حزب الله يستعرض قدراته العسكرية المتنامية وسط خشية من حرب واسعة مع إسرائيل
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
بيروت- خلال عشرة أشهر من التصعيد مع إسرائيل، كشف حزب الله تباعا عن قدرات عسكرية متنامية، آخرها منشأة محصّنة تحت الأرض وصواريخ، في أول إعلان صريح من نوعه من جانب الحزب المدعوم من طهران الذي توعّد بالردّ على مقتل قائد عملياته في جنوب لبنان.
وفتح حزب الله الذي تمدّه إيران بالمال والسلاح، جبهة ضد إسرائيل من جنوب لبنان، منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، "إسناداً" لغزة و"دعماً" لمقاومتها، بعد يوم من اندلاع الحرب في القطاع الفلسطيني، إثر هجوم غير مسبوق لحماس في جنوب إسرائيل.
ونشر الحزب الجمعة مقطع فيديو مع مؤثرات صوتية وضوئية يظهر منشأة عسكرية محصّنة يتحرّك فيها عناصر بلباس عسكري وآليات محمّلة بالصواريخ ضمن أنفاق ضخمة واسعة ومضاءة، على وقع تصريحات لأمينه العام حسن نصرالله يهددّ فيها إسرائيل.
ويقول الخبير العسكري رياض قهوجي لوكالة فرانس برس "هذا هو الفيديو الأكثر وضوحاً الذي نشره حزب الله على الإطلاق والذي يظهر حجم أنفاقه، مؤكداً بذلك تقارير أفادت بأنها طويلة للغاية وكبيرة كفاية لاستيعاب الشاحنات ومنصات إطلاق الصواريخ".
ويوضح "لأول مرة، نرى ما يبدو أنه صواريخ كبيرة بشكل كاف لتكون صواريخ بالستية، معتبرا أن الحزب ربما يسعى من خلال نشر الفيديو الى أن "يردع إسرائيل" عن الدخول في حرب واسعة، على وقع ارتفاع التصعيد بين الطرفين بعد اغتيال إسرائيل في ضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر في 30 تموز/يوليو. وأكد نصرالله أن الحزب سيرد على إسرائيل.
وقتل شكر قبل ساعات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة في طهران في ضربة نسبت الى إسرائيل. وتوعّدت طهران بالردّ أيضا على مقتله.
وهي المرّة الأولى التي يكشف فيها حزب الله عن منشآت مماثلة.
ويتضمّن الشريط الذي حمل عنوان "جبالنا خزائننا"، مقتطفات من خطابات سابقة لنصرالله، يقول في أحدها "باتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانات التسليحية حتى إذا فرضت إسرائيل على لبنان حربا، ستواجه مصيرا وواقعا لم تتوقعه في يوم من الأيام"، مضيفا "عندنا الأهداف، والإحداثيات موجودة أيضا".
- استخدام مطرد للمسيّرات -
وبحسب خبراء، عمل الحزب، القوة السياسية الأبرز في لبنان والوحيد (غير القوى الأمنية الرسمية) الذي يحتفظ بترسانة سلاح ضخمة، على تطوير قدراته العسكرية بشكل كبير منذ الحرب المدمّرة التي خاضها مع اسرائيل في تموز/يوليو 2006 وتسبّبت بمقتل 1200 شخص في الجانب اللبناني و160 في الجانب الإسرائيلي.
ويعمل الحزب منذ أشهر على تجربة تكتيكات عسكرية جديدة واختبار منظومات الدفاع الجوي الاسرائيلي، وفق ما يقولون.
ونشر الحزب ثلاثة مقاطع فيديو خلال الأسابيع الماضية لطائرات استطلاعية توثّق مسحا لمواقع إسرائيلية حيوية، مدنية وعسكرية واقتصادية في مناطق عدة بينها مدينة حيفا.
