ما الرسائل التي حملها فيديو حزب الله الجديد؟ محللون يجيبون
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
أكد محللون سياسيون وعسكريون أهمية الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي لحزب الله، والذي يظهر جانبا من ترسانته الصاروخية، وسط إجماع على أنه يحمل دلالات ورسائل من حيث التوقيت والمضمون والهدف.
ووفق مدير مكتب الجزيرة في لبنان مازن إبراهيم، جاء نشر الفيديو بعد زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين وأثناء محادثات الدوحة لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة.
وأشار إلى أن التوقيت بالغ الأهمية إذ إن حركة الموفدين التي تصل إلى بيروت هي بمعزل عن رد حزب الله المتوقع على اغتيال قائده العسكري البارز فؤاد شكر.
ومن حيث المضمون، كشف حزب الله -وفق إبراهيم- عن ترسانته الصاروخية الدقيقة، وبرسالة مفادها أنه في أتمّ الجاهزية لخوض أي معركة مستقبلية، كما أن ما يعرفه الاحتلال عن قدرات الحزب الصاروخية "أقل مما يمتلكه فعلا".
وعلى صعيد اسم المنشأة "عماد 4″، يوضح مدير مكتب الجزيرة أن هناك منشآت عسكرية أخرى لحزب الله تحت الأرض في أنفاق وقواعد معينة داخل الجبال، حيث وضعت فيها هذه الصواريخ الدقيقة، وتتيح للشاحنات التحرك فيها بسهولة.
ويريد حزب الله أيضا إرسال رسالة أخرى مفادها أنه لا جدوى من أي ضربة استباقية إسرائيلية، في ظل وجود عشرات القواعد التي لا يمكن الوصول إليها بغارات جوية أو مسيّرات، وفق المتحدث.
ويقول مدير مكتب الجزيرة إن انتقال هذه الصواريخ الدقيقة يعني أن حزب الله ينتظر المعطى الميداني لتوجيه الضربة المتوقعة، معتقدا أنه أعطى أوامر لمقاتليه بالاستعداد، إضافة إلى أنه على أتمّ الجاهزية لأي رد إسرائيلي.
ووفق إبراهيم، دخلت المنطقة مرحلة جديدة عقب كشف حزب الله عن جزء من ترسانته الصاروخية بعدما كان الحديث سابقا عن مسيّرات حزب الله.
وخلص إلى أن بنك الأهداف أصبح مكتملا إذ تستطيع هذه الصواريخ الدقيقة ضرب كل الأهداف الإسرائيلية التي صوّرها حزب الله عبر "هدهد 1" و"هدهد 2″، فضلا عن مخاطبة الجمهور الإسرائيلي بأن صواريخ الحزب قادرة على الوصول إلى أقصى المناطق.
رسائل عسكريةبدوره، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة إن هذا الفيديو يؤكد أن المقاومة اللبنانية ليست مردوعة ولا تخشى الحرب بل تستطيع قلب الطاولة في حال كانت تلعب أميركا على الوقت.
وأوضح شحادة -للجزيرة- أن رد حزب الله على اغتيال شكر ليس له علاقة بالمفاوضات الجارية، في إشارته إلى زيارة هوكشتاين.
وأما الرسائل العسكرية، فيؤكد شحادة أن هذا العمق والحجم من الأنفاق بالجبال يعني أنها محمية جدا ولا تستطيع إسرائيل الوصول إليها ولا جدوى من أي ضربة استباقية إسرائيلية.
وأضاف أن حزب الله يمتلك أكثر من منشأة من هذا الطراز، إلى جانب أن ترسانة الصواريخ لدى الحزب ضخمة وتستطيع الوصول إلى كل كيلومتر من شمال فلسطين المحتلة حتى جنوبها.
وبشأن الفرق بين الفيديوهات السابقة والجديد، يوضح الخبير الإستراتيجي أن فيديوهات "هدهد 1″ و"هدهد 2" كانت لإبراز قدرات المقاومة التجسسية والاستطلاعية ولأهداف إستراتيجية إسرائيلية.
