سودانايل:
2025-02-08@23:40:47 GMT

نازحو بورتسودان .. جوعى تحت شحنات الإغاثة

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

تسمع النازحة حليمة آدم، بشكل دائم، بوصول شحنات إغاثة لصالح المتأثرين بالحرب عبر سفن ترسو بالقرب من مخيمها في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، لكنها لم تجد ما يكفي حاجتها من الغذاء.

بورسودان : 16 أغسطس 2024
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : شبكة عاين



تسمع النازحة حليمة آدم، بشكل دائم، بوصول شحنات إغاثة لصالح المتأثرين بالحرب عبر سفن ترسو بالقرب من مخيمها في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، لكنها لم تجد ما يكفي حاجتها من الغذاء.


تتلقى حليمة مع أسرتها المكونة من 8 أفراد ما وصفته بالفتات من المساعدات الإنسانية، ورغم ذلك فهي غير مستمرة، وتوزع بعد شهرين وثلاثة أشهر في بعض الأحيان، بينما لا تستطيع شراء الخبز والمواد الغذائية الضرورية من السوق نسبة للغلاء الطاحن الذي تشهده مدينة بورتسودان الساحلية، كما لا تملك أي مصدر كسب مالي في الوقت الراهن، فهي أرملة.
تقول حليمة في مقابلة مع (عاين) إن آخر حصة غذائية تسلمتها من مفوضية العون الإنساني كانت قبل شهرين، وبالتحديد مطلع يونيو الماضي، "احتوت على واحد كيلوغرام من الدقيق والعدس، وزيت طعام، وبعض الأواني المنزلية، وقد نفدت في ثلاثة أيام فقط، وبعدها أصبحنا نعتمد على مبادرات الطبخ المجتمعية، ولا نعلم أين تذهب المساعدات الإنسانية التي تأتي من الخارج".
التساؤلات والشكوك بشأن الإغاثة القادمة من الخارج، لا تراود حليمة آدم فحسب، لكنه حال مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بورتسودان، يجأرون بالشكوى من عدم تسلمهم حصصاً من المساعدات الإنسانية، وهم يواجهون شبح الجوع، ولا يجدون من يجيب عن استفساراتهم الملحة، أين تذهب الإغاثة؟
تتولى مفوضية العون الإنساني التابعة للحكومة، التي يسيطر عليها الجيش السوداني، مهمة تنسيق الشأن الإنساني واستلام كافة المساعدات الإغاثية القادمة من الخارج، وجعلت مهمة توزيعها حصرية عليها، باستثناء برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وبعض المنظمات الإنسانية الغربية، توصل المساعدات إلى النازحين عبر موظفيها، وفق مشرفين ومتطوعين بمراكز الإيواء في بورتسودان .
سلوك علني
ولم تعد مسألة تسرب الإغاثة إلى الأسواق سراً، فالعديد من الأصناف الغذائية مثل الأرز والسكر ودقيق القمح مطبوع على أغلفتها مجانا والجهات المتبرعة بها، وجدت معروضة في رفوف المتاجر بمدينة بورتسودان ومناطق أخرى، للبيع بمقابل مالي في عدة وقائع، وثقها ناشطون ومتطوعو غرف الطواري.
تكشف سمية أحمد (اسم مستعار لدواعي أمنية) متطوعة في العون الإنساني بورتسودان لـ(عاين) قيام مفوضية العون الإنساني ودوائر أمنية في بورتسودان بمنح شحنات إغاثة إلى زعماء الإدارات الأهلية في منطقة جبيت التي تضم قاعدة كبيرة للجيش السوداني، ومحليات أخرى بغرض كسب ولائهم السياسي لصالح الحكومة الحالية، وإسكات أصواتهم.
وتقول:"تباع الإغاثة في الأسواق، ويخصص بعضها للترضيات السياسية، في حين يواجه النازحون الذين جاءت المساعدات الإنسانية باسماهم، الجوع والعطش داخل مراكز الإيواء في مدينة بورتسودان، وتتوقف حياتهم بشكل تام على المساعدات من المجتمع المحلي والسكان المجاورين للمخيمات، وهي شحيحة مقارنة بالحاجة الفعلية لهم من الطعام".