ونجحت مسيّرات محمّلة بمتفجرات نهاية الأسبوع الماضي في العبور من جنوب لبنان الى مواقع متقدمة قرب مدينة صفد. وفُعّلت أنظمة الإنذار في مناطق عدة في شمال إسرائيل.
ويشكّل استخدام الحزب المطّرد للمسيّرات ذات الكلفة المنخفضة والمصنّعة محليا، تحدّياً لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وفق خبراء.
نيران مندلعة في أحراش قرب كريات شمونة في شمال إسرائيل في في 3 حزيران/يونيو 2024، بعد إطلاق حزب الله لصواريخ من جنوب لبنان
ويشرح قهوجي أن مسيّرات الاستطلاع يمكنها أن تساعد الحزب على "تحديد مواقع بطاريات" منظومة الدفاع الصاروخي المعروفة بـ"القبة الحديدية".
ويعلن الحزب في بياناته اليومية حول عملياته العسكرية ضد إسرائيل، استهداف "ثكنات عسكرية" ومقارّ قيادة وتجمعات جنود وبطاريات القبة الحديدية.
كما يمكن أن تساعده في "اكتشاف الزوايا الميتة للرادارات الإسرائيلية"، وفق قهوجي الذي يتابع أن الحزب "يستغلّ الطيران على ارتفاع منخفض والتضاريس الجبلية للتهرّب من أجهزة استشعار خاصة بالإنذار المبكر".
ويصعب على أنظمة الدفاع الإسرائيلية، وفق ما يشرح الخبير العسكري والعميد المتقاعد خليل حلو، "رصد الطائرات المسيّرة بسبب صغر حجمها وبصمتها الرادارية الضعيفة"، في وقت يستفيد حزب الله من عامل القرب الجغرافي من إسرائيل.
وعمد حزب الله مؤخراً إلى شنّ هجمات مركّبة "يطلق خلالها صواريخ كاتيوشا ومسيّرات وصواريخ موجهة في آنٍ واحد بهدف إرباك القبة الحديدية"، وفق حلو.
- "سيف ذو حدين" -
بالنسبة الى الباحث لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية آرام نرغيزيان، فإن خطوات حزب الله "الاستكشافية" بمثابة "سيف ذو حدّين".
ويوضح "نعم، هي تكشف عن ثغرات في الدفاعات الإسرائيلية وتوفّر فرص الحصول على معلومات" لحزب الله، لكنها تتيح كذلك لإسرائيل اتخاذ "تدابير مضادة" لمواجهة قدرات الحزب "وتغذّي قاعدة بيانات نظامي الدفاع الصاروخي والردع الاسرائيليين".
وجاء كشف حزب الله عن جزء من قدراته الصاروخية الجمعة على وقع جهود دبلوماسية على أكثر من مستوى لاحتواء التوتر بين إيران وحزب الله مع إسرائيل. وتزامن أيضا مع استمرار جولة مفاوضات لليوم الثاني على التوالي في الدوحة بوساطة قطرية وأميركية ومصرية للتوصل الى اتفاق هدنة في قطاع غزة.
ويؤكّد حزب الله أنه لن يوقف هجماته على إسرائيل قبل التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة.
وعن ردّ حزب الله على مقتل شكر، يرى نرغيزيان أنه "من الصعب جداً الردّ بطريقة متناسبة (...) من دون إشعال حرب إقليمية".
ويقول قهوجي "استراتيجية الحزب الوحيدة هي إطلاق المزيد من الصواريخ وتصعيد خطاب الحرب لإظهار التحدي".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: جنوب لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
خبير يكشف.. لهذا السبب وسّعت إسرائيل عملياتها في لبنان
كشف الخبير العسكري والإستراتيجي السوري كمال الجفا أن قرار القيادة العسكرية الإسرائيلية "المفاجئ" بتوسيع العمليات البرية في جنوب لبنان، رغم الإشارات المتتالية عن اتفاق وشيك على وقف لإطلاق النار، مرده الأثمان الباهظة التي دفعها الجيش الإسرائيلي، بالأيام الأخيرة في معارك جنوب لبنان.
