مختصون: مضاعفات خطيرة لإنكار التشخيص المرضي .. والدعم النفسي ضرورة
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
أكد مختصون أن الكثير من المرضى يتعرضون لمرحلة إنكار تشخيص المرض المصابين به بسبب خوفهم من مضاعفاته أو طرق علاجه، مشيرين إلى أن ذلك يؤدي إلى تأخير العلاج وصعوبته أو فقدان الحياة، وأوضحوا في استطلاع لـ«عمان» أهمية دعم الأسرة وتعزيز الوعي لتجنب تفاقم الوضع الصحي.
وقال الدكتور سيف الهاشمي استشاري أول أمراض نفسية وعصبية: إن إنكار المرض هو سلوك شائع بين الكثير من الأشخاص، حيث يتجنبون الاعتراف بوجود مشكلة صحية قد تواجههم، ويتلخص هذا الإنكار في أشكال مختلفة، بدءًا من التقليل من أعراض المرض وحتى رفض زيارة الطبيب، وقد يؤدي هذا السلوك إلى تأخير العلاج، مما يؤثر سلبًا على صحة المريض ونوعية حياته، مشيرا إلى أن هناك عدة أسباب لذلك منها الخوف من تشخيص مرض خطير أو مواجهة الألم، والجهل بالمعلومات، حيث يفتقر العديد من الأشخاص إلى الوعي الكافي حول الأعراض والأمراض، مما قد يؤدي إلى عدم إدراكهم لخطورة حالتهم.
وحول آثار إنكار التشخيص وتأخير العلاج أفاد بأن التأخير في الحصول على العلاج قد يؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة وأكثر تكلفة، إلى جانب أن الأمراض التي تُترك دون علاج يمكن أن تتسبب في مضاعفات خطيرة، قد تؤدي إلى عجز دائم أو حتى الوفاة، ويمكن أن يؤدي إنكار المرض والتأخير في العلاج إلى مشاعر من الاكتئاب والقلق، مما يؤثر على الصحة النفسية، موضحا أنه للتقليل من ظاهرة إنكار المرض، من الضروري تقديم التعليم المناسب حول الأعراض وطرق الفحص والعلاج والتوعية بمخاطر التأخير في العلاج يمكن أن تساعد الأفراد على اتخاذ الخطوات اللازمة للعناية بصحتهم.
معلومات دقيقة
كما أن هناك طرقا فعّالة للتغلب على إنكار المرض منها الحصول على معلومات دقيقة حول المرض وأعراضه يساعد في تعزيز الوعي، وقراءة المقالات والكتب أو متابعة المحاضرات، بالإضافة إلى زيارة مختص نفسي قد يساعد في التغلب على مشاعر الخوف أو القلق المرتبطة بالمرض عن طريق العلاج السلوكي المعرفي الذي يكون مفيدًا في تغيير الأفكار السلبية، والحصول عل الدعم من الأسرة والأصدقاء، وإدراك أن إنكار المرض شعور طبيعي يمكن أن يكون خطوة أولى نحو التغيير، وتعلم كيفية إدارة الصحة من خلال تعلم استراتيجيات الحياة الصحية مثل التغذية السليمة وممارسة الرياضة، واستخدام تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا أو التأمل لتقليل التوتر.
وأضاف: يمكن للأطباء مساعدة المرضى في التغلب على إنكار المرض عن طريق تقديم معلومات دقيقة حول المرض وأعراضه، مما يساعد المرضى على فهم حالتهم بشكل أفضل، واستخدام مواد تعليمية مثل الكتيبات أو الفيديوهات لتعزيز الوعي، والتواصل الفعّال بإقامة حوار مفتوح مع المرضى، حيث يمكنهم التعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم دون خوف من الحكم، واستخدام أسلوب الاستماع النشط، مما يجعل المريض يشعر بأنه مسموع ومفهوم، بالإضافة إلى مشاركة قصص النجاح وعرض تجارب مرضى آخرين تغلبوا على إنكار المرض وحققوا نتائج إيجابية بعد تلقي العلاج، والمرونة في العلاج من خلال تقديم خيارات علاجية متعددة، مما يمنح المرضى شعورًا بالتحكم في صحتهم، والتأكيد على أهمية العلاج المبكر وكيف يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل.
