استقالة مينوش شفيق
.المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه كاريكاتير استقالة مينوش شفيق امريكا جامعة كولومبيا استقالة مينوش شفيق كاريكاتير كاريكاتير كاريكاتير كاريكاتير كاريكاتير كاريكاتير سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
البوابة نيوز تحاور أمينة شفيق: دفعت ضريبة مساندتي للحركة الطلابية.. علي ومصطفى أمين لم يرحبا بتأميم قناة السويس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدار أكثر من ثمانية عقود شهدت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق تاريخًا طويلًا من الأحداث، وكانت شاهدًا على عصور متوالية وأحداث عظيمة في مصر بدءًا من إجلاء الاحتلال عن مصر وقيام ثورة 1952، مرورًا بحروب 1956، ونكسة 1967 وانتصار مصر العظيم في 1973.
أمينة شفيق تكشف أسرارًا لأول مرةكما عاصرت وهي صغيرة وجود الملك فاروق، ثم أكثر من 6 رؤساء في مصر، هم جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات، ومحمد حسني مبارك، مرورا بالمجلس العسكري، والمعزول محمد مرسي، والمستشار عدلي منصور، والرئيس عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى اختلاطها الواسع مع عمالقة السياسة والإعلام في مصر مثل خالد محي الدين، رفعت السعيد، محمد حسنين هيكل، موسى صبري، وعلى مصطفى أمين، وغيرهم من الأعلام.
التاريخ الطويل لـ أمينة شفيق جعلها تحفر اسمها في عالمي الصحافة والسياسة، منذ انطلاقتها الأولى وحتى يومنا هذا وهي على مشارف التسعين عامًا حيث يشغلها الكثير من أمور المصريين، ولا تزال قضايا الحرية والتعبير وحقوق المرأة في مقدمة اهتماماتها.
في حوار من القلب، استرجعت الأيقونة الصحفية «أمينة شفيق» أحداث عديدة شهدتها كمواطنة مصرية، أو من خلال مناصبها العديدة ككاتبة صحفية في مؤسسات أخبار اليوم، والأهرام، وعضو بالمجلس القومي للمرأة في أولى سنوات تأسيسه، إضافة إلى 28 سنة قضتها أمينة شفيق في خدمة زملائها عبر عضويتها بمجلس نقابة الصحفيين.
نشأة صعبة«عشت فترات صعبة في حياتي أنا وجيلي في الثلاثينيات.. ولدت عام 1935، وكنت لسه صغيرة لما الحرب العالمية الثانية قامت.. كان أبويا ياخدنى معاه لقسم الشرطة ومعانا فوطة بيضا نظيفة عشان نجيب العيش الصابح ونلفه بيها».. بغمضة عين استذكرت «شفيق» رائحة الفوطة الممزوجة برائحة العيش، وكيف كانت تعيش في أسرة بسيطة من الطبقة المتوسطة في مصر، وكيف كانت تنتظر حصة الأسرة من «العيش الساخن» في يوم الجمعة بواسطة مأمور قسم مصر الجديدة لضمان الحصول على حصتهم «الصابحة» في سعادة.. وكيف كانت الملابس تخيطها والدتها بتكلفة بسيطة في شكل «قميص نوم كستور» بدلا من تفصيل «البيجامة» التي تتطلب أمتارًا أكثر من القماش، وعدم استطاعتها لشراء الملابس الجاهزة على الرغم من معيشتهم في إحدى الفيلات الصغيرة المستأجرة.
انتقال «شفيق» من العيش في وسط البلد إلى أطراف المدن الجديدة ابتعادا عن الصخب والزحام لم يُنسيها مشاهد العصر الملكي التي شهدته «أمينة» وهي طفلة، وكيف استمتعت بحديقة منزلها المتواضع مع رفقاءها من نفس المنطقة، وكيف كان أبيها يختار الفاكهة والخضار بعناية ولكن أيضًا “بحرص”، وكيف كان يحضر “عيدان القصب” بكمية قليلة؛ بحيث يوفر المال ولا يحرم ابنتيه من حلاوة مذاقه.