وتضيف: "سطات العون الإنساني في الحكومة ترتكب جريمة في حق النازحين، فليس هناك أي مبرر لأن يتعرضوا للجوع في الوقت الذي تتراكم فيه الإغاثة في المخازن، وأخرى تذهب إلى غير مستحقيها".
ودائما ما تتهم الحكومة، التي يسيطر عليها الجيش، قوات الدعم السريع بقفل المسارات الإنسانية وإعاقة وصول المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد؛ مما أدى إلى تكدس مئات الآلاف من الأطنان من الإغاثة وصلت من الدول الخارجية، في المخازن، وذلك وفق ما صرح به وزير التنمية الاجتماعية أحمد آدم بخيت في وقت سابق.
لكن منظمات دولية تتهم الحكومة التي يسيطر عليها الجيش بعرقلة وصول الإغاثة إلى عدد من المناطق في السودان، خاصة إقليمي كردفان ودارفور. وفشلت محادثات بين الجيش والدعم السريع في جنيف مؤخرا كانت تهدف إلى وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية، ويجري الترتيب لمحادثات أخرى في سويسرا برعاية أمريكية خلال أغسطس الجاري.
واقع مأساوي
تقول النازحة حليمة آدم، إنها هربت من منزلها في مدينة بحري شمالي العاصمة السودانية، إلى شندي وبعد أشهر من المعاناة، قررت السفر إلى بورتسودان بحثاً عن وضع معيشي أفضل؛ نظرا إلى وجود مقر الحكومة المركزية، لكنها اصطدمت بواقع أكثر مأساوية في تلك المدينة المطلة على ساحل البحر الأحمر.
وتضيف: "لقد توفي زوجي مع بداية اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتركني مع 7 من الأولاد والبنات، بلا معيل، ومنذ وصولنا إلى بورتسودان، ظللنا نعيش تحت ظروف إنسانية أسوأ، فهناك نقص كبير في الغذاء، حيث توزع علينا مفوضية العون الإنساني حصص محدودة من المساعدات الغذائية لا تكفي حاجتنا إلى يومين".
وتطلق حليمة مناشدة إلى السلطات المعنية بأن تمنحهم حصصاً كافية من المواد الغذائية، خاصة وأن الإغاثة متوفرة في المخازن حسب علمهم. النازحون في مركز الإيواء الذي تقيم فيه لا يستطيعون شراء احتياجاتهم الغذائية من السوق فهم بلا مصدر كسب مالي في الوقت الحالي، فضلاً عن الغلاء الطاحن في أسعار السلع بتلك المدينة.
وتأوي بورتسودان نحو 239 ألف نازح يقيمون في 34 مركزا وهي عبارة عن مدارس ومؤسسات حكومية، بحسب حصيلة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، صدرت في فبراير الماضي.
وفي مركز إيواء العشي بمدينة بورتسودان والذي يضم مئات الأسر، ظل النازحون لمدة 3 أيام متواصلة بلا طعام في أعقاب سيول جارفة اجتاحت المركز، والتي أدت إلى سقوط بعض الخيام، ولم تحدث أي تدخلات إنسانية، وفق ما نقله "عبد الله" وهو نازح يقيم في المخيم لـ(عاين).
ويقول:"خاطبنا مفوضية العون الإنساني عبر المشرفين في المركز من أجل التدخل وإنقاذ حياتنا، لكنها لم تأتي حتى الآن، لقد سقطت الخيام، وأصبحنا في العراء، حتى المواد الغذائية البسيطة التي كانت بحوزتنا جرفتها السيول، في حين فرضت علينا السلطات الأمنية في المركز تضييقاً كبيراً ومنعتنا من تصوير المعاناة، ورفعها إلى مواقع التواصل الاجتماعي".
ويضيف:"لم نتحصل على ما يكفينا من الإغاثة، فهي توزع بعد شهرين، ويكون أغلبها منتهي الصلاحية، وتعرضت للتلف، ربما نتيجة للتخزين الطويل، وهذا سلوك غير مقبول، ويحرمه الدين والقانون، فمن السيء أن تظل المساعدات الإنسانية في المخازن كل هذه المدة، ويوجد آلاف من مستحقيها يعانون الجوع".