وحول الاستراتيجيات الفعالة للتواصل مع المرضى الذين يعانون من إنكار المرض قال: من المهم اتباع مجموعة من الخطوات لبعض المرضى الذين يمرون بمرحلة إنكار المرض منها الاستماع النشط وتقديم الفرصة لهم للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم دون مقاطعة، وإظهار الاهتمام بمشاعرهم ووجهات نظرهم، وتوفير معلومات دقيقة باستخدام لغة بسيطة وسهلة الفهم لشرح الحالة الصحية، وتقديم معلومات موثوقة عن المرض، وأعراضه، وعواقب التأخير في العلاج، بالإضافة إلى طرح الأسئلة المفتوحة التي تشجع المرضى على التفكير والتعبير عن مشاعرهم، مثل: «كيف شعرت عندما لاحظت هذه الأعراض؟»، وتشجيع المرضى على اتخاذ خطوات إيجابية نحو العلاج وطمأنتهم بأن الأمور يمكن أن تتحسن، والمتابعة الدورية من خلال المتابعة لتقييم تقدمهم، واستخدام المكالمات أو الرسائل القصيرة لتذكيرهم بأهمية المتابعة.
الرفض التام
من جانبه قال الدكتور عبدالمجيد بن صالح القطيطي طبيب طوارئ: في بعض الأحيان، يأخذ المرضى وقتا طويلا في تقبل تشخيص مزمن أو قاتل، أو قد لا يتقبله البتة حتى مراحل متأخرة جدا، والبعض يرفضه تماما وكأنه لم يحصل، أو يتجه لعلاجات بديلة كتناول الأعشاب، واتباع حمية غذائية، أو حتى «شيخ» يقرأ عليه، مضيفا إلى أن هناك حالات كثيرة تعرضت للنصب والاحتيال، ومنهم من تناول سُما اشتراه بنفسه بعدما أقنعه «معالج» بأن هذا هو علاجه، كما أن لكل مريض الحق في ألا يقتنع بتشخيص طبيبٍ ما، وأن يبحث عن رأيٍّ طبيٍّ آخر. هذا أمرٌ ليس بنادر، وهو معروف طبيا باسم (الرأي الثاني)، وتكفل الدولة لكل مواطن حق الرأي والتشخيص الأول وعلاجه، لكن للمريض أن يبحث عن رأيٍ ثانٍ على حسابه، فما نعرضه من علاج على المريض العاقل البالغ هو خيارٌ له أن يرفضه إن شاء، ولو كان في رفضه وفاته، هذا حقه بموجب القانون.
وأضاف: لكن قبل الرفض، ليعلم المريض أن محدثه طبيب درس عقودا ليشخصه،، فلو كان حقا للمريض رفض التشخيص الأول، فعليه أن لا يسيء استخدام هذا الحق وألا ينجرف في عصر المعلومات بالمعلومات المغلوطة التي صارت آفة تهجم على الطب الحديث، فقد رأينا كمية المعلومات المغلوطة التي ظهرت في فترة كوفيد، بين الخلطات العشبية ورفض اللقاح.
وقال: لنفترض أن طبيبا قال لمريض بعد فحوصات استغرقت أسابيع بأنه مصاب بسرطانٍ ما للمريض، هنا طريقان: أولا، أن يراجع فحوصاته مع طبيبه، وإن اقتنع، يبدأ العلاج حسب خطة طبيبه، وإن لم يقتنع، له الحق بأن يشكر طبيبه على وقته، ويأخذ نسخة من فحوصاته، ويتجه إلى طبيب آخر لأخذ رأيه، والطريق الثالث، والذي لا يجب أن يوجد أساسا، هو أن يرفض التشخيص وينكره، ويظل عالقا في المرحلة الأولى من مراحل التعايش من الخبر (الرفض).