في الجهة المقابلة، أبرز فيديو "عماد 4" القدرات الصاروخية للمقاومة اللبنانية وحجم الأنفاق، لافتا إلى أن إسرائيل غرقت في أنفاق غزة في حين أن أنفاق لبنان مختلفة كليا وكبيرة ومتشعبة وتسير فيها الشاحنات.
تحذير لإسرائيل
من جانبه، يعتقد الخبير بالشؤون الإسرائيلية علي حيدر أن الفيديو الجديد حمل رسالة تحذير للاحتلال مفادها عدم تجاوز الحد المعين في أي رد على رد حزب الله المتوقع، مشيرا إلى أن حزب الله أراد القول إن قدراته الصاروخية تمكنه من دكّ عمق إسرائيل الإستراتيجي.
وأكد حيدر -للجزيرة- أن الفيديو مرتبط بالمرحلة الجديدة التي ارتقت إليها المواجهة، لافتا إلى أن المقاومة توظف أوراق القوة مقابل التهويل الأميركي.
وخلص إلى أن الكشف عن هذه الأوراق يعني أن حزب الله انتقل من مرحلة القرار إلى التمهيد العملياتي، مضيفا أن الفيديو حسم محدودية قدرة إسرائيل على الرهان على الضربات الاستباقية.
حيرة إسرائيلية
في سياق متصل، قال مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية عماد أبو عواد إن فيديو حزب الله سيزيد الحيرة داخل إسرائيل، خاصة مع الحديث عن فشل استخباري عن حزب الله بعد الفشل في تقدير قدرات المقاومة في غزة وقدرتها على الصمود.
وتوقع أبو عواد أن يكون هناك نوع من التخبّط على المستوى السياسي وماذا يمكن فعله تجاه حزب الله، مشيرا إلى الحيرة بين ضربة استباقية إسرائيلية أو انتظار رد الحزب.
وبيّن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجد نفسه أمام معادلة تتعقد، وقد يلجأ إلى التفكير نحو منعطفات أخرى في محاولة للخروج من مأزق الجنوب أو الشمال أو الإقليم، خاصة مع نقص العتاد والقوة البشرية.
ونبّه إلى وجود انقسام داخل المؤسسات الإسرائيلية إذ تعتقد المؤسسة العسكرية العقلانية أن قدرات حزب الله كبيرة وبإمكانه أن يشكل تهديدا إستراتيجيا على إسرائيل، في حين لا تريد المؤسسة السياسية اليمينية الحاكمة أي تراجع وترغب في مواصلة تطبيق أجندتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أن حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل يحتاج انتصارُ غزة وهزيمةُ “إسرائيل” إلى دليل؟
عبدالحكيم عامر
في خضم الدمار والآلام، يبرز صمود غزة كأُنموذج للإيمان والقوة والإرادَة التي تتحدى أعتى الجيوش وأكثرها تطورًا، فهل يحتاج انتصار غزة وهزيمة العدوّ الإسرائيلي إلى دليل؟ فالإجَابَة تكمن في وقائع الميدان التي لا يمكن إنكارها، غزة لم تسقط، المقاومة لم تُهزم، والشعب لم يستسلم، هذه هي الحقيقة التي تُجسد انتصار غزة، والتي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية، وأفشلت الأهداف الإسرائيلية المعلنة.
أعلن العدوّ الإسرائيلي أهدافًا واضحة لحربها “سحق حماس” و”إنهاء المقاومة”، و”تحرير الأسرى”، و”تهجير سكان غزة”، لكن ما ثبت اليوم أن كُـلّ هذه الأهداف تحطمت على صخرة صمود الشعب الفلسطيني.