وقال الجفا لـ"إرم نيوز" إن جبهة لبنان شهدت يوم أمس الأحد فقط سقوط 102 جندي إسرائيلي بين قتيل وجريح، واصفًا هذه الخسائر بأنها تكشف عن تحول عسكري خطير في الجبهة، كونه ليس ناتجًا عن عملية أمنية، بل نتيجة عمليات عسكرية على عدة جبهات.
وأشار إلى أن هذه الخسائر الكبيرة دفعت القيادة العسكرية الإسرائيلية لتبني قرار التوسع في الحرب البرية، بعد أن أظهرت أن حزب الله استعاد زمام المبادرة حتى الأمتار الأخيرة على الحدود، بعد أكثر من 40 يومًا على التوغل الإسرائيلي البري، كما يقول.
ولفت الخبير العسكري إلى "تقرير سري أميركي" صدر أخيرًا، يفيد بأن حزب الله عاد الى الحدود (الخط الأزرق )، ويقوم بإطلاق صواريخ الكاتيوشا انطلاقًا من هناك، وهذا مؤشر على إعادة نقل القوة الصاروخية للحزب إلى الحدود من جديد.
ما هي الخطة الإسرائيلية؟
وفقًا للخبير العسكري، فإن الجيش الإسرائيلي يخطط لربط بلدات الخيام والعديسة وكفر كلا بمارون الراس وعيتا الشعب في سياق مساعيه لإبعاد حزب الله عن الحدود.
ويقول إن الجيش الإسرائيلي يخشى بشكل أساسي من قوة الرضوان، وهي قوات النخبة بحزب الله، خوفًا من اقتحامها بلدات الجليل، وذلك في هجوم مماثل لـ"طوفان الأقصى" الذي نفذه مقاتلو "حماس" في 2023.
وتريد القوات الإسرائيلية المتوغلة في جنوب لبنان، حسب الخبير العسكري، التأكد من تدمير البنى التحتية لحزب الله، والتي يمكن أن تساعد قوة الرضوان على تنفيذ خططها لاقتحام بلدات الجليل.
ووفق الخبير العسكري، فإن المعارك دارت حتى الآن بقواطع ضيقة، ولم يزج الجيش الإسرائيلي بكامل عديد الفرق العسكرية الخمس؛ لأن حجم العمليات والمساحة التي دارت فيها "لا تسمح باستخدام هذه القوة".
وتشارك 5 فرق عسكرية إسرائيلية في التوغل البري في لبنان هي: (210 و98 و91 و36 و146)، وتضم الفرقة أكثر من لواء عسكري، وتضم وفق المعايير العسكرية أكثر من 10 آلاف جندي، ولكن معظم القوات الإسرائيلية ما زالت جنوب الخط الأزرق، بحسب ما يقول الجفا.
ويُعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن أي اندفاع إسرائيلي جديد يتطلب الدخول في مسارات محددة وصفها بأنها "أفخاخ لقتل الجنود الإسرائيليين أكثر منها مناطق مناورة برية"، مشيرًا إلى أن "أي توسيع للعملية البرية يتطلب، السيطرة على خط القرى الحدودية (من رأس الناقورة حتى الخيام) لكي تكون قاعدة انطلاق؛ ما يعني زيادة زخم المعركة ضمن المرحلة الحالية ريثما يتم تحقيق موطئ قدم لتطوير العمليات".
وقال الجفا إن الأرض في جنوب لبنان تفرض كلمتها، خاصة على المهاجم، فيما يكفي أن يتمسك المدافع بمواقعه القتالية، خلافًا لقطاع غزة حيث الأرض المفتوحة تمكّن الدبابات من حرية الحركة بكل الاتجاهات.
وخلص إلى أن "طبيعة الأرض وطبيعة الخطة المقابلة والمسارات التي تحدد حركة الآليات في معظم الحالات تحدد شكل المناورة البرية". (إرم نيوز)