سودانايل:
2025-01-31@04:44:06 GMT

حول الدعوة لتشكيل حكومة افتراضية

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

بروفيسور/ حسن بشير محمد نور - القاهرة

اورد راديو دبنقا ان حركة العدل ؤالمساوة بقيادة القادة سليمان صندل وايده في ذلك الأستاذ أحمد تقد، المنصوية تحت (تقدم) قد دعت لتشكيل حكومة وطنية. الدعوة حسب ما ورد ايضا في لقاء اجراه الأستاذ اشرق عبد العزيز مع تقد علي راديو دبنقا قد جاءت من القائد سليمان صندل. يفهم من ذلك ان تقوم (تقدم) بتشكيل تلك الحكومة، وإلا ما هي الجهة السياسية التي ستفعل ذلك غيرها؟
هذه دعوة في رأي مضرة ولا يوجد مبرر لها إلا الرغبة في الحصول علي مناصب رسمية وتشريفات ما امكن ذلك.

كيف يمكن ان تدعو لتشكيل حكومة في الوقت الذي تجري فيه جهود لوقف اطلاق النار ومن ثم المضي في إتجاه مسار سياسي لطيف واسع من القوى المدنية حول مستقبل البلاد؟ يتضمن ذلك بالطبع الترتيبات الأمنية واخراج المكون العسكري من الحكم وطببعة النظام الدستوري ونظام الحكم والادارة العامة ومن ثم اعادة الأعمار في سودان ما بعد الحرب. وهذه موضوعات لا يمكن ان تقوم بها (تقدم) في هذا الوقت حتى في حالة الادعاء (نظريا) بانها ستجري مشاورات واسعة حول هذا الموضوع مع طيف واسع من القوى السياسية والمدنية، مع الاخذ في الاعتبار وجود قوى مدنية مهمة لا تنتمي ل(تقدم) وبعض منها يعارضها.
هناك ايضا حركات مسلحة هي الحركة الشعبية شمال بقيادة القائد الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد عبد الواحد نور وهذه غالبا لن تكون طرفا في تلك الحكومة المفترضة بناءا علي مواقفها منذ اندلاع الحرب.
ثم كيف يكون موقف هذه الحكومة الافتراضية من اطراف الحرب التي تسيطر علي الارض وهما الجيش المتحالف مع الحركة الاسلامية والدعم السريع؟ هل ستتفاوص معهم ام تحاربهم ام شيء اخر؟ مع ملاحظة ان الجهة الداعية لتشكيل هذه الحكومة بلا أرض ولا مواطن، ولا ادعي بان هذه الجهة هي بالضرورة (تقدم) حتي الان٫ وانما فصيل ينتمي اليها ربما يعبر عن رأيه هو فقط وهذا هو الاحتمال المرجح.
ثم إذا افترضتا قيام هذه الحكومة فهل سيعترف بها العالم؟ وهل ستجد قبولا اقليميا ودوليا؟ من المرجح ان الاجابة هي لا، بسبب ان المجتمع الاقليمي و (الدولي) منخرط الان في اجراءات وترتيبات مع اطراف الحرب ولن يقبل بما يشبه الفوضى السياسية اكثر مما هو حاصل في مسرح العبث السوداني.
ثم قيام حكومة وطنية حقيقية مالكة لزمام امرها يحتاج لتمويل ضخم لهياكلها وعملها ونشاط اعضائها فمن اين تأتي تلك الميزانيات وهي معزولة ارضا وبشرا عن واقعها، هل من التمويل الذاتي ام الاجنبي؟
وبما ان الجهة الداعية لتشكيل حكومة لا تملك ارضا فهي لن تستطيع تقديم خدمات للمواطن فهي مثلا لن تستطيع تشغيل المستشفيات ولا فتح المدارس والجامعات ولا استلام وتوزبع العون الإنساني، ناهيك عن القيامة بالكثير من المهام السيادية، وفي هذه الحالة ما الفائدة منها للمواطن الذي يقتله الجوع والمرض بسبب النزوح؟. وبالتأكيد عدم القدرة علي القيامة بتلك المهام سيجعلها خيال ماته دون مأوى وربما لن تقبل اي جهة في الوقت الراهن بتحمل تكلفة مولود مثقل بالأعباء.
امام هذه الدعوة خيار واحد فقط هو تشكيل الحكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع وفي هذه الحالة ستكون تلك هي حكومة الدعم السريع وليس غيره، وهو يرفض هذا الخيار حتي الان وهذا موقف ايجابي من قبله ويعتبر اكثر عقلانية من الدعوة لتشكيل حكومة يمكن ان يكون ضرر قيامها اكبر بما لا يقاس من عدمها.
أخيرا بما ان الدعوة صدرت من فصيل من (تقدم) فيجب علي قيادتها في رأي التعليق علي هذا الموضوع بدلا عن اختيار الصمت الذي يعتبر في العرف السوداني (رضا) وبالتأكيد الترضيات والمجاملات في مثل هذه الامور تورد المهالك، واكبر مثال علي ذلك صمت الحكومة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر في كثير من المواقف المفصلية، ذلك الصمت الذي كان قاتلا.

mnhassanb8@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لتشکیل حکومة

إقرأ أيضاً:

قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق

في صيف سياسي مشحون، وتحت ظلال حرب أهلية تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، جاء قرار تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك، بفك الارتباط مع الأطراف المؤيدة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع. القرار، الذي هزّ أروقة السياسة السودانية، لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان انعكاسًا لتناقضات عميقة تضرب جذور التحالفات المدنية التي تتصارع مع شبح الانهيار الوطني.
كانت دوافع القرار متعددة، تتشابك فيها هواجس الانقسام الوطني، الضغوط الدولية، والانقسامات الداخلية التي لم تستطع تنسيقية "تقدم" السيطرة عليها. في قلب هذه الخطوة، برزت مخاوف كبيرة من أن تشكيل حكومة موازية قد يُحول السودان إلى نسخة جديدة من دول مُفككة مثل ليبيا واليمن. خشية أن يتحول الصراع إلى معادلة جديدة تعيد رسم خريطة البلد، حيث يصبح كل طرف جزيرة معزولة، جعلت القيادات المدنية تتردد أمام الخيارات المتاحة.
في الاجتماعات التي عُقدت في عنتيبي، بأوغندا، ظهرت الانقسامات إلى السطح. داخل التنسيقية، كانت هناك رؤيتان متعارضتان: الأولى بقيادة شخصيات مثل الهادي إدريس والطاهر حجر، اللذين رأيا في الحكومة الموازية فرصة لانتزاع الشرعية من حكومة بورتسودان، ومحاولة لاستثمار الوضع القائم لخدمة المناطق المُهمَّشة. الرؤية الأخرى، بقيادة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، كانت تحذر من العواقب الوخيمة التي قد تُفضي إليها هذه الخطوة، باعتبارها طريقًا نحو تقسيم السودان جغرافيًا وسياسيًا.
عبد الله حمدوك، المعروف بحذره السياسي وتفضيله الحلول الوسط، وجد نفسه أمام تحدٍ وجودي لتنسيقية "تقدم". كان يعلم أن أي قرار بدعم الحكومة الموازية يعني تفكيك التحالف المدني نفسه، وربما فقدان مصداقية "تقدم" أمام المجتمع الدولي. لهذا السبب، جاء القرار بقطع الصلة مع المؤيدين لهذه الخطوة، كنوع من الحفاظ على ما تبقى من وحدة الصف.
إقليمياً ودولياً، لم تكن الظروف مهيأة لتأييد فكرة الحكومة الموازية. التصريحات المتكررة من مبعوثين دوليين حذّرت من تداعياتها. حتى الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب، عبّرت عبر مسؤولين مثل كاميرون هدسون عن نية معاقبة أي طرف يدعم مثل هذه المشاريع التي تؤدي إلى تصعيد الصراع. كانت الرسالة واضحة: لا شرعية لأي حكومة موازية تُقام على أسس دعم ميليشيا متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.
على الأرض، لم يكن الدعم السريع في وضع يسمح له بأن يكون شريكًا موثوقًا في مشروع حكومي. تجاربه السابقة، مثل إدارته لشؤون ولاية الجزيرة، كشفت عن عجز كبير في توفير الخدمات الأساسية. السكان الذين عاشوا في ظل هذه الإدارة وجدوا أنفسهم أمام أزمات إنسانية وأمنية خانقة، مما زاد من الشكوك حول جدوى أي حكومة جديدة تقوم بدعمه.
لكن ربما كان العامل الأبرز في دفع "تقدم" لاتخاذ هذا القرار، هو مخاوفها من الوقوع تحت تأثير أجندات خارجية. الدعم الإقليمي للدعم السريع، الذي يشتبه في ارتباطه بمصالح دولية تسعى لإطالة أمد الحرب، كان سببًا رئيسيًا لاعتبار الحكومة الموازية مشروعًا محفوفًا بالمخاطر. لم يكن حمدوك مستعدًا ليكون طرفًا في لعبة إقليمية قد تُفاقم مأساة السودان.
القرار لم يأتِ بلا ثمن. فك الارتباط ترك ندوبًا داخل "تقدم"، حيث بدت بعض الفصائل، مثل حركة العدل والمساواة، ميالة إلى الانضمام لمعسكر المؤيدين للدعم السريع. في المقابل، تعهدت القيادات المعارضة للحكومة الموازية بتكثيف الجهود لإيجاد حلول سلمية، حتى لو كان ذلك يعني مزيدًا من العزلة السياسية.
على الصعيد الشعبي، تزايدت معاناة المدنيين الذين يدفعون ثمن الحرب بشكل يومي. المناطق المحرومة من التعليم والخدمات الصحية باتت مسرحًا لمعركة خفية بين القوى المتصارعة، حيث يُستخدم المدنيون كأوراق ضغط في لعبة سياسية معقدة.
وسط كل هذه الفوضى، يبدو أن قرار "تقدم" بفك الارتباط كان بمثابة محاولة يائسة للحفاظ على بقايا وحدة وطنية في بلد تتلاشى ملامحه. لكن الطريق أمام السودان لا يزال طويلاً وشاقًا. دون توافق حقيقي بين القوى السياسية والمدنية، ودون إرادة دولية حاسمة لإنهاء الحرب، سيظل المشهد السياسي محاصرًا بالتناقضات، وستبقى آمال السلام مجرد شعارات معلقة في الهواء.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • خلافات وصراع داخل “تقدم” حول فك الإرتباط بين مؤيدي ورافضي تشكيل الحكومة
  • أمير قطر يدعو لتشكيل حكومة جامعة في سوريا  
  • بكري الجاك: لا نسعى إلى تشكيل حكومة منفى أو حكومة موازية .. الهادي إدريس يرد: تصريح بكري الجاك لا يعبر عن الموقف الرسمي لــ(تقدم)
  • «تقدم» تعلن رسمياً «فك الارتباط» بين رافضي ومؤيدي تشكيل الحكومة
  • أمير قطر يدعو من دمشق لتشكيل حكومة جامعة في سوريا
  • خلال لقائه بالشرع.. بن حمد يؤكد على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة سورية
  • بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
  • أسامة سعيد لـ”التغيير”: لن نغادر «تنسيقية تقدم»وسنشارك في الحكومة باسمها
  • قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق
  • فرنجيه: سنكون عاملا مسهلا لتشكيل الحكومة