بخيت النقر
تستند المفاوضات على أسس وشروط وإلا فلا داعي لها وإلا هناك أجندة لإدارة بايدن لتحقق نجاحا في السودان قد يدعمها في الحملة الانتخابية. وإيقاف الحرب واستمرارها ليس حكرا على طرف دون الآخر ويتطلب حضور قياداتها. رفض الحكومة السودانية للمفاوضات يعتمد على عدم الثقة من تجارب السودان والتجارب الأخرى مع الدول الغربية وفرض الاجندة لاحتلال البلدان وسرقة ونهب الموارد كما حدث في سيراليون ولي مقال قديم جدا عن (الاحتلال الأمريكي للسودان) في عام 2001 ويبدو أنها ستحققه دون ان تخسر جندي واحد ودول الغرب تبحث عن ذرائع للإسهام في القضاء على الدولة السودانية ولصناعة الفوضى الخلاقة كما حدث للصومال و للعراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول وإقرار وفرض حكم المليشيات لسرقة ونهب الموارد وذلك بإنزال السلاح للمليشيا المرتزقة الإرهابية مع بعض فتات الأغذية المسرطنة للبؤساء ونهب وتحميل الذهب واليورانيوم والمعادن النفسية في نفس الطائرة ولن يجدي التهديد والوعيد المغلف بالحرص على إيقاف الحرب واذا كانت تهدف لذلك لأوقفتها في الأيام الأولى ولم تخلي رعاياها ولكنها تنفذ جرائمها في الشعوب ووعدها كاذب ووعيدها خائب فلا ديمقراطية ولا حقوق انسان ولا إغاثة اللاجئين والنازحين من أهدافها واللاجئين خارج السودان في تشاد واثيوبيا بالألاف ولم تصلهم إغاثة وتوجهوا إلى السودان سيرا على اقدامهم وفضلوا الموت في وطنهم.
ولكن القيادات الأقزام لا يدركون مخاطر الحرب وتهديد الأمن القومي السوداني وانهيار الدولة ولقد أسهمت فيه ما يسمى باللجنة الأمنية (البصيرة ام حمد) وتشمل دقلو اخوان وقيادة قحت السياسية التي عجزت عن إدارة المرحلة الانتقالية بحكمة ورشد وكلهم فرطوا ولم يتداركوا للمخاطر المحدقة بالوطن وهذه القيادات التعيسة التي أوردت البلاد والعباد هذا الدرك السحيق والانزلاق في الفوضى ولم يسمع صوت كثير من الحادبين على السودان ولن يقبل العذر من أي أحد عند الخيانة العظمى للأوطان. وأرسل "تجمع الأكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين" لكل القوى المدنية والسياسية والعسكرية في السودان رؤية كاملة لإرساء السلم والأعمار والتنمية والتحول المدني الديمقراطي وخارطة طريق التحول الديمقراطي قبل الحرب وبعد الحرب بثلاثة أشهر وبعدها بثمانية أشهر ارسل ولم تستجب لنداء الوطن وظلت أغلب القوى في صراعات لا طائل من وراءها الا الخراب والدمار والتهجير والحق يقال أن قيادة الدعم السريع طالبت التجمع عبر وسيط بعقد أي لقاء أو أي مؤتمر في أي دولة وهذه شهادة حق رغم رأي فيها السالب وتصنيفي لها بأنها مليشيا حميدتي المرتزقة الإرهابية وقياداتها ميدانيا واعلاميا من الفلول والكيزان وسلوكها الإرهابي ضد الشعب السوداني وهي تقتل وتغتصب وتنهب وتسلب وتسرق وتحرق وتخرب وتدمر بلا وازع وبلا رادع وتحشد في ذلك المرتزقة من دول الجوار الأخرى. ان كانت المليشيا جادة وتسيطر على الميدان فلتوقف الانتهاكات والجرائم. وينتظر التجمع لحسابات التوقع باستجابة الحكومة والأحزاب الأخرى ليكون الحل سوداني دون تدخل خارجي ولحقن الدماء المعصومة. ولم يتلقى