بعد تنهيدة عميقة وعين يملأها الشجن.. قالت شفيق: «كل الأحداث التي مررت بها منذ صغري جعلتني أشعر بمعاناة الكثيرين من الفئات المهمشة في مصر والعالم العربي، خاصة معاناة أهل غزة الأخيرة، فقد عشت ربع تلك المعاناة على مدار حياتي، ومعاصرتي لأحداث اقتصادية أضرت بأوضاع المصريين في فترات مختلفة جعلتني أتكيف مع أي وضع». واستطردت قائلة: «أتذكر بعد حرب فلسطين.. لم يكن أحد يستطيع أكل الفاكهة في مصر».
وحول الأوضاع في مصر في تلك الأجواء قالت: «شاهدت جنود الاحتلال البريطاني في مصر حتى عام 1948.. ولم أكن أعلم في ذلك الوقت أنهم “مستعمرين”؛ فقد كانوا يستميلون الأطفال بإعطائهم شوكولاتة.. وكنا نأخذها دون وعي ولا نقول لأهلنا.. حتى بدأت أدرك ذلك بعدما نضجت بشكل كافٍ لأتفهم الأمر.. حتى أحداث عام 1952 لم أكن أدرك تماما أنها ثورة، وكنت أعلم إنها مجرد تغيير فقط في الأوضاع.»
أول من تعلمت في أهلهاسلكت «شفيق» مسلكًا مهمًا في طريق التعليم على عكس أهلها السابقين، حيث لم يُعلم جدها أيًا من أبنائه، إلا أن تربيتها في وسط أسرة تستمع إلى الراديو وتشتري الجرائد والصحف، جعلت أمينة تتمنى أن تصبح مثل هؤلاء النسوة التي رأت كتابتهن بين طيات أوراق الصحف والتي حرصت على اقتنائها من مصروفها، حيث انبهرت بكتابات «أمينة السعيد وسهير القلماوي»، وبصوت «تماضر توفيق، وصفية المهندس» من الإذاعة المصرية، ما شكل تكوينها في المطالبة بالتعليم.
وبدأت «أمينة» تعليمها في المرحلة المبكرة من التعليم في المدارس الفرنسية للراهبات، وكانت تلك المدارس حازمة وصارمة كما هو معروف عنها، فكان ممنوع تناول «اللب واللبان» في المدرسة، وكان التلويح بالتهديد بالحبس في الغرف المظلمة إحدى الحيل لتخويف الطالبات، على حد قولها.
أمينة شفيقتقول أمينة: ذهبت في إحدى المرات إلى الكنيسة الملحقة بالمدرسة لسماع الترانيم.. كنت أحب أصوات الترانيم.. حتى مسكتني إحدى المدرسات متلبسة بالواقعة فاستدعت والدي.. والذي تفاجأت بموقفه حيث قال لها «بنتي صغيرة وربنا عندها واحد».. واستطردت أمينة أن التسامح التي عاشت فيه في تلك الفترة وعيشها بجوار جيران من المسيحيين واليهود والمسلمين أثر في حياتها فيما بعد وعلى قيم التسامح التي تتبناها.
انتقال أمينة إلى مدارس العربي في مرحلة التوجيهية، جعلها تتفهم أكثر الفرق بين الانضباط والقيود والحرية المطلقة، حيث تمتعت في تلك الفترة بحرية أكبر سواء داخل أو خارج المدرسة، خاصةً مع حركة التنوير في تعليم الفتيات في ذلك الوقت.
تقول أمينة: «كان حظي حلو لأن وزير التعليم وقتها كان د.طه حسين، وقام بإلغاء سنة سادسة وبقت 5 سنوات فقط ليستمر حلمي بعدها في الالتحاق بالجامعة وخصوصًا دراسة الإعلام في الجامعة الأمريكية» .
مصاريف الجامعة التي اختلطت بها جنسيات كثيرة بلغت أكثر من 150 جنيهًا في العام الواحد وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت، وعلى الرغم من ذلك حرصت أسرة أمينة على توفيره لاستكمال حلمها، وذلك مقابل نجاح أمينة المستمر طوال السنوات السابقة دون أن ترسب ولو مرة واحدة، على الرغم من صعوبة التعليم في مراحل الثقافة والتوجيهية، على حسب قولها.
