تتميز محافظة مسندم بخصوصية جغرافية وتاريخية بحكم موقعها في أقصى شمال سلطنة عُمان وإطلالتها على مسطّحين مائيين من أهم المسطحات المائية استراتيجيا واقتصاديا، كما أفرزت طبيعتها الجيولوجية الفريدة من نوعها نمطا استيطانيا ومعماريا خاصا بطبيعة المنطقة، فكل جزء من رُباها يتحدث عن تاريخها العظيم الذي يؤكّد مكانة هذه المحافظة المتجددة، حيث تشتهر المحافظة بعدد من الشواهد التاريخية كالقلاع والحصون والأبراج، إضافة إلى المساجد القديمة وآثار المستوطنات البشرية البائدة التي رحل سكانها وظلت بأحجارها والنقوش التي خلفوها شاهدا على وجود الإنسان العُماني وعزيمته التي تحدّت عزلة المكان ووعورته، ومن هذه الآثار حصن خصب القديم الذي بُني زمن البرتغاليين، وهو عبارة عن بناء رائع بداخله برج يعتقد أنه بُني قبل بناء الحصن وطُوّر اليوم ليصبح متحفا حديثا.

معلم سياحي

«عُمان» التقت صلاح بن محمد الفارسي مدير إدارة التراث والسياحة بمحافظة مسندم الذي أشار إلى أن حصن خصب يُعتبر أحد أهم المعالم السياحية ذات الطابع التاريخي في سلطنة عُمان، حيث يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الحادي عشر الهجري القرن السابع عشر الميلادي، ويتميز بموقعه الإستراتيجي المطل على مياه الخليج العربي؛ فهو معقل رائع ومثير، وهو عبارة عن مبنى مربع الشكل يقع على أرض منبسطة، وله برجان أحدهما يتمركز في وسط الفناء الداخلي وهو ما يميزه عن غيره من حصون سلطنة عمان بالإضافة إلى ما يشكّله هذا البرج من مرحلة أولى وأساسية من البناء شيدّها العمانيون أنفسهم، قبل أن يتم إضافة السور والمباني الملحقة من قبل البرتغاليين، وأما البرج الثاني فيقع في الجزء الشمالي الغربي، وبُني هذا الحصن من مواد محلية تقليدية تم تصنيعها في المنطقة نفسها التي يوجد فيها الحصن، ويعتبر الحجر والصاروج المادة الأساسية في تكوينه - ويتكون الحصن من دورين أرضي وعلوي، حيث يتكون الدور الأرضي من بوابة الحصن التي تنتصب في الجهة الشمالية من الحصن، والتي تؤدي إلى الصرح الداخلي للحصن. أما الدور العلوي فيتكون من برزة الوالي، وغرفة الوالي، وغرفة المحكمة، وغرفة لسكن الوالي وعائلته تستخدم كاستراحة عندما يكون الوالي خارج الحصن، وغرفة للقاضي لتبادل المشورة والآراء مع العلماء والفقهاء ورجال الدين، وغرفتين للعسكر لتخزين الذخائر والأسلحة، وسجنين، بالإضافة إلى مدرسة لتعليم القرآن الكريم وعلومه واللغة العربية وعلومها.

بناء الحصن

وقال مدير إدارة التراث والسياحة بمحافظة مسندم: إنه تم بناء حصن خصب على يد البرتغاليين عام (1623) م لتعزيز دفاعات القلعة الموجودة سابقاً. وبعد تحريره من قبل العُمانيين في أواسط القرن السابع عشر، وخضع الحصن لأعمال الترميم بشكل دوري، وكان آخرها عام (2007) م وربما يكون البرج الدائري الواقع في الباحة الرئيسية للحصن هو أقدم الأجزاء في هذا البناء، وهو يضم اليوم متحفاً يَعرض مختلف المشغولات اليدوية والمقتنيات الأثرية في خصب ومحافظة مسندم بشكل عام.