وتابع: "نعيش معاناة كبيرة لا توصف، وأن الأمطار زادت تلك المآسي فصرنا جوعى، وفي العراء بلا إيواء، كما نفتقد المياه الصالحة للشرب، أما الأدوية فهي منعدمة تماما، فهناك العديد من النازحين يعانون أمراضاً مزمنة، ولا يحصلون على حاجتهم من العلاجات المستديمة. إنها مأساة إنسانية لم نشهدها في حياتنا من قبل".
ومع تطاول أمد الحرب وتعطيل وصول الإغاثة إلى المواطنين المتضررين، ترتفع معدلات انعدام الأمن الغذائي، إذ يوجد 17.7 مليون شخص في السودان يواجهون الجوع الحاد "المرحلة +3 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، من بينهم خمسة ملايينٍ شخص وصلوا مرحلة الطوارئ من الجوع "المرحلة الرابعة"، ويتوقع أن يصل 8.5 ملايين شخص قريباً إلى مرحلة الطوارئ كذلك، بحسب منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة.
تسرب الإغاثة للأسواق
وبحسب سلمى (اسم مستعار لمتطوعة في غرف طوارئ بورتسودان)، فإن مفوضية العون الإنساني ظلت تفرض قيوداً على عمل غرف الطوارئ، وتمنع المنظمات الإنسانية من التعاون معها بحجة أنها غير مسجلة لها، كما تمنع تلك الغرف من دخول دور إيواء النازحين وتوزيع المساعدات التي يجمعونها عن طريق التبرعات الاجتماعية من الخيريين وأصحاب المحال التجارية.
وتقول في حديث لـ(عاين): "لم تكتف مفوضية العون الإنساني بالإغاثة القادمة من الخارج، والتي لم نر لها أي وجود في مخيمات إيواء النازحين في بورتسودان، لكن امتدت يدها لتسيطر على الدعم الاجتماعي المحدود الذي يجمعه المطوعون من السكان المحليين والتجار، إذ طلبت المفوضية تسليمها كل المساعدات الاجتماعية، حتى توزعها على النازحين عبر موظفيها المشرفين على مركز الإيواء.
وتضيف: "هناك فساد وتلاعب واضح في الإغاثة القادمة من الخارج، ونشاهدها في الأسواق بشكل يومي، لا نرى لها أي وجود في مراكز الإيواء في مدينة بورتسودان التي يواجهه النازحون فيها معاناة كبيرة، كما يعانون مشكلات في الإيواء؛ إذ إن الخيام التي يسكنون فيها غير مناسبة لظروف الطقس الحار في بورتسودان، وليس فيها التهوية الكافية، فضلا عن النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب".
وطلبت (عاين) تعليقا من وزير التنمية الاجتماعية في السودان أحمد آدم بخيت، على ما يتردد بشأن بيع الإغاثة في الأسواق وعدم وصولها مستحقيها، خاصة وأنه ظهر في أكثر من مناسبة، وهو يستقبل شحنات الإغاثة الخارجية في مطار ومواني وبورتسودان، ويقع العون الإنساني تحت سلطاته.
لكن الوزير أحمد آدم بخيت رفض التعليق، وقال: "للأسف لا نستطيع الحديث؛ لأنه نُقِلَت مسؤولية الإشراف على العمل الإنساني لرئاسة مجلس الوزراء، لذا يمكن أن تطرق باب السيد عثمان حسين رئيس المجلس المكلف، ليجيب عن أسئلتك، أو أن تذهب مباشرة إلى المفوض العام لمفوضية العون الإنساني".
وحرصاً على الحصول على تعليق رسمي على هذه الاتهامات، تواصلت (عاين) مع المفوض العام لمفوضية العون الإنساني في السودان، سلوى آدم بنية، وطلب منها الرد على مزاعم التلاعب بالمساعدات الإنسانية القادمة من الخارج، وتسربها إلى الأسواق وعدم وصولها إلى مستحقيها، ومبررات أن يجوع المتأثرين بالحرب في بورتسودان والمناطق الآمنة في ظل وجود مسارات لوصول الغذاء إليها.
لكنها رفضت التعليق، وقالت إنها "لا تستطيع التحدث؛ لأنها خارج السودان في الوقت الحالي".