بلورة الشخصية الوطنيةفي عام 1953 التحقت أمينة بالجامعة الأمريكية وبدأت البحث عن فرص للتدريب في الصحافة، فانتقلت إلى مجلة الجيل التابعة لمؤسسة «أخبار اليوم» ومن هنا بدأت معرفتها بالواقع الفعلي للحياة في مصر على المستويين الاجتماعي والسياسي، وتشكل وعيها بقضايا الوطن ومعرفة ماهيته خاصة أن مصر في هذه الفترة كانت تحتوي على فئات عديدة من الأرمن واليونانيين، والعديد من الفلسطينيين بعد أحداث النكبة والتي لم تكن تتخيل أو تصدق ما حدث نحوهم.
وأثناء تغطيتها للمقاومة في مدن القناة تشكل وعيها بمشكلات الوطن الحقيقية، تقول أمينة: «لما عرضت أغطي قضايا المقاومة في بورسعيد على أستاذ موسى صبري.. اشترط عليا أخد راجل معايا وما روحش لوحدي.. كنت لسه طالبة وخايف عليا.. وفعلا أخدت أحمد بهجت معايا واتنكرت في شكل الصيادين.. واخدنا وقتها 30 جنيها لتغطية الموضوعات.. ورأيت ما لم أكن أعرفه وشاركت في كتابة المنشورات مع المقاومة».
« لقد عرفت معنى الاحتلال في زيارتي للمقاومة في مدن القناة.. وأعيد تربيتي سياسيا من جديد.. وعدت من بورسعيد “يسارية”»
وأضافت: « لقد عرفت معنى الاحتلال في زيارتي للمقاومة في مدن القناة.. حيث رأيت جنود الاحتلال في الشوارع.. وعلى الرغم من ذلك كانت القهاوى تنشد الأغاني الوطنية والأطفال تمسك العصيان وتشبهها بالبندقية.. لقد أعيد تربيتي سياسيا من جديد حتى أنني لم أخبر أهلي بسفري لتغطية المقاومة إلا بعد عودتي.. وعدت من بورسعيد “يسارية”».
لقد كانت خطوات أمينة شفيق الأولى في طريق الصحافة سعيًا منها للوصول إلى ما حظيت عليه قدوتها في هذا المجال الأستاذة «أمينة السعيد» حيث وصفتها بأنها «شخص مهم في حياتها» ومربية فاضلة وكانت تتعامل معها كصديقة على الرغم من فارق العمر بينهما، حيث تصغر «شفيق» عنها ما يصل إلى 25 عامًا.
أمينة السعيدواستطردت شفيق: «بدايتي المبكرة في الصحافة وفى مجلة (الجيل) جعلتني أتعرف على وجوه كثيرة من كبار الصحفيين لا يمكن أن أراهم قبل ذلك مثل مصطفي وعلى أمين، ومحمد حسنين هيكل، ما ساعدني بعد التخرج في العمل، فلم أكن بعيدة عن المجال أو عن شخصياتهم».
مصر ما بعد عبدالناصراعتبرت «أمينة شفيق» عصر الرئيس جمال عبد الناصر بداية بناء الإنسان المصري، خاصة بعد تأميم قناة السويس، والذي لم يحظى بتأييد كبير داخل وخارج مصر، حتى بين أوساط الإعلاميين والصحفيين المصريين أنفسهم.
«على ومصطفي أمين لم يرحبا بقرار تأميم قناة السويس.. وسمعتهما بنفسي وهما رافضان ولكني لم أستطع التحدث في ذلك.. وكان سبب رفضهما خشية أن يؤثر التأميم على مصالحهما وقد حصل بالفعل حيث تم تأميم أخبار اليوم في وقت لاحق».
هذا ما شهدت «أمينة» عليه إضافة إلى ترحيب الشارع المصري بتأميم القناة: «والله راجل» كان يقول جدي عن قدرة عبد الناصر في اتخاذ القرار، كما كانت القهاوى تكتظ بالمصريين فرحة بالتأميم مرددين «عاش عبدالناصر».
«على ومصطفي أمين لم يرحبا بقرار تأميم قناة السويس.. خشية أن يؤثر التأميم على مصالحهما وقد حصل بالفعل حيث تم تأميم أخبار اليوم في وقت لاحق».
