صناعة الفخار في لبنان: هل تسقط آخر قلاع التراث أمام عواصف الأزمات؟
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
في زوايا القرى اللبنانية وعلى جوانب الطرقات الترابية، تجد الأفران التقليدية التي ما زالت تصنع الفخار بالطريقة التي توارثها الأجداد عبر الأجيال. هذه الصناعة العريقة، التي كانت يوماً رمزاً للمهارة اليدوية والإبداع الفني، باتت اليوم تواجه خطر الاندثار، وسط الحروب والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
فمنذ ما يقارب الألفي عام تقريبا، كانت صناعة الفخار مزدهرة في المنطقة، تعتمد عليها العديد من العائلات كمصدر رزق أساسي.
الحرب اللبنانية والأزمات المتلاحقة لم تؤثر فقط على الأسواق المحلية، بل أدت أيضاً إلى تراجع الإقبال على الفخار، نتيجة لتغير أنماط الحياة والانتقال إلى استخدام المنتجات البلاستيكية والألومنيوم الأرخص والأكثر وفرة. علاوة على ذلك، فإن معاناة الحرفيين القدامى، الذين كانوا يشكلون العمود الفقري لهذه الصناعة، ساهمت في تسارع انهيار هذا التراث الحرفي.
وفي جولة على القرى اللبنانية، رصد "لبنان24" معامل الفخار في لبنان، وبانحدار لا مثيل له، بات أرباب هذه الصناعة معدودين، إذ ما زال هناك عدد قليل من الحرفيين الذين يتمسكون بهذه المهنة، معتبرين إيّاها جزءاً لا يتجزأ من هويتهم وتراثهم. فمثلا، لا يتعدى عدد القرى في الشمال وجبل لبنان التي تقوم بتصنيع الفخار 4 قرى، وقلّما تشهد حركة، بينما بقاعا، تبرز بلدة راشيا الفخار التي لا تزال تقاوم بالتراب والمياه اندثار هذه الحرفة، من خلال عائلات تحاول نقلها لأولادهم وأحفادهم، ومصنع آل فاخوري في اقليم الخروب خير شاهد على ذلك، إذ لا يزال يعرض عددا من الأواني والصحون والتحف الفخارية.
هؤلاء الحرفيون يحاولون بشتى الطرق الصمود والبقاء، من خلال إدخال بعض التعديلات على التصاميم التقليدية لتناسب الذوق العصري، أو من خلال فتح أبوابهم أمام السياح لإطلاعهم على عملية صناعة الفخار المثيرة، والتي تميز بها لبنان، خاصة منطقة طرابلس.
ورغم هذه الجهود، فإن صناعة الفخار في لبنان تعيش اليوم على أمجاد الماضي، مستذكرة الأيام التي كانت فيها هذه الصناعة تزدهر وتنتج أجمل القطع التي كانت تزين البيوت اللبنانية.
المستقبل يبدو غير واضح لهذه الصناعة، حيث أن الحفاظ عليها يتطلب دعماً حقيقياً من المجتمع والدولة، وإلا فإنها قد تنضم إلى قائمة طويلة من الصناعات التقليدية التي تلاشت مع مرور الزمن، حيث ستصبح الأفران القديمة شاهدة على مجد مضى وصناعة برع بتنفيذها اللبنانيون.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: صناعة الفخار هذه الصناعة
إقرأ أيضاً:
الراعي: يد الرَّبّ يسوع المسيح وقديسي لبنان كانت تمنعه من السقوط
استضافت الكنيسة المارونيّة لقاء حجّاح الرجاء الثالث من سلسلة اللقاءات التي تستضيفها الكنائس الكاثوليكيّة، لمناسبة إعلان البابا فرنسيس سنة 2025 سنة يوبيليّة بعنوان "حُجّاج الرجاء"، برعاية البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي وحضوره، في الصرح البطريركي في بكركي من تنظيمٍ مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركيَّة المارونيَّة وبالتعاون والتنسيق مع اللجنة الوطنيّة لراعويّة الشبيبة في الكنائس الكاثوليكيّة .
شارك في اللقاء مسؤولو الشبيبة من كلّ الكنائس الكاثوليكيّة (الروم الملكيين والسريان والكلدان والأرمن واللاتين) ومسؤولو لجان الشبيبة في الأبرشيّات المارونيّة ومسؤولو الحركات والجمعيات والجماعات الكنسيّة إلى جانب المرشدين والمكرسين والمكرسات.
استُهل اللقاء بالقدّاس الإلهي الذي احتفل به البطريرك الراعي مع لفيفٍ من الأساقفة والإكليروس، يُعاونه مرشد مكتب راعويّة الشبيبة البطريركي والمشرف عليه الخوري جورج يَرَق، و مرشد اللجنة الوطنيّة لراعويّة الشبيبة في الكنائس الكاثوليكيّة الخوري شربل دكّاش، والأب مجدي علّاوي، مؤسّس جمعية سعادة السماء، الذي احتفل بمرور 17 سنة على تأسيس جمعيّته، في حضور المؤمنين وشخصياتٍ رسميّة أمنيّة وسياسيّة واجتماعيّة.
بعد القداس، توجَّه المشاركون إلى مسرح الصرح البطريركي حيث رحَّب الأمين العام الجديد لمكتب راعويّة الشبيبة، السيد الياس القصيفي، بالحاضرين معربًا عن فرحه الكبير باستضافتهم في هذا الصرح المبارك، بيت الشبيبة الأبويّ، واعدًا إياهم بعيش اختبارٍ مميّزٍ بنكهةٍ مارونيّةٍ خاصَّة، ومشدِّدًا على جهوزيّة المكتب لكلّ تعاونٍ مع كلّ الكنائس والأبرشيّات والحركات والجمعيات والجماعات في حقل الرسالة لما فيه خير الكنيسة والشبيبة. ودعا الشبيبة "ليزرعوا بذار الرجاء في القلوب بالكلمة والعمل والشهادة الصادقة للحبّ والسلام لمستقبلٍ أفضل".
بعدها كانت كلمةٌ ترحيبيَّة لمنسق اللجنة الوطنيّة لراعويّة الشبيبة الأستاذ روي جريش، شدَّد فيها على أهميّة لقاءات "حُجّاج الرجاء" التي تسمح لنا بعيش فرح المحبّة الأخويّة والتعرُّف أكثر على غنى كنيستنا. وقال:"إن هذا المشروع الحلم الذي يدخل في صلب رسالة اللجنة الوطنيّة يكمن في السير معًا بخُطى ثابتة نحو راعويّة شبابيّة متجدِّدة. وهذا الأمر لا يتحقَّق إلّا بالعودة إلى تاريخنا وتقاليدنا، والعودة إلى ينابيع وكنوز كنائسنا الشرقيّة. وإنّ هذا المسير الذي نسيره معًا يهدف إلى التعرُّف على كنائسنا في سنة اليوبيل قبل الانطلاق إلى روما والمشاركة في يوبيل الشبيبة".
أضاف:" إنّنا نقف اليوم في حضرة التاريخ في الكنيسة المارونيّة، الكنيسة التي حملت قضيّة الحريّة وقضيّة الإنسان في لبنان والعالم".
ثمّ تعرّفت الشبيبة على روحانيّة مار مارون والقديسين الموارنة، مع الخوري جورج يَرَق، الذي استعرض وجهَين من وجوه الرجاء، "الوجه الأول، الرجاء المتجلّي في جمال الطبيعة المعطاة لنا وبخاصَّةٍ جمال وادي قاديشا الذي عاش فيه الموارنة ومنه انطلق الإيمان الماروني وحُفظ فيه، أمّا الوجه الثاني للرجاء، فهو الدم الثمين الذي بذله الموارنة للحفاظ على هذا الإيمان".
وقال:"إنّه وجه الرجاء المناضل والمجاهد. كما واستعرض حقبات من تاريخ الكنيسة المارونيّة ابتداءً من الشهداء الـ 350 تلاميذ مار مارون، ومجمع خلقيدونية، إلى البطريرك دانيال الحدشيتي الذي استشهد على يد المماليك عام 1282، ثمّ البطريرك جبرائيل من حجولا الذي استشهد على يد المماليك حرقًا في طرابلس عام 1367، إلى غصيبة كيروز الوجه المشرق الذي استشهد لأجل إيمانه بالمسيح في بعلبك عام 1975".
وأنهى حديثه بوجه الرجاء الجميل، الوجه الشافي، مع القديس شربل الذي يُمثِّل المارونيّة بكلّ أبعادها وبخاصَّةٍ في بُعدها الشفائي، مشددا على أنّ "الرجاء الذي عاشته الكنيسة المارونيّة لم تستأثر به بل نقلته الى كل الكنائس الشقيقة المضطهَدة".
بعد ذلك، شارك الشبيبة ضمن مجموعات في حلقات حوار حول الإرشاد الرسولي للبابا فرنسيس "المسيح يحيا"، تلاها جولة في الصرح البطريركي ومتحفه.
ثم، تشارك الحاضرون لقمة محبّة بطابعٍ مارونيّ وسط أجواءٍ مليئة بالفرح والأخوّة والرجاء والمحبّة.
بعد الغداء، شارك الشبيبة في 3 ورش عمل: أولاً، ورشة عمل حول تاريخ الكنيسة المارونيّة مع الدكتور إيلي الياس. ثانيًّا، ورشة عمل حول الفن والموسيقى في الكنيسة المارونيّة مع الأب خليل رحمة. وثالثًا، ورشة عمل حول الليتورجيا المارونيّة مع الخوري غابريال مطر.
اختُتم اللقاء بكلمة للبطريرك الراعي عن الكنيسة المارونيّة، قال فيها: "الكنيسة المارونيّة هي كنيسة أنطاكية سريانيّة خلقدونيّة وبطريركيّة ذات طابع نُسكيّ لأنّها ولدت ككنيسة من رحم الأديار، لذلك يلبس الأسقف الإسكيم الرهبانيّ علامة لذلك. هي كنيسة متّحدة كليًّا مع روما ولم تنفصل أبدًا عنها. كما ولم تنقسم أبدًا على ذاتها، وهذه ميزتها. وبنتيجة ذلك، دفعت الثمن غاليًا، وواجهت الاضطهادات من كلّ الجهات. هي كنيسة متجسِّدة في لبنان والمشرق وعالم الانتشار".
أضاف:" إنّ الحريّة هي الكنز الأساسي عند الموارنة.. لقد كُتب تاريخ المارونيّة وترسَّخ في لبنان، لذلك نُطلق على لبنان تسمية الوطن الروحي للموارنة مهما كانت جنسيتهم ومن أيّ بلدٍ كانوا. هي كنيسة متجسِّدة في المشرق فرسالتها تكمن في العيش مع الإخوة المسلمين. هي كنيسة الانتشار بسبب انتشار أبرشيّاتها في القارات الخمس. الكنيسة المارونيّة قويّة بأساقفتها وأبرشيّاتها ورهبانيّاتها ومؤسّساتها كما ويشكلّ الموارنة والمسيحيون في لبنان قوّةً كبيرة بمدارسهم وجامعاتهم ومؤسّساتهم".
ختم:" نحن جماعة الرجاء، والرجاء هو الفضيلة التي يُحبُّها الرَّبّ لأنّ الرجاء مؤسَّس على الإيمان ويتغذّى من المحبّة. يأخذ من الإيمان الصمود، ويأخذ من المحبّة الغذاء. لذلك يُطلَق علينا كلنا كمسيحيين اسم "أبناء وبنات الرجاء". لا وجود لليأس والقنوط والضياع عندنا. الرجاء ثابت بإيمانه. على هذا الرجاء نتّكل وبهذا الرجاء يتجلّى الرَّبّ يسوع المسيح سيّد التاريخ الذي يتدخّل ساعة يشاء وكما يشاء وبالطرق التي يُريدها.. لطالما مرّ لبنان بظروف صعبة ووصل إلى شفير الهاوية في الكثير من المراحل التاريخيّة غير أنّ يدًا غير منظورةٍ كانت تتدخّل وتمنعه من السقوط، إنَّها يد الرَّبّ يسوع المسيح وقديسي لبنان. لقد تزامن تطويب القديس شربل مع الحرب اللبنانيّة التي كانت مستعرة آنذاك.وكذلك كل القديسين أُعلنوا في زمن الحرب: مار شربل والقديسة رفقا ومار نعمة الله الحرديني والطوباوي إسطفان والأب يعقوب الكبوشي والطوباويين المسابكيين الثلاثة والطوباويَين ليونار وتوما والبطريرك الدويهي، أهم بطريركٍ في الكنيسة المارونيّة الذي أوجد كلّ شيء من العدم، فقد كتب التاريخ واللاهوت والليتورجيا... كلّ هذه العلامات دليل على أن السماء تُخاطبنا، فكيف لا نعيش في الرجاء؟ نحن أبناء وبنات الرجاء، والرجاء لا يُخيّب. هذه الكلمة التي اختارها قداسة البابا ليوبيل سنة 2025 والتي اخترتموها أنتم أيضًا "حُجّاج الرجاء"، هي أهم فضيلة مسيحيّة".