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان
#Standwithsudan  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مفوضیة العون الإنسانی المساعدات الإنسانیة فی مدینة بورتسودان القادمة من الخارج فی بورتسودان فی المخازن فی السودان فی الوقت

إقرأ أيضاً:

من الحصار إلى الاستهداف.. عربي21 تكشف محاولات الاحتلال اغتيال الإنسانية في غزة

"دخل ما نسبته 4 % فقط من احتياجات قطاع غزة من الخيام، فيما لم  يتم إدخال أي بيوت متنقلة" هكذا انطلق رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، سلامة معروف، الخميس، في الكشف عن تلاعب الاحتلال الإسرائيلي بأولويات البروتوكول الإنساني، في محاولات للتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار على القطاع.

ورغم توالي مطالب الغزّيين بخصوص كافة مُستلزمات الحياة، عقب ما عايشوه، قسرا، من الحرب الهوجاء التي لم يرحم فيها الاحتلال لا بشرا ولا حجرا، وضرب عرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية؛ لا يزال الاحتلال يتلاعب بالأولويات، ويصرّ على التنغيص على الفلسطينيين.

في هذا التقرير، تكشف "عربي21" خرق الاحتلال الإسرائيلي للبروتوكول الإغاثي، وكذا استهداف جُل ما يرتبط بالعمل الإنساني داخل قطاع غزة؛ ناهيك عن الصّعوبات التي تواجهها المنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني المحلّي من تحدّيات قاسية.

كارين هاستر، ممرضة في منظمة أطباء بلا حدود، عملت في #غزة لأكثر من 5 أشهر: "لا أعتقد أن لدي ما يكفي من الكلمات لوصف الوحشية التي تحدث.. كل شيء تم تدميره: الجامعات والمساجد والمدارس والمستشفيات، كل شيء.. بحيث لا يمكنك البقاء.. لأنه لا يوجد ما تبقى من أجله". pic.twitter.com/6WjWPe4Upc — مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) December 29, 2024

الاحتلال خرق البروتوكول الإغاثي 
ينص البروتوكول الإغاثي، المُتّفق عليه، على أنّ مزوّدي المساعدات يشملون الأمم المتحدة ومنظمات دولية وهيئات غير حكومية، وأن دخول المساعدات سيتم بمعدل 600 شاحنة يوميا، مع دخول معدات للدفاع المدني وصيانة البنية التحتية؛ وهو ما خرقه الاحتلال الإسرائيلي، أمام مرأى العالم، عقب دخول اتّفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.

كذلك، فيما ينص البروتوكول على إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة إلى غزة، بغية استيعاب النازحين، وأن المساعدات تتضمن مواد إغاثية ومعدات إنسانية من حكومات ومنظمات دولية. كشف الواقع المُعاش في غزة، خلال الأيام القليلة الماضية، مشهدا آخر، يسعى خلاله الاحتلال الإسرائيلي اغتيال ما تبقّى من العمل الإنساني.

وأكّد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أنّ: "أولويات الإيواء العاجلة تحتل ذات الدرجة من الأهمية مثل الوقود والمعدات الثقيلة والخيام والمولدات الكهربائية والأدوية والمستلزمات الطبية"، مبرزا أنّ: "الاحتلال يدخل احتياجات إنسانية أخرى مرتبطة بالسلال والطرود الغذائية".

وبينما ينص الاتفاق على إخراج 150 من المصابين والجرحى، بحسب فئات محددة، وقلّص هذا العدد إلى 50 تقريبا مع التلكؤ لمنع بعض الجرحى والمرافقين. أشار معروف إلى كون الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بآلية الخروج من معبر رفح، المنصوص عليها بالاتفاق. ما يعدّ كذلك خرقا.

وطالب معروف، عبر تصريحات صحفية، بـ"ضرورة وجود ضغط حقيقي على الاحتلال لتنفيذ كافة بنود الاتفاق، خاصة إدخال الاحتياجات التي وردت نصّا بالبروتوكول الإغاثي الإنساني، مثل: خزانات المياه والمواسير لإصلاح البنية التحتية وغيرها"، فيما وصف المشهد الصعب بقوله: "النازحين العائدين لشمال غزة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء".

وفي السياق نفسه، أوضحت الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن أكثر من 545 ألف فلسطيني قد عبروا من جنوب غزة إلى الشمال، وذلك منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

ورصدت "عربي21" مُحاولات الشباب الفلسطيني، من داخل القطاع، العمل بما هو مُتاح، لتخفيف معاناة السكان بغزة، خاصة في قلب ما يعايشوه أيضا من ظروف جوّية صعبة، فاقمت المأساة الإنسانية.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎ملاك فضه‎‏ (@‏‎malakfada2003‎‏)‎‏
الاحتلال وتقويض الجهود الإنسانية.
منع دخول المواد الأساسية، من قبيل: الأدوية، الوقود، ومواد البناء، وفرض قيود على تنقل العاملين في المنظمات الإنسانية بين غزة والضفة الغربية المحتلة أو الخارج، ناهيك عن استهداف المرافق الحيوية، مثل المدارس، المستشفيات، ومخازن المساعدات الإنسانية.. هي جُملة من الانتهاكات التي يُواصل عليها الاحتلال الإسرائيلي لتقويض الجهود الانسانية بغزة.