تلك الأحداث بعثت في أمينة معاني جديدة للوطنية، واعتبرت عام 1956 إعادة بناء الانسان المصري من جديد. معتبرة أن «عبد الناصر عمره ما كان اشتراكي.. واتجاهه لتأميم المؤسسات لأن الرأسماليين أتعبوه» على حسب قولها.
وأضافت أن: «الامتيازات التي أعطاها عبد الناصر للرأسماليين كانت كبيرة، وعلى الرغم من ذلك عاندوه.. ولم يضخوا استثماراتهم في الصناعة».
وحول عدم مهاجمتها لقرارات عبد الناصر رغم النكسة، قالت: «لم أستطع مهاجمة عبدالناصر لأنني رأيته رجل وطني.. حتى أن نكسة 1967 كانت مؤامرة وقعت فيه المنطقة العربية.. وفخ وقع فيها عبدالناصر وتعامل مع الحرب بعنجهية».
هيكل والأهرامانتقلت «أمينة» عام 1956 إلى صحيفة المساء بعد تخرجها، وعملت بها لمدة 3 سنوات، ثم فوجئت بزوجها الصحفي عبدالمنعم القصاص والذي كان يعمل بالأهرام، يقول لها إن هناك موعد لها مع الأستاذ محمد حسنين هيكل في اليوم التالي.
«حديثي مع الأستاذ هيكل لم يستمر أكثر من 4 دقائق قال لي فيها بعد أن دخلت مكتبه: صباح الخير يا أمينة.. تحبي تشتغلي في الأهرام؟ «ورددت: طبعا». قالى خلاص روحي لأستاذ صلاح هلال هو منتظرك.. وبدأت رحلتي في الأهرام منذ 1960».
أمينة شفيق مع إبراهيم نافع ومحمد حسنين هيكل داخل النقابة “صور أرشيفية”وحول العمل مع أستاذ «هيكل» قالت إن صحيفة الأهرام كانت لها طابع و شخصية منضبطة في عهد الأستاذ: «أتذكر جيدًا يوم فوزي بانتخابات عضوية مجلس نقابة الصحفيين عام 1971.. استدعاني الأستاذ هيكل في مكتبه وقالي إنتي هنا محررة صحفية، عايزة تبقى زعيمة في النقابة.. فهماني.. كررها بعصبية وهو يدق على مكتبه».
وأضافت: «لقد تعلمت أول درس هو الفصل بين دوري النقابي وعملى الصحفي.. حتى إننى كنت منضمة ومؤسسة في حزب التجمع، وكنت أكتب في جريدة الأهالي وأعتبر نفسي يسارية، لكن كنت أختار الكلمات التي أكتب بها مقالاتي في الأهرام طبقا لسياسته واحتراما لعملي.. ولم أورط أي رئيس تحرير في آرائي الشخصية، ومع ذلك لم أعمل عكس أرائي وأفكاري اليسارية في الأهرام».
ضريبة مساندة الحركة الطلابيةالزخم السياسي الذي أحاط بأمينة شفيق طوال نشأتها وعملها لازمها أيضًا في عملها النقابي: «دفعت ضريبة مساندتي للحركات الطلابية.. والسادات فصلني أكثر من مرة» تقول «أمينة شفيق» إن نقابة الصحفيين هي النقابة الوحيدة التي كانت الحركات الطلابية تستطيع دخولها، حيث كانت نقابة حرة للتعبير عن الآراء.
وحول غضب السادات من دعم الحركات الطلابية في إجراء اجتماعاتهم داخل النقابة، نفت «أمينة» ذلك قائلة: «عمرهم ما عملوا اجتماع داخل النقابة.. والسادات كان بيضايق لأننا فتحنا لهم أبواب النقابة للتعبير عن نفسهم وتوزيع منشوراتهم.. وكان يريد منا طردهم».
« نقابة الصحفيين كانت قِبلة الحريات فى السبعينيات والثمانينيات.. والطلاب اعتبروها الملجأ الأول للتعبير عن آرائهم.. والسادات غضب من دعم النقابة للطلاب وكان يريد منا طردهم ».
