كباشي: واشنطن تراوغ ولن نقبل سلاما لا يحقق مطالب السودانيين
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
السودان – أعلن شمس الدين كباشي نائب رئيس مجلس السيادة ونائب قائد الجيش السوداني أن الحكومة لن تذهب إلى جنيف لاستئناف المفاوضات مع قوات الدعم السريع إلا لوضع جدول زمني لتنفيذ “إعلان جدة” لحماية المدنيين، ولن تستطيع أي جهة أن تملي عليها ما تفعله.
وقال كباشي أمس الخميس خلال لقاء مع صحفيين سودانيين ومصريين في بورتسودان حضرته الجزيرة نت إن الجيش يملك زمام الأمور، وسيرى الشعب قريبا متغيرات على الأرض، مضيفا “مطمئنون تماما لموقفنا العسكري”.
وانتقد نائب قائد الجيش واشنطن بشدة واتهمها بالمراوغة ومحاولة تجاوز “إعلان جدة” الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع في مايو/أيار 2023 عبر مفاوضات جنيف، والتمسك بإشراك جهات داعمة “للمليشيا المتمردة” ضمن المراقبين.
وأكد أن الحكومة منفتحة ومستعدة لأي مفاوضات جادة للسلام، وأنها منحت الضوء الأخضر لجهات عدة أبدت استعدادها للعب دور لإنهاء الأزمة السودانية.
وقال كباشي إن “أي عربون للسلام يبدأ من تنفيذ اتفاق جدة، ولن تقبل الحكومة أي اتفاق يمنح الدعم السريع دورا عسكريا أو سياسيا في المستقبل”.
وجدد نائب قائد الجيش رفضه المشاركة في مفاوضات جنيف بوضعها الحالي، مؤكدا أنهم لن يقبلوا بسلام لا يرتضيه الشعب ويعيده إلى منازله المحتلة من قبل “مليشيا الدعم السريع” وتعويضه عن الخسائر التي تعرّض لها من نهب وتدمير للممتلكات، وتابع “إذا لم تتحقق مطالب المواطنين فسنستمر في القتال”.
من جانبه، قال جبريل إبراهيم وزير المالية وزعيم “حركة العدل والمساواة” إن مفاوضات جنيف تسعى إلى شرعنة الدعم السريع كقوة بعد الحرب، لذا رفضت الحكومة المشاركة في تلك المفاوضات، مضيفا أن الإدارة الأميركية لو كانت جادة في إنهاء الحرب لألزمت القوات بتنفيذ “إعلان جدة”.
وأكد إبراهيم خلال لقاء مع إعلاميين في بورتسودان أن الحكومة لن تستجيب للضغوط والتهديد، ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض على الشعب السوداني سلاما بشروطها.
كما قال إن الحكومة السودانية لن تتنازل عن المطالب التي حددتها، مؤكدا أنها “مستعدة للتفاوض من أجل سلام عادل وشامل وغير راغبة في الحرب ولكنها مفروضة عليها لأنها صارت تستهدف المواطن لا القوات المسلحة”.
وذكر إبراهيم أن الحكومة لن تقبل باتفاق هش مع قوات الدعم السريع أو هدنة تتيح لها ترتيب أوضاعها حتى تعود إلى الحرب مرة أخرى، وأن باب المفاوضات لا يزال “مواربا” وستعود إليه الحكومة متى ما تم توفير متطلبات استئناف التفاوض.
وكشف وزير المالية أن الحكومة وضعت يدها على الإمبراطورية المالية لقوات الدعم السريع بحجز أرصدتها المالية في المصارف والشركات الاستثمارية وأسهمها بالمصارف وأكثر من ألف عقار في ولاية الخرطوم ومناجم الذهب بكافة الولايات عدا منجم سونغو في جنوب دارفور.
وأوضح أن الموسم الزراعي السابق حقق زيادة في إنتاج القمح مقدارها 950 ألف طن والذرة 3.5 ملايين طن على الرغم من ظروف الحرب، وأنه لا توجد مشكلة في توفر الغذاء، لكن قوات الدعم السريع تعيق إيصاله إلى المواطنين بالمناطق التي تسيطر عليها.
وأضاف أن أغلبية المساعدات الإنسانية التي وصلت كانت من الدول العربية والإسلامية، وأقلها من دول الاتحاد الأوروبي التي قال إنها لا تهتم بالمواطن السوداني.
واتهم وزير المالية منظمات غربية بـ”تسييس العمل الإنساني” واستخدام الغذاء لممارسة ضغوط على الحكومة وفرض تدخل إنساني في البلاد.
وأقر إبراهيم بمعاناة الشعب السوداني بسبب الحرب، وحمّل قوات الدعم السريع مسؤولية إفقار المواطنين ونهب ممتلكاتهم وتهجيرهم من منازلهم قسرا وتدمير مصادر أرزاقهم.
وأشار إلى أن ما استطاعت الحكومة تقديمه هو توزيع ذرة مجانا للولايات ومساعدات مالية محدودة، وإلغاء الجمارك على السلع الغذائية الأساسية المستوردة وسداد رواتب العاملين في الدولة.
وعن حجم خسائر الحرب، قال وزير المالية إن اللجنة التي شكلها مجلس السيادة برئاسته في هذا الشأن قطعت شوطا كبيرا، واستعانت بخبراء وبيوت خبرة أجنبية، ولم تصل إلى تقديرات وأرقام دقيقة بعد، وستوصي بإنشاء مفوضية لإعادة الإعمار بعد الحرب.
وفي تطور آخر، اتهمت لجان المقاومة أمس الخميس قوات الدعم السريع بنهب المواد التموينية المخصصة للمطابخ الجماعية وإطلاق النار على متطوعين في منطقة شمبات بالخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية.
وقالت لجان مقاومة شمبات في بيان إنه “في تصرف شنيع قام أفراد مسلحون يتبعون لقوات الدعم السريع بسرقة ونهب المواد التموينية المخصصة للمطابخ الجماعية (التكايا) في منطقة شمبات، والاعتداء على المتطوعين في المطابخ بالضرب وإطلاق الرصاص الحي باتجاههم وسرقة هواتفهم الخاصة”.
وتقدم “التكايا” في شمبات وجبات يومية لأكثر من 1400 أسرة ما زالت موجودة في المنطقة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وأشار البيان إلى أن توقف المطابخ الجماعية عن الخدمة من شأنه تهديد حياة السكان الذين باتوا يعتمدون في غذائهم على ما تقدمه هذه المطابخ المجانية، في ظل انعدام فرص العمل وغياب المساعدات الإنسانية.
وأكد البيان أنه لا توجد أي قوات تقوم بحماية المدنيين كما يشاع، و”لم تشكل أي قوات لهذا الغرض منذ اندلاع الحرب، وكل ما يشاع غير حقيقي”.
وكان قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو أعلن تشكيل قوة خاصة لحماية المدنيين تتولى مسؤولية توفير الأمن والمساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية.
المصدر : الجزيرةالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع وزیر المالیة أن الحکومة
إقرأ أيضاً:
هزائم الدعم السريع
يبدو أن الجيش السوداني يسير وفق خطة استراتيجية محكمة لاستعادة جميع المدن من قوات الدعم السريع المتمردة بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، فبعد تمكن الجيش في عملية خاطفة من استعادة جبال موية الاستراتيجية، عاد السبت الماضي لبسط سيطرته على مدينة سنجة الاستراتيجية، عاصمة ولاية سنار.
في هذا الإطار، أكد الجيش السوداني عبر موقعه الرسمي، سيطرته على قيادة الفرقة 17 مشاة، ومداخل ومخارج ووسط المدينة، وهو ما يعكس إصراره على استعادة المدن، والمناطق الرئيسية من قوات التمرد.
وجاءت هذه الخطوة بعد معارك عنيفة اعتمدت فيها القوات على استخدام الطائرات المسيّرة والقصف المدفعي. وقد تقدم الجيش تدريجيًا من مناطق عدة، مثل الدندر والسوكي، حتى أحكم قبضته على سنجة، مشيرًا إلى نيته مواصلة التقدم نحو المناطق المجاورة مثل الدالي والمزموم وأبو حجار لاستكمال العملية العسكرية.
الانتصار العسكري في سنجة كان له صدى واسع بين السكان المحليين، حيث نظمت احتفالات في المدينة، لتحية الجيش ودعمه، كما شهدت مدينة الحواتة بولاية القضارف، التي لجأ إليها سكان سنار، احتفالات مماثلة، مما يعكس التفاف الشعب السوداني حول جيشه، وتوحد الجميع على هدف تحرير البلاد في حرب الكرامة.
إحباط تهريب الأسلحة وتأمين الحدود
ويبدو أن الجيش السوداني، والحركات المسلحة المتحالفة معه ينتظرهما جهد كبير لتحض قوات الدعم السريع المتمردة، التي تمتاز بسرعة العمل والحركة في المناطق الحدودية، إضافة إلى نجاحها في عقد تحالفات إقليمية ودولية لإمدادها بالأسلحة الحديثة بشكل مستمر، حيث كشفت تلك الحركات الخميس الماضي عن نجاحها في إحباط عملية كبرى، لتهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر الحدود الليبية- التشادية- السودانية.
وأوضح بيان لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أن العملية تمت بالتنسيق بين الحركات المسلحة، والجيش السوداني لحماية حدود البلاد، مما يعكس تقدمًا كبيرًا في هذا الاتجاه، وتطور على مستوى التنسيق العسكري والاستخباري بين الطرفين.
وأظهرت الحركات المسلحة في تسجيلات مصورة عددًا من المركبات القتالية، بالإضافة إلى صناديق ذخيرة ومدافع "كورنيت"، وهو سلاح مضاد للدروع.
وتظهر نوعية الأسلحة مدى التحدي الذي يواجهه الجيش السوداني في تحقيق أهدافه الخاصة بطرد التمرد من داخل المدن، وتأمين حدوده المتسعة مع سبع دول جوار.
مسيرات الدعم
وفي اتجاه موازٍ، لا تزال هجمات الطائرات المسيرة التابعة لقوات الدعم السريع تشكل تحديات تقنية وعسكرية للجيش السوداني، حيث نفذت قوات التمرد هجمات موسعة ومنسقة بالمسيرات على مطار عطبرة الدولي بولاية نهر النيل، ورغم تصدي دفاعات الجيش للهجوم، إلا أن تكرار هذه يبرز حجم الدعم والإصرار الإقليمي والدولي على إمداد التمرد بتلك التقنيات الحديثة، ومحاولة حصار الجيش وحرمانه من الحصول على الأسلحة.
وكانت أجهزة الأمن السودانية قد كشفت كميات كبيرة من الأسلحة المهربة للتمرد في شاحنات المواد الإغاثية للنازحين واللاجئين السودانيين، وهو ما يظهر أيضًا تورط منظمات الإغاثة الدولية في دعم التمرد، وإشعال الحرب بغرض تقسيم السودان وخاصة فصل ولايات دارفور الخمسة عن السودان، حيث يسيطر الدعم على أربعة منها، ويحاصر ما تبقى من ولاية شمال دارفور، وعاصمتها الفاشر.
ويتبقى أمام الجيش السوداني فرصة تاريخية لاستعادة أراضيه والحفاظ على وحدة بلاده مستغلاً انشغال التحالف الاستعماري الجديد في الحرب مع روسيا من ناحية، وحتى انتهاء مرحلة البطة العرجاء في أمريكا والتي تنتهي في العشرين من يناير المقبل.