خطة الجنرالات أَدَّت إلى سقوط أُسطورة الردع الإسرائيلية، والتي روجت لها حكومة نتنياهو لتحقيق انتصار سريع عبر اجتياح شامل، فكانت تهدف إلى تغيير الحقائق على الأرض، فقد فشلت هي الأُخرى، فبدلًا عن تحقيق أهدافها، أَدَّت هذه الخطة إلى قتل آلاف الفلسطينيين الأبرياء وتدمير أحياء بأكملها، فتحولت إلى كابوس استنزاف طويل، حَيثُ لم تتمكّن من إنهاء المقاومة الفلسطينية، بل زادت من ضراوتها، وانهارت أمام تحصينات بسيطة في جباليا وبيت حانون، حَيثُ تحولت الدبابات إلى أهداف متنقلة للمقاومين.
واستعادة الأسرى الهدف الإسرائيلي إلى فشل ذريع.
رغم مرور خمسة عشر شهرًا، لم يُحرّر الاحتلال الصهيوني أسيرًا واحدًا بقوة السلاح، بل اضطر إلى التفاوض غير المباشر، بينما تواصل المقاومة رفض التنازل عن شروطها، وهنا تكمن المفارقة أن العدوّ الإسرائيلي، التي ادعى أن الحرب ستُعيد أسراه؛ ما أَدَّى إلى مواجهة ضغوطًا داخلية متصاعدة، حَيثُ تحوَّلَ أسراها إلى نقمة سياسية على نتنياهو، الذي يُمدد الحرب لتفادي المحاسبة.
فالصمود الشعبي هو الدرع الأقوى للمقاومة، فلم يهجَّر أهل غزة إلى مواطن بديلة أَو مخيمات في خارج غزة، بل تمسكوا بالبقاء في الشجاعية وخانيونس ورفح وجباليا وغيرها من المناطق التي تشهد أعنف المعارك، هذا الصمود لم يكن عسكريًّا فقط، بل كان أَيْـضًا صمودًا شعبيًّا، فالشعب الفلسطيني تمسك بأرضه ورفض مغادرتها، رغم المجازر الوحشية والتهجير القسري الذي تعرض له.
مُرسخين رسالةً واضحة “غزة ليست أرضًا تُهجَّر، بل قضية تُحمل”، ويصرخ في وجه العالم “نحن هنا باقون”، فهذا شعبٌ كتب نصرَه بدماء شهدائه، وصبر أحيائه، حَيثُ ينكسر السلاح أمام الإرادَة.
انطلاقًا من هذا الإيمان، فاوضت المقاومة في الدوحة ورفضت التنازل عن خطوطها الحمراء. وقالت إنها انتصرت، ليس لأَنَّها حقّقت نصرًا عسكريًّا ساحقًا، بل؛ لأَنَّها أفشلت أهداف العدوّ الإسرائيلي وأجبرته على الرضوخ، فبالرغم من الدمار والآلام وأكثر من 46 ألف شهيد، بقيت المقاومة صامدة وواصلت عملياتها العسكرية، بل ازدادت ضراوة في الأسابيع الأخيرة، فالانتصار الحقيقي لغزة لا يُقاس بعدد القتلى أَو حجم الدمار، بل بقدرتها على إفشال مخطّطات الاحتلال وإجباره على الاعتراف ببقائها. فلو كانت المقاومة قد سُحقت، لما فاوض نتنياهو أحدًا، فسحق المقاومة يعني تهجير أَو إبادة كُـلّ فلسطيني في غزة، وهو ما لم يحدث، بل إن الشعب الفلسطيني بقي صامدًا، مؤكّـدًا أن المقاومة هي الطريق الوحيد لتحقيق الحرية والكرامة واستعادة الأراضي المحتلّة في كُـلّ فلسطين.
في الأخير، هل يحتاج انتصارُ غزة إلى دليل؟ الإجَابَة تكمن في مراجعة سريعة لخريطة الأهداف الاحتلال أراد غزة بلا شعب، فوجد شعبًا بلا خوف؛ أراد إخماد المقاومة، فإذا بها تشتعل في كُـلّ زاوية؛ أراد إنهاء القضية الفلسطينية فعادت فلسطين إلى الواجهة العالمية كقضية عادلة تزلزل عروش الطغاة، فغزة، إذن، لم تسقط، بل انتصرت.