وأضافت «شفيق»: «لقد شهدنا فعّاليات الحركة الطلابية داخل الجامعات مثل غيرنا ولم يتدخل أحد في تحركاتهم ولم يطلبوا أراءنا فيما يفعلوه.. لكن مش معقول نطردهم وهم لسه طلاب وكتير منهم بقوا أصدقاء لي فيما بعد.. وأتذكر أحمد رزة.. وليلى حريري».
تظاهرات الحركة الطلابية في مصر “صورة أرشيفية”وأشارت إلى أن الرئيس السادات لم يكن يعجبه شيء من أراء الصحفيين في ذلك الوقت، وكان يريد فصلنا من النقابة، وموقفه المعادي لمساندة الحركات الطلابية جعل منا أبطال.
تقول أمينة: «شهدت تعاطف من الشارع المصري معي وكانوا يعرفونني بالاسم.. ويدعون لعودتي للعمل.. مواقف السادات ضدي جعلت مني قائدة لكنني بالفعل لم أكن اسعى لذلك».
وأضافت ضاحكة «أتذكر أحد زملائي وهو يحذرني بصوت متجهم خافي يا أمينة السادات ممكن يلبسك قضية مخدرات».
وأشارت إلى أحد المواقف المشرفة لنقيب الصحفيين في ذلك الوقت «على حمدي الجمال» حيث أنه لم يقف أمام حركة الطلاب داخل النقابة أبدا، على الرغم من اعتراض السادات.
وعن تدخل حزب التجمع في مظاهرات الحركة الطلابية نفت ذلك قائلة: «لم أر أي حاجة داخل الحزب تقول كده.. كنا نراقب الحركة الطلابية وتحركاتها فقط لكن كان في مساندات من شخصيات حزبية للحركة الطلابية بالطبع».
تعسف مستمروحول عودتها لممارسة العمل الصحفي مرة أخرى بعد «غضب السادات» عليها، قالت إن هناك العديد من الصحفيين الذين تم فصلهم بسبب مساندتهم للحركة الطلابية، وأراءهم السياسية، مثل يوسف إدريس وأحمد بهاء الدين وغيرهم.. وبعد وساطات من شخصيات إعلامية مثل هيكل تم رجوعنا للعمل بصحيفة الأهرام قبل حرب 1973.
وكشفت «أمينة شفيق» عن أن زوجها تم اعتقاله في أحداث 1977، وحينما أرسل لها «موسى صبري» رسالة مفادها أنه سيكتب عنه، نصحته بالابتعاد عنها أفضل. قائلة: «كنت بحب موسى صبري وكنت أفهمه جيدا وهو من أفضل الصحفيين وأفضل الإداريين في الأهرام.. وعلى المستوى الإنساني كان يقدم كل جهده لصالح الصحفيين ولم يتوانى عن تقديم أي مساعدة أطلبها منه أثناء عملي النقابي.. وكان أول رئيس مجلس إدارة للأهرام يعالج عامل بالأهرام في أوروبا».
أمينة شفيق أثناء حوارها مع البوابةوعن علاقة الكاتب الصحفي يوسف إدريس إبان توليه رئاسة مجلس الأهرام، مع استمرار أزمتها مع السادات قالت: «استدعاني في يوم وأراني كشف للصحفيين مطلوب فصلهم بأمر من السادات.. وكان بالطبع اسمي موجود.. وسألني أعمل إيه؟ وكان في أسماء كتير زي محمود السعدني واحمد عباس صالح، ومحمد حسنين هيكل.. وقولتله: انت تعرض الأمر على أعضاء مجلس الإدارة ولما يرفضوا بلغ السادات أنهم رفضوا».
وحول سبب تعسف السادات معها المتكرر، قالت: " اتذكر لقاء مع أعضاء النقابة اثناء تولى إبراهيم نافع نقيب الصحفيين في مكتب الرئاسة وقولت له أنا أكتر واحدة حضرت تحقيقات مع الصحفيين مفيش أي تحقيق يمس رئيس الجمهورية".. ورد السادات: يعني انتوا لسه معتصمين بكرة؟ خلاص هبعتلكوا فول وطعمية".