واستعرض الدكتور عبدالمجيد قصة في هذا الجانب قائلا: ما زلت أذكر قصة الطفل المصاب بالسرطان الذي أخرجه أبوه من المستشفى بالقوة رغم التأكد من التشخيص وبدء العلاج.. كان آنذاك لا يوجد قانون يسمح للأطباء بالإبقاء على الطفل رغم رغبة الأب. أخذ الأب ابنه -الذي هو دون العاشرة- وتوجه به ليعالجه علاجا شعبيا. غاب عنا الطفل شهورا رغم محاولاتنا الاتصال بذويه. ثم عصر ذلك اليوم، غادر الطفل ليلعب الكرة مع أطفال حارته، ثم عاد للمنزل مبكرا يقوده أقرانه الأطفال، حيث فقد الطفل النظر وهو يلعب الكرة، وأتى به شخص من أهله دون أبوه للمستشفى، عُملت الفحوصات. ما كان به من مرض قد غزا الدماغ، الطفل في المرحلة الأخيرة من المرض، المرحلة التي لا عودة منها، ولا علاج لها.
القلق المستمر
وأوضح الدكتور أن الخوف من المجهول، كالخوف من سلوك طريق علاج لم يكن مخططا له، هو أمر مثير للقلق، فلو كنت طبيبا سأشعر نفسي بالقلق مما ينتظرني من فحوص ومواعيد وأدوية وإبر هذا طبيعيٌ جدا، لكن الشجاعة ليس ألا تخاف، الشجاعة أن تمضي قدما رغم الخوف، وتذكر دائما: إن أحب الله عبدا ابتلاه. هذا قضاء ربك، فارض به مهما كان ثقيلا، مضيفا: «تقول إليزابيث كوبلر روس في نظريتها عن رد فعل الإنسان عند تلقيه خبر محزن صادم: إنه -الإنسان- يمر بخمس مراحل نفسية للتعايش مع الخبر، أولها الرفض، وفيه لا يرضى بالخبر وينكر وجوده، والغضب، حيث يصبح فيه الإنسان ساخطا غاضبا من الصدمة، ويبدأ بطرح أسئلة بلاغية مثل (ليش يا رب؟!)، بالإضافة إلى المساومة، وهو أن يفاوض الإنسان نفسه أو ربه، كأن ينذر لله نذرا بأن يتبرع بكل ماله إذا زالت المصيبة، والاكتئاب: والحزن مما حصل، وأخيرا مرحلة الرضا، وفيها يتقبل الإنسان الأمر».
العامل النفسي
وأفادت سماح بنت عبدالله العريمية ممرضة أولى بالمستشفى السلطاني: لا يختلف اثنان على أن التشخيص للمرة الأولى قد يشكل صدمة لبعض المرضى، خاصة إن لم يكن يعاني سابقا من أي أعراض أو مشاكل صحية، ويتفهم العاملون في المجال الصحي العامل النفسي وردات الفعل المختلفة من المرضى ويحرصون على طمأنة المريض ومساعدته على البدء في رحلة العلاج ومتابعتها، لكن بعض المرضى لا يستجيبون بالطريقة نفسها، فهناك من يدخل في حالة إنكار للتشخيص بل يصل إلى حالة رفض العلاج أو حتى إهمال مراجعاته الدورية، ويصل الأمر ببعض الأشخاص إلى تجنب إجراء فحوصات معينة خوفا من تأكيد إصابتهم بأي مرض (متناسين احتمالية سلامتهم وخلوهم من الأمراض وأن الفحص قد يكون للاطمئنان فقط).
وقالت: استقبلنا مريضا شابا تم تشخيصه بجلطة قلبية ويحتاج أن يجري قسطرة قلبية ووضع دعامة، لكنه أصر على الذهاب للمنزل برغم الشرح المستفيض من الطبيب والممرض عن خطورة هذا الأمر وقع على أوراق الخروج بحضور أخيه وزوجته وعاد إلينا بعد أقل من 24 ساعة بتوقف للقلب وتطلب إنعاشا لمدة 15 دقيقة، من لطف الله أن سخر له من يقوم بالإنعاش قبل وصول الإسعاف ونقله للمستشفى.
وفي قصة أخرى، رفض أحد الرجال ممن تجاوزوا الأربعين إجراء فحوصات عامة وكان رده: «ماذا لو أخبروني أني مصاب بالسكري وأحتاج للأنسولين بقية حياتي؟ لا، خليني ما أعرف أفضل». (تم تشخيص أكثر من فرد من إخوانه ووالده بالسكري) وأوضحت العريمية أن أكثر مرضين ينكرهما الأفراد هما مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، حيث يعتقدون أننا نبالغ أو التشخيص ممكن يكون خاطئا وأن تغيير نمط الحياة والتغذية كاف لعكس أو إلغاء التشخيص، يأتي بعدهما السرطان وبالتحديد سرطان الثدي والقولون، حيث يتجنب عدد من الناس إجراء الفحوص أو الأشعة التي قد يطلبها الطبيب في حال وجود تاريخ عائلي قوي للإصابة بهذا النوع من السرطان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: معلومات دقیقة بالإضافة إلى فی العلاج یؤدی إلى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
إطلاق خدمات التشخيص الافتراضي بمستشفى الملك فيصل في المدينة المنورة
أطلق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في المدينة المنورة خدمة التشخيص الافتراضي.
وتعزز تلك الخدمات سرعة ودقة وسهولة الوصول إلى التشخيص من خلال إلغاء الحاجة إلى الفحص اليديوي للشرائح، مما يقلل أوقات التشخيص من أكثر من أسبوع إلى يوم واحد فقط.خدمات التشخيص الصحي الافتراضيوتتيح الخدمة المبتكرة تحليلًا رقميًا عالي الدقة للعينات النسيجية، مما يسهم في تشخيص السرطان، والحالات الالتهابية، والإصابات الميكروبية في الأنسجة، بالاعتماد على تقنيات التصوير المتطورة، ما يمكن الأطباء من تشخيص الحالات عن بُعد بدقة وكفاءة.
أخبار متعلقة "البحر الأحمر" و"رعاية ذوي الإعاقة" توقعان اتفاقية لتطوير السياحة الساحليةوزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع سفير الصين لدى المملكةكما تدعم منصة علم الأمراض الافتراضية للتخصصي التعاون السلس مع المؤسسات الصحية الرائدة حول العالم، بما في ذلك كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي ذلك لضمان أعلى معايير التشخيص للحالات النادرة والمعقدة، مما يسرع عملية الحصول على رأي طبي ثاني دون التأخير المرتبط بشحن الشرائح التقليدية، ما يعزز تجربة المرضى الذين يعانون من حالات عاجلة ومعقدة.
عاجل | #خادم_الحرمين_الشريفين يغادر مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة بعد أن استكمل الفحوصات الروتينية#اليوم
للتفاصيل..https://t.co/N6dykBXUvV pic.twitter.com/HOccjPouiV— صحيفة اليوم (@alyaum) April 24, 2024القطاع الصحي السعوديويأتي إطلاق هذه الخدمة في إطار التزام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتقديم رعاية تتمركز حول المريض، إذ يسهم تقليص أوقات التشخيص وتحسين دقته في تقليل فترات الانتظار وتخفيف القلق لدى المرضى، ما يضمن بدء العلاج في الوقت الملائم، ويحسن تجربة المريض.
ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث صُنف الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا والـ 20 عالميًا، للسنة الثانية على التوالي، ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية حول العالم، والعلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط.
جاء ذلك بحسب "براند فاينانس" (Finance Brand) لعام 2024، كما أدرج ضمن قائمة أفضل المستشفيات الذكية في العالم لعام 2025 من قبل مجلة نيوزويك (Newsweek).