إثر ذلك، تواصل الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) والهلال الأحمر الفلسطيني، وجمعية الشبان المسيحية (YMCA)، ومركز الميزان لحقوق الإنسان.. وغيرهم من المنظمات الإنسانية والتنموية بقطاع غزة، العمل، في بيئة أقل ما يُقال عنها، هي: "بالغة الصعوبة" إثر الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال الإسرائي، بأساليب مباشرة أو غير مباشرة.

لقد قامت الأمم المتحدة وشركاؤها بتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية في #غزة.

إنهم يقدمون:
???? الغذاء
???? المياه
???? الرعاية الصحية
⛺️ المأوى والمزيد.

يجب الحفاظ على وقف إطلاق النار واستدامة التمويل لضمان استمرار تدفق المساعدات المنقذة للحياة بينما يحاول الناس إعادة بناء حياتهم. pic.twitter.com/YWm9U3JF2V — OCHA in Arabic (@UNOCHA_ar) February 6, 2025
وتواجه المنظمات الإنسانية العاملة بالقطاع، تحدّيات أخرى، أبرزها: تأخير أو منع الموافقات على المشاريع، مع مراقبة وفرض قيود صارمة على التحويلات المالية من خارج غزة. ليظل العمل الإنساني داخل القطاع، يوصف بكونه "جهاد" من نوع آخر، عُنوانه الأبرز: محاولات الاستمرار في العمل رغم ما يُواجهوه من انتهاكات.

وكشفت عدد من المصادر لـ"عربي21" من قلب غزة، أن عدد الشاحنات التي ولجت القطاع، بالآونة الأخيرة، عقب البدأ في تنفيذ الاتفاق، قد بلغ 7926 فقط، ونحو ثلثي الشاحنات منها، تحمل مواد غذائية. فيما لم يتم إدخال أي بيوت متنقّلة لا إلى شمال القطاع ولا إلى جنوبه.

الاحتلال الإسرائيلي، لا يقف عند هذا الحد من تقويض جهود العمل الانساني بغزة، بل يتعدّاها للاستهداف المُباشر للأفراد العاملين، أو اعتقالهم؛ أو حتّى من خلال الضغط على الدول المانحة لوقف تمويل المنظمات، وغيرها من الأساليب الأخرى، التي تكشف بالملموس، كيف يحاول الاحتلال اغتال "الإنسانية" في غزة، ما يزيد من معاناة السكان.


إصرار على الحياة.. من قلب غزة
في الوقت التي تسعى فيه عدد من المنظمات الدولية، استمرار تقديم جُملة خدمات، عن بُعد، من قبيل: التعليم الإلكتروني والدعم النفسي عبر الإنترنت؛ لا تزال المنظمات العاملة من قلب الميدان بغزة، تُقاوم لأجل البقاء، ظروفا صعبة يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، رغم وقف إطلاق النار.


ورصدت "عربي21" أبرز الجمعيات المحلية، التي تُحاول الصمود رغم المصاعب، البداية من "جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية (PMRS)" (تأسست عام 1979 في القدس)، وتقدم خدمات طبية واجتماعية وتركّز بدرجة أولى على الصحة النفسية للمتضررين.

لدعم أهلنا القادمين من جنوب و وسط قطاع غزة إلى #غزة و شمالها، أقامت #مؤسسة_الخير معرضاً خاصاً لتوزيع الملابس على الأسر المتضررة، لتُسهم في تخفيف آلامهم وتوفير ما يحتاجونه من لباس يحميهم في هذه الأوقات الصعبة.

كل قطعة ملابس تُعطى، هي لمسة أمل وجسر من التضامن مع من لا يملكون سوى… pic.twitter.com/n5wThIcbT7 — مؤسسة الخير ـ مكتب الشرق الأوسط (@AKFMiddleEast) February 4, 2025
ومن قلب غزة، يركّز "مركز الميزان لحقوق الإنسان" (تأسس عام 1996) على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرّض لها المدنيون في القطاع، وكذا تقديم الدعم القانوني لعدد من الضحايا؛ يُصدر تقارير دورية حول انتهاكات حقوق الإنسان.