الدور النقابيتقول أمينة شفيق: « لقد استفدت جيدا من درس أستاذ هيكل، وفصلت بين عملي ودوري النقابي، حتى إن هناك زملاء اختلفت معهم سياسيًا كانوا يأتون طالبين خدمات على الرغم من خلافاتنا وكنت أفعل ذلك بكل سرور.. وعلى العكس أيضًا إذا حاول أحد الزملاء الانضمام لحزب التجمع كنت أرفض التدخل وأقوله روح لخالد محي الدين بنفسك».
28 عامًا في عضوية مجلس النقابة على مدار سنوات مختلفة هي السنوات الأكبر بين جميع أعضاء مجلس النقابات المهنية، اقتنصتها «أمينة شفيق» لتتفوق على الذكور والإناث من جيلها ومن الأجيال السابقة واللاحقة لها، لتعاصر العديد من النقباء، والزملاء في مجلس نقابة الصحفيين، وأرجعت نجاحها المتكرر بفضل خدمتها لجميع الصحفيين على الرغم من الاختلافات السياسية والفكرية.
« نجحت فى الفصل بين السياسة ودورى النقابى تجاه زملائى وكان ذلك سبب نجاحي»
تقول أمينة: «28 سنة في خدمة جميع الزملاء بالنقابة.. لم أتوانى لحظة في الدفاع عن أحد أو طلب أي زميل مهما كان اختلافنا السياسي أو الفكري.. ولكن هذه السنوات أخذت من صحتي ووقتي وأسرتي».
أما وجودها مع أكثر من نقيب للصحفيين في دورات نقابية مختلفة، بحكم طول مدة عملها النقابي، قالت «شفيق»: « الصحفيين في الأهرام كانوا يجوا يسألوني ننتخب مين من أعضاء المجلس.. وسيبك من النقيب احنا هنختار مرشح الدولة.. بس انا عمري ما قُلت هنتخب مين». مضيفة إن الدولة المصرية على مدار تاريخها لا يهمها أعضاء المجلس في انتخابات النقابة وغالبًا كانت تركز على اختيار النقيب.
أمينة شفيق مع ابراهيم نافع "صورة أرشيفية "وأضافت، أنه على الرغم من ذلك وقف العديد من النقباء الذين يحسبون على الدولة إلى جانب الصحفيين ضد قرارات الحكومة في مواقف محددة، تمس النقابة أو الصحفيين أو المهنة، مثل على حمدي الجمال، وعبد المنعم الصاوي، وإبراهيم نافع.
«28 سنة في خدمة جميع الزملاء بالنقابة.. ولكن هذه السنوات أخذت من صحتي ووقتي وأسرتي»
وحول الصعاب التي تواجهها الصحفيات لخوض العمل النقابي، تقول: « للأسف احنا في مجتمع ذكوري أبوي ونجاح الصحفيات في هذا المجال صعب، حتى أني اتهمت أنى أغلقت الباب خلفي.. ولكن نجاحي في النقابة جاء بعد اختبارات عديدة من زملاء المهنة».
"أمينة شفيق" مع لفيف من الكاتبات الصحفياتبعين يآسة من نظرة المجتمع للإناث فيما وصفته بالمجتمع الذكوري الأبوي، شعرت أمينة شفيق أنها دفعت أيضًا ضريبة كبيرة داخل الأهرام بسبب مواقفها السياسية، ولكن ربما كان اختيار مؤسسة الرئاسة لها في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لتكون أولى السيدات الأعضاء بالمجلس القومي للمرأة في سنوات تأسيسه الأولى، يُعد انتصارًا لدفاعها عن المساواة، وعملها الدؤوب.
تقول أمينة: « فوجئت بمباركة زملائي في الأهرام ولم أكن أعلم وقتها السبب.. حتى باغتني أحدهم وبشرني بعضوية القومي للمرأة»، لافتة إلى أن عضويتها بالقومي للمرأة أتاحت لها زيارة ربوع مصر المختلفة، والقرب أكثر من مشكلات المرأة والفتيات على أرض الواقع.
شخصية أمينة شفيق التي بلورتها الأحداث التي مرت على مصر، لم تجعلها فقط شاهد على الحركات الطلابية بفعل دورها النقابي، لكنها أصبحت شاهدة على الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وأصبحت أيقونة تُلهب حماس الصحفيين تجاه نقابتهم.
أمينة شفيق مع محررة البوابة ايمان عبدالقادر