التجمع أي رد حتى كتابة هذه السطور من حكومة السودان الحالية التي في ضلالها القديم وليس بها كفاءات وطنية تقود مرحلة عادية فضلا عن مرحلة الحرب التي تتطلب كفاءات وطنية مستقلة متجردة للوطن. ويبدوا انه يسيطر ويحيط بقيادتها الانتهازيون الذين تهمهم مصالحهم الشخصية بل تم تصنيف التجمع بأنه يتبع لقحت وهذا الاسم (شيوعي) وهذه آفة الفلول وعمى بصيرتهم لا يفرقون بين الحق والباطل. وشلة (تقدم) المتقوقعة تحارب في التجمع سرا وعلانية وتصفه بأنه (يتبع للكيزان والفلول) وهي تدرك أنه لن يكون لها دور سياسي إذا تجمع الأكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين ادار المرحلة فلا يقبل في صفوفه الانتهازيين والطامعين ويقبل فقط من يتصف بالتجرد والإخلاص للوطن ولا يقبل غير رداء الوطن ومن شروطه أن يخلع الكل رداءه الشخصي والحزبي والجهوي والقبلي وينضم إلى التجمع مهنيا ووطنيا وشعاره السودان أولا والعمل تطوعي وبدون أي امتيازات. وعلى الشعب السوداني الاستعداد للمواجهة وعلى القيادة في الدولة أن تتخذ مواقف قوية واضحة في تحديد علاقاتها الدولية وان تتجه بجدية وبدون مناورة لشركاء آخرين أكثر صدقا ووفاء ولا شك ان هذا يطيل امد الحرب لسنوات قادمة والنصر للشعب السوداني.
وهذه رسالة للبرهان لعلها تصل إليه قبل فوات الآوان وعليه أن يتدارك ما فات ويصلح ما أفسدته بطانة السوء التي تحيط به من أجل مصالحها ووظائفها فالدول لا يقودها موظفين فقيادة الدول تحتاج لرجال دولة وعقلية الموظفين والصراع على المناصب والمكاسب تعجل بنهاية الدول كما في كتب التاريخ واكتب اليكم ليس طمعا في ذهب المعز ولا نخشى سيفه وليس طامعا في سلطة وليس حبا فيكم ولكن كراهة في الغزاة والاحتلال وضياع الوطن وما أقسى ضياع الأوطان على الاحرار وكما كتبت للمخلوع البشير ولفلول حكومة الفترة الانتقالية وبشرتهم بالسقوط ولن تعود كما لن يعود الفلول للحكم بحسابات البشر. وعليك أن تسأل الأمين العام لمجلس السيادة عن الخطابات والمبادرة من تجمع الأكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين التي أرسلت اليكم. وعليك تقع المسؤولية الكاملة في سقوط وانهيار الدولة السودانية وتتحمل وزرها تاريخيا وأمام كل الخلائق. عليك أن تخرج من هذا السياج المضروب عليك وان تحيط نفسك برجال دولة لهم رؤية واضحة للسودان وما يحيط به من مخاطر.
وهذا المقال يمثل رأي الشخصي كمواطن سوداني وليس له علاقة بأي كيان أو حزب.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
elnagarco@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
توشك المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس أن تصل إلى ذروتها بإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ورغم أن جانب دولة الاحتلال غير مأمون بناء على التجارب التاريخية وبناء على تجارب مفاوضات الحرب الحالية، لكن المؤشرات والتسريبات التي رشحت خلال الأيام الماضية والمشهد العام في المنطقة والمزاج الأمريكي كلها تشير إلى أن إسرائيل مضطرة هذه المرة إلى التوقيع قبل بدء الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب.