جائزة أوسكار

وذكر الفارسي أن مشروع تأهيل وتطوير حصن خصب حصل على جائزة أوسكار (المركز الأول) لأفضل موقع تاريخي يتم تطويره للأغراض السياحية على مستوى العالم في عام 2010م، حيث استطاع مشروع تأهيل وتطوير حصن خصب حصد هذه الجائزة العالمية من بين أكثر من (250) مؤسسة ومنشأة ومتحف متنافسة حول العالم، وإن تأهيل وتطوير مثل هذه المواقع التاريخية يساهم في تقديم خدمة سياحية ثقافية متكاملة وراقية تعود بالنفع على البيئة المحيطة في تنمية مواردها البشرية والاقتصادية.

تطوير الحصن

وأضاف: إن الأعمال التطويرية التي قامت بها وزارة التراث والسياحة بتنفيذها لتأهيل وتطوير حصن خصب تمثلت في بناء نموذج لبيت القفل داخل فناء الحصن، وعرض نماذج من أنواع القوارب التقليدية المستخدمة قديما ونموذج للعريش والتنور والرحى القديمة، حيث قام حرفيون من أبناء محافظة مسندم بصناعتها وتجسيدها بطريقتها الأصلية في الحصن كهدف أساسي سعت إليه وزارة التراث والسياحة منذ البداية، وهي إشراك أفراد المجتمع والبيئة المحيطة في جوانب التطوير المنفذة بالحصن، ولتعريف الزائر بالعمارة القديمة التي توائم الظروف المعيشية لأهالي محافظة مسندم في تلك الفترة، والاستفادة من فرص العمل الدائمة والمؤقتة التي توفرها الإنشاءات والمحلات والمرافق الحديثة الملحقة به، وتم تأثيث الحصن وإقامة محلات لبيع التحف والهدايا والمشغولات اليدوية.

وأضاف الفارسي: إن هناك اهتماما وعناية كبيرة بهذه الأبنية التاريخية المهمة، وذلك من أجل تنميتها واستثمارها لخدمة السياحة والتعريف بالحضارة العمانية والترويج لها داخل السلطنة وخارجها. مضيفا أن عدد السياح الذين زاروا الحصن في عام 2022 بلغ عددهم (8258)، وفي عام 2023 بلغ عددهم (15227)، وفي عام 2024 وحتى نهاية يوليو بلغ عددهم (6656) سائحا، حيث يتعرف السياح عند دخولهم إلى الحصن، وتحديدا إلى البرج الدائري الواقع في الباحة الرئيسية للحصن، على أهم الصناعات الحرفية والتقليدية المرتبطة بطبيعة البيئة المحيطة بها، وغالبا ما تكون ثرية بالمفردات الثقافية والعادات والتقاليد والفنون الشعبية العمانية المتوارثة، كما يتعرف السياح أيضا -من خلال الأفلام الوثائقية التي تُعرض- على أهم الحرف التقليدية على مستوى محافظة مسندم، وكذلك صناعة السفن وصناعة الجرز وطحن الحب، وعلى أشهر الفنون التي تشتهر بها محافظة مسندم ك (فن الرواح)، وكذلك صيد الأسماك بالطرق المختلفة وصناعة الفخاريات.

المحافظة على الهوية

واختتم مدير إدارة التراث والسياحة بمحافظة مسندم حديثه بالتأكيد على أن تطوير القلاع والحصون والمواقع الأثرية والتاريخية التي تتوزع بين جميع محافظات سلطنة عمان بهدف تحويلها إلى مزارات سياحية وحضارية وثقافية، وهو مشروع استثماري اقتصادي وثقافي ناجح يسهم في تعريف المواطن والزائر على مكنونات التاريخ العُماني والهوية الحضارية والثقافية الأصيلة والعريقة للمجتمع العُماني، كما يسهم في تطوير المفردات والموارد الحضارية والمعمارية، وما إعادة تأهيل وتطوير وصيانة حصن خصب إلا للمحافظة على الهوية الأصيلة لهذه المواقع التاريخية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التراث والسیاحة محافظة مسندم تأهیل وتطویر فی عام

