مبادرة بلينكن في جنيف … محادثات أم مفاوضات؟
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
Blinken's Geneva Initiative …. Talks or Negotiations?
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي - مركز مأمون بحيري، الخرطوم
تشهد الحرب المستعرة في السودان بين الجيش والدعم السريع استعصاءً دام ستة عشر شهراً على المبادرات الثنائية المتمثلة في منبر جدة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، والمبادرات متعددة الأطراف المتمثلة في الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) ودول الجوار.
ونظراً لأن المخاطر المطبقة بالبلاد لا تحتمل إضاعة الوقت في تبضُّع طرفي القتال في المزيد من المبادرات الثنائية ومتعددة الأطراف، وما يصاحب ذلك من اجترار للاتهامات العقيمة المتبادلة بين الجيش والدعم السريع، فإن تحاشي سقوط السودان في حرب أهلية أفظع دماراً وأبشع تقتيلاً يستدعي مفارقة مسار العلاج الاختياري الذي سلكه منبر جدة والمنابر الأخرى، لسلْك مسار العلاج القسري بالصدمة لتعجيل إرغام الجيش والدعم السرع عنوةً للقبول غير المشروط بوقف الحرب ومعالجة الضرّاء الإنسانية التي أطبقت على جميع السودانيين باعتماد ألية متماسكة تضمن المراقبة والتحقق من الامتثال والتنفيذ من جانب طرفي الاقتتال.
وفي هذا الاتجاه، دعا انتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية كلاً من الجيش والدعم السريع للانخراط مباشرة في محادثات جادة برعاية أمريكية واستضافة سعودية سويسرية لوقف إطلاق النار بدأت في جنيف يوم 14 أغسطس 2024. وتضم المحادثات أيضاً الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، ومصر، والإمارات العربية المتحدة بصفة مراقبين. وقد حددت الخارجية الأمريكية أهداف المحادثات في تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، ووضع آلية قوية للمراقبة والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق.
وقبل الخوض في مآلات المبادرة الأمريكية لابد من وقفة ضرورية في المصطلح والتوصيف الدبلوماسي لكلمة "محادثات" (Talks) التي دعا لها بلينكن طرفي الحرب، وكلمة "مفاوضات" (Negotiations) التي كانت السمة الغالبة للمبادرات السابقة لوقف الإحتراب في السودان. وعلى غير ما درج عليه العديد من (الكتاب والباحثين السياسيين) ومراسلو القنوات الفضائية باستخدام كلمتي محادثات ومفاوضات بالتبادل والترادف ليحملا نفس المضمون، فإن هناك اختلاف جوهري بين الكلمتين في دبلوماسية الدول والمؤسسات الدولية. فالكلمتان في الأعراف الدبلوماسية تعبران عن طريقتين مختلفتين تماماً في التواصل اللفظي. فكلمة "محادثات" تعبّر عن عرض رسمي أحادي الاتجاه للمعلومات والآراء من قبل الداعي للقاء (الإدارة الأمريكية) بحيث تتحكم هي في المحتوى والأهداف والمخرجات بما يسمح فقط بالحد الأدنى من التفاعل من المشاركين الجوهريين (الجيش والدعم السريع) والمراقبين (الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد وسويسرا ومصر والإمارات والفنيين). وهذا يعني عدم إتاحة المجال للتفاوض والحوار ذهاباً وإياباً بين الجيش والدعم السريع بالقدر الذي ساد المبادرات السابقة لوقف الحرب في السودان. كما يشير إصرار الجانب الأمريكي على ضرورة تمثيل الطرفين بمستوى عالٍ إلى عدم إمكانية فض المحادثات بحجة التشاور أو الانسحاب بعد أن ضاق المجتمع الدولي ذرعاً بتبضع الطرفين في المبادرات المختلفة. ذلك أن تحقيق أهداف "محادثات" جنيف المتمثلة في وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، ووضع آلية قوية للمراقبة والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق ليست مطروحة للتفاوض حولها، بل معروضة لإلزام الجيش والدعم السريع بتنفيذها، بحيث يقوم مراقبو المحادثات بالمساهمة في استنباط آليات التنفيذ القوية والحاسمة.