إن هذه الخطوة كان يمكن أن تحدث منذ أكثر من عام لولا تعطش رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة للدماء ولولا الأحقاد التي تستعر في نفوسهم ضد الشعب الفلسطيني، ولو حدثت في ذلك الوقت لكان يمكن لآلاف الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحرب أن يكونوا من بين الذين سيفرحون بالقرار وهم يعودون إلى قراهم المدمرة ليبحثوا عما تبقى من ذكرياتهم وألعابهم وبعض طفولتهم.
لكن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء لا يفهمون معنى الطفولة ولا قدسيتها حتى خلال الحرب ومن باب أولى لا يفهمون معنى أن تعود الأمهات الثكلى بأطفالهن فلا يجدن حتى قميصا فيه رائحة طفلها قد يخفف بعض حزنها أو يوقف دموع عينها المبيضة من الحزن والبكاء.
من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالنصر رغم كل الخسائر التي منوا بها: خسائر في الأرواح التي قد تصل الآن بعد أن تتلاشى أدخنة الحرب إلى نحو 50 ألف شهيد وأكثر من 200 ألف جريح وبنية أساسية مهدمة بالكامل وغياب كامل لكل مظاهر الحياة الإنسانية وانعدام كامل للمواد الغذائية والطبية.. وشعور النصر مصدره القدرة على البقاء رغم الإبادة التي عملت عليها قوات الاحتلال، الإبادة المدعومة بأعتى الأسلحة الغربية التي جربها العدو خلال مدة تصل إلى 18 شهرا.
في مقابل هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن الموازين في المنطقة قد تغيرت بالكامل خلال هذه الحرب، والمنطقة في اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار ليست هي المنطقة التي كانت عليها قبل يوم 7 أكتوبر.
وإذا كانت إسرائيل قد صفَّت الكثير من خصومها في هذه الحرب وفككت محور المقاومة وأثخنت الكثير من جبهاته وآخرها الجبهة السورية إلا أنها كشفت عن ضعفها في المواجهات المباغتة، وفضحت أسطورة أجهزتها الأمنية وقبتها الحديدية.
وفي مقابل ذلك فإن حركة حماس رغم ما تعرضت له من خسائر فادحة في رجالها وقياداتها الميدانية إلا أنها أثبتت في الوقت نفسه أنها منظمة بشكل دقيق ومعقد وأنها قادرة على الصمود وتجديد نفسها وتقديم قيادات جديدة.
والأمر نفسه مع حزب الله ومع إيران التي دفعتها هذه الحرب إلى دخول مواجهة مباشرة لأول مرة في تاريخها مع إسرائيل، ولا شك أن تلك المواجهات كشفت لإيران نفسها عن مواطن الضعف في منظوماتها كما كشف مواطن القوة.
ورغم أن بعض الخبراء يرون أن حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله يمكنهم تجديد قوتهم خلال المرحلة القادمة إلا أن الأمر يبدو مختلفا في سوريا التي يظهر أنها خرجت من المحور تماما سواء كان ذلك على المستوى الأيديولوجي أو حتى مستوى العمل الميداني واللوجستي.
وأمام هذا الأمر وتبعا لهذه التحولات ما ظهر منها وما بطن فإن الموازين في المنطقة تغيرت بالكامل، ولا يبدو أن ذلك ذاهب لصالح القضية الفلسطينية في بعدها التاريخي أو في جوهر ما تبحث عنه وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة ولو على حدود 5 يونيو 1967.
لكن هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي أو تنتهي نصرة القضية الفلسطينية من الشعوب الحرة المؤمنة بالقضية، بل ستزهر في كل مكان في فلسطين أشكال جديدة من المقاومة والندوب الذي أحدثتها الحرب في أجساد الفلسطينيين وفي أرواحهم، ستبقى تغلي وستكون بذورا لمواجهات أخرى أكثر ضراوة وأكثر قوة وإصرارا على النصر.