إقرأ أيضاً:

تأهيل عدد من التربويين بمدارس محافظة مسندم

احتفل المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين ممثلا بمركز التدريب المهني بمحافظة مسندم بتخريج عدد من المعلمين والمشرفين ومديري المدارس ومساعديهم وذلك بقاعة مكتب والي بخاء برعاية نبيلة بنت عبد الله الشحية المديرة العامة للتربية والتعليم لمحافظة مسندم .

وقال خالد بن محمد الصوري الشحي رئيس مركز التدريب بمحافظة مسندم : نحتفي بتخريج كوكبة جديدة من المعلمين والمشرفين ومديري المدارس ومساعديهم المتألقين الذين نهلوا من معين المعرفة وتسلحوا بأدوات التميز ليكملوا مسيرة البناء .

وأضاف مخاطبا الخريجين :"مسيرة العلم لا تعرف حدًا للكمال، فالمعارف تتجدد كل لحظة وتتطلب منا مواكبة التطورات واكتشاف ما هو أنفع وأفضل وهذا هو رهاننا، عليكم أيها التربويون فأنتم أمل الوطن وأساس نهضته".

بعدها ألقت طاهرة بنت سعيد الظهوري مديرة مدرسة قدي للتعليم الأساسي كلمة الخريجين التي أشادت فيها بالدور الكبير للمركز في صقل مهارات وخبرات الدارسين فيه، مشيرة إلى المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الخريجين في تطبيق كل ما تمت دراسته واكتسابه من أجل تحقيق الأهداف المرجوة والوصول إلى تجويد العمل في الميدان التربوي

وتم تقديم عرض مرئي تناول عدد المخرجات والدفعات خلال الفترة السابقة ودور المعهد التخصصي للميدان التربوي لمختلف التخصصات والفئات، بعدها كرمت المديرة العامة للتربية والتعليم لمحافظة مسندم الخريجين من المعلمين والمشرفين ومديري المدارس ومساعديهم.

وقالت مكية بنت حسن الكمزارية إحدى خريجات المعهد التخصصي: تكشف فعالية اليوم الستار عن مخرجات المعهد التخصصي الذي أنتج فكرا وتدريبا متميزا حظي به الميدان التربوي مهنيا ووظيفيا وإضافة نوعية إلى مداركنا المهنية، وكوني تخرجت من برنامجين مهنيين من المعهد، مثل لي البرنامجان وخاصة الأول، نقلة وإضافة نوعية إلى كوني معلمة أولى في مجالي، فأضاف لي خبرة المعهد، فكان نتاجها طيبا على الطلبة وعلى عموم المعلمات اللاتي كنت أعمل معهن.

مقالات مشابهة

  • تأهيل عدد من التربويين بمدارس محافظة مسندم
  • طلب إحاطة لإحياء معسكر سفاجا الرياضي لتعزيز الرياضة والسياحة بالبحر الأحمر
  • محمد الشناوي: الأهلي جاهز لـ شباب بلوزداد.. ونخلق دوافع جديدة دائمًا
  • وزيرة البيئة تستقبل وزير الطيران لبحث التعاون المشترك في ملف تغير المناخ والسياحة البيئية
  • صدقي صخر: اخترت تقديملطفي عبودفي“رقم سري”..والتحدي الحفاظ على روح الشخصية
  • باحث فلسطيني: الصواريخ اليمنية اخترقت 7 منظومات دفاعية ما يثير قلق اسرائيل
  • جلسة حوارية حول أدب الطفل بين الابتكار والهوية في صحار
  • بين عامٍ مضى.. وعامٍ جديد
  • خورفكان يستعد لمواجهة بني ياس بعبور «الحصن»
  • والي الخرطوم :شمبات تمثل العمق التاريخي لبحري وسيكتمل تحريرها قريبا