أيضا، هناك "الهلال الأحمر الفلسطيني" (تأسس عام 1968) ويعمل على تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للسكان في غزة، وأيضا دعم المتضررين من الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي. وبسبب ما يفرضه الاحتلال  من قيود على الحركة وحواجز، بات يجد صعوبات جمّة للوصول لعدد من المناطق، وإنقاذ عدد من الضحايا.

في حركة استفزازية.. مستوطن يعترض مركبة إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني على طريق في القدس لمدة عشرين دقيقة pic.twitter.com/6p01LTIVfH — AJ+ عربي (@ajplusarabi) February 4, 2025 #عاجل | الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابة مواطن برصاص الاحتلال في جنين pic.twitter.com/5vmyEw7oqa — التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 22, 2025
وهناك "جمعية الشبان المسيحية (YMCA)" (تأسست عام 1844 في لندن، وتعمل في أكثر من 120 دولة) وهي في غزة مختصة في تقديم خدمات إنسانية واجتماعية وتربوية، مع تقديم تكوينات للنساء في مجالات مثل: الخياطة، التطريز، والحرف اليدوية. غير أنّ عملها تمّ عرقلته من الاحتلال الإسرائيلي. 

أما فيما يخص المنظمات الدولية العاملة في غزة، فإنّ الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) تأتي على رأس القائمة، بهدف توفير التعليم والصحة والإغاثة للاجئين الفلسطينيين.

كذلك، منظمة الصحة العالمية (WHO)، بغرض دعم النظام الصحي في غزة وتوفر الأدوية والمعدات الطبية، ناهيك عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، الذي يوزع المساعدات الغذائية على الأسر الأكثر احتياجا. وبفعل توالي انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، بات عملها صعبا، فيما لا تزال تحاول الاستمرار.


وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي في فلسطين، أنطوان رينارد، إنّ "ما يدخل من مساعدات إلى قطاع غزة حتى الآن غير كاف"، مضيفا عبر تصريح صحافي، أنّ: "الوضع في غزة يحتاج إلى عودة الأسواق التجارية واستقرار الأسعار فيها".

وفي وقت سابق،  كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قد أكدت أن أطفال غزة يموتون من الألم، جرّء عدم تلقيهم العلاج الطارئ الذي يحتاجون إليه، في ظل التضييق المستمر من قِبل الاحتلال الإسرائيلي على موافقات الإجلاء.

وأضاف: "حتى عندما تحدث المعجزات، عندما ينجو الطفل من انفجار القنابل وانهيار المنازل وتزايد الخسائر البشرية، فإنهم يمنعونهم من مغادرة غزة للحصول على الرعاية الطبية العاجلة التي يمكن أن تنقذ حياتهم"، مبرزا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفصح عندما يتم رفض طلب الإجلاء الطبي، ولا يقدم تفسيرا لأي قرار تتخذه.

تجدر الإشارة إلى أن بدأ سريان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، قد انطلق بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، ليستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة الدوحة والقاهرة وواشنطن. فيما لا تزال انتهاكات الاحتلال مُتواصلة، وحاجة الغزّيين إلى مستلزمات الحياة ملحّة أكثر.

مقالات مشابهة

  • تجميد مساعدات ترامب يتسبب في الفوضى و يبقي البرامج المنقذة للحياة مغلقة
  • «التضامن» تبحث مع ممثل وزير الخارجية البريطاني تطورات الوضع الإنساني في غزة
  • نازحو غزة يعانون دمار المخيمات والبرد القارس وسط استمرار تدفق المساعدات
  • نازحو غزة يعانون دمار المخيمات والبرد القارس أمام استمرار تدفق المساعدات
  • "الإغاثة الإنسانية التركية" تنشئ ستة مخيمات لإيواء النازحين في غزة
  • تجميد المساعدات الأمريكية يعطل جهود الإغاثة ويهدد الملايين بمجاعة كارثية
  • «أم الدنيا».. مصر تواصل دعم غزة بشاحنات المساعدات
  • «دبي الإنسانية»: 137 مليون دولار مساعدات لـ 106 دول
  • من الحصار إلى الاستهداف.. عربي21 تكشف محاولات الاحتلال اغتيال الإنسانية في غزة
  • منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان: جنوب كردفان والنيل الأزرق على شفا كارثة