سواليف:
2025-04-16@16:00:48 GMT

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “106”

الحقائق على الأرض تتنافى دماً مع الأرقام على الورق

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، التي توخت الدقة والمصداقية، وحرصت على العملية والمهنية، بموجب القوائم المثبتة لديها، والأسماء التي وصلتها وتوثقت منها، والبيانات التي قدمتها إلى المجتمع الدولي عبر بيانها الرسمية، ومؤتمراتها الإعلامية، أن عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال أشهر الحرب التي تقترب من نهاية شهرها الحادي عشر، بلغ أربعين ألف شهيدٍ، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وجميعهم مدنيون غير مسلحين، وأغلبهم قتل في الأماكن المصنفة آمنة، والمدارس والمقرات المحمية بالأعلام الدولية.

مقالات ذات صلة هل بالضرورة ان اكون نائبا…ولماذا لا..؟ 2024/08/16

تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية وفقاً لمستنداتٍ وبطاقات هوية، وصورٍ شخصيةٍ، وشهادات الأهل والعائلات، وتعريف الأصحاب والجيران، بأسماء الشهداء الأربعين ألفاً، وهم جميعاً قد قتلوا قصفاً بالصواريخ وقذائف الدبابات، وقضى كثيرٌ منهم تحت الردم، وتحت ركام بيوتهم والمؤسسات التي لجأوا إليها، حيث يتعمد جيش العدو استهداف التجمعات السكانية، ومناطق الإيواء المزدحمة، والمدارس المأهولة، والأماكن التي يعلن عنها أنها آمنة، ويسمح للمواطنين بالإقامة فيها، ثم يقوم بقصفهم في خيامهم، ويحرقها بمن فيها من اللاجئين.

إعلان وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء بلغ أربعين ألف شهيد، بالتأكيدٌ عددٌ غير صحيحٍ، وهو مخالفٌ للواقع، ولا يتفق مع الحقيقة، ولكننا لا نعيب عليها ذلك، ولا نتهمها في نزاهتها، أو نشكك في مصداقيتها، فقد جاء تقريرها مهنياً موثقاً بالشهادات ومعززاً بالبيانات، وهي لا تستطيع مخالفة البيانات الرسمية أو تزوير المعطيات الموثقة، أو إدراج أسماء دون شهاداتٍ أو وثائق، ورغم ذلك يتهمها العدو، ويشكك في مصداقيتها، ويدعي أن أرقامها غير صحيحة، واحصائياتها غير دقيقة.

لكن الحقيقة أن العدد المعلن أقل بكثيرٍ من العدد الحقيقي للشهداء والمفقودين، حيث يتعذر إحصاء كل الشهداء وحصر جميع المفقودين الذين باتوا في حكم الشهداء، ومعرفة عدد الأسرى والمعتقلين الأحياء، إذ ساق جيش الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مناطق غير معلومة، ربما إلى معتقلات النقب المفتوحة أو إلى معتقلاتٍ سريةٍ غير معروفةٍ، وقد ثبت أنه قتل بعضهم أمام أهلهم، وأعدم جنوده آخرين عبثاً وتسليةً، ومسابقةً ومنافسة، وهدايا لأطفالهم في عيد ميلادهم، وتذكاراً لعشيقاتهم خلال مكالماتهم، دون سببٍ أو مبررٍ يسوغ لهم قتلهم، اللهم إلا خبث نفوسهم وحقد قلوبهم، وقد تم توثيق عشرات عمليات الإعدام لأسرى مكبلي الأيدي ومقيدي الأرجل ومعصوبي الأعين.

وفي أحيان كثيرة، يصعب على المواطنين الحركة والانتقال، ويتعذر وصول سيارات الدفاع المدني والإسعاف، نتيجة القصف الشديد والغارات المتوالية العنيفة، فلا يتم الإبلاغ عن بعض الشهداء وهم كثير، ويتعذر نقلهم إلى المستشفيات أو المقابر، فيدفنون على عجل في أماكنهم خشية مواصلة القصف، أو بالنظر إلى تحلل جثثهم، وأحياناً يدفنون في مقابر جماعية، لا يستطيعون فيها تمييز الجثث أو تعليم الأكفان، كما حدث مع شهداء مستشفى الشفاء إثر اقتحام جيش الاحتلال له.

ولما كان جيش الاحتلال يتواجد في مناطق مختلفة من القطاع، فإنه يقوم إضافةً إلى القصف الجوي والمدفعي من بعيد، بقتل عامة الفلسطينيين دون تمييزٍ بينهم، وتقوم جرافاته العسكرية بجرفهم وتمزيق أجسادهم، وإهالة التراب عليهم، وربما دفنت العديد منهم وهم أحياء، وقد أظهرت الحفريات حول مستشفى الشفاء بغزة، ومستشفى ناصر بخانيونس، وفي أماكن أخرى مختلفة من القطاع، أن جيش الاحتلال كان يخلف وراءه عشرات الجثث، وقد وجد عناصر الدفاع المدني الفلسطينيين أشلاءً مبعثرةً، وأجساداً ممزقة، وعظاماً مهشمةً، وبقايا أطرافٍ لعشرات الفلسطينيين المجهولي الهوية.

ولما كان يقطع الطريق بين شمال القطاع وجنوبه بدباباته ودورياته وآلياته، ويسيطر على محور نتساريم وامتداده على شارعي الرشيد وصلاح الدين، ويمنع انتقال المواطنين عبرهما من الجنوب إلى الشمال والعكس، ما أدى إلى تمزق العائلات وتشتتها، حيث أصبح بعض أفرادها يقيمون في الشمال وبعضها انتقل إلى الجنوب، بينما كانت دباباته تطلق قذائفها على المواطنين خلال محاولاتهم الانتقال من الجنوب إلى الشمال والعكس، مما أدى إلى استشهاد المئات منهم، وتمزيق أجسادهم، وانتشار أشلائهم على امتداد شارعي الرشيد وصلاح الدين، وكان من المتعذر جداً على عائلاتهم وطواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم ومعرفة هوياتهم، وبالتالي تبقى هوية الشهداء مجهولة، وأعدادهم غير معروفة، وهؤلاء حتماً لم يدرجوا ضمن إحصائيات وزارة الصحة، ولم يتم الإبلاغ عنهم، وما زال كثيرٌ منهم في عداد المفقودين.

وخلال المذابح الكبرى والمجازر الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال، وهي بالمئات في كل مناطق قطاع غزة، ونفذها بقنابل أمريكية ضخمة وفتاكة، تزن الواحدة منها ألفي رطل، والتي كان آخرها قبل أيامٍ في مدرسة التابعين بحي الدرج، والتي استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني، حيث قصفهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر.

فقد ذكر الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني الفلسطيني، أن عشرات الجثث غير معلومة الهوية وغير مميزة الشكل، إذ أن القنابل الضخمة قد مزقت الأجساد، وقطعت الأوصال، ولم تعد هنالك أجسادٌ كاملة، بل أكوامٌ من اللحم مختلفة، ممزوجة بالدماء ومختلطة ببقايا حجارةٍ وبأجزاء من الركام، فلا يتميز أصحابها، ولا تعرف هوياتهم وشخصياتهم، فيضافون رقماً ويحسبون عدداً.

ستثبت الأيام عندما تضع الحرب أوزارها وينسحب جيش الاحتلال من غزة، وتتمكن المؤسسات الوطنية الفلسطينية من إجراء إحصاءٍ دقيقٍ للشهداء والجرحى والأسرى، بعيداً عن تهديد القصف والغارات الجوية، أن عدد الشهداء الفلسطينيين يتجاوز بكثيرٍ جداً العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة، وأن الكيان الصهيوني ارتكب أفظع المجازر، ونفذ أبشع المذابح، وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضح هولوكوست مسجل، وحرب إبادةٍ موثقةٍ.

بيروت في 16/8/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جیش الاحتلال وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

فتح تستنكر الصمت الدولي حيال الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين

استنكر المتحدث باسم حركة فتح عبد الفتاح دولة، صمت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان والقائمين على اتفاقية جنيف عن الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023.

وقال دولة، في تصريح لقناة اكسترا نيوز الإخبارية اليوم الأربعاء، إن القوى الوطنية ومؤسسات الأسرى في فلسطين نظموا اليوم احتفالية خاصة بيوم الأسير الفلسطيني في فعالية مركزية في كل محافظات الضفة الغربية وقوفا واسنادا ونصرة لقضية الأسرى في رسالة رفض لكافة الجرائم التي يتعرض لها الأسرى والأسيرات من تعذيب وتنكيل واعدام في سجون الاحتلال خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023.

وأوضح أن الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال لا تقل بشاعة عن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وتطهير عرقي داخل السجون الاسرائيلية، لافتا إلى أن الاحتلال شن منذ اللحظة الأولى ما بعد أحداث السابع من أكتوبر حربا انتقامية على الأسرى ارتكب خلالها جميع أشكال التنكيل والتعذيب والعدوان بحق الأسيرات لدرجة فاقت الوصف.

وأشار إلى فظاعة شهادات الاسرى المفرج عنهم التي تؤكد ممارسة الاحتلال أبشع أنواع التنكيل والاعتداء على الاسرى، وعزلهم بشكل تام عن الحياة ومصادرة جميع الممتلكات اليومية من خلال حرمانهم من الطعام والشراب والملابس، مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة في السجون الإسرائيلية، مشددا على أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى يوما من الأيام عن دعم قضية الأسرى والوقوف بجانبهم رغم استمرار العدوان على قطاع غزة.

ويحيي أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من أبريل من كل عام، بعد أن اعتمد هذا اليوم المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 يوما وطنيا من أجل حرية الأسرى، وتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم، ودعم حقهم المشروع في الحرية.

اقرأ أيضاًوزير الخارجية يستقبل وفد حركة فتح الفلسطينية

قيادي بحركة فتح يكشف السبب الحقيقي لتأخر وقف إطلاق النار في غزة «فيديو»

وفد حركة فتح يزور القاهرة للقاء قيادات حماس الأربعاء المقبل

مقالات مشابهة

  • فتح تستنكر الصمت الدولي حيال الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان على غزة إلى 51 ألف شهيد
  • الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين ويفتحه للمستوطنين
  • المغرب.. مطالب بالتحقيق في كلفة دعم استيراد المواشي
  • والد الشهداء الستة: أولادي استهدفوا لعملهم الإغاثي وصامدون في غزة
  • سياسة الأرض المحروقة.. تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة وسط مواقف متباينة
  • إصابة عدد من الفلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال بيت لحم
  • مدينة هولندية تحيي ذكرى آلاف الأطفال الفلسطينيين الشهداء جراء الإبادة الإسرائيلية
  • إصابات بالاختناق في صفوف الفلسطينيين خلال اقتحام الاحتلال لبلدة بيت فجار
  • بالفيديو .. نسيج الحياة مشروع استيطاني ضخم لنقل الفلسطينيين تحت الأرض!