سلاح التجويع و توقف الزراعة ..الوجه الآخر للحرب الاقتصادية في شمال كردفان
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
تواجه ولاية شمال كردفان الواقعة غرب السودان أوضاعا إنسانية كارثية تفاقمت بسبب تطاول النزاع المتصاعد بين الجيش و الدعم السريع في معظم مناطق البلاد، وفي الوقت الذي تقع فيه مدينة الأبيض حاضرة الولاية تحت سيطرة الجيش السوداني تظل معظم المناطق الأخرى بالولاية خاضعة لسيطرة الدعم السريع .
التغيير – فتح الرحمن حمودة
و في ظل هذه الظروف المعقدة و الأوضاع الإنسانية التي تعيشها المنطقة منذ اندلاع الحرب فقد انتقلت إلى مراحل معقدة ومؤخراً تحولت إلى حرباً إقتصادية باستخدام سلاح التجويع هذا بجانب تدهور الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض المرتبطة بفصل الخريف ما يترتب عليه كوارث أخرى.
يقول محمد أحمد أحد مواطني شمال كردفان لـ «التغيير» إن في منطقته لا يوجد مجهود لمحاربة أمراض الخريف مثلما كان في السابق بإنتظام حملات رش المبيدات الحشرية في الاسواق الأسواق والمنازل، كما أشار الى عدم وجود جهود كافية و انعدام الوقود لتشغيل الآليات، و أوضح أن توزيع الأدوية غير متوفر و لا توجد حكومة تعمل على معالجة هذه المشاكل على حد تعبيره .
ويتفق معه ماهر سعد الله في أنه لا توجد أي جهود لحملات النظاقة أو استخدام المبيدات الحشرية على الرغم من انتشار البعوض والذباب و أوضح لـ «التغيير» أن أدوية الملاريا متوفرة وتصرف من المستشفى التعليمي للمدينة لآفتاً إلى وجود محاولات لتصريف المياه إلا أنها ضعيفة وغير كافية لمعالجة المشكلة بشكل فعال .
و تشهد ولاية شمال كردفان للسنة الثانية على التوالي غياب الموسم الزراعي نتيجة انعدام الأمن بعد دخلت المنطقة دائرة القتال بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي .
وفي ذات السياق قالت التومة فضل الله لـ «التغيير» إن انعدام الأمن في المنطقة تسبب في سرقة التقاوي التي كانت معدة لمواسم الزراعة المنصرمة و الحالية وتضيف أنه مع استمرار الحرب لعامين كان قد نفد مخزون المواطن من الغذاء ما زاد من حدة الأزمة الغذائية.
و أكدت مصادر «التغيير» أن فصل الخريف هذا العام خلق تأثيراً كبيراً على مناطق الولاية، و تتركز الزراعة حالياً في الإدارية الشرقية لمحلية شيكان فيما خرجت المناطق الأخرى من دائرة الإنتاج و لا توجد بها زراعة نتيجة سيطرة الدعم السريع على معظمها .
و كانت قد شهدت العديد من محليات الولاية معدلات أمطار غير مسبوقة تسببت في انهيار واسع لمنازل المواطنين و البنية التحتية إلى جانب انتشار أمراض الملاريا والحميات.
و في الثلاثاء الماضي كانت قد تعرضت منطقة الكوكيتي التابعة لمحلية بارا لهطول أمطار غزيرة نتج عنها سيول جارفة أغرقت معظم احيائها و أدت الى انهيار عدد كبير من المنازل و السوق المحلي والمدرسة بالمنطقة .
و في هذا الصدد قال محمد الطاهر ان هذه الكارثة تسببت في نزوح جماعي للمواطنين وسط انتشار واسع الامراض و الاوبئة و ذلك في ظل غياب كامل للتدخل الحكومي و اضاف انه لم يتم تنظيم أي حملات لرش البعوض او مستنقعات المياه كما لم تتخذ الحكومة اي إجراءات لمكافحة نواقل الأمراض .
و على الرغم من ذلك لم تظل بعض مناطق الولاية مكتوفة الايادي حيث قامت مبادرات شبابية بتنظيم حملات تطوعية لمكافحة هذه الاوضاع المتردية لكن لم تتم مثل هذه المبادرات في بقية المدن الاخرى خاصة التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع .
وأوضح الطاهر انه في مدينة الابيض كانت قد انطلقت مبادرات شبابية هدفت الى تحسين البيئة و تعزيز نظافتها بينما في مدينة بارا قام بعض الشباب بمبادرة ذاتية في كل حي بتنظيم حملات رش لمكافحة الآفات داخل أحياء المدينة .
و على الصعيد الصحي لم تشهد الولاية اي خطة صحية لمواجهة موسم الخريف هذا العام الذي عادة ما يشهد تفشي الأوبئة والكوارث الصحية .
و كان قد اشتكي السكان من انتشار مرض فيروسي يصيب العيون دون ان تصدر وزارة الصحة اي تقرير او حتى تعريف المرض و طرق العدوى و اضافت انه تم تسجيل حالات اسهال متفرقة يرجح ان تكون نتيجة لاستخدام مياه غير صالحة للشرب بسبب تدمير معظم مصادر المياه في المنطقة .
ايضا بسبب فصل الخريف و تمركز المجموعات المسلحة و تحديدا التابعة لقوات الدعم السريع حول الطرق الرابطة بين مدن الولاية و مناطقها خصوصا مدينة الأبيض الى تقليل فرص دخول المواد الغذائية مع فرض ضرائب باهظة على المتاح منها .
و ذكر شهود عيان من سكان الولاية ل ” التغيير ” انه بسبب ذلك ظلت بعض المناطق تشهد نقصا حادا في المواد الغذائية الى جانب انعدام السيولة المالية التي أجبرت المواطنين على الاعتماد الكامل على التعاملات البنكية في ظل انقطاع متواصلة لخدمات الاتصالات و الانترنت .
و منذ مايو الماضي ظلت ولاية شمال كردفان تعاني من انقطاع للتيار الكهربائي المستمر لمدة تقارب المئة يوم و رجح البعض ان واحد من اسباب تأخر اصلاحه متعلق بالظروف الطبيعية المتمثلة في فصل الخريف مما زاد من تعقيد الأزمة اليومية للسكان .
وبالتزامن مع دخول فصل الخريف هذا العام تحولت الحرب في الولاية الى جانب المواجهات العسكرية الي حرب اقتصادية طاحنة وضعت سكان المنطقة في ظروف معيشية واقتصادية طاحنة .
مع دخول الحرب في السودان ما يقارب العام و نصف فقدت قيادة الجيش سيطرتها العسكرية على عدة مدن تابعة لولاية شمال كردفان- وسط البلاد لصالح قوات الدعم السريع.
وجاء ذلك نتيجة لعدم وجود حاميات عسكرية في بعض مدن الولاية والتي تسطير قوات الدعم السريع على عدد منها، فيما بسط الجيش سيطرته فقط على مدينة الأبيض.
ومنذ اندلاع الصراع منتصف أبريل الماضي ظلت شمال كردفان تشهد معارك بين عنيفة متكررة، فيحاول الجيش فرض سيطرته على الولاية بينما الدعم السريع يهاجم من أجل انتزاعها مثل ما حدث في ولايات دارفور والجزيرة وسنار.
وما زالت قيادة الجيش تفرض سيطرتها على الأبيض، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على مدينتي الرهد وام روابة‘بارا و سودري و جبرة الشيخ بينما بعض المناطق خارج سيطرة الطرفين تماماً .
و تعتبر شمال كردفان التي تقدر مساحتها بـ700 كلم مربع ويقطنها سكان من قبائل متنوعة هي إحدى ولايات البلاد الغربية بعد انفصال الجنوب، ومناخها من سافانا متوسطة إلى شبه صحراوي، وغطائها النباتي كثيف كلما اتجهنا جنوبا، وتمثل الزراعة المتنوعة و الرعي الحرفة الرئيسية للسكان.
الوسومالأبيض التجويع الحرب الاقتصادية الزراعة شمال كردفانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأبيض التجويع الحرب الاقتصادية الزراعة شمال كردفان
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعيد تقييم مزاعم الإمارات حول عدم تسليح الدعم السريع
ذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن إدارة بايدن ستقدم للمشرعين الأمريكيين تقييما بحلول 17 من الشهر الجاري حول مصداقية تأكيدات الإمارات بأنها لا تزود قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان بالسلاح.
من جانبه قال بيرت ماكغورك، مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي في رسالة إلى الكونغرس، "أبلغت الإمارات الإدارة بأنها لا تنقل الآن أي أسلحة إلى قوات الدعم السريع ولن تفعل ذلك في المستقبل".
وأضاف، "ستعمل الإدارة مع الإدارات والوكالات ذات الصلة لمراقبة مؤشرات مصداقية وموثوقية هذه الضمانات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة".
ومطلع الشهر الجاري، أرسل اثنان من المشرعين الديمقراطيين في الولايات المتحدة رسالة إلى إدارة بايدن يهددون بعرقلة مبيعات الأسلحة الهجومية إلى دولة الإمارات بسبب دعمها الحرب الأهلية في السودان عبر تسليح ميليشيات قوات الدعم السريع.
ووجه السيناتور كريس فان هولن وعضوة الكونجرس سارة جاكوبس رسالة إلى الرئيس بايدن، حذرا فيها من أن المشرعين سيسعون إلى إجراء تصويت على قرار برفض بيع أسلحة هجومية إلى الإمارات، بما في ذلك صواريخ بقيمة 1.2 مليار دولار، ما لم يشهد بايدن بأن أبوظبي لا تدعم قوات الدعم السريع.
وجاء في الرسالة التي أوردتها مجلة بوليتيكو، “نحن نشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن الإمارات العربية المتحدة قدمت الدعم المادي، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة، لقوات الدعم السريع وسط الحرب الأهلية في السودان، ونعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن توقف مبيعات الأسلحة الهجومية حتى يتوقف هذا الدعم “.
وقالت الرسالة “إذا قدمت إدارتكم تأكيدًا مكتوبًا بأن الإمارات لا تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة وتعهدت بالامتناع عن مثل هذه التحويلات في المستقبل، فإننا سنكون قد حققنا هدفنا ولن نحتاج إلى الدعوة للتصويت على هذا التشريع في الكونجرس”.
وسبق أن اتهم مندوب السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، الإمارات بإشعال الحرب في بلاده عبر دعم قوات "الدعم السريع"، فيما نفت الإمارات ذلك وقالت؛ إن "تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".
وغير مرة، عرض الجيش السوداني صورا وتسجيلات لكميات كبيرة من الأسلحة التي انتزعها من أيدي قوات الدعم السريع في محاور القتال، وقال إنها إماراتية.
ومنذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب، بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.