وقد برزت العديد من الشواهد والمؤشرات التي تؤكد اختلاف "محادثات" جنيف عن ما سبقها من مبادرات تفاوضية. ويعتبر هدف وضع "آلية قوية" للمراقبة والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق هو المُستجَد الأبرز الذي يميّز محادثات جنيف من المنابر التفاوضية السابقة، وينطوي على جدية صارمة في السعي لوقف الحرب الكارثية في السودان. وقد تجلَّت هذه الجدية غير المسبوقة من الجانب الأمريكي في ما يشبه التهديد بإمهال الجيش فترة اثنتين وسبعين ساعة فقط للانضمام لمحادثات جنيف. وذلك فضلاً عن إحاطة مكان انعقاد المحادثات بسرية غير متعارف عليها في المبادرات السابقة حيث فشل الصحفيون في كشفها. كما استجد أيضاً الإشهار مقدماً باستمرار المحادثات لعشرة أيام كاملة، رغم الهواجس الداخلية للإدارة الأمريكية المتمثلة في انتخابات نوفمبر 2024، والتحديات الخارجية المتمثلة في تداعيات حرب غزة والحرب الروسية الأوكرانية. وذلك فضلاً عن استبعاد بلينكن المتعمد للسياسيين السودانيين من محادثات جنيف لما تمثله مشاركتهم في هذه المرحلة من ضياع الوقت في الجدل العقيم الذي أجج اختلافاتهم الثانوية غير البناءة طوال الفترة التي أعقبت نجاح ثورة ديسمبر في إسقاط نظام الإسلاميين البائد.
وانطلاقاً من هذا المفهوم لمبادرة بلينكن فإن الجيش والدعم السريع كطرفين للاقتتال الكارثي في السودان مطالبان لأول مرة بالإذعان لما يعرض عليهما من واجبات ومهام مسندة لتحقيق الأهداف المعلنة في محادثات جنيف لوقف تفاقم المعاناة الإنسانية للسودانيين جرّاء احتراب الجيش والدعم السريع، شاملة ويلات القتل والجوع وفظائع الانتهاكات ومآسي النزوح واللجوء.
وتشير الدلائل إلى مشاركة مراقبي المحادثات بفنيين تنفيذيين ذوي كفاءة معتبرة في استنباط الآليات الحصينة التي تمكّن من تحقيق أهداف مبادرة بلينكن المعلنة. وتجدر الإشارة إلى أن وفد الأمم المتحدة يرأسه رمطان لعمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى السودان الذي تولي من قبل منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيريا وأشرف على تنفيذ قرار مجلس الأمن بإنشاء بعثة الأمم المتحدة في ليبريا التي ساندت، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وعملية السلم وتقديم الدعم للإصلاح الأمني عقب الحرب الأهلية الثانية في ليبيريا. كما يرأس وفد الاتحاد الإفريقي الدكتور محمد شنباز الذي شغل منصب الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي في عملية الأمم المتحدة المختلطة في دارفور (اليوناميد) تحت البند السابع، كما كان كبير الوسطاء المسؤول عن مفاوضات السلام في دارفور بين عامي 2013 و2014. أما بالنسبة لأمريكا راعية المحادثات فيرأس وفدها توم بيرييلّو صاحب الخبرة الواسعة في قضايا السلام والأمن والعدالة الانتقالية في القارة الأفريقية كمبعوث أمريكي خاص للسودان. ويشمل الوفد الأمريكي أيضاً السفير دانييل روبنشتاين القائم بأعمال السفارة الأمريكية في السودان الذي شغل، فيما شغل، منصب رئيس وحدة المراقبين المدنيين في القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء. ويشير التأمل في خلفية هؤلاء المراقبين الإقليميين والأمميين أن القاسم المشترك بينهم هو خبرتهم الطويلة في فض النزاعات وتحقيق السلام وتقديم المساعدات الإنسانية، ولو استدعى ذلك إنشاء قوة إقليمية أو دولية تحت البند السابع بواسطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتأتي مبادرة بلينكن على خلفية قرار مجلس الأمن رقم 2724 في مارس 2024 بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الفضيل لأسباب إنسانية. حيث دعا القرار جميع الأطراف إلى ضمان إزالة أي عراقيل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط التماس، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. وتشمل تلك الالتزامات حماية المدنيين والأعيان المدنية، والتعهدات بموجب إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان المعروف باسم "إعلان جدة". وشجع القرار المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان على استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والدول المجاورة، لاستكمال وتنسيق جهود السلام الإقليمية. ومثل القرار الذي اعتمده مجلس الأمن للمرة الأولى منذ اندلاع الإحتراب رسالة قوية للجيش والدعم السريع بضرورة الاتفاق على وقف فوري للأعمال القتالية. وحث الجانبين على العمل للاستجابة للدعوة الدولية الموحدة للسلام وإسكات البنادق وبناء الثقة والسعي لحل الصراع عبر الحوار. وكما هو معلوم فإن الجيش والدعم السريع قد فشلا في الالتزام بقرار مجلس الأمن المذكور مما فاقم من الواقع الإنساني المأسوي الذي يعاني منه جميع السودانيين.
ويجدر بالذكر أن مجلس الأمن قد اعتمد بالإجماع في نفس الجلسة بتاريخ 8 مارس 2024 القرار رقم 2725 الذي قرر المجلس بموجبه تمديد ولاية فريق الخبراء المعني بالعقوبات لغاية 12 مارس 2025 مما ينذر بتبعات "العصا لمن عصى" بعدم انصياع أي من طرفي الاقتتال في السودان لقراره رقم 2724.
وعلى هذه الخلفية يتضح أن المشاركة الحضورية في جنيف لطرفي الصراع لا تكتسب أهمية إلا بالقدر الذي يعكس انصياعهما لمتطلبات المجتمع الدولي الإنسانية. ذلك أن الطرف المتواجد في المحادثات يحصل فقط على قدر من الرضا لحرصه على تلقي مسارات تنفيذ أهداف المحادثات مباشرة من أمريكا والشركاء. أما الطرف الغائب عن الحضور فلن يغنيه ذلك عن الالتزام بحذافير التنفيذ، بل ينصب عليه فوق ذلك غضب المجتمع الدولي لعدم الامتثال للقوانين الإنسانية الملزمة لكافة الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة في شكل عقوبات رادعة وموجعة.
لا شك أن الكارثة الإنسانية التي شارك فيها على حد سواء طرفا الإحتراب الجيش والدعم السريع قد ساهم في تفاقم آثارها الماحقة تهميش دور لجان المقاومة ومراكز التميُّز(Centers of Excellence) ومؤسسات الفكر الوطنية (Think Tanks) وحرمانهم من المشاركة الفاعلة في إنجاح المبادرات الثنائية ومتعددة الأطراف لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار السودان. حيث يمكن لهذه المراكز والمؤسسات بوصفها كيانات وطنية مستقلة المساعدة في تهيئة الجيش والدعم السريع للانصياع لآليات تنفيذ مخرجات محادثات جنيف . ذلك أن ثورة ديسمبر المجيدة قد عمَّقت شعوراً قومياً بضرورة اضطلاع الكيانات الوطنية المستقلة بلعب دور بارز في الجهود الرامية لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين لتحقيق الملكية الوطنية(National Ownership) لمخرجات محادثات جنيف. وحتى يتم تحقيق الإنبات المحلي (Homegrown) لتلك المحادثات، تبرز الضرورة لمشاركة هذه الكيانات في الجهود المبذولة. حيث إن الممارسات الجيدة في الدول النامية قد أكدت نجاح مراكز التميُّز ومؤسسات الفكر في حل العديد من الصراعات المستعصية في كل من نيجريا، وأفغانستان، ونيبال، وتونس. كما يمكن لهذه الكيانات الوطنية المستقلة المساهمة في بناء قدرات الجيش والدعم السريع ومساعدتهم على الالتزام الجاد لتهيئة البيئة السلمية الآمنة لتحقيق حكم انتقالي مدني متماسك يهيئ الظروف المناسبة للتحول الديمقراطي المنتظر دون إراقة المزيد من الدماء السودانية.
melshibly@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الجیش والدعم السریع وقف إطلاق النار الأمم المتحدة محادثات جنیف المتمثلة فی مجلس الأمن فی السودان
إقرأ أيضاً:
أوضاع إنسانية صعبة وتجسُّس… كيف يقضي اللاجئون السودانيون شهر رمضان في المعسكرات الإثيوبية؟
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير صحفيون/ات متطوعون/ات: لـ(سودانس ريبورترس)
بمنحة شهرية قدرها 13 كيلوجراماً ونصف من القمح أو الأرز وبعض الامدادات البسيطة، استقبل اللاجئون السودانيون في إحدى أكبر مخيمات اللاجئين السودانيين شهر رمضان المبارك في إثيوبيا.
وتثير الهجمات المستمرة على معسكرات اللاجئين السودانيين في إثيوبيا الذين هربوا من بلادهم بسبب حرب 15 أبريل 2023 الكارثية المخاوف بشأن سلامتهم، حيث يتعرضون لعمليات نهب متكررة، وسط تقارير عن احتمال استهداف الأطفال للاختطاف مقابل فدية، يطلبها المختطفون.
انتهاكات ومخاوف مستمرة
وتعرض اللاجئون السودانيون في معسكر أفتيت بإقليم أمهرة غربي إثيوبيا مطلع فبراير الماضي (2025) لهجوم مسلح من جماعة إثيوبية أسفر عن إصابة خمسة لاجئين سودانيين، بينهم إثنين في حالة حرجة، مع تقلب الوضع الإنساني والأمني الذي يواجهه اللاجئون السودانيون، فى معسكر أفتيت، الذي يقع على بعد 10 كيلومترات من الحدود السودانية ويُصنّف إثنيّأً ضمن مناطق قبيلة القمز.
وصف أحد اللاجئين الوضع الحالي لسودان تربيون بأنه مستقر نسبياً وضم المخيم الحديث الذي خلف معسكري كومر واولالا، في البداية 15 ألف لاجئ عدد المسجلين منهم 10 آلاف، والموجودين فعليا بالمعسكر 6700، بينهم 2200 طفل، ونحو
2 ألف من الطلاب في المراحل المختلفة، و2300 خريج وفق احصائية تحصّلت عليها (سودانس ريبورترس) من لجان داخل المعسكر.
وأظهرت الاحصائيات وقوع ما يزيد عن 360 انتهاك ضد اللاجئين السودانيين، وتسجيل حالات قتل، تأكّد منها حالتي قتل عمد، بالإضافة إلى عدد من الوفيات بسبب الإهمال الإنساني والطبي 46 حالة، وإصابات متعددة بسبب جرائم السرقة والأذي الجسيم.
فيما وصف أحد اللاجئين الوضع الحالي لـ(سودانس ريبورترس) بأنّه مستقر نسبيّاً، يقول لاجئ سوداني آخر – طلب عدم الكشف عن هويّته لأسباب أمنية – إن قُرب المعسكر من الحدود السودانية، فتح الطريق أمام عناصر من الاستخبارات العسكرية السودانية، لجمع المعلومات عن اللاجئين، وخاصة ذوي الاتجاهات السياسية.
تؤكّد المقابلات التي أجرتها مجموعة صحفيين/ات متطوعين/ات مع عدد من اللاجئين السودانيين في المخيم، طلبوا عدم ذكر اسمائهم حفاظاً على سلامتهم، دخول عناصر من الاستخبارات العسكرية السودانية، إلى المخيم تحت غطاء اللاجئين، بهدف مراقبة المعسكر ورصد تحرُّكات وأنشطة أهم الشخصيات السياسية المتواجدة فيه، وكذلك من لديهم نشاط
سياسي وحزبي مناهض للحرب.
وأكد اللاجئون أن هناك مخاوف حقيقية – الآن – على سلامة اللاجئين السودانيين في المخيم، ممن لديهم انتماءات سياسية، أو ممن يُعتبرون معارضين لسلطة الأمر الواقع في بورتسودان.
واتّهم لاجئان السلطات الأمنية والعسكرية في السودان، بمحاولة خلق أزمات داخل المخيم لإحراج السلطات الإثيوبية، وما وصفاه بالتشفي من موقفها من الحرب في السودان، فيما أشار عدد من اللاجئين إلى مخاوف أمنية أُخرى تتعلق بالهجمات، وتجوُّل بعض من عناصر الميليشيات الإثيوبية بالقرب من المعسكر، مما أجبر بعض العائلات السودانية على
المغادرة، بحسب شهاداتهم.
وأكدوا على أهمية عودة الشرطة الفيدرالية الإثيوبية لتأمين المعسكر، إلا أنهم اتفقوا على أن هذه العودة قد تتسبب في مشاكل جديدة بسبب (انتقام) الميليشيات الإثيوبية الخارجة عن القانون من الشرطة الإثيوبية، خاصة بعد أحداث معسكر كومر.
في يوليو الماضي، هاجمت مجموعة إثيوبية مسلحة، مقرّاً للشرطة مجاور لمعسكر كومر للاجئين السودانيين في اقليم الأمهرا، مما أدّى لمقتل 9 من جنود الشرطة، وإصابة أربعة آخرين، وإصابة لاجئين سودانيين بينهم طفل.
وأكد بعض اللاجئين الذين استطلعتهم (سودانس ريبورترس): أن الوضع الأمني السيء أجبر عدداً من الأسر على العودة إلى السودان أو المغادرة إلى معسكرات في دول أخرى قُبيل بداية شهر رمضان. وشهدت معسكرات كومر وأولالا حالات قتل ونهب واختطاف، إذ قتل نحو 40 لاجئاً سودانياً بسبب تلك الاعتداءات المنظمة.
وفي هذا السياق أكد أحد اللاجئين السودانيين – طلب الإشارة لاسمه بحرف (ع) – المقيم حالياً بمخيم إفتيت، النقص المريع فى المعينات الغذائية التي توزعها المنظمة المحلية بالمخيم بسبب الزيادة الأخيرة في أعداد اللاجئين السودانيين.
وقال(ع) لـ (سودانس ريبورترس) إن المنظمة المحلية اُضطرت إلى تقليص المساعدات مع زيادة أعداد النازحين في المخيم خلال الفترة التي سبقت شهر رمضان بقليل، مُضيفاً: أن الظروف الصعبة التي يعيشها النازحون داخل السودان مع حلول شهر رمضان، ربما دفعت الكثيرين منهم إلى الرحيل إلى إثيوبيا باتجاه معسكرات اللاجئين، أملاً في إيجاد الدعم المستمر لتلبية المتطلبات الضرورية للشهر الفضيل.
ويضيف لاجئ آخر متحدّثاً عن حجم المعاناة في المعسكر: إن الوضع الحالي في معسكر إفتيت مع تقليص المساعدات وشهر رمضان والصيام، يشكل مصدر قلق للاجئين، حيث تم تقليص حصة المساعدات الغذائية للأطفال، بالإضافة إلى نقص المساعدات الصحية للجميع.
وقال: رغم كل هذه المعاناة، فإنّ معسكر إفتيت يعتبر أفضل من المعسكرات السابقة، في كومر وأولالا، إذ تمّ تخطيطه بشكل أفضل، مع إضافة شوارع مرصوفة، والاستعانة بالـ(هناكر) المصممة من الحديد والخشب، للسكن، بدلا عن الخيام…ويبعد عن الطريق الرئيسي نحو 20 دقيقة.
ويتخوف اللاجئون من بدء موسم الأمطار في إثيوبيا، إذ أن الأوضاع الصحية مهددة، خاصة بعد أن عانى اللاجئون سابقاً من وباء الكوليرا في مخيم كومر، ووفاة عدد منهم خلال الموسم الماضي.
وأشار لاجئ آخر إلى تزايد خوف اللاجئين من اقتراب بعض المجموعات الإثيوبية المسلحة من المخيم، ومن تحركاتها حول المعسكر، بحثاً عن مناطق آمنة من ملاحقة الشرطة الفيدرالية الإثيوبية، وهذا قد يضطرها إلى دخول المخيم لتوفير الحماية لأنفسها بين اللاجئين، وضمان عدم ملاحقة السلطات الإثيوبية لها هنا.
وتؤّكد معلومات عالية الموثوقية، أن عدداً من الأُسر السودانية اُضطرّت إلى مغادرة المخيم قبل حلول شهر رمضان، بعد فشلها في الصمود أمام هذه التحديات والصعوبات، فيما يقضي البقية رمضان حالياً بالمعسكر، في مخاوف كبيرة من مستقبل التطورات، في الوقت الذي يتوقع فيه مراقبون، أن تصدر الجهات المختصة بطاقات إعانة للاجئين السودانيين قربياً، مما يضعهم على الطريق الصحيح لمواجهة التحديات الماثلة، خاصة خلال شهر رمضان.
ووفقا للمفوضية السامية لشئون اللاجئين فقد بلغ عدد الذين عبروا الحدود إلى إثيوبيا منذ أبريل 2023 أكثر من 60 ألف شخص، من بينهم أكثر من 38 ألف من اللاجئين السودانيين، منهم أكثر من 17 ألف عبروا الحدود خلال العام الجاري، وقد سبقتهم تدفقات موجات عديدة من اللاجئين السودانيين وصلوا إلى إثيوبيا عبر مختلف المعابر.
ووفقا لتقارير حديثة صادرة عن عدد منظمات حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش فإن اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرا بإثيوبيا، تعرضوا لحوادث متعددة من العنف والاختطاف والعمل القسري، وسط الصراع المستمر بين القوات الحكومية ومليشيات فانو، وتضيف سودانس ريبورترس أنّ مليشيات فانو تشارك بفعالية في القتال ضد الجبهة الشعبية لتحرير التغراي، في إقليم أمهرا، بغطاء من قوات الحكومة الفدرالية، وقوات إقليم أمهرا الخاصة.
SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #
الوسومآثار الحرب في السودان إثيوبيا اللاجئين السودانيين في إثيوبيا معسكر أولالا وكومر