهب ليوثق ورقة فى المحكمة أو الشهر العقارى، إذن فلماذا أخفى.

يا سادة الذى يوثق هو مأذون شرعى موثق ومعتمد فى المحاكم الشرعية، وتوثق قسيمة الزواج بمعرفته، فقد وقع عقد الزواج بمعرفته وهذا يكون مكتوباً ومصحوباً ببصمة الزوج والزوجة وصورة شخصية لهما لضمان الحقوق وحفظ الأنساب لا إهلاك الأحراث والأنسال.

أما رابع هذه الأسباب، التنشئة الاجتماعية القويمة للبنين قبل البنات، وتربية الأولاد تربية اجتماعية سليمة، وأنصح لمن يريد قراءة المرشد الأمين فى تربية البنات والبنين لرفاعة الطهطاوى، وكذلك رسالة أيها الولد للإمام الغزالى، وأيضاً رسالة فيلسوف الأخلاق أحمد مسكويه تهذيب الحدث والصبيان.

تربية يسودها معرفة الحلال والحرام، الحق والباطل، الصواب والخطأ، هذا حسن نفعله، هذا مشين وقبيح نبتعد عنه.

المتابعة الجيدة، لا أقول المراقبة ولكن المتابعة ومصاحبة الأبناء ومعرفة همومهم ومشاكلهم، ومصاحبتهم.

التربية الخلقية القويمة، التربية الدينية، وتعليمهم أمور دينهم منذ الصغر، وفى جميع مراحل أعمارهم وخصوصاً فترات المراهقة، ففى هذه الفترة يكون هناك عدم اتزان عاطفى سواء عند الفتى أو الفتاة.

فلا يمكن بحال من الأحوال ترك أبنائنا تتقاذفهم الأهواء والميول والرغبات بحجة انشغال الأب والأم فى عملهما، وضغط ظروف الحياة والسفر للخارج لتوفير الحياة الكريمة، الحياة الكريمة ليست فى جمع المال فكل ذاك سيفنى.

وقد يلعننا أبناؤنا لانشغالنا عنهم وعدم مراعاتهم، ونفيق متى عندما تحدث الكارثة، ويقع المحظور.

هذه بعض الأسباب، اسباب المشكلة.

أما الدواء فكما ذكرت ليس مستحيلا،قد يستغرق بعض الوقت لكن سيكون مفيداً.

عدة نقاط أولاها: بناء خطاب توعوى يشمل كل المتخصصين، التربويين، فليس العلاج مقصوراً على علماء النفس أو علماء الاجتماع، أو حتى فلاسفة الأخلاق، بل نحتاج خطاباً تربوياً فى مراحل التعليم المختلفة، وأعتقد أن أقسام علم النفس تحلل هذه المشكلة وتوضح مخاطرها النفسية، وكذلك علماء الانثربولوجيا والاجتماع يتسابقون فى دراسة حالات هذا الزواج.

خصوصاً أن هذه الظاهرة استشرت وانتشرت بشكل رهيب فى جامعاتنا العربية ومنها المصرية.

وثانيها: عدم المغالاة فى المهور وكتابة القائمة وإثقال كواهل الشباب بما لا يطيقونه من أمور، وهو يحب هذه الفتاة، وهى تحبه، فيلجأ كلاهما إلى الأبواب الخلفية.

النبى زوج فاطمة لعلى كرم الله وجهه وهو أفقر أهل المدينة لم يغالِ فى مهر، أقلهن مهوراً أكثرهن بركة.

نفذوا حديث النبى (صلى الله عليه وسلم)، من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تفعلوا يكن فساد فى الأرض كبير. فدعوا المغالاة واتقوا الله فى أبنائكم وبناتكم.

وثالثها: فبعد أخذ الرأى الفقهى والشرعى فى هذه المسألة لابد أن يجرم فاعلها وتغلظ العقوبة، فمن أمن العقاب أساء الأدب، فإذا كانت عقوبته مغلظة فلن يقدم على فعل هذا الأمر مرة أخرى، ولن تسول له نفسه العبث ببنات الناس.

العقوبة للطرفين الفاعل والمفعول بها، ورب سائل يقول هى غرر بها، قد يكون الكلام صحيحاً، لكن أين عقلها حينما انقادت، ما الذى غيبها عن وعيها، حتى تكون عبرة لبنى جيلها، لابد أن تعاقب.

ورابعها: التنشئة الاجتماعية القويمة وقد ذكرت ذلك فى حديثى عن الداء، أضف إلى ذلك ضرورة مراعاة الله سبحانه وتعالى فى السر والعلن وضرورة تربية أبنائنا على خصال الخير.

بل لابد أن نزرع فى أولادنا، الله معنا، الله يرانا، الله شاهد علينا.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الزواج العرفى داء ودواء مجتمعاتنا العربية الزواج المحدد زواج المسيار الزواج العرفى فى هذه

إقرأ أيضاً:

فهد بن مسلم يكشف عن قصة طلب طلاق بعد 25 عامًا من الزواج.. فيديو

الرياض

كشف المعالج النفسي فهد بن مسلم عن إحدى القصص المثيرة التي واجهها خلال مسيرته المهنية، حيث روى تفاصيل طلب سيدة الطلاق من زوجها بعد 25 عامًا من الحياة الزوجية.

وفي حديثه خلال برنامج “عرب كاست”، أوضح بن مسلم أن السيدة بررت طلبها برغبتها في “عيش حياتها”.

وأضاف معلقًا: “قلت لها: كملي سنتين وتموتوا أنتم الاثنين. معليش، خلي البؤس ينعم في البؤس ولا تدمري أسرة كاملة”.

تصريحات بن مسلم أثارت تفاعلًا واسعًا بين الجمهور، حيث اعتبر البعض أنها تحمل واقعية لضرورة الحفاظ على الأسرة واستقرارها، بينما رأى آخرون أن الطرح قد يكون قاسيًا وغير متعاطف مع احتياجات المرأة النفسية.

القصة تسلط الضوء على التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأسر بعد سنوات طويلة من الزواج، كما تثير نقاشًا حول الحلول التي تحقق التوازن بين مصلحة الأفراد واستقرار الأسرة.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2024/11/X2Twitter.com_fEx1YcLvyOJfJpnq_720p.mp4

مقالات مشابهة

  • عندما تفقد المرأة قيمتها!!
  • رسالة في بريد من يعنيه الأمر
  • عرس لـ 53 مواطناً في رأس الخيمة بعيد الاتحاد
  • ولاية المتغلب.. بين صيانة الدماء وتمكين الاستبداد
  • حكم زواج المسلمة من غير المسلم.. علي جمعة يحسم الجدل بـ«الأدلة»
  • عرس جماعي لـ53 مواطناً في رأس الخيمة بمناسبة عيد الاتحاد
  • فهد بن مسلم يكشف عن قصة طلب طلاق بعد 25 عامًا من الزواج.. فيديو
  • دعاء للمخطوبين لتيسير الزواج
  • من مأوى الإيمان إلى مضمار المجون: السعودية تحت المجهر
  • هل توفي ملك جمال الأردن بسبب الحسد؟.. الجدل يتجدد